شرح زيارة آل ياسين/ من الجزء الاول - الجزء الاخير

تقليص
هذا موضوع مثبت
X
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • صدى المهدي

    مراقـــبة عـــــامة


    • Jun 2017
    • 12503

    شرح زيارة آل ياسين/ من الجزء الاول - الجزء الاخير



    بسم الله الرحمن الرحيم

    شرح زيارة آل ياسين/ الحلقة الأولى

    أحمد الفرج الله الجزائري
    روي عن الشّيخ الجليل احمد بن أبي طالب الطّبرسي في كتاب (الاحتجاج) انّه خرج من النّاحية المقدّسة إلى محمّد الحميري بعد الجواب عن المسائل التي سألها:
    بِسْمِ اللهِ الرَّحْمظ°نِ الرَّحِيمِ لاَ لأَمْرِهِ تَعْقِلُونَ وَلاَ مِنْ أَوْلِيَائِهِ تَقْبَلُونَ حِكْمَةٌ بالِغَةٌ فَمَا تُغْنِي النُّذُرِ عَنْ قَوْمٍ لاَ يُؤْمِنُونَ السَّلاَمُ عَلَيْنَا وَعَلَىظ° عِبَادِ اللهِ الصَّالِحِينَ.
    إذا أردتم التّوجه بنا إلى الله تعالى وإلينا فقولوا كما قال الله تعالى ...).
    تعتبر هذه الزيارة المباركة من الزيارات المشهورة التي صدرت عن الإمام المهدي عليه السلام الى ابي جعفر الحميري الذي كان قد استفتى الامام عليه السلام في جملة مسائل، فورد الجواب متضمناً هذه الزيارة المباركة وقد تلقى علماء الطائفة واتباعها هذه النصوص بالقبول، والاقبال عليها عند التوجه لزيارة الإمام عليه السلام في منزله او أي مكان آخر وقد تضمنت هذه الزيارة الشريفة جملة من المقاطع المهمة التي تتحدث عن صفات الإمام عليه السلام وألقابه وحالاته وعن الإقرار للأئمة عليهم السلام جميعاً بأنّهم حجج الله تعالى وأنهم الحق والإقرار بجملة العقائد التي ينبغي للإنسان المؤمن ان يعتقدها وان مصدر هذه العقائد الحقة هم أهل البيت عليهم السلام.
    والحديث شرحاً لهذه الزيارة يقع في محوريين:
    المحور الأول: في إثباتها.
    والمحور الثاني: في الوقوف على مضامينها وشرح مفرداتها وما تتضمنه من ابحاث عقائدية ومن برامج تنظم علاقة الإنسان بالإمام عليه السلام والمنظومة العقائدية التي يؤمن بها.
    المحور الأول: حيث أنّ هذه الزيارة رويت في الكتب المشهورة كـ(الإحتجاج) و(البحار) و(المزار) وغيرها ...
    وتلقاها العلماء بالقبول والاذعان وجرت سيرتهم على الالتزام بها وترتيلها اثناء القيام بشعيرة الزيارة للإمام الغائب عليه السلام وهذا يكشف عن وجود سيرة علمائية فضلا عن سيرة اخرى ملازمة لها من قبل المؤمنين على تلقي هذه الزيارة والعمل بها، فهي وإنْ لم تكن من طريق الاثبات السندي تمر برجال ثقاة في جميع سلسلة السند إلاّ أنّها من حيث المضمون متلقاة بالقبول والعمل وهذه السيرة ذات دلالة واضحة على أنّ المضامين الواردة في الزيارة مقبولة ولا تصطدم بالمنافي العقائدي أو الفقهي أو غيره، مما يعكس لنا الرضى بهذا المضمون والامضاء له إنْ لم نقل أنّه يكشف عن الحث عليه والالتزام به، فالذي يلاحظ حالة العلماء المدققين في طرق وصول الأحاديث ويلاحظ في ذات الوقت التزامهم بهذه الزيارة اثناء اداء المراسم يطمئن إلى أنّ المضامين مقبولة ومرضية وينبغي للإنسان المؤمن أنْ يجعلها نافذة من نوافذ الارتباط مع الإمام عليه السلام.
    ولا اقل فإنّ هذه الزيارة ليست مرفوضة ولمْ يصدر بشكل واضح او خفي أنّ هذه الزيارة الّفت على لسان الإمام، كما صدر ذلك في حق بعض الادعية حيث شكك بعض العلماء في صدورها وانتسابها إلى الإمام، مما يشكل حالة من عدم الاطمئنان في الأخذ به بخلاف ما نحن فيه من زيارة آل ياسين حيث أنّها:
    وردت في الكتب المشهورة.
    . تلقاها العلماء بالقبول والعمل.
    لم ينعكس ألينا أي رفض لها وعدم قبول من قبل العلماء ولا غيرهم.
    وبذلك نطمئن إلى حد ما بمضمون هذه الزيارة ونبدأ بالشرح لمضامينها التي تتحدث عن صفات المولى وعن ما ينبغي لنا عند التوجه به إلى الله سبحانه وتعالى من كيفية وطريقة، مستمدين العون لذلك من رعايته ومنّه فمنه واليه هذه البضاعة المسجاة.
    المحور الثاني: شرح فقرات الدعاء ونبدأ بالفقرة الأولى:
    (بِسْمِ اللهِ الرَّحْمظ°نِ الرَّحِيمِ لاَ لأَمْرِهِ تَعْقِلُونَ وَلاَ مِنْ أَوْلِيَائِهِ تَقْبَلُونَ حِكْمَةٌ بالِغَةٌ فَمَا تُغْنِي النُّذُرِ عَنْ قَوْمٍ لاَ يُؤْمِنُونَ السَّلاَمُ عَلَيْنَا وَعَلَىظ° عِبَادِ اللهِ الصَّالِحِينَ.
    إذا أردتم التّوجه بنا إلى الله تعالى والينا فقولوا كما قال الله تعالى ...).
    من هذه الفقرة الشريفة نلتمس عدة أبحاث وأمور:
    ظ،. الكيفية التي كان يخاطب فيها الإمام عليه السلام أتباعه حيث ينبغي علينا أنْ تكون لنا نظرة تجاه التوقيعات الشريفة التي صدرت من الإمام عليه السلام. لما في ذلك من بناء للثقافة المهدوية وترقية المعرفة في أساليب الخطاب الذي كان يصدر من الإمام عليه السلام لأتباعه.
    إنّ هذا الخطاب صادر من الإمام عليه السلام إلى مواليه وشيعته وأتباعه يعرّف فيه عن بعض خصائصه ويتحدث من خلاله عن بعض ما يجب على هؤلاء الأتباع وما ينبغي لهم القيام به.
    ابتداء الحديث منه عليه السلام بالبسملة ولا نقف مع هذه الفقرة كثيراً فإنّ الأبحاث التفسيرية والبلاغية قد تناولت ثمرات التصدير بالبسملة وشرحت ذلك بشكل وافي.
    . قوله عليه السلام (لا لأمر الله تعقلون) هذه العبارة عبارة تحمل في طيّاتها الكثير من المعاني، فهي وما يأتي بعدها من عبارات فيها نوع من الخطاب الشديد والعتاب القوي للاتباع ويحتمل أنّ التصدير لهذه العبارة جاء تحذيراً للاتباع والشيعة لعظم ما سيقع من غيبة طويلة يغيب فيها الإمام عن شيعته ولا يلتمس أمره، فلكي يؤمن الإمام لاتباعه مصدات الانزلاق في الفتنة ابتدأ بخطاب لهجته العتاب والتشدد لأجل أن يعكس اليهم الحالة التي سيمرون بها، ولكي لا يقع منهم ما يخاف عليهم كما حصل بعد شهادة ابيه عليه السلام وتفرق بعض الاتباع عنه.
    فكان من المناسب أنْ يتصدر الخطاب بهذه اللهجة ثم تلى هذا العتاب أنّ هذه الحالة التمحيصية والبلائية هي حالة حكمية اقتضتها الإرادة الإلهية وسجّلتها الآيات الكريمة التي تحدثت عن الفتنة ورغم ذلك أنّ قوماً من المؤمنين يقعون في الفتنة كل حين، قال تعالى: (أَ حَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَ هُمْ لا يُفْتَنُونَ).
    قوله عليه السلام (السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين) هذه العبارة يعكس فيها الإمام عليه السلام آلية الابتداء في الحديث معه، وأنّه لابدّ ان يبتدأ بالسلام وأنْ يكون عاماً وشاملاً له ولأهل بيته ولجميع عباد الله الصالحين، لما في السلام من دلالة تعكس عن نفسية المخاطب للمخاطب من خطاب تودّدي يحمل في أجوائه الوئام والسلام والتقرب بخلاف ما لو كان الخطاب معراً عن السلام فإنّه لا يكشف عن نفسية المخاطب، وهذا احتمال وهناك احتمالات أخرى يمكن أنْ نلتفت إليها، وتذكر شرحاً لهذه الفقرة ولكنّنا روماً للاختصار تركناها.
    . قوله عليه السلام (فإذا اردتم التوجه بنا الى الله تعالى والينا فقولوا) فإن هذه العبارة وإنْ صدرت بإرادة المتحدث، وأنّ التوجه إلى الله سبحانه وتعالى أمر اختياري إلاّ أنّ الواقع الذي تريد ان تحكيه لنا أنّ كل توجه سواء كان بقصد او بغير قصد إلى الله سبحانه وتعالى لا يكون إلاّ عن طريق أهل البيت عليهم السلام، وفي نفس الوقت فإنّ هذا التوجه ليس بمعزل عن الإرادة الإلهية ونفي الغلو، وكذلك فإنّ هذا المقطع يؤكّد على أنّ سببية أهل البيت عليهم السلام وكونهم عنصر الفيض في عالم الوجود أمر لا ريب فيه ولاشك، فالمقطع يريد أنْ يحكي لنا انحصارية التودد إلى الله سبحانه وتعالى وسببيته بهم عليهم السلام وأنّ السبب المتصل بين الأرض والسماء هو عليه السلام، فلولا وجوده المبارك لانعدمت سائر الوجودات وتلاشت، لاقتضاء الحكمة الالهية ليكون فيضها الدائم عن طريقه عليه السلام واكدت جملة من الروايات هذا المعنى، ففي الحديث عن أبي جعفر عليه السلام أنّه قال: (إنّما يعرف الله عزوجل ويعبده من عرف الله وعرف إمامه منّا أهل البيت، ومن لا يعرف الله عزوجل ولا يعرف الإمام منّا أهل البيت فإنّما يعرف ويعبد غير الله هكذا والله ضلالاً) وفي حديث آخر عنه عليه السلام قال: (ذروة الأمر وسنامه ومفتاحه وباب الاشياء ورضى الرحمن تبارك وتعالى الطاعة للإمام ... اما لو أنّ رجلاً قام ليله وصام نهاره وتصدّق بجميع ماله وحج جميع دهره ولم يعرف ولاية ولي الله فيواليه ويكون جميع أعماله بدلالته إليه ما كان له على الله حق في ثوابه، ولا كان من أهل الإيمان).
    المصدر
    صحيفة صدى الامام المهدي عليه السلام
    يتبع

    التعديل الأخير تم بواسطة صدى المهدي; الساعة 25-03-2021, 02:33 PM.
  • صدى المهدي

    مراقـــبة عـــــامة


    • Jun 2017
    • 12503

    #2
    شرح زيارة آل ياسين/ الحلقة الثانية

    أحمد الفرج الله الجزائري
    ما زال الحديث متواصلاً وشرح فقرات الزيارة المهدوية المباركة، زيارة آل ياسين، وقد وصل بنا الحديث إلى شرح إلى هذه الفقرة (فتقولوا كما قال الله تعالى: سَلاَمٌ عَلَىظ° آلِ يَس، السَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا دَاعِيَ اللهِ).
    تتحدث الفقرة الشريفة عن جملة من الأبحاث، نسلط الضوء على بعض منها:
    ظ،. أنّ الحديث الذي تتضمنه الزيارة الآتية هو قول الله سبحانه وتعالى، لابدّ لمن يريد التوجّه إلى الله والإمام من التوجه به، فهو حديث إلهي على لسان الإمام عليه السلام.
    ظ¢. (سلام على آل ياسين) هذه الفقرة هي فقرة قرآنية حيث قال تعالى (سَلامٌ عَلى‏ إِلْ‏ ياسينَ* إِنَّا كَذلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنينَ* إِنَّهُ مِنْ عِبادِنَا الْمُؤْمِنينَ) وقد فسرت هذه الآية بأهل البيت عليهم السلام، ونصّت على ذلك جملة وافرة من الروايات، بل بوّب لها المحدّثون أبواباً مستقلة، كما صنع ذلك صاحب (البحار) حيث قال رحمه الله: (باب إنّ آل يس آل محمد صلى الله عليه وآله وسلم) وأخرج فيه مجموعة من الأخبار التي تنص على ذلك، وقد رويت اخبار كون إل ياسين هم محمد وآله صلى الله عليه وآله وسلم من طرف أبناء العامّة، كما هي من طرفنا، فقد روي عن ابن عباس في قوله عزوجل (سَلامٌ عَلى‏ إِلْ‏ ياسينَ) أنّه قال أي على آل محمد صلى الله عليه وآله وسلم، وروى الصدوق في معاني الاخبار قائلاً: (ياسين محمد صلى الله عليه وآله وسلم ونحن آل ياسين) وقد روي فيما احتج به الإمام الرض عليه السلام على علماء العامّة أنّه قال لهم (اخبروني عن قول الله عزوجل (يس*وَ الْقُرْآنِ الْحَكيمِ) فمن عني بقوله يس قال العلماء (يس) محمد صلى الله عليه وآله وسلم لم يشك فيه أحد فقال عليه السلام إنّ الله عزوجل أعطى محمداً وآل محمد من ذلك فضلا لا يبلغ احد كنه وصفه ... وذلك أنّ الله عزوجل لم يسلّم على أحد إلاّ على الأنبياء عليهم السلام فقال تبارك وتعالى: (سَلامٌ عَلى‏ نُوحٍ فِي الْعالَمينَ) وقال (سلام على ابراهيم) وقال (سلام على موسى وهارون) ولم يقل سلام على آل نوح، ولم يقل سلام على إبراهيم، ولا قال سلام على آل موسى وهارون، وقال عزوجل (سلام على آل يس) يعني (آل محمد عليهم السلام).
    وحيث أنّ الآيات الشريفة قد قرنت أهل البيت عليهم السلام بالأنبياء فلابدّ أنْ تكون لهم مراتب الأنبياء من العلم والعصمة والإمامة والفضيلة.
    فابتداء الزيارة بهذا السلام دلالة على ارتباطه عليه السلام بالأنبياء وأنّه وارثهم، وقد نص على ذلك مجموعة من الروايات، منها قول الباقر عليه السلام (إنّ في القائم من أهل البيت عليهم السلام سنّة من خمسة من الرسل، يونس بن متي، ويوسف بن يعقوب، وموسى وعيسى ومحمد عليهم السلام...).

    وهناك أخبار أخرى تدل على شباهته عليه السلام بأنبياء أخر.
    ظ£. (السلام عليك يا داعي الله) وردت لفظة الداعي في القرآن الكريم في قوله تعالى: (يا قَوْمَنا أَجيبُوا داعِيَ اللَّهِ وَ آمِنُوا بِهِ يَغْفِرْ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ وَ يُجِرْكُمْ مِنْ عَذابٍ أَليمٍ*وَ مَنْ لا يُجِبْ داعِيَ اللَّهِ فَلَيْسَ بِمُعْجِزٍ فِي الْأَرْضِ وَ لَيْسَ لَهُ مِنْ دُونِهِ أَوْلِياءُ أُولئِكَ في‏ ضَلالٍ مُبينٍ).
    وقد ذكر ابن منظور في (لسانه): (داعي، داعي الأمة إلى توحيد الله وطاعته ويقال دعاني إلى الإحسان إليك إحسانك إلي).
    وقد ورد في الأحاديث والزيارات الشريفة (السلام على الأئمة الدعاة والقادة الهداة) وفي حديث الرض عليه السلام قال: (الإمام أمين الله في خلقه ... والدّاعي إلى الله، والذّاب عن حرم الله، ...).
    وعن أبي عبد الله عليه السلام قال: (إذا أذن الله عزوجل للقائم عليه السلام في الخروج صعد المنبر ودعى الناس إلى نفسه ...).
    وعن أبي جعفر عليه السلام قال: (إنّ قائمن عليه السلام إذا قام دعى الناس إلى أمر جديد كما دعى إليه رسول صلى الله عليه وآله وسلم).
    وفي حديث آخر قال عليه السلام: (ثم ينطلق يدعو الناس إلى كتاب الله وسنّة نبيه صلى الله عليه وآله وسلم والولاية لعلي بن أبي طالب عليه السلام والبراءة من عدوه).
    وللحديث عن كونه عليه السلام داعياً لله وإنّ من ألقابه (الدّاعي إلى الله)، كما نصت الزيارة على ذلك لابدّ أنْ نلتفت إلى جملة من الأمور وهي أنّ:
    ظ،. الدعوة ليست مطلقة بل مقيدة بالدعوة إلى الله في قبال من يدعو إلى غير الله، وأنّ الدعوة إلى الله هي منه تعالى وبأمره كما نص على ذلك الخبر المتقدم.
    ظ¢. هذه الدعوة هي أطول دعوة شهدتها البشرية من حيث الزمان، فهي دعوة مباشرة وقعت على عاتقه وتشخصت به عليه السلام، وهي إلى الآن لها أكثر من أحد عشر قرناً، ولا نعلم كم ستستمر، نعم قد قاربتها دعوة لبعض الانبياء كدعوة نوح التي استمرت تسعمائة وخمسين عاماً.
    ظ£. لهذه الدعوة حالات مختلفة، فمنها الدعوة في الغيبة الصغرى، فلها حيثياتها وأسلوبها ومنهجها وأدواتها وطريقتها في إدارة الناس الى الله سبحانه وتعالى، ومنها الدعوة في الغيبة الكبرى وكذلك لها ما لها، ومنها الدعوة في زمن الظهور وتختلف في بدايته عنها اثناء بناء الدولة، عنها بعد الاستقرار وكلّ لها أدواتها وطريقتها في إدارة الناس ودعوتهم إلى الله سبحانه وتعالى.
    ظ¤. ان هذه الدعوة دعوة إمامة بإمتياز فهي دعوة لولاية علي بن أبي طالب عليه السلام وكذلك هي دعوة براءة ممن لايتولاه. فهي دعوة ذات بعد له خصوصيته ومميزاته ولعل الكثير ممن يؤمن بالإسلام لايستسيغ هذه الدعوة لانه تربى على عكسها فتكون من أصعب الدعوات وعلى حد تعبر بعض الروايات انها دين جديد.
    يتبع

    تعليق

    • صدى المهدي

      مراقـــبة عـــــامة


      • Jun 2017
      • 12503

      #3
      شرح زيارة آل ياسين/ الحلقة الثالثة

      ما زال الحديث متواصلاً وشرح فقرات الزيارة المهدوية المباركة، زيارة آل ياسين، وقد وصل بنا الحديث إلى شرح هذه الفقرة (...السَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا دَاعِيَ اللهِ وَرَبَّانِيَ آيَاتِهِ).
      والحديث فيها يتضمن جملة من الأبحاث:
      البحث الأوّل: الذي يقرأ الزيارة الشريفة يلاحظ أنّها سجلت للإمام عليه السلام جملة من الألقاب بعضها اختصاصي وبعضها عام، ومعنى الاختصاصي أنّها ألقاب اختصّ بها هو عليه السلام دون بقية حجج الله عليهم السلام ممن سبقه، ولا يعني ذلك أنّ الاختصاص به وجود نقص أو عدم أهلية فيمن سبقه من الحجج عليهم السلام، فاختصت هذه الألقاب به، وانما هو لأجل الوظيفة، فوظيفته عليه السلام هي التي أوجبت له عليه السلام أنْ يتسم بهذه الصفات، ويتحلى بهذه الألقاب، فكون إظهار دين الله تعالى على يديه اقتضى أنْ يكون هو عليه السلام وعد الله المضمون وغير المكذوب.
      أمّا الصفات العامة والتي سنقف عند كل واحدة منها فهي وإنْ كانت تشمل جميع الحجج عليه السلام، كخليفة الله إلاّ أنها بالنسبة إليه عليه السلام في زماننا هذا فعليّة خارجية، بمعنى أنّه الوحيد المتلبس بها في هذا الزمان، وأنّ تلبسه بها مصاحب للأثر وموجب للتأثير، وأنّه الحجة على جميع الخلق في هذا الزمان وهكذا بقية الألقاب.
      فالمتحصّل من ذلك كلّه أنّ الصفات الواردة في الزيارة الشريفة والتي بعضها خاص والآخر عام إذا أضيفت للإمام عليه السلام كان كلها خاصاً به بملاحظة الجهة التي أشرنا إليها وهذه ملاحظة ينبغي الالتفات إليها، فإنّها ذات بعد حيوي في حياتنا، فإنّ الارتباط بالله عزوجل في زماننا منحصر بالإمام المهدي عليه السلام، وهو الواسطة الوحيدة للارتباط بالأئمة ممن سبقه والأنبياء كذلك، فلولاه لما كان لكل فرد منّا ارتباط بالأئمة عليهم السلام أو النبي صلى الله عليه وآله وسلم أو الأنبياء عليهم السلام أو الله عزوجل.
      وهذا يعني أنّ من لا يؤمن بأن الواسطة الرئيسة والوحيدة في تحقق الإيمان والتدين والالتزام بالشريعة تأتي عن طريق الإمام المهدي عليه السلام لا يكون مؤمناً وإن آمن بجميع من سبقه من الأئمة عليهم السلام أو آمن بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم.


      البحث الثاني: ويتضمن شرحاً واستكمالاً للصفات التي أوردتها الزيارة الشريفة حيث لقبته عليه السلام بـ (ربّاني آيات الله) فالإمام المهدي عليه السلام هو ربّاني آيات الله سبحانه وتعالى، ولأجل أنْ نقف مع هذه الفقرة الشريفة لابدّ أنْ نفهم ابتداءً معنى الربّاني والآيات ومراتب كل منهم، عند ذلك نفهم حقيقة هذا اللقب ومكانة هذه المنزلة التي أعطيت له عليه السلام، والربّاني على ما جاء في اللغة هو المنسوب إلى الرب المتصف بصفة العلم والمعلّم، وقد أكّدت هذا المعنى جملة من الآيات الشريفة حيث يقول تعالى: (ما كانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُؤْتِيَهُ اللَّهُ الْكِتابَ وَ الْحُكْمَ وَ النُّبُوَّةَ ثُمَّ يَقُولَ لِلنَّاسِ كُونُوا عِباداً لي‏ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَ لكِنْ كُونُوا رَبَّانِيِّينَ بِما كُنْتُمْ تُعَلِّمُونَ الْكِتابَ وَ بِما كُنْتُمْ تَدْرُسُونَ) وفي آية أخرى يقول تعالى : (إِنَّا أَنْزَلْنَا التَّوْراةَ فيها هُدىً وَ نُورٌ يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذينَ أَسْلَمُوا لِلَّذينَ هادُوا وَ الرَّبَّانِيُّونَ وَ الْأَحْبارُ بِمَا اسْتُحْفِظُوا مِنْ كِتابِ اللَّهِ وَ كانُوا عَلَيْهِ شُهَداءَ).
      وغير ذلك من الآيات، فالآيات الشريفة تتحدث عن مكانة الرباني، وأنّه خليفة النبي صلى الله عليه وآله وسلم ومدرّس الأمّة ومعلمها، وأنّه كان شاهداً على الأمّة في أعمالها، ومقتضى شهادته على الأمّة لابدّ أنْ يكون مطلعاً على أعمالها ظاهرها وباطنها.
      وهنا لابد من وقفة نستجلي بها الصورة أكثر فنقول: إنّ عقيدة الشيعة الإمامية في كون الحجة والشاهد على أعمال الناس يجب أنّ يكون معصوماً متأتٍ من أنّ الوظيفة التي عهدت إليه يجب فيها أنْ يكون كذلك.
      ومعنى ذلك أنّ مكانة الربّاني مكانة مقدسة لكنّها تحتاج إلى أدوات وآليات، فاقتضت حكمة الله سبحانه أنْ لا يتلبس في هذا المقام في مرتبته العليا إلاّ المعصوم، لأنّ معنى الرباني وإنْ كان له مراتب متعددة إلاّ أنّ الحديث في الآيات، فضلاً عن المقطع في الزيارة الشريفة يتحدث عن المرتبة العليا أو ما يستشرفها، إذن فالربّاني ذلك العالم المعلم الهادي إلى النور والحاكم بالكتاب والحكمة، وهو مقام الهي مختص بالمعصوم عليه السلام بمرتبته العليا، وحيث أنّ لا معصوم في زماننا بمقتضى الأدلّة الكثيرة المتنوعة إلاّ الإمام المهدي عليه السلام فيكون هو الربّاني وحده دون غيره.
      وحيث أضيف (الربّاني) في الزيارة الشريفة إلى آيات الله اقتضى تميزاً واختصاصية أكثر، فلابد هنا أنْ نفهم معنى الآيات ونسبتها إلى الله لتتوضّح لدينا صورة الربّاني بشكل أكبر ليكون اعتقادنا بهذا المقام المنسوب إلى الإمام عليه السلام عن بصيرة وعلم.
      فإذا طالعنا الآيات القرآنية الشريفة التي تتحدث عن آيات الله وهي كثيرة جداً نجد أنّها تتحدث عن ألوان ومراتب كثيرة من آيات الله، فتارة تتحدث عن البعد التكويني للآيات، وتارة تتحدث عن البعد المعنوي لها، وتارة تتحدث عن البعد اللفظي أو الكتبي، وكل واحدة منها مرتبة من مراتب آيات الله ومقام من مقام الآيات، فتلاوة الآيات الموجبة لتزكية النفس والتعلم للكتاب والحكمة الذي هو من مقام الرسول صلى الله عليه وآله وسلم هو واحد من تلك المقامات والمراتب، قال تعالى: (لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنينَ إِذْ بَعَثَ فيهِمْ رَسُولاً مِنْ أَنْفُسِهِمْ يَتْلُوا عَلَيْهِمْ آياتِهِ وَ يُزَكِّيهِمْ وَ يُعَلِّمُهُمُ الْكِتابَ وَ الْحِكْمَةَ وَ إِنْ كانُوا مِنْ قَبْلُ لَفي‏ ضَلالٍ مُبينٍ) فتلاوة الآيات على الضالين موجب لهدايتهم واستبصارهم وتزكيتهم وتعليمهم وهو مقام رسالي إلهي.
      فيما المقام الآخر مقام تكويني للآيات، قال تعالى: (وَ مِنْ آياتِهِ خَلْقُ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ وَ اخْتِلافُ أَلْسِنَتِكُمْ وَ أَلْوانِكُمْ إِنَّ في‏ ذلِكَ لَآياتٍ لِلْعالِمينَ).
      وهو مقام أعطاه الله لحججه بمقتضى وظيفتهم وقد ذكرنا بعض الروايات في الحلقة السابقة من هذا الشرح متحدثة عن هذا الإعطاء الإلهي للحجج، وهناك مقامات أخرى تحدثت عنها الآيات القرآنية عن آيات الله وهي كثيرة كما قلنا.
      وهنا وحيث أنّ الآيات الإلهية لها مقامات واسعة وكبيرة، وحيث أنّ الزيارة الشريفة جعلت للإمام المهدي عليه السلام مقام القيادة والريادة والرئاسة والولاية على الآيات مطلقاً، فإنّ المقطع الشريف يريد أنّ يقول لنا: إنّ الرباني والعالم والمعلم لآيات الله بجميع مراتبها هو الإمام عليه السلام، فكل آية من آيات الله، صغيرة كانت أم كبيرة، العالم بها هو الإمام ومن يريد أنْ يعلم بها أو يتعلم عنها شيئاً لابدّ أنْ يذهب إلى الإمام، فهو ربّانيها.
      ومن هنا نتمكن أنْ نفهم بعض المقولات الإلهية التي جاءت على لسان أمير المؤمنين عليه السلام: (ما لله آية أكبر مني) وحيث أنّه وبلا شك لايقصد نفسه الشريفة بمعزل عن مقامه الإلهي، فتكون هذه المكانة للأئمة من بعده فهي للحجة بن الحسن عليه السلام فهو أكبر الآيات وهو ربّانيها.
      ومن هنا نستخلص ونتمكن أنْ نقول إنّ كل أمر يصدق عليه أنّه آية من آيات الله _وأي شيء لا يصدق عليه ذلك_ فإن ربّانيه وقائده والعالم به والمعلّم له هو الإمام الحجة عليه السلام.
      يتبع

      تعليق

      • صدى المهدي

        مراقـــبة عـــــامة


        • Jun 2017
        • 12503

        #4
        شرح زيارة آل ياسين/ الحلقة الرابعة

        هيئة التحرير
        ما زال الحديث متواصلاً وشرح فقرات الزيارة المهدوية المباركة، زيارة آل ياسين، وقد وصل بنا الحديث إلى شرح فقرة (...السَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا بَابَ اللهِ).
        وللحديث عن شرح هذه الفقرة يقع في محور واحد:

        عبّرت هذه الزيارة الشريفة عن الإمام المهدي عليه السلام بأنّه باب الله، وبمقتضى مجموعة من القوانين الأصولية واللغوية فإنّ المتكلم يريد جميع معاني الباب، وذلك عندما أطلق هذه الكلمة، فلو كان يريد معنىً محدداً او مجموعة من المعاني دون غيرها لكان بيّن في كلامه أنّه يريد هذا دون ذاك، وحيث أنّه أطلق صفة الباب وأضافها إلى (الله) سبحانه وتعالى وجعلها للإمام المهدي عليه السلام، فلابدّ أنْ يكون المراد هو جميع المعاني المفهومة من الباب المنسوب إلى الله سبحانه وتعالى، وحيث أنّ المعاني كثيرة وللباب مراتب كثيرة كذلك فسنقتصر في بيان هذه العبارة على بعض منها، فالباب الذي يعتبر المدخل إلى الشيء، ولايمكن الدخول إلاّ عن طريقه، خصوصاً إذا كان الباب واحداً، قال النبي الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم عن هذا الباب مشخّصاً مصداقه بقوله عليه السلام: (أنا مدينة العلم) وفي خبر آخر (الحكمة وعلي بابها).
        وحيث أنّه وبلاشك لا يريد به علياً أمير المؤمنين عليه السلام فقط دون غيره كما نص حديث الثقلين والإثني عشر، فهو يريد صلى الله عليه وآله وسلم أنْ يخبر الناس بأنّ المدينة الإلهية وهي مدينة العلم والحكمة وما عداها هو الجهل والضلال، هذه المدينة الإلهية منحصرة بباب واحد هو رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في زمانه...
        وهو أمير المؤمنين علي عليه السلام في زمانه، والأئمة عليهم السلام الأطهار في أزمانهم، وهو الإمام المهدي عليه السلام في زماننا، فالذي يريد أنْ يدخل المدينة الإلهية فلابدّ أنْ يختار طريق الباب ويذهب باتجاه الباب، وإلاّ فهو خارج هذه المدينة ولا مدينة سوى مدينة الله، قال تعالى: (إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلامُ)، وقال تعالى: (وَ مَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلامِ ديناً فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَ هُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخاسِرينَ)، فبمجموع ما دلت عليه الأخبار والروايات مفسرة للآيات القرآنية أو مبينة لمعان جديدة نفهم منها أنّ الارتباط مع الله سبحانه وتعالى، وبناء علاقة صحيحة معه تكون نتائج الاستثمار فيها ناجعة، لابدّ أنْ يكون كل ذلك عن طريق بناء علاقة مع الإمام عليه السلام، لأنّه الباب الوحيد إلى الله سبحانه وتعالى، ومن جميل ما تحدث عنه القران الكريم أنّه نسب القبول والرضا والطاعة بل والفضل إلى الرسول صلى الله عليه وآله وسلم لمن أراد أنْ يطيعه، قال تعالى: (وَ لَوْ أَنَّهُمْ رَضُوا ما آتاهُمُ اللَّهُ وَ رَسُولُهُ وَ قالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ سَيُؤْتينَا اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَ رَسُولُهُ إِنَّا إِلَى اللَّهِ راغِبُونَ).
        فهذه الآية الكريمة التي هي من أمهات الآيات تحدثنا عن رضوان الله وأنّه منحصر برضا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وأنّ العطاء الإلهي هو العطاء المحمدي الرسالي الإلهي، ومن لايرضى عنه الرسول صلى الله عليه وآله وسلم لا يرضى عنه الله، ومن لايرضى بعطاء الرسول صلى الله عليه وآله وسلم ولم يكتف به، وذهب وراء عطاء آخر، فهو خاسر خارج، وهذا معناه وبشكل واضح أنّ ما يقوله رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم هو بلا شك قول الله، وحيث أنّه حصر صلى الله عليه وآله وسلم الدخول إلى ساحة القدس الإلهي من بوابة الإمام، فيكون غير القاصد لهذه البوابة خارج خارجي، أي أنّه في نفس وقت كونه خارجاً عن الدين يكون خارجياً، بمعنى أنّه يعلن العداء ويشهر السيف ضد الإرادة الإلهية والعطاء النبوي، فلابدّ من الانصياع التام للإرادة المحمدية في تعيين الباب الموجب للرضا الإلهي والنجاح الأخروي.
        والنتيجة هي أنّ الإمام المهدي عليه السلام هو المدخل الوحيد والطريق الفريد الذي لا يؤتى إلاّ منه، وهو الباب لكل علاقة مع الله سبحانه وتعالى، علاقة صاعدة كقبول الأعمال ونيل الثواب ورفع العقاب وتحصيل الحسنات ورفع الدرجات والفوز بالجنّات، أو علاقة نازلة كتحصيل الرزق وديمومية الصحة والعافية والتوفيق والسداد وبناء المكانة الاجتماعية او أي شيء آخر، كل ذلك لايكون إلاّ عن طريق هذا الباب.
        صحيفة صدى الامام المهدي عليه السلام
        يتبع

