الأخلاق والتربية في الأحاديث الإسلاميّة

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • سيد فاضل

    • Aug 2019
    • 29847

    الأخلاق والتربية في الأحاديث الإسلاميّة

    الأخلاق والتربية في الأحاديث الإسلاميّة
    لا شكّ أنّ المدرسة الأولى للإنسان ، هي واقع الاسرة ، فمنها يتعلم الإنسان الدّروس الاولى للفضيلة أو الرذيلة. وإذا ما تناولنا مفهوم التربية بشكله العام : «التكوين والتشريع» ، فإنّ أوّل مدرسةٍ يدخلها الإنسان ، هي رحم الام وصلب الأب ، والّتي تؤتي معطيّاتها بصورةٍ غير مباشرةٍ على الطفل ، وتهيىء الأرضيّة للفضيلة ، أو الرّذيلة في حركته المستقبليّة.

    وقد ورد في الأحاديث الإسلاميّة ، تعبيراتٌ لطيفةٌ ودقيقةٌ جدّاً في هذا المجال ، نشير إلى قسم منها :

    ١ ـ قال عليٌّ عليه‌ السلام : «حُسْنُ الأَخلاق بُرهانُ كَرَمِ الأَعراقِ» (١).

    وبناءً عليه فإنّ الاسر الفاضلة ، غالباً ما تقدّم للمجتمع أفراداً متمّيزين على مستوى الأخلاق الحسنة ، وبالعكس فإنّ الأفراد الطالحين ، ينشؤون غالباً من عوائل فاسدة.

    ٢ ـ ورد في حديث آخر عن الإمام علي عليه‌ السلام أنّه قال :

    «عَلَيكُم فِي طَلبِ الحَوائِجِ بأشراف النُّفُوسِ وَذَوي الاصُولِ الطَّيِّبَةِ ، فإِنَّها عِنْدَهُم أَقضى ، وَهِي لَدَيهِم أَزكَى» (٢).

    ٣ ـ وفي عهد الإمام علي عليه‌ السلام لمالك الأشتر رحمه‌الله ، ووصاياه له في إختيار الضّباط للجيش الإسلامي ، قال له :

    «ثُمَّ الصَقْ بِذَوي المُروُءاتِ والأَحسابِ وَأَهلِ البُيُوتاتِ الصَّالِحَةِ والسَّوابِقِ الحَسَنَةِ ثُمَّ أَهْلِ النَّجدَةِ وَالشَّجَاعَةِ والسَّخاءِ وَالسَّمَاحَةِ فإِنَّهُم جِماعُ مِنَ الكَرَمِ وَشُعَبٌ مِنَ العُرفِ» (٣).

    ٤ ـ وورد عن الإمام الصادق عليه‌ السلام ، حديث يُبيّن تأثير الآباء الفاسدين على شخصية الأطفالِ وسلوكهم الأخلاقي ، فقال : «أَيَّما إِمرَأَةٍ أَطاعَتْ زَوجَها وَهُوَ شارِبٌ لِلخَمْرِ ، كَانَ لَها مِنَ الخَطايا بِعَدَدِ نُجُومِ السَّماءِ وَكُلُّ مَولُودٍ يُولَدُ مِنْهُ فَهُوَ نَجِسٌ» (٤).
    وقد ورد النّهي الأكيد ، في رواياتٍ اخرى كثيرةٍ عن تزويج الشّارب للخمر ، والسّيء الأخلاق (5).

    ٥ ـ وقد ورد في الحديث النبوي المشهور ، بالنّسبة إلى تأثير تربية الأب والام على الأولاد ، أنّه قال :

    «كُلُّ مَولُودٍ يُولَدُ عَلَى الفِطْرَةِ حتى يَكُونَ أَبواهُ هُمَا اللَّذانِ يُهِوِّدانِهِ وَيُنَصِّرانِهِ» (6).

    فالتربية التي تعمل على تغيير إيمان وعقيدة الطّفل ، كيف لا تعمل على تغيير سلوكه الأخلاقي في الدّائرة الإجتماعية؟

    ٦ ـ وهذا الأمر جعل مسألة التربية الصّالحة ، من أهم حقوق الطّفل على الوالدين ، فنقرأ في الحديث النبوي الشّريف :

    «حَقُّ الوَلَدِ عَلى الوَالِدِ أَنْ يُحْسِنَ إسمَهُ وَيُحْسِنَ أَدَبَهُ» (7).

    فمن الواضح أنّ مداليل الأسماء ، لها أثرها الأكيد على نفسيّة وروحيّة الطّفل ، فأسماء الشّخصيات الكبيرة من أهل التّقوى والفضيلة ، تجذب الإنسان المُسمّى بأسمائهم إليهم ، وتدعوه للتّقرب إليهم ، وبالعكس ، فإنّ أسماء الفسقة والكفّار ، تقرّب من يتسمى بأسمائهم منهم أيضاً (8).

    ٧ ـ ونقرأ في النبوي الشريف أيضاً : «ما نَحَلَ وَالِدٌ وَلَدَهُ أَفضَلَ مِنْ أَدبٍ حَسَنٍ» (9).

    ٨ ـ وقال الإمام السجّاد عليه‌ السلام ، بتعبيