المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : العبّاس في نظر الأئمّة عليهم السّلام


محب الرسول
11-05-2012, 12:02 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
والحمد لله ربِّ العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين أبا الزهراء محمد وعلى آله الغر الميامين المعصومين وعلى من وآلاهم وأحبهم إلى يوم الدين.

وبعد:

العبّاس في نظر الأئمّة (عليهم السّلام):

إنّي لا أحسب القارئ في حاجةٍ إلى الإفاضة في هذه الغاية بعد ما أوقفناه على مكانة أبي الفضل (عليه السّلام) من العلم والتّقى، والملكات الفاضلة؛ من إباء وشمم، وتضحية في سبيل الهدى، وتهالك في العبادة؛ فإنّ أئمّة الهدى من أهل البيت (عليهم السّلام) يُقدّرون لمَن هو دونه في تلكم الأحوال فضله، فكيف به وهو من لُحمتهم وفرعِ أرومتهم، وغصن باسق في دوحتهم؟! وقد أثبت له الإمام السّجاد (عليه السّلام) منزلة كبرى لم يَنلها غيره من الشُّهداء، ساوى بها عمّه الطيّار، فقال (عليه السّلام):

((رحمَ اللّهُ عمِّي العبّاسَ بنَ عليٍّ، فلقد آثرَ وأبلَى، وفدَى أخاه بنفسِهِ حتّى قُطِعتْ يَداهُ، فأبدلَهُ اللّهُ عزّ وجل جناحينِ يطيرُ بهمَا مع الملائكةِ في الجنّةِ، كما جعلَ لجعْفرِ بنِ أبي طالبٍ. إنّ للعبّاسِ عندَ اللّهِ تباركَ وتعالى منزلةً يَغبطُهُ عليها جميعُ الشُّهداءِ يومَ القيامةِ)) (1).

ولفظ (الجميع) يشمل مثل حمزة وجعفر الشاهدين للأنبياء بالتبليغ وأداء الرسالة، وقد نفى البُعد عنه العلاّمة المُحقّق المُتبحّر في الكبريت الأحمر ص 47 ج 3.

ولعلّ ما جاء في زيارة الشُّهداء يشهد له: ((السّلامُ عليكُمْ أيُّها الرَّبّانيّونَ، أنتُمْ لنا فرطٌ وسَلفٌ ونحنُ لكُمْ أتباعٌ وأنصارٌ، أنتُمْ سادةُ الشُّهداءِ في الدُّنيا والآخرةِ)) (2). وكذلك قوله (عليه السّلام) فيهم: إنّهم لم يسبقهم سابقٌ، ولا يلحقهم لاحقٌ. فقد أثبت لهم السّيادة على جميع الشُّهداء، أنّهم لم يسبقهم ولا يلحقهم أيُّ أحدٍ، وأبو الفضل في جملتهم بهذا التفضيل، وقد انفرد عنهم بما أثبته له الإمام السّجاد (عليه السّلام) من المنزلة التي لم تكن لأيِّ شهيد.

ولهذه الغايات الثمينة والمراتب العُليا؛ كان أهلُ البيت (عليهم السّلام) يُدخلونه في أعالي اُمورهم ما لا يتدخّل فيه إنسانٌ عادي، فمِن ذلك: مُشاطرتُه الحسينَ (عليه السّلام) في غسل الحسن (عليه السّلام) (3).

وأنتَ بعد ما علمت مرتبة الإمامة، وموقف صاحبها من العظمة، وأنّه لا يلي أمره إلاّ إمامٌ مثله، فلا ندحة لك إلاّ الإيمان بأنّ مَن له أيّ تدخل في ذلك ـ بالخدمة من جلب الماء وما يقتضيه الحال ـ [هو] أعظم رجلٍ في العالم بعد أئمّة الدِّين (عليهم السّلام)؛ فإنّ جثمان المعصوم (عليه السّلام) عند سيره إلى المبدأ الأعلى ـ تقدّست أسماؤه ـ لا يُمكن أنْ يقربَ أو ينظر إليه مَن تقاعس عن تلك المرتبة؛ إذ هو مقامُ قابَ قوسين أوأدنى، ذلك الذي لم يطق الروح الأمين أنْ يصل إليه حتّى تقهقر، وغاب النّبيُّ الأقدس في سبحات الملكوت والجلال وحدهُ إلى أنْ وقف الموقف الرهيب. وهكذا خلفاء النّبيِّ (صلّى الله عليه وآله) المشاركون له في المآثر كُلِّها ما خلا النّبوَّة والأزواج (4)، ومنه حال انقطاعهم عن عالَم الوجود بانتهاء أمد الفيض المُقدّس.

وممّا يشهد له أنّ الفضل بن العبّاس بن عبد المُطّلب كان يحمل الماء عند تغسيل النّبيِّ (صلّى الله عليه وآله)، معاوناً لأمير المؤمنين (عليه السّلام) على غسله، ولكنّه عصبَ عينيه؛ خشية العمَى إنْ وقع نظرُهُ على ذلك الجسد الطّاهر.

ومثله ما جاء في الأثر عن الإشراف على ضريح رسول اللّه (صلّى الله عليه وآله)؛ حذراً أنْ يرى النّاظر شيئاً فيعمى (5)، وقد اشتهر ذلك بين أهل المدينة، فكان إذا سقط في الضريح شيءٌ أنزلوا صبيّاً وشدّوا عينيه بعصابة فيخرجه.

وهذه أسرار لا تصل إليها أفكار البشر، وليس لنا إلاّ التسليم على الجملة، ولا سبيل لنا إلى الإنكار بمجرّد بُعدنا عن إدراك مثلها، خصوصاً بعد استفاضة النّقل في أنّ للنّبيِّ (صلّى الله عليه وآله) والأئمّة (عليهم السّلام) بعد وفاتهم أحوالاً غريبةً ليس لسائر الخلق معهم شركة، كحرمةلحومهم على الأرض، وصعود أجسادهم إلى السّماء، ورؤية بعضهم بعضاً، وإحيائهم الأموات منهم بالأجساد الأصليّة عند الاقتضاء؛ إذ لا يمنع العقل منه مع دلالة النّقل الكثير عليه واعتراف الأصحاب به (6)، فيصار التحصّل: إنّ الحواس الظاهرة العاديّة لا تتحمّل مثل تلك الأمثلة القُدسية ـ وهي في حال صعودها إلى سبحات القُدس ـ إلاّ نفوس المعصومين (عليهم السّلام) بعضها مع بعض دون غيرهم، مهما بلغ من الخشوع والطاعة.

لكنّ (عباس المعرفة) الذي منحه الإمام (عليه السّلام) في الزيارة أسمى صفة حظي بها الأنبياء والمقرّبون (عليهم السّلام)، وهي: (العبد الصالح) تسنّى له التوصّل إلى ذلك المحل الأقدس من دون أنْ يُذكر له تعصيبُ عينٍ أو إغضاءُ طرفٍ، فشارك السّبط الشهيد (عليه السّلام)، والرسول الأعظم (صلّى الله عليه وآله)، ووصيه

وحُكي عن الشيخ الأعظم قدوة السّالكين المولى فتح علي ابن المولى حسن السّلطان آبادي: أنّه لمّا زار أمير المؤمنين (عليه السّلام) ورجع إلى مشهد الحسين (عليه السّلام) أسف على عدم مذاكرته مع علماء النّجف في مسألة بقاءِ جسد الإمام (عليه السّلام) طريّاً أو أنّه يبلى، فرأى في المنام أنّه داخلٌ إلى الروضة، فرأى جسداً موضوعاً على الحصير والدَّمُ يجري من أعضائه، فسأل عنه، فقيل: إنّه جسد الحسين (عليه السّلام)، أما علمت أنّ أجسادَهم لا تبلى.

المُقدّم مع الروح الأمين (عليه السّلام)، وجملةَ الملائكة في غسل الإمام المجتبى الحسن السّبط صلوات اللّه عليهم أجمعين (7). وهذه هي المنزلة الكبرى التي لا يحظى بها إلاّ ذَوو النّفوس القُدسيّة من الحُجج المعصومين (عليهم السّلام)، ولا غرو إنْ غبط أبا الفضل الصّدِّيقون والشُّهداء الصالحون.