        تعليق

        • صدى المهدي

          مراقـــبة عـــــامة


          • Jun 2017
          • 12503

          #5
          شرح زيارة آل ياسين/ الحلقة الخامسة

          هيئة التحرير

          ما زال الحديث متواصلاً وشرح فقرات الزيارة المهدوية المباركة، زيارة آل ياسين، وقد وصل بنا الحديث إلى شرح فقرة (...وَدَيَّانَ دِينِهِ، السَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا خَلِيفَةَ اللهِ وَنَاصِرَ حَقِّهِ).
          الفقرة الشريفة تتحدث عن القاضي والحاكم الذي يفسره اللغويون للفظة الديّان، ولا يكتمل المعنى لهذا المصطلح بشكل وافٍ إلاّ بما يضاف إليه، وقد أضافته الزيارة المباركة بعد أنْ جعلت الإمامة باب الله الحصري والوحيد فأردفته بأنّه ديّان دين الله فسلّمت على الإمام بـ(السلام عليك يا ديّان دينه)، فأضافت الديّان إلى الدين وأضافت الدين إلى الله سبحانه وتعالى، فالإمام عليه السلام كما هو باب الله الوحيد، كذلك هو الحاكم على الدّين والقاضي بأمر الدّين، وهذه النسبة من الديّان إلى الدين إلى الله سبحانه وتعالى وبملاحظة معنى الديّان تعطينا مفهوماً يؤكّد الحقيقة العقائدية التي يؤمن بها أتباع مذهب أهل البيت عليهم السلام من أنّ الصلاحيات الممنوحة للإمام عليه السلام في إدارة الشأن الديني وحاكميّته على الدين صلاحيات مطلقة وتخويل إلهي لا حدّ له إلا حدّ الله سبحانه وتعالى، فكل أمر ديني وكل شأن ترجع نهاياته إلى القضايا الدينية، سواء أكانت في بعدها العقائدي، أو العبادي، أو الأخلاقي، فإنّ الذي يفصل النزاع فيها إن كان _والذي يقدم الحكم فيها للسائل_ إن كان، بل الذي يبين ذلك إبتداءً هو الإمام عليه السلام.
          هذا من الجانب الفكري التنظيري لهذا المفهوم، أمّا من الجانب الإثباتي والعملي فقد زاوله أتباع مدرسة أهل البيت عليهم السلام ومارسوه طيلة فترة معايشتهم الأئمة عليهم السلام بل وحتى عند غيبة آخرهم عليهم السلام فأنّهم كانوا لا يأخذون الأحكام إلاّ منهم عليهم السلام إيماناً منهم بأنّ أهل البيت عليهم السلام هم ديّانو دين الله وحكّامه وقضاته، وتعلل الفقرة التالية التي تحدثت عنها الزيارة المباركة وتؤكد ما تقدم إذْ قالت: (السلام عليك يا خليفة الله)، فبعد أنْ ثبتّت الفقرة الأولى انّ الإمام عليه السلام هو الباب الحصري والحاكم الوحيد والقاضي الفريد، جاءت لتعطي بعداً ثبوتياً وحالة تعليلية لهذه المعاني المتقدمة، فإنّ القاضي والحاكم الإلهي والباب الحصري لله هو ذلك المجعول خليفة لله تعالى من قبله، فركّز معنى الخلافة المعاني المتقدمة وأعطاها بعداً برهانياً لإثبات ما تقدم، بل وما سيتفرع عليها من صفات، حيث قال في المقطع الذي يتلوه (وناصر حقّه)، فإنّ من الطبيعي أنْ يكون خليفة الله والمعيّن قاضياً وحاكماً عن الشأن الإلهي، لابدّ أنْ يكون المتفرع على هذه الوظيفة والصلاحيات ناصراً لحق الله ومدافعاً عنه، ولا يمكن أنْ يتصور في حقّه أنْ يحيد عن نصرة الحق الإلهي، مهما كانت السياسة في إدارة البلاد والعباد تقتضي ذلك.

          لانّ وظيفته إنّما هي نصرة الحق الإلهي، وهذا واحد من المعاني التي يؤمن بها أتباع مدرسة أهل البيت عليهم السلام في عصمة أئمتهم، وأنّهم رغم اختلاف الظروف السياسية التي كانت تحيط بهم، ورغم تمكنهم من إدارة الشأن السياسي والإداري والمالي للأمّة الإسلامية، وإمكانيتهم في أنْ يتصدّوا لتلك الشؤون إلاّ أنّهم لم يحيدوا لأجل هذه الأمور عن نصرة الحق الإلهي.
          وقد أكدت بعض الروايات الشريفة هذه المعاني عندما نصت رواية رويت ليس في مجامعنا الحديثية فقط، وإنما في مجامع أبناء العامّة من أنّ المهدي عليه السلام هو خليفة الله، وأنّ النبيصلى الله عليه وآله وسلم في رواية ثوبان عنه قد أمر باتباعه ومبايعته عليه السلام تعليلا لخلافته عن الله، بينما جاءت روايات أخر لتؤكد لنا ان رسول اللهصلى الله عليه وآله وسلم كان يخاطب أمير المؤمنين عليه السلام: (يا علي أنتَ ديّان هذه الأمّة...)، هذا فضلاً عمّا ورد من مثل هذا المضمون في الأدعية والزيارات
          صحيفة صدى الامام المهدي عليه السلام
          يتبع

          تعليق

          • صدى المهدي

            مراقـــبة عـــــامة


            • Jun 2017
            • 12503

            #6
            شرح زيارة آل ياسين/ الحلقة السادسة

            هيئة التحرير
            ما زال الحديث متواصلاً وشرح فقرات الزيارة المهدوية المباركة، زيارة آل ياسين، وقد وصل بنا الحديث إلى شرح فقرة (السَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا حُجَّةَ اللهِ وَدَلِيلَ إِرَادَتِهِ).
            تحدثنا في الحلقة السابقة عن كون الإمام المهدي عليه السلام الداّعي والربّاني والباب والديّان والخليفة والناصر لله سبحانه وتعالى، ونتحدث اليوم عن كونه عليه السلام الحجّة والدليل لإرادة الله سبحانه وتعالى.
            ولا يخفى أنّ معاني الحجّة ودليل الإرادة في اللغة مختلفة ولها معان متعددة تكاد تكون واضحة جداً، وتفسيراً للكلمة بمعناها، وهي لاتهمّ بحثنا كثيراً سوى أنْ نذكر ما ذكره أهل اللغة من معان لها، فالحجّة عندهم البرهان، والدليل هو الطريقة، والإرادة هي المشيئة والقصد.
            بينما سيكون حديثنا عمّا تفيده هذه الألقاب واقترانها بالذات الإلهية وتلبس الإمام المهدي عليه السلام بها وما تفيده من تقرّب العبد إلى الله واستقامته في طريق الهداية والوصول، واتزانه وهو يسير في درب العبودية معتمداً على معرفته بما يتلبسه إمامه وهاديه من صفات، وساعياً إلى تجسيد ما يتمكن من تجسيده في الجانب العملي من التخلّق بتلك الصفات والعمل على أنْ يكون مهتدياً تحت ظلال مضامينها، متنوراً قلبه وفكره بمفاهيمها وما تحويه من كنوز معرفية تنير له درب الجهل فتجعله مضاءً بالعلم والفهم، لتكون نتيجة كل ذلك الثقافة الدينية العالية والعقيدة الإيمانية الراسخة، والسلوك الشرعي المستقيم.
            هذا هو المرجو من قراءة أدعية أهل البيت عليهم السلام وزياراتهم تلك المفاهيم والكلمات التي تشكل نبراساً يضيء لسالكي درب الحق والهداية، ويأخذ بأيديهم للوصول إلى أقصى مراتب الكمال والاستقامة.
            وفيما يرتبط بالمفهومين الواردين في مقطع الزيارة المباركة وكون الإمام عليه السلام حجة الله ودليل إرادته، حيث يعني ذلك أنّ الإمام المهدي عليه السلام هو الشخص الذي سيحتج به الله سبحانه وتعالى على عباده الذين تشرفوا بإمامته المباشرة ويحاسبهم على أساس التزامهم بالسير وراء هذه الحجّة الإلهية واجبة الطاعة، وحجّة الله على الناس من الإمام المهدي عليه السلام تختلف عنها مع الأئمة الذين سبقوه عليهم السلام، فهي حجّة ذات مميزات خاصة وتكاد تكون صعبة جداً، لأنّ الناس الذين عاشوا مع الحجج التي سبقته عليه السلام كانوا يعيشون مع حجة الله فيرونه ويسألونه ويطمئنون بوجوده، ويلتمسون هداه، ويستنيرون بطريقته، فيوصلهم إلى مقاصدهم وهو موجود بين ظهرانيهم، فلم يستوحشوا لغيبته ولم يشنّع عليهم وينتقصهم الأعداء لطول عمره، ولم يتهموا بالإيمان بالخرافة والحبر على الورق، لهذا ولغيره كان من يؤمن في زمان حجة الله الغائب ويلتمس اثر حجيته ويسير وراءها بمراتب أعلى ممن كان يلتمس اثر الحجة في زمان آبائه الطاهرين الحاضرين.
            فتباعد الزمان وتراكم الدهر غلّظ قلوب الكثير من الناس على هذا الإيمان، فبدأ بعض منهم يتطاير كالهشيم الذي تذروه الرياح، بينما من استقر استقر وهو قابض على الجمر بل أشد، فكانت من هنا الصعوبة ومن هنا يصفو الإيمان ومن هنا تتفاوت الدرجات ومن هنا يتميز الخبيث من الطيب، فلابدّ أنْ نفهم أنّ هذه الحجة الإلهية التي جعلها الله سبحانه وتعالى في نفس كونها تحاسب وتراقب هي دليل للرضا والإرادة والمشيئة، فما يريده الله سبحانه وتعالى وما يرضاه ويشاؤه لا يكون إلاّ عن طريق حجة الله الرقيب الشاهد، فنحن نعيش بين كفتي الميزان المتساويين، والصفتين للإمام المهدي المتلازمتين أنْ يكون رقيباً شاهداً، حجة علينا، ومفتاحاً لإرادة الله ومشيئته ورضاه عنا، فلا تنفكّ حجيته وسلطنته ووجوب أتباعه وأخذ الدين عنه عن التقرب به والتوسط إلى الله عن طريقه وكسب الرضا برضاه وتحقيق المطالب بمشيئته.
            فحجّة الله ودليل إرادته تعني لنا أنْ يكون الإمام المهدي عليه السلام إماماً مفترض الطاعة، مراقباً للصغير والكبير من أعمالنا، به يرضى الله عنّا، وبه يرفع الذنوب ويستر العيوب، وينزل الأرزاق، ويمحو السيئات ويثبت الحسنات، ويقرّب البعيد، ويسهل الطريق، ويقيم الاعوجاج، وينشر العدل، ويبسط الرزق، ويشفي المريض، ويوسّع على الناس إذا قبلوا حجّته، ويهديهم لرضا ربّهم، ويكون يوم القيامة على ما قدّموا شهيداً، وبين يدي الله سبحانه وتعالى شاهداً ومحاسباً.
            صحيفة صدى الامام المهدي

