
آية الله المهدوي لشفقنا: المرجع الفياض لا يرى مانعًا في تولي المرأة لمنصب الاجتهاد والقضاء/ لا يمكن تحقيق الدولة الإسلامية المتكاملة بالوقت الراهن
خاص شفقنا العراق–تجري وكالة شفقنا سلسلةً من الحوارات تحت عنوان “سلوك مراجع التقليد العظام” بهدف التعريف بسلوك وسير هؤلاء العلماء الذين يعتبرون ركنًا من أركان التشيع.
وفيما يلي حوارنا مع آية الله الشيخ جواد المهدوي مدير مكتب سماحة المرجع الديني آية الله العظمى الشيخ محمد إسحاق الفياض وأبرز تلامذته، تطرق إلى أبرز ما يتميز به المرجع الفياض من مواقف فكرية وآراء فقهية.
يقول آية الله المهدوي عما يتمتع به أستاذه من سمات فقهية إن سماحته يستند في آراءه الفقهية على المتأخرين من الفقهاء الذين عاصرهم ومنهم أستاذه الراحل الإمام الخوئي وأحيانًا آية الله السيد محسن الحكيم طبقًا لما جاء في كتاب المستمسك، موضحًا إن المرجع الفياض غالبًا ما يعتمد في هذا الإطار على علم أصول الفقه وقواعده.
المرجع الفياض لا يقبل بالإجماع المزعوم على المسائل الفقهية
يوضح آية الله المهدوي إن المرجع الفياض لا يأخذ بالإجماع المزعوم على المسائل الفقهية لأنه يعتقد بأن عناصر الإجماع بصفته “حجة” في المسائل الفقهية لا تكتمل بانتقالها التدرّجي من جهة إلى جهة أخرى حتى يستنتج منها تدخل الإمام المعصوم، ذلك أن العديد من آراء العلماء لم تصل إلينا.
عدم التدخل في منطق الأحاديث وتفسيره
وفي موضوع آخر يشير آية الله المهدوي إلى أن المرجع الفياض ينفذ المنهج الأصولي في المسائل الواحدة بحذافيره، ولا يتدخل في منطق بعض الأحاديث كما أن سماحته لا يفسر ذلك المنطق حتى يزيل تعارضه مع حديث آخر ولا يؤمن بالتركيب الطوعي للروايات وإنما ينفذ المقاربة التقليدية لتراكيبها، وإذا لم ينتج منها تطبيق شيء فإنه يلجأ إلى مرجحات باب التعارض ومنها الموافقة مع القرآن ومعارضة العامة، علمًا أن آية الله الفياض لا يجيز لمقلديه الرجوع إلى مجتهد أقل علمًا إذا ما لم يرغبوا في العمل باحتياطه في مسألة محددة.
“لا يعتبر آية الله الفياض اشتهار الأحاديث حجة في باب التعارض”، يقول تلميذه ويوضح بالقول: وفيما يتعلق بالالتزام باحتياطات المجتهد الوجوبية يعتقد المرجع الفياض بعدم وجود أي تبرير شرعي لإجازة الفقيه الأعلم -بصفته مرجع تقليد- لمقلديه بالرجوع إلى مجتهد أقل علمًا إذا لم يرغبوا العمل باحتياطه، معللًا ذلك بأن المفترض في الأعلم أن يكون قد أكثر البحث عما يجيز إصدار الفتوى لكنه لم يعثر على شيء فاضطر إلى الاحتياط، وفي حال إجازته الرجوع إلى الآخر قد يكون عارض نفسه لأن الفرض في احتياطه عدم أخذه بفتوى الآخرين.