وإذا قرأنا قول الحسين للعبّاس (عليهما السّلام)، لمّا زحف القوم على مخيّمه عشيّة التاسع من المُحرّم: ((اركَبْ بنفسِي أنتَ يا أخي حتّى تَلقاهُمْ... وتسألَهُمْ عمّا جاءَ بِهم)). فاستقبلهم العبّاس في عشرين فارساً، فيهم حبيب وزهير، وسألهم عن ذلك، فقالوا: إنّ الأمير يأمر إمّا النّزول على حكمه أو المُنازلة.

فأخبر الحسينَ (عليه السّلام)، فأرجعه ليُرجئهم إلى غد (8).

ــــــــــــــــــــ

(1) الأمالي للشيخ الصدوق / 548، الخصال / 68.

(2) كامل الزيارات / 372، تهذيب الأحكام 6 / 65، المزار للمفيد / 120، المزار للمشهدي / 388.

(3) ورد في ذخائر العقبى / 141، والذرِّيَّة الطّاهرة للدولابي / 120، وكشف الغُمَّة 2 / 171، وبحار الأنوار 44 / 137: وولّى غُسلَهُ الحسينُ ومحمّدٌ والعبّاسُ إخوتُه... ولمْ يردْ في مصدر أنّ المُشارك للحسين (عليه السّلام) العبّاس فقط.

(4) في الحديث عن الإمام الصادق (عليه السّلام): ((كلُّ ما كانَ للرَّسولِ (صلّى الله عليه وآله) فلنَا مثلُهُ، إلاّ النّبوَّةَ والأزواجَ)). المحتضر / 47.

(5) فقه الإمام الرضا (عليه السّلام) لابن بابويه / 188، مُستدرَك الوسائل 2 / 197، المُسترشد لابن جرير / 336، بحار الأنوار 22 / 492.

(6) قال الشيخ المفيد في أوائل المقالات / 72: والأئمّة (عليهم السّلام) من عترته خاصّة لا يخفى عليهم بعد الوفاة أحوال شيعتهم في دار الدنيا، بإعلام اللّه تعالى لهم ذلك حالاً بعد حال، ويسمعون كلام المُناجي لهم في مشاهدهم المُكرَّمة.

وقال العلاّمة المجلسي في بحار الأنوار 27 / 301، بعد ما نقل كلام الشيخ المفيد المُتقدّم: وهذا مذهبُ فقهاء الإماميّة كافّة وحملة الآثار منهم، ولستُ أعرف فيه لمُتكلّميهم من قبل مقالاً...

وفي كنز الفوائد للكراجكي 1 / 246، ومنهج الرَّشاد لمَن أراد السّداد / 562، وبصائر الدرجات للصفّار / 445: إنّ لحومهم مُحرّمة على الأرض، وإنّها ترتفع إلى السّماء بعد ثلاثة أيّام.

(7) روى الصفّار في بصائر الدرجات / 245 عن الباقر (عليه السّلام): أنّ أمير المؤمنين (عليه السّلام) شاهد جبرائيلَ والملائكة يُعينونه على غسل النّبيِّ (صلّى الله عليه وآله) وتكفينهِ، وحفر القبر ونزولهم معه في القبر، وكذا شاهدَهم مع النّبي (صلّى الله عليه وآله) الحسنُ والحسينُ (عليهما السّلام) يُعينونهما على غسل أمير المؤمنين (عليه السّلام) وتكفينه، وشاهدَهم الحسينُ (عليه السّلام) مع النّبي وأمير المؤمنين (صلوات الله عليهما وآلهما) يُعينونه على غسل الحسن (عليه السّلام)، وشاهدهم الباقرُ (عليه السّلام) مع النّبيِّ وأمير المؤمنين، والحسن والحسين (صلوات الله عليهم) يُعينونه على غسل أبيه السجّاد (عليه السّلام).

(8) تاريخ الطبري، ونصّ العبارة، قال: وأقبل العبّاسُ بن عليٍّ يركض حتّى انتهى إليهم، فقال: يا هؤلاء القوم، إنّ أبا عبد اللّه يسألُكم أنْ تنصرفوا هذه العشيّة حتّى ينظر في هذا الأمر؛ فإنّ هذا أمرٌ لمْ يجرِ بينكم وبينه فيه منطقٌ، فإذا أصبحنا التقينا إنْ شاء اللّه؛ فإمّا رضيناه فأتينا بالأمر الذي تسألونه وتسومونه، أو كرهنا فرددناه.