            تعليق

            • صدى المهدي

              مراقـــبة عـــــامة


              • Jun 2017
              • 12503

              #7



              شرح زيارة آل ياسين: الحلقة السابعة

              هيئة التحرير
              ما زال الحديث متواصلاً وشرح فقرات الزيارة المهدوية المباركة، زيارة آل ياسين، وقد وصل بنا الحديث إلى شرح فقرة (السَّلامُ عَلَيْكَ ياتالِيَ كِتابِ الله وَتَرْجُمانَهُ).
              وشرح الفقرة المباركة من الزيارة يقع في محور واحد تحت عنوان أهل البيت عليهم السلام أهل القرآن.
              إنّ الحديث عن أهل البيت عليهم السلام بمعزل عن القرآن ليس بحديث عنهم، كما ان الحديث عن القرآن بمعزل عنهم ليس بحديث عن القرآن، وانما هو حديث عن شيء آخر وهذه الحقيقة التلازمية من الطرفين، كما انها بحقيقة واقعية، إذ انّ واقع القرآن يستدعي وجودهم كما أنّ وجودهم يستدعي القرآن، فهي أيضاً مؤكد عليها قرآنياً ونبوياً، فالقرآن الذي يخاطب المسلمين دون استثناء، بل الناس كلهم يتحدث عن نفسه بأن وجوده وجود يحتاج في الاستجلاء والبيان إلى أهل العلم وأهل القرآن وإلاّ فإن القرآن بمعزل عن أهل البيت عليهم السلام، ويكون اتباع آياته اتباعاً للمتشابه الذي يؤدي إلى زيغ القلوب، بخلاف الاتباع المقترن الذي ينتج الاستقامة، قال تعالى: (مِنْهُ آياتٌ مُحْكَماتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتابِ وَ أُخَرُ مُتَشابِهاتٌ فَأَمَّا الَّذينَ في‏ قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ ما تَشابَهَ مِنْهُ ابْتِغاءَ الْفِتْنَةِ وَ ابْتِغاءَ تَأْويلِهِ وَ ما يَعْلَمُ تَأْويلَهُ إِلاَّ اللَّهُ وَ الرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ).
              امّا النبي الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم الذي ما فتئ يؤكد هذه الحقيقة ويصرّح بها مجهراً أنّ بغير التلازم بين القرآن والعترة يكون اتباع تعاليم الإسلام منتجاً لدين جديد ومؤديّاً بصاحبه إلى الضلال والانحراف، حيث خاطب الأمّة مراراً وتكراراً بانّه وباعتبارها سنة طبيعية، تاركها وملتحق بربّه وانه مخلّف فيها ما يجب التمسك به وهو حبل الله المتين الموجب لاستمرارها في خط الهداية والاستقامة، وان تركه ضلال وانحراف ألا وهو كتاب الله وعترته أهل بيته ذلك الحديث المعروف بحديث الثقلين.
              فحقيقة الارتباط الملكوتي بين القرآن وأهل البيت عليهم السلام حقيقة لا تخفى على أحد، إذ كيف تخفى وهي السبيل الوحيد بالنجاة من يرغب بالنجاة.
              وهنا تأتي الزيارة المباركة لتخاطب الإمام المهدي عليه السلام بانّه هو التالي لكتاب الله، وأنّه ترجمان الآيات القرآنية وهذا يعني أنّ تلاوة الكتاب وترجمته إلى أحكام ونُظم، بل ان وجوده لا يكون إلا بوجود عدله وهو الفرد المعصوم كما أنّ القرآن معصوم فلابد أنْ يكون القائد إلى القرآن والرائد إليه منزّه عمّا من شأنه أنْ يحرف الناس عن الاستقامة فالقرآن الذي جاء لقيادة الناس إلى الهدى، ولا يتصور فيه أنْ يقودهم إلى انحراف وضلال بعد التسليم إلى احتياجه إلى رائد وقائد لابدّ أنْ يكون ذلك معصوماً بعصمة الكتاب ولابدّ أنْ يكون موجوداً في كل زمان لوجود الكتاب في كل زمان، ولحاجة كل إنسان إلى الهداية القرآنية التي لا تتأتّى إلا بوجود الهادي والترجمان فكان إمام الزمان.

              وفي روايات أهل البيت عليهم السلام ما يؤكد على حقيقة كونهم ترجمان القرآن وأنهم الناطق الرسمي الوحيد لهذا الكتاب الإلهي المقدس حيث يقول الإمام السجاد عليه السلام: (...نحن تراجمة وحيه)، ويقول الإمام الباقر عليه السلام: (نحن خزّان علم الله، ونحن تراجمة وحي الله)، فيما يقول الإمام المهدي عليه السلام في الزيارة المروية عنه والمعروفة بالزيارة الجامعة: (اَلسَّلامُ عَلَيْكُمْ يا اَهْلَ بَيْتِ النُّبُوَّةِ.... وَحُجَجاً عَلى بَرِيَّتِهِ، وَاَنْصاراً لِدينِهِ، وَحَفَظَةً لِسِرِّهِ، وَخَزَنَةً لِعِلْمِهِ، وَمُسْتَوْدَعاً لِحِكْمَتِهِ، وَتَراجِمَةً لِوَحْيِهِ).
              ويؤكد الإمام الصادق عليه السلام هذه الحقيقة بقوله: (نحن معادن وحي الله... من تبعنا نجا ومن تخلّف عنا هلك).
              فضلاً عن الأدعية الكثيرة التي تحدثت عن هذه الحقيقة كما في بعضها حيث يرد هذا النص: (والمنزّل عليهم ما يتنزل في ليلة القدر وأصحاب الحشر والنشر وتراجمة وحيه)، وفي خبر آخر عن الإمام الصادق عليه السلام يعبر عن الأئمة عليهم السلام بقوله: (نحن...عيبة وحي الله) أي الإناء الوحيد والحامل الفريد للوحي الإلهي القرآني فكل من يؤخذ في هذا الزمان عن غير الإمام المهدي عليه السلام باعتباره تالي الآيات وترجمانها يكون قد اخذ الدين من غير حله وتمسك بما لا ينجيه وانفق عمره هباء وكانت تجارته بورا.
              صحيفة صدى المهدي عليه السلام

              تعليق

              • صدى المهدي

                مراقـــبة عـــــامة


                • Jun 2017
                • 12503

                #8


                شرح زيارة آل ياسين/ الحلقة الثامنة
                هيئة التحرير
                ما زال الحديث متواصلاً وشرح فقرات الزيارة المهدوية المباركة، زيارة آل ياسين، وقد وصل بنا الحديث إلى شرح فقرة (السَّلاَمُ عَلَيْكَ فِي آنَاءِ لَيْلِكَ وَأَطْرَافِ نَهَارِكَ).
                إنّ الحديث عن الانتساب يختلف باختلاف الاشياء التي تنسب الى بعضها البعض، وتتقدس الكثير منها بانتسابها الى المقدس، وتتهاوى أُخر بانتسابها الى الوضيع، فيزيد ذاك المستملح من اسماء العرب صار مشمئزاً منه، وانتسابه لفرد يكشف عن وضاعة، وليس ذاك إلاّ لما صدر من يزيد اللعين من فعال اوجبت قبح هذا الاسم والاشمئزاز من حامله، فيما تجد كثيراً من الوجودات البسيطة تقدست بانتسابها الى الله سبحانه وتعالى او الى مقدسات اخرى، فحجارة صمّاء بناها النبي إبراهيم عليه السلام اصبحت واحدة منها بيت الله، والاخرى مقام التوجه و العبادة، فالكعبة ومقام إبراهيم لم يكونا سوى احجار لاتسمن ولا تغني، قبل أنْ تنتسبا الى الله سبحانه وتعالى والى بيته، وما أنْ انتسبتا حتى صارتا من اقدس مقدسات المسلمين، وهكذا بيت المقدس، وليس ببعيد عنّا قبر الحسين عليه السلام وتراب ارض كربلاء التي قدّسها جسده الطاهر ولآلاف من الامتار تحيط بضريحه المقدس فاصبحت تربة لها من المكانة والقداسة ما لا يضاهيها غيرها وهكذا بقية الاشياء، فحجارة المسجد ومواد بنائه قبل أنْ يبنى، ليس لها من القداسة حظ ولا نصيب، فما أنْ تبنى به وتنتسب اليه حتى تلحقها أحكاماً فقهية كثيرة من حرمة تنجيسها والاستخفاف بها وغيرها.
                وانتساب الايام الى امام الزمان لابدّ أنْ ينظر إليها كذلك، فهي مقدسة لانّ الزيارة الشريفة نسبت الايام إليه عليه السلام، فخاطبتها بانها ليله ونهاره وانّ السلام عليه يدور مدارهما ويبقى ببقائهما، فتحولت هذه الساعات التي يحتظنها اليوم والليلة من شيء لا قيمة له _أو له قيمة ولكنها قليلة وغير ملتفت إليها_ الى شيء مقدس ذا قيمة عالية بانتسابه الى اقدس الاشياء بعد الله سبحانه وتعالى وهو امام زماننا.
                فلا بدّ انْ نلتفت الى انّ هذه الساعات التي تمر علينا لها وجوه متعددة، وجه أنّ فيها نقضي حاجاتنا ونعيش حياتنا ونرتب أمورنا، وهذا أمر يتساوى فيه جميع الناس ولا مائز لأحد فيه على آخر، ووجه ثان فضلا عن وجوه اخرى، أنّ هناك اناساً يعيشون في هذه الساعات التي تولد الايام والليالي، لا على نحو ما يعيشه الآخرون، بل يعيشوها وهي منتسبة إلى إمام الزمان، وهي مملوكة الى صاحب العصر عليه السلام، فالتعامل مع الايام بهكذا وجه يحتمل ان يكون هو المراد من هذه الفقرة، كما يحتمل أنْ يكون المراد منها أنْ ينشغل الانسان الموالي لإمام الزمان عليه السلام بالسلام عليه في كل لحظات ودقائق وساعات اليوم والليلة، ومعنى السلام هنا ليس هو تلك الالفاظ التي نتعاهدها عندما يخاطب احدنا الآخر، انما يراد منه هو أنْ نكون سلاماً للإمام عليه السلام، بمعنى انْ لا نكون جزءاً ولو ضئيلاً جداً في حرب الإمام بمخالفة أو معصية، أو بشيء يوجب أنْ لا نكون سلماً للإمام عليه السلام.
                فالمقطع الآنف الذكر الذي يقول (السلام عليك في آناء ليلك واطراف نهارك) يريد أنْ يقول لنا إنّ الحالة التي ينبغي أنْ تكونوا عليها ايها الموالون لإمامكم، هي أنْ تكون أفعالكم فضلاً عن أقوالكم سلاماً في كل آن وساعة تمر عليكم من أيام الإمام عليه السلام ولياليه، فهذه الساعات ليست ملكاً لكم لتتصرفوا بها بما يحلو لكم وبما تشاؤون، انّما هي ملك للإمام فقط، وانما صارت لكم وصح أنْ تتصرفوا بها اذا كنتم سلما للإمام عليه السلام، وإلا فإنّه يصدق عليكم انكم غاصبوا هذه الساعات وسرّاق لأيام إمام الزمان عليه السلام.
                صحيفة صدى الامام المهدي