نظريًا لا يوجد أي دليل شرعي يمنع النساء من تصدي مناصب القضاء والاجتهاد
كما يوضح آية الله مهدوي حول رأي آية الله العظمى الفياض حول تولي المرأة لمناصب عالية بالقول: إن المرجع الفياض يعتقد بعدم وجود أي دليل شرعي تعبدي يمنع النساء من تصدي منصب الاجتهاد المطلق في علوم الشريعة أو منصب القضاء، كما لا يعتبر ما نُقل من إجماع العلماء في معارضة هذه الأمر تعبديًا، فعقل المرأة -نظريًا- ليس عاجزًا عن ممارسة هذين المنصبين إذا أجادت العمل للحصول على أدواتهما اللازمة. كما إن سماحته مؤمن بأن المرأة يمكنها تقريبًا ممارسة كل ما يقوم به الرجل من مهن وأعمال شرط أن تحافظ على نفسها عفة وحجابًا وكرامة.
لا يمكن تحقيق الدولة الإسلامية المتكاملة في الوقت الراهن
“الدولة الإسلامية لا تتحقق إلا بتولي الفقيه الأعلم مقاليد الأمور وبخلافه لا يمكن أن نطلق على تلك الدولة الصفة الإسلامية”؛ يقول مدير مكتب المرجع الفياض عن موقف أستاذه ويضيف: إذا لم يتوفر هذا الشرط فلا يترتب عن حملها للعنوان الإسلامي صحة إجراءاتها القانونية مثل البيع، والشراء، والملكية وغيرها من العقود، ويكون دخلها وتصرفها في الممتلكات العامة كالدخل والتصرف في أموال مجهولة المالك التي هي بحاجة إلى توقيع مالكها.
يضيف آية الله مهدوي إن المرجع الفياض يعتقد بعدم إمكانية تحقيق الدولة الإسلامية المتكاملة في الوقت الراهن لكنه لا يشكل على الأنظمة الديمقراطية إذا عملت على تلبية احتياجات المواطنين والمساواة بينهم وإقامة النظم العام لكن شرط ألا تمارس كل ما من شأنه معارضة أو تقويض الروح العام للتدين بين الناس أو تمرر قوانين تعارض قوانين الإسلام الثابتة والمعروفة.
التأكيد على الوسطية وحقوق الأقليات
كذلك تطرق مدير مكتب المرجع الفياض إلى موقف سماحته من التطرف الديني وموضوع الأقليات مبينًا إن آية الله الفياض يطالب، إيمانًا منه بالوسطية الإسلامية، بتوفير الظروف لعيش الأقليات الدينية في المجتمعات الإسلامية والتعايش معها. كما إنه يفتخر بأن الحوزة العلمية في النجف لم تشهد أبدًا التطرف تنظيرًا ولا ممارسة. فسماحته دائمًا ما يحث طلاب العلوم الدينية على مناهضة التطرف الديني، كما له أكثر من موقف وخطاب يدعو فيها الحكومات إلى الاهتمام بالأقليات وحماية حقوقها ووضع حد لما تتعرض من اضطهاد.
إرساء مبدأ استقلالية الحوزات العلمية عن الحكومات
يقول آية الله المهدوي إن سماحة المرجع الفياض معروف عنه تأكيده وتشديده على ضرورة أن تكون الحوزات العلمية مستقلة فكريًا وماليًا، ويتابع بالقول: لقد جدد تأكيده هذا أكثر من مرة في عدة مناسبات؛ بصفتها مؤسسة مستقلة فإن استقلال الحوزات العلمية من الحكومات ضرورة ملحة، كما يجب ألا ينتمي طلابها وعلماؤها إلى الأحزاب السياسية بتاتًا؛ هكذا يمكن الحفاظ على أصالة الروح الدينية وواقع القوانين الإسلامية في المجتمع وكسب ثقة الناس، فتكون لهم كلمة نافذة بينهم ويكونون معتمَدًا لهم في الدين وشؤونه. وعليه لا يقبل المرجع الفياض ولا يرضى للحوزة أن ترتبط بالحكومات وأموالها. فالحوزة إذا ما قبلت بهكذا ارتباطات وعلاقات تكون قد قللت من قدراتها ومكانتها كمؤسسة مستقلة فيتحول طلبة العلوم الدينية إلى ما أشبه بموظفين عند الحكومات. فالابتعاد عما تقدمه وما تمتلكه الحكومات يعد سمة تتميز بها الحوزات العلمية الشيعية.
تعليق