وإنّما أراد بذلك أنْ يردّهم عنه تلك العشيّة حتّى يأمر بأمره ويُوصي أهله، فلمّا أتاهم العبّاس بنُ عليٍّ بذلك، قال عمر بن سعد: ما ترى يا شمر؟ قال: ما ترى أنت؛ أنت الأمير والرَّأيُ رأيُك. قال: أردت ألاّ أكون.

ثُمّ أقبل على النّاس، فقال: ماذا ترَون؟ فقال عمرو بن الحجّاج بن سلمة الزبيدي: سبحان اللّه! واللّه، لو كانوا من الدَّيلم ثمّ سألوك هذه المنزلة لكان ينبغي لك أنْ تُجيبهم إليها... وكان العبّاسُ بنُ عليٍّ حين أتى حُسيناً بما عرض عليه عمر بن سعد، قال: ((ارجعْ إليهِمْ، فإنْ استطعتَ أنْ تُؤخِّرَهُمْ إلى غدْوَةٍ وتدفَعَهُمْ عنّا العشيّةَ؛ لَعلَّنا نُصلِّي لربِّنا اللَّيلةَ ونَدعُوهُ ونَستغفِرُهُ؛ فهو يعلمُ أنِّي كُنتُ اُحبُّ الصّلاةَ له وتلاوةَ كتابِهِ، وكثرةَ الدُّعاءِ والاسْتغفارِ)).

وسنكمل في مشاركة آتية إن شاء الله تعالى الكلام حول هذا البطل الصنديد العالم الرباني الشهيد ابا الفضل العباس (عليه السلام)

والحمد لله ربِّ العالمين

** خـادم العبـاس **
11-05-2012, 12:21 PM
http://www.ahbabhusain.com/vb/mwaextraedit4/extra/71.gif

محـب الحسين
11-05-2012, 01:16 PM
جزاك الله خير الجزاء

غربتي طالت
11-05-2012, 08:36 PM
." بارك الله بكم على الطرح المفيد "
جعله الله في ميزان حسناتكم
موفقين

نبض قلبي حسين
11-05-2012, 08:44 PM
السلام عليك يا ابا الفضل العباس عليه السلام
جزاك الله خير الجزاء اخي الكريم للموضوع المتالق
في انتظار ابداعاتِكم
جعله الله في ميزان حسناتك

دمعة الكرار
11-05-2012, 11:40 PM
http://im12.gulfup.com/2012-05-11/1336768276934.gif (http://www.gulfup.com/show/Xrgb7nmqop9wco)

محب الرسول
12-05-2012, 12:02 PM
شكرا على المرور النير

copraa.aliraq
08-06-2012, 06:48 PM
رائع ومشوق في نفس الوقت بارك الله فيك . أحترامي

محب الرسول
08-06-2012, 07:15 PM
شكرا على المرور الكريم

صدى الطف
01-07-2012, 02:12 AM
http://www.ahbabhusain.com/vb/mwaextraedit4/extra/101.gif



جزاك الله خير الجزاء وبارك الله فيك
واثابك وانار قلبك

أصغر ملك
23-11-2012, 02:34 AM
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وال محمد وعجل فرجهم
اَلسَّلامُ عَلَى الْحُسَيْنِ وَعَلى عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ وَعَلى اَوْلادِ الْحُسَيْنِ وَعَلى اَصْحابِ الْحُسَيْنِ،..:


رحم الله والديكـ وجعله في موازين حسناتكـ
يعطيكـ ألف ألف ألف عافية عالطرح
ربي يسلم يمينكـ ولا يحرمنا تواجدكـ
بانتظار جديدكـ بكل شووووق
وتقبلوا مروري
مأجورين


http://smiles.al-wed.com/smiles/65/anyaflower264.gif (http://smiles.al-wed.com/smiles/65/anyaflower264.gif)

نور الزهراء
26-06-2013, 01:38 AM
http://sl.glitter-graphics.net/pub/2210/2210263h624hgn05r.gif


جَزآكـ الله جَنةٌ عَرضُهآ آلسَموآتَ وَ الآرضْ

بآرَكـَ الله فيكـِ عَ آلمَوضوعْ

آسْآل الله آنْ يعَطرْ آيآمكـِ بآلريآحينْ

دمْت بـِ طآعَة الله ..}