                تعليق

                • صدى المهدي

                  مراقـــبة عـــــامة


                  • Jun 2017
                  • 12503

                  #9


                  شرح زيارة آل ياسين/ الحلقة التاسعة

                  هيئة التحرير
                  ما زال الحديث متواصلاً وشرح فقرات الزيارة المهدوية المباركة، زيارة آل ياسين، وقد وصل بنا الحديث إلى شرح فقرة (السَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا بَقِيَّةَ اللهِ فِي أَرْضِهِ، السَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا مِيثَاقَ اللهِ الَّذِي أَخَذَهُ وَوَكَّدَهُ).
                  تتضمن هاتان الفقرتان الحديث عن مبدأين مهمين في القضايا الاعتقادية هما:
                  الأول: التمثيل الإلهي للناس وديمومية بقائه.
                  الثاني: الالتفاف حول الممثل الإلهي في الأرض والإنصياع التّام له.
                  والحديث عن هذين المبدأين بشكل مجمل وبما يناسب حجم النشر المسموح فيه بصحيفة صدى المهدي عليه السلام وبعد دمج المبدأين يكون من خلال مراجعة الروايات الواردة عن أهل البيت عليهم السلام والتي تحدثت عن عنوان بقيّة الله في الأرض، وكون هذا الإمام الباقي في الأرض له على الناس ميثاق، أخذه الله عليهم وأكّده، وشدد على التمسك به، فمتابعة هذه الصفات التي نطقت بها الزيارة الشريفة تعطي الأبعاد التي أشرنا إليها من ديمومية البقاء ولزوم التمسك، حيث أنّ الزائر للإمام المهدي عليه السلام بهذه المقاطع المباركة إذ يخاطبه (السَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا بَقِيَّةَ اللهِ فِي أَرْضِهِ)، هو يشير _من خلال هذا المقطع_ إلى حالة الارتباط الأرضي بالسماء، وانّ هذا الارتباط قد جرت سنة الله فيه أنْ يكون باقياً، وانْ يكون العنصر الذي يمثل الإرادة الإلهية في الأرض دون غيرها مما خلق الله سبحانه وتعالى، وكأنها نقطة المنطلق للوصول إلى ما عداها من مكونات هذا الكون ومجرّاته، فالأوامر الإلهية التي يراد بها أنْ يصل المخلوقون إلى تحقيق إرادة خالقهم، والتي تمثل إرادة السماء، تنطلق من الأرض دون غيرها، ومن خلال ما أبقاه الله ثابتاً فيها وحارساً عن زوالها وسيخها، وهذا المعنى لا يتم إلاّ بأنْ يردف بتأكيد وتوثيق على التمسك ببقية الله لذا أخذ الله تعالى ميثاق العباد على التمسك به وشدد على من ينفلت عنه ويهمله، وهذا ما يمكن أنْ يلتمس من حديث عن معاني المقطع بدلالتها الظاهرة من ألفاظه، أمّا في ما يلتمس من أحاديث المعصومين عليهم السلام، العامة منها أو الخاصة، التي أشارت إليه بخصوصه، حيث ورد عنهم عليهم السلام، كما عن الإمام الصادق عليه السلام أنّه قال: (إذا خرج أسند ظهره إلى الكعبة واجتمع ثلاثمائة وثلاثة عشر رجلاً وأول ما ينطق به هذه الآية: (بَقِيَّتُ اللَّهِ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنينَ) ثم يقول أنا بقية الله... فلا يسلم عليه مُسلم إلاّ قال السلام عليكَ يا بقيّة الله في أرضه)، وفي حديث آخر أنْ رجلاً قال للإمام الصادق عليه السلام: (نسلم على القائم بإمرة المؤمنين؟ قال عليه السلام: لا، ذلك اسم سمّى الله به أمير المؤمنين عليه السلام لا يسمى به أحد قبله ولا بعده إلاّ كافر، قال: فكيف نسلم عليه؟ ، قال عليه السلام: نقول السلام عليك يابقية الله، ثم قر عليه السلام قوله تعالى: (بَقِيَّتُ اللَّهِ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنينَ)).
                  وهناك أحاديث أُخر تشير إلى هذا المعنى، فضلاً عن الروايات التي تدل على ضرورة وجود الإمام وبقائه في الأرض ما دامت موجودة، إذ بعدمه يلزم سيخها وزوالها. فإنها _هذه الأحاديث_ قد أجلت الأمر وأوضحته حتى بات من ضرورات الإمامية وأمهات عقائدهم.
                  وقد تحدث القرآن الكريم عن الميثاق الذي أخذه الله على الناس كافة تجاه رسله وكتبه وأوليائه، بل عن الميثاق الذي أخذه على النبيّين فضلاً عن عامة الناس والذي يشير إلى بعد ضرورة الإيمان بخليفة الله في أرضه من الائمة عليهم السلام على الجميع دون استثناء ومهما علت مرتبته ودنى قربه، فهذا عيسى بن مريم عليه السلام سيخضع أبان ظهوره ويكون في طاعة الإمام عليه السلام إمتثالاً للميثاق المأخوذ عليه من قبل الله سبحانه وتعالى، إذن كيف ببقية الناس ممن هو أدون من عيسى عليه السلام وهو من أولي العزم.
                  قال تعالى: (وَ لَقَدْ أَخَذَ اللَّهُ ميثاقَ بَني‏ إِسْرائيلَ وَ بَعَثْنا مِنْهُمُ اثْنَيْ عَشَرَ نَقيباً وَ قالَ اللَّهُ إِنِّي مَعَكُمْ لَئِنْ أَقَمْتُمُ الصَّلاةَ وَ آتَيْتُمُ الزَّكاةَ وَ آمَنْتُمْ بِرُسُلي‏ وَ عَزَّرْتُمُوهُمْ وَ أَقْرَضْتُمُ اللَّهَ قَرْضاً حَسَناً لَأُكَفِّرَنَّ عَنْكُمْ سَيِّئاتِكُمْ وَ لَأُدْخِلَنَّكُمْ جَنَّاتٍ تَجْري مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ فَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذلِكَ مِنْكُمْ فَقَدْ ضَلَّ سَواءَ السَّبيلِ).
                  وقوله تعالى: (وَ إِذْ أَخَذَ اللَّهُ ميثاقَ النَّبِيِّينَ لَما آتَيْتُكُمْ مِنْ كِتابٍ وَ حِكْمَةٍ ثُمَّ جاءَكُمْ رَسُولٌ مُصَدِّقٌ لِما مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَ لَتَنْصُرُنَّهُ قالَ أَ أَقْرَرْتُمْ وَ أَخَذْتُمْ عَلى‏ ذلِكُمْ إِصْري قالُوا أَقْرَرْنا قالَ فَاشْهَدُوا وَ أَنَا مَعَكُمْ مِنَ الشَّاهِدينَ).
                  صحيفة صدى المهدي

                  تعليق

                  • صدى المهدي

                    مراقـــبة عـــــامة


                    • Jun 2017
                    • 12503

                    #10


                    شرح زيارة آل ياسين/ الحلقة العاشرة
                    هيئة التحرير
                    ما زال الحديث متواصلاً وشرح فقرات الزيارة المهدوية المباركة، زيارة آل ياسين، وقد وصل بنا الحديث إلى شرح فقرة (السَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا وَعْدَ اللهِ الَّذِي ضَمِنَهُ).
                    تحدّث القرآن الكريم عن وعد الله سبحانه وتعالى ووعيده، وتميّز الوعد عن الوعيد بأنْ وعد الله سبحانه وتعالى لعباده المؤمنين، وأنّ وعيده لعباده العاصين، واصفاً الوعد بانه لا يخلف، وانّه حق وانّه مسؤول ومفعول، وواصفاً بعض انبيائه كإسماعيل عليه السلام بأنّه كان صادق الوعد وكان رسولاً نبيّاً.
                    وهذا المقطع من الزيارة المباركة يضيف لأسماء الإمام عليه السلام وألقابه الشريفة صفة وعد الله، فالإمام عليه السلام هو وعد الله، وبدلالة الآيات الكريمة والمتحدثة عن أنّ وعد الله حق ومفعول ومأتيّ، وانّه لا يخلف فيستفاد انّ ظهور الإمام وقيامه ووجوده وحياته وكل ما يترتب عليه من إظهار للحق وطمس للباطل، فهو حقّ ولابدّ أنْ يحصل، لأنّ هذا الوعد وعد مسؤول فلابدّ أنْ يكون في يوم ما مفعولاً ومنجزاً وصائراً على أرض التحقق والتطبيق، ومن هنا جاء تساؤل بعض اصحاب الأئمة عليهم السلام عندما حدّثهم الإمام عليه السلام عن البداء وانّه يحصل في كل شيء حتى ذكر الإمام عليه السلام أنّ السفياني رغم انّه علامة حتمية إلاّ أنّه يمكن أنْ يحصل فيه البداء فخاف بعض الأصحاب من أنْ يتّجه البداء صوب قضية الإمام المهدي عليه السلام ويؤثر على ظهوره وقيامه، فسأل هؤلاء الأصحاب من الإمام عليه السلام: (فنخاف أنْ يبدو لله في القائم. فقال أبو جعفر عليه السلام: إنّ القائم من الميعاد، والله لا يخلف الميعاد) وهذه الحقيقة في كون الإمام عليه السلام وعداً إلهياً وميعاداً لا يخلف اكّدته الزيارة المباركة واكّدت بتأكيدات أخرى على حقيقة هذه الحالة في كون الإمام قضية مفروغاً منها ولابديّة لا تقبل التشكيك أو الترديد أو البداء، فبمقتضى الآيات التي تتحدث عن كون وعد الله سبحانه وتعالى لا يخلف، وانه مأتي، تأتي الزيارة المباركة لتضيف شيئاً جديداً على هذه الحقيقة المهدوية.
                    ولنسلّط الضوء بشكل مجمل على جانبين من جوانب الوعد الإلهي، الأول منهما في كون هذا الوعد مسؤولاً وهي تحتمل معنيين أحدهما أنّ الممثل لهذا الوعد الإلهي وهو الإمام عليه السلام مسؤول عما انيط به من وظائف بتحقيق العدل ونشره ورفع الظلم وطمسه، وثانيها في أنّ الناس مسؤولون تجاه هذا الوعد الإلهي بجملة من التكاليف التي ينبغي عليهم التلبس بها تسهيلاً لتحقيقه وفتحاً لمجال حصوله من التزام بالقوانين الشرعية وتهيئة للأرضية المناسبة لممارسة الإمام عليه السلام الذي هو وعد الله لمهامه على مستواها الفكري أو الميداني.
                    والبعد الثاني في أحاديث القرآن عن الوعد الإلهي في كونه حقاً مفعولاً لا يخلف، وهذا يبيّن جانباً آخر من حقيقة الوعد الالهي وانّه شيء قطعي وحقاني، فبعد كونه حقاً ومفروغاً منه، واننا مسؤولون تجاهه، كما انه مسؤول تجاهنا، لابدّ من ان نلتفت إلى دورنا فنسأل عنه اذا لم نكن نعرفه، ثم يأتي المقطع ليضيف تأكيداً آخر على تأكيد إضافة الوعد المهدوي إلى الله، انّ هذا الوعد مضمون من قبل الله سبحانه وتعالى وهو تأكيد آخر يضاف إلى جملة التأكيدات القرآنية للوعد. حيث قرن المقطع الآنف الذكر بين الوعد وبين ضمان الوعد تاكيداً.

                    تعليق

                    • صدى المهدي

                      مراقـــبة عـــــامة


                      • Jun 2017
                      • 12503

                      #11


                      شرح زيارة آل ياسين
                      ما زال الحديث متواصلاً وشرح فقرات الزيارة المهدوية المباركة، زيارة آل ياسين، وقد وصل بنا الحديث إلى شرح فقرة: (السَّلاَمُ عَلَيْكَ أَيُّهَا الْعَلَمُ الْمَنْصُوبُ وَالْعِلْمُ الْمَصْبُوبُ وَالْغَوْثُ وَالرَّحْمَةُ الْوَاسِعَةُ، وَعْداً غَيْرَ مَكْذُوبٍ).
                      والحديث فيها عن تلك الأبعاد التي تجسّدها سيرة الأئمة عليهم السلام في إمامتهم للمذهب الحقّ، وأنهم إنما كانوا قادة لأتباع الحقّ بما تمتعوا به من خصائص ومميزات أهلّتهم لهذه الوظيفة الإلهية السماوية والملوكتية في سياسة الناس وهدايتهم وقيادتهم نحو الفضل والفضيلة والرفعة والكمال، وانتشال العالم من حضيض ما اسقطهم فيه الشيطان واتباع الباطل والانحراف.
                      فالتسليم على الإمام بانّه العَلم المنصوب، والذي يفيد بأنّ الوظيفة للإمام عليه السلام من قبل الله سبحانه وتعالى هي الهداية لمن ضل، واحتضان من اهتدى، والأخذ بالجميع في الصحارى والفلوات المعرفية والسلوكية والعبادية إلى بر الأمان وجادّة اليقين، فالإمام الذي نصبه الله سبحانه وتعالى ورفعه بمقام الإمامة، وأقامه علماً لهداية الناس جميعاً هو من يحمل صفات اهّلته لمهنته وعلى رأسها البعد المعرفي المتمثل بالعِلم المصبوب، والبعد العملي المتثمل بالغوث والرحمة الواسعة، والبعد التطميني الوجداني المتمثّل بأنّ هذا الحديث عن الإمام عليه السلام بهذه الكيفية وهذه الصفات أمر جزمي قطعي يقيني بديهي فطري.
                      فالبعد المعرفي هو في كون الامام عليه السلام العالم الفيّاض ذا المنزلة الرفيعة، وهو ما يمثّل للبشرية التلقّي _وعلى طول الخط_ من الأعلى، فالعلم يأخذ بالإنسان إلى الأعلى ويضعه في مدارج المعرفة دائماً، والإمام مهما أفاض على الناس يبقى هو صاحب المنزلة الرفيعة والعليا مهما علا وارتفع مكانة الناس بما أفاضه عليهم، وهذا البعد العلمي المعرفي أُخذ فيه بعد آخر وكأنّه يريد أنْ يرفع حالة الجفاف والقسوة العلمية، فأخذ البعد العملي الذي يتّسم باللطافة ورقّة القلب والعطف، فعبّر عن الإمام عليه السلام بعد تعبيره بانّه علم غزير فيّاض مصبوب على الناس، بانّه في عين الوقت رحمة وغوث وملجأ واسع، فالعباد متى ما صرخوا وجدوا الإمام عليه السلام، بل حتى لو لم يصرخوا استغاثة بالإمام فإنهم سيجدونه عليه السلام لانّه ليس غوثاً فقط، وانما هو غوث رحيم واسع يشمل الصارخ استغاثة به والمتألم الساكت، بل وغيرهما، ثم عطف المقطع اللاحق ببيان حالة لما تقدّم من البعدين المعرفي والسلوكي لصفات الإمام عليه السلام، زيادة في التطمين والتوكيد والتوثيق بأنّ الإمام عليه السلام انّما يحمل ذلك كلّه عن يقين منه بما يحمل، ويجب أنْ تكونوا أنتم أيضاً على يقين مما يحمل ويتمتع به ويؤديه من أدوار، لأنّ هذا وعد غير مكذوب.
                      وفي حديث الإمام الرض عليه السلام عن الإمام عليه السلام وصفاته يقول: (...الإمام كالشمس الطالعة المجللة بنورها للعالم، وهي بالأفق بحيث لا تنالها الأيدي والأبصار، الإمام البدر المنير، والسراج الزاهر، والنور الساطع، والنجم الهادي في غياهب الدجى، والمنجي من الردى... الإمام الأنيس الرفيق والوالد الشفيق والاخ الشقيق، والأم البرّة بالولد الصغير، ومفزع العباد في الداهية النآد...).

                      تعليق

                      • صدى المهدي

                        مراقـــبة عـــــامة


                        • Jun 2017
                        • 12503

                        #12
                        شرح زيارة آل ياسين/ الحلقة الثانية عشرة
                        هيئة التحرير
                        ما زال الحديث متواصلاً وشرح فقرات الزيارة المهدوية المباركة، زيارة آل ياسين، وقد وصل بنا الحديث إلى شرح فقرة: (السَّلاَمُ عَلَيْكَ حِينَ تَقوُمُ، السَّلاَمُ عَلَيْكَ حِينَ تَقْعُدُ، السَّلاَمُ عَلَيْكَ حِينَ تَقْرَأُ وَتُبَيِّنُ، السَّلاَمُ عَلَيْكَ حِينَ تُصَلِّي وَتَقْنُتُ، السَّلاَمُ عَلَيْكَ حِينَ تَرْكَعُ وَتَسْجُدُ، السَّلاَمُ عَلَيْكَ حِينَ تُهَلِّلُ وَتُكَبِّرُ، السَّلاَمُ عَلَيْكَ حِينَ تَحْمَدُ وَتَسْتَغْفِرُ، السَّلاَمُ عَلَيْكَ حِينَ تُصْبِحُ وَتُمْسِي، السَّلاَمُ عَلَيْكَ فِي اللَّيْلِ إِذَا يَغْشَىظ° وَالنَّهَارِ إِذَا تَجَلَّىظ°).
                        يشير المقطع المبارك لهذه الزيارة الشريفة الى حالات ينبغي أنْ يكون عليها المؤمنون بوجود الإمام المهدي عليه السلام وحياته، فالمقطع يرسم لنا لوحة من التواصل المتكامل ويعطي فكرة عقائدية واسلوباً عملياً وتعبوياً ميدانياً في علاقة المؤمنين بالإمام عليه السلام، وحتى في زمان غيبته.
                        فحالة التواصل التي لابدّ انْ يكون عليها الإنسان مع امام زمانه حينما يبدأ النهار في أوّله ويبدأ ببداية الارتباط مع الله تعالى بالصلاة، فأوّل ما يقعد الإنسان من نومه يبادر إلى حالة الصلة والتواصل وحيث انّ التواصل لابدّ أنْ يكون بواسطة الإمام عليه السلام ومعيّته فلابدّ إذن من استذكاره في هذه المحطّة والتسليم عليه، ثم الالتفات إلى انّ جوانب التواصل مع الإمام ينبغي أنْ تكون في جميع حيثيّات ما يمر به الإمام عليه السلام في ذلك اليوم، فلابدّ من التواصل معه والالتفات في نفس الوقت إلى الحالات التي تمرّ على الإمام في يومه.
                        وتعكس لنا الزيارة الشريفة جوانب مهمة، إذ بطبيعة الحال هي لا تعكس جميع الحالات التي يتلبّس بها الإمام في يومه فيكون انعكاساً لأبرز ما يقوم به الإمام عليه السلام، تطلب من المؤمن أنْ يكون متواصلاً مع إمامه ولو بأدنى مراتب التواصل وهو السلام، امّا التواصل بمراتب أعلى فمتروك للفرد وقابلياته ومقدار ما يريد أنْ يوثّق به العلاقة بينه وبين الإمام ويقوّيها.
                        وقد أشارت الزيارة إلى حالات مختلفة، فالقراءة حالة والبيان للأحكام حالة أخرى، والصلاة ثالثة، والقنوت رابعة، والركوع خامسة، والسجود سادسة، وهكذا الى الحالات التي ذكرها الدعاء، واللطيف انّ الزيارة المباركة ركّزت في اغلب الحالات المستعرضة، على حالات الصلاة وأفعالها، وذكرت منها الركوع والسجود والقنوت والتهليل والتكبير والتسبيح والتحميد والاستغفار، وهي إشارة واضحة إلى أنّ حالة التواصل مع الله سبحانه وتعالى تتجلى عند الصلاة، فلابدّ أنْ تكون حالة التواصل مع الإمام كذلك، وهنا تأتي لطيفة جديدة ينبغي استشعارها عند تلبّس المؤمن بها وهي انّنا عندما نتوجّه إلى الصلاة ونتقرّب بها إلى الله فلابدّ أنْ نستذكر في جميع حالاتها وأفعالها ما يكون عليه الإمام عليه السلام في صلاته، ونحاول انْ نقتبس ونتأسّى من حالته في الصلاة لنكون على بعض مراتبها.
                        تنقلنا الزيارة إلى أنّ ما ينبغي علينا الابتداء به في يومنا هو ما ينبغي علينا الانتهاء به في ذلك اليوم، فسلامنا وارتباطنا مع الإمام عليه السلام في الابتداء لابدّ أنْ يكون هو في الانتهاء وعندما يغشى الليل إلى أنْ يتجلى النهار ثانية.
                        وهناك اشارة أُخرى يمكن التماسها من الزيارة المباركة فضلاً عن اشارات كثيرة لمن يتأمّل وهي الايحاء بشكل لطيف إلى القارئ انّ الإمام موجود بشكل فعّال وحيوي ويمارس تكاليفه الشرعية فضلاً عن مهامه، لذلك سلّطت الزيارة الضوء على جزئيات خفيفة وبسيطة من تلك الممارسات.
                        ولننه حديثنا بإشارة أخرى قد تكون مرادة للزيارة المباركة، حيث انّها أغفلت الجانب المعاشي بشكل كبير، وليس ذلك لانّ الإمام عليه السلام لا يمارسه، وانّما لأجل أن الإنسان قد انشغل بتأمين هذا الجانب بشكل طغى على حيثيات حياته كلها، وبطبيعة الحال فإنّ الزيارة تريد من خلال مضامينها أنْ تخرج القارئ لها من حالة التغلغل والانغماس في الجانب المعاشي المادي، فتعكس له صورة ما عليه إمامه من حالة الارتباط المعنوي والتلبّس العبودي من خلال ممارساته الارتباطية مع الله سبحانه وتعالى.
                        فهي رسالة عملية لما ينبغي أنْ يكون عليه الإنسان من التأسّي العملي بإمام زمانه عليه السلام وتقمّص بعض ممارساته اليومية في تأمين الارتباط أوّلاً ومن خلال السلام عليه وهو متلبّس بهذه الحيثيّات وممارستها ثانية من قبل نفس الشخص، فالإنسان الذي يسلّم على الإمام عليه السلام اثناء هذه الممارسات لابدّ أنْ يكون ممارساً لها ولو بأدنى مراتبها، ولو خجلاً من الإمام، فكيف يسلّم عليه ساجداً وهو لايسجد، وراكعاً وهو لا يركع، وقانتاً وهو لا يقنت، ومستغفراً وهو لا يستغفر.

                        تعليق

                        • صدى المهدي

                          مراقـــبة عـــــامة


                          • Jun 2017
                          • 12503

                          #13
                          شرح زيارة آل ياسين/ الحلقة الثالثة عشر
                          هيئة التحرير
                          ما زال الحديث متواصلاً وشرح فقرات الزيارة المهدوية المباركة، زيارة آل ياسين، وقد وصل بنا الحديث إلى شرح المقطع: (السَّلاَمُ عَلَيْكَ أَيُّهَا الإِمَامُ الْمَأْمُونُ، السَّلاَمُ عَلَيْكَ أَيُّهَا الْمُقَدَّمُ الْمَأْمُولُ، السَّلاَمُ عَلَيْكَ بِجَوَامِعِ السَّلاَمُ).
                          تشير الزيارة المباركة في هذه الفقرات الثلاثة إلى نحوين من السلام الخاص، ونحو ثالث عام، بعد أنْ تقدّم نيفاً وعشرين سلاماً خاصاً تحدّثت فيها الزيارة المباركة عن الصفات التي يتمتّع بها الإمام المهدي عليه السلام من كونه من العترة الطاهرة من آل محمد عليهم السلام وأنّه الدّاعي والربّاني والخليفة والباب والحجّة والعلم والغوث والرحمة وأنّه المبيّن، وهذه الصفات المتلونة والمتعددة، والتي كما بيّناها في الشروح السابقة يلمّح كل واحد منها إلى نحو مما يتمتع به الإمام عليه السلام من خصائص أو وظيفة من وظائفه التي يمارسها أو سوف يمارسها عند ظهوره، أو فعل يقوم به كعلاقة بينه وبين الله سبحانه وتعالى من الصلاة والدعاء والقراءة وهكذا.
                          وبمجموع ما تقدّم الحديث عنه من صفات مضافاً إلى الصفتين الآتيتين - تعطينا مداليل نشير لها -، وهي كون الإمام مأموناً وأنه إمام للأُمّة بأجمعها، ووسيط في علاقتها بينها وبين ربّها، وانّ هذه الوساطة والتقدّم والقيادة في أعلى درجات الوثاقة والثبوت، فعبّرت الزيارة عن أنّ الإمام إمام مأمون، أي موثوق، أي إمام حقّ وصدق، ولا يوجد أي مجال للتردد أو التشكك أو التبلبل في ذلك.
                          ثم بعد ذلك ختمت الصفات الخاصّة بكون الإمام المهدي عليه السلام هو مقدّم على سائر الأُمّة وهذا مقتضى إمامته لها وانّه عليه السلام مأمول، وهذه الصفة التي تحكي لنا عن معاني غيبته وظهوره، إذ لولا الغيبة لما كان له ظهور ولما كان بينهما انتظار وأمل لغائب مأمول يُنتظر أنْ يظهر ليجسّد ما وصف على لسان الزيارة المباركة من صفات.
                          وختمت الزيارة بسلام جامع لما تذكره ولمجموع ما لم تذكره مجتمعاً، فإنّنا نعرف جيداً أنّ التلبّس بصفة له دلالة، والتلبّس بصفتين له دلالة أُخرى، والتلبس بمجموعة كثيرة من الصفات له دلالة ثالثة، وكأنّ الزيارة المباركة تريد أنْ تعطينا معانياً ثلاثة، الأوّل مدلول كل صفة بحالها، والثاني مدلول مجموع الصفات وأثرها، والثالث أنّ هناك صفات أُخرى ينبغي للمؤمن أن يسلّم بها على الإمام عليه السلام ويقرّ له بها، ويكون من قلبه تجاه إمامه تسليم واذعان بأنّه صاحب هذه الصفة، ولكنّه حيث أنّ بعض الصفات تكبر على بعض الناس، فالظاهر أنّ الزيارة المباركة قد اجملت ما لم تفصح عنه من صفات هي له بحسب الواقع بعبارة (السلام عليك بجوامع السلام) لأنّ بعض الصفات لو ذكرت لتردّد البعض في اعتقاد تلبّس الإمام عليه السلام بها، ورأفة بحال هؤلاء المؤمنين جاء الدعاء ليحافظ لهم على خصوصية الإذعان والتسليم بكل ما يتّصف به الإمام تفصيلاً في بعض الصفات وإجمالاً في بعضها الآخر، فحفظ لهم بهذا الإذعان الإجمالي صفة التسليم وفي نفس الوقت لم يكلفهم لو ذكرها تفصيلاً مشقّة الانكار أو التبلبل والشك.
                          فيعكس لنا المقطع الثالث من هذه الفقرة التي بصدد شرحها حالة من الرأفة بأفراد الأُمّة في حال إذعانها وتسليمها لما يحمل إمامهم الغائب المأمول.

                          تعليق

                          • صدى المهدي

                            مراقـــبة عـــــامة


                            • Jun 2017
                            • 12503

                            #14
                            شرح زيارة آل ياسين/ الحلقة الرابعة عشرة
                            هيئة التحرير
                            ما زال الحديث متواصلاً وشرح فقرات الزيارة المهدوية المباركة، زيارة آل ياسين، وقد وصل بنا الحديث إلى شرح المقطع: (أُشْهِدُكَ يَا مَوْلاَيَ أَنِّي أَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَـظ°هَ إِلاَّ اللهُ وَحْدَهُ لاَ شَريكَ لَهُ، وَأَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ لاَ حَبِيبَ إِلاَّ هُوَ وَأَهْلُهُ).
                            يتحدّث هذا المقطع المبارك من الزيارة الشريفة عن حقيقة عقائدية تعتبر أسّ الإسلام وأساسه، فمن لا ينطق بالشهادتين لا يحكم عليه بالإسلام، وإن اعتقد بوحدانية الله سبحانه وتعالى وأتى بجميع العبادات، وقد أُخذ في حقيقة الشهادة النطق بها، فلا يكفي في قبول إسلام الشخص أنْ يعرف الشهادتين، بل لا بدّ أنْ ينطق بهما، فالأساس الأول لبناء الاسلام في ذات الشخص أن ينطق بالشهادتين ليكون مسلماً، فيترتب عليه أثر الإسلام من قبول عمله، وجواز ترقّيه في مراتب الإسلام، والسماح له بصعود سلّم الإرتباط مع الله سبحانه وتعالى من خلال بوابة دين الإسلام قال تعالى: (إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلامُ)، وقال تعالى: (وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلامِ ديناً فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ).
                            وأوّل سلّم لابدّ أنْ يرتقيه الانسان بعد نطقه بالشهادتين هو سلّم الإيمان، إذ انّه في بداية السلّم يوجد مفترق طريقين، احدهما يصعد بالإنسان إلى الإيمان، والآخر يحكم على الشخص بأحكام سمّيت فقهياً بالإسلام الظاهري، فعَصمت دم الإنسان وماله، ورتبت أحكاماً أخرى عليه، وله أوجبت صلاحية قبول بعض من أعماله وعقائده، وأنْ يكون في مرتبة معيّنة من الإسلام، وسيترتب على إسلامه هذا أثر أخروي كبير لا نريد الخوض فيه لانّنا لسنا بصدد الحديث عنه.
                            أمّا الطريق الآخر الذي سلطَت الزيارة المباركة الضوء عليه فقالت: (لاَ حَبِيبَ إِلاَّ هُوَ وَأَهْلُهُ، وَأُشْهِدُكَ يَا مَوْلاَيَ أَنَّ عَلِيّاً أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ حُجَّتُهُ...) . والذي سوف يأتي شرحه مفصلاً.
                            فالزيارة تتحدث عن أنّ المسلم بعد نطقه بالشهادتين أولاً، وبعد جعله الامام المهدي عليه السلام شاهداً على هذا النطق والإقرار ثانياً، فرّعت عليه شهادة ثالثة مجموعية، وأرادت قبل تفريعها أنْ تذكر سبب هذا التفريع وهو حصر المحبوبيّة الإلهية بالشهادة الثانية والثالثة المجموعية.
                            وفي هذا المقطع توجد إشارة مهمّة لا ينبغي إغفالها، تلك هي أنّ هذا الإقرار متفرّع عن إقرار بوجود شاهد عليه له صلاحية الشهادة وتحمّلها، فصار الإقرار بالشهادتين والثالثة المجموعية أمامه لازماً، إذ لا يوجد من له الأهلية لحفظ هذه الشهادة ولتحمّلها، بل لا يوجد من نطمئنّ إلى حفظ هذه الأمانة عنده كحفظها عند من استشهدناه في هذه الزيارة وهو الامام المهدي عليه السلام حيث قالت الزيارة: ابتداء (اشهدك انّي اشهد...).
                            وقد قال الله تعالى: (وَيَوْمَ نَبْعَثُ في‏ كُلِّ أُمَّةٍ شَهيداً عَلَيْهِمْ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَجِئْنا بِكَ شَهيداً عَلى‏ هؤُلاءِ وَنَزَّلْنا عَلَيْكَ الْكِتابَ تِبْياناً لِكُلِّ شَيْ‏ءٍ وَهُدىً وَرَحْمَةً)، وقال تعالى: (فَكَيْفَ إِذا جِئْنا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهيدٍ وَجِئْنا بِكَ عَلى‏ هؤُلاءِ شَهيداً).
                            فالمقطع المبارك يلمح إلى قضية ضرورية ومهمّة أنّ الشاهد له مواصفات خاصة (وهي شروط الإمامة) تؤهله لصلاحية تحمل الشهادة.
                            وأن الإنسان بلا هذه الشهادة خاسر خائب.
                            وأن هذا الشاهد جزء من الشهادة.



                            تعليق

                            • صدى المهدي

                              مراقـــبة عـــــامة


                              • Jun 2017
                              • 12503

                              #15
                              شرح زيارة آل ياسين/ الحلقة الخامسة عشرة
                              هيئة التحرير
                              ما زال الحديث متواصلاً وشرح فقرات الزيارة المهدوية المباركة، زيارة آل ياسين، وقد وصل بنا الحديث إلى شرح المقطع: (وَأُشْهِدُكَ يَا مَوْلاَيَ أَنَّ عَلِيّاً أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ حُجَّتُهُ وَالْحَسَنَ حُجَّتُهُ وَالْحُسَيْنَ حُجَّتُهُ وَعَلِيَّ بْنَ الْحُسَيْنِ حُجَّتُهُ وَمُحَمَّدَ بْنَ عَلِيٍّ حُجَّتُهُ، وَجَعْفَرَ بْنَ مُحَمَّدٍ حُجَّتُهُ، وَموُسَىظ° بْنَ جَعْفَرٍ حُجَّتُهُ، وَعَلِيَّ بْنَ موُسَىظ° حُجَّتُهُ، وَمُحَمَّدَ بْنَ عَلِيٍّ حُجَّتُهُ، وَعَلِيَّ بْنَ مُحَمَّدٍ حُجَّتُهُ، وَالْحَسَنَ بْنَ عَلِيٍّ حُجَّتُهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّكَ حُجَّةُ اللهِ).
                              تحدّثنا في الشرح السابق أنّ هذه الشهادة الثالثة التي كانت متفرعة على الشهادة الثانية، والتي بدورها متفرعة على الشهادة الأولى كترتيب طولي سببي لما قلناه إنّ المحبوبية الإلهية انحصرت فيهم فتفرعت الشهادة لهم عليهم السلام عليها _المحبوبية_ وقد قلنا إنّ هذه الشهادة لا تتم إلاّ بوجود شاهد وهو الإمام عليه السلام.
                              ثم جاء المقطع الذي نحن بصدد الحديث عنه ليتحدّث عن الشهادة الثالثة بشكل تفصيلي ويذكر لنا مصاديقها، وفي المقطع لطائف كثيرة للمتأمّل فيه، نذكر بعضاً منها إذ أنّه ذكر الشهادة لكل إمام وأعقبها بحجته مع أنّه كان يمكن أن يذكر الائمة عليهم السلام باسمائهم ويعقّبها بحججه، وهذا الذكر إفراداً لهم وتعقيباً للاقرار بحجيتهم فرداً فراداً، فضلاً عن استبطانهم التشريف لهم يتضمن ضرورة الاقرار لكل واحد منهم بكونه حجة الله تعالى على الخلق ولا يكفي الاقرار للمجموع بما هو مجموع دون الاقرار للأفراد.
                              وهنا إشارة أُخرى لابدّ أنْ نذكّر بها أنفسنا وهي أنّ هذا الاقرار لهم وجعل الإمام شاهداً وضامناً لها يوم القيامة يجعل المؤمن أمام ائمته عندما يلقاهم في البرزخ او الرجعة او القيامة غير محرج او مآخذ على عدم معرفتهم والاقرار لهم واحداً واحداً، فهذه الزيارة تضمن لهذا الانسان التخلص من هذا الموقف بهكذا طريقة إقرار.
                              ولابدّ أنْ نشير إلى نقطة في غاية الاهمية من أنّ الاقرار بهذه الصيغة هو لازم على الجميع وبلا استثناء، فحتى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لم يستثنى من الإقرار بولاية أهل البيت عليهم السلام لانّها من أصل الدين، فكما أنّه صلى الله عليه وآله وسلم لم يستثن من الشهادة لنفسه بالرسالة فهو كذلك صلى الله عليه وآله وسلم لم يستثن من الشهادة لهم والإقرار بإمامتهم.
                              نعم هم ليسوا ائمّة عليه، بمعنى أنّ لهم سلطة اعلى من سلطته وصلاحيات أعلى من صلاحياته او شأن عند الله تعالى أعلى من شأنه، لأنّ الأدلة قامت على أنّه صلى الله عليه وآله وسلم افضل الخلق طرّاً دون تردّد إنّما هذا الاقرار هو كحال سائر العبادات الاخرى التي يأمر بها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم الناس وانّه اول من يلتزم بها لانّها جزء من الدين، فهو يصلّي ويصوم ويحج ويخمّس ويزكي ويلتزم بسائر العبادات الأُخرى رغم أنّها تدخل في تشريع الكثير منها، ونقلها جميعاً.



                              تعليق

                              يعمل...
                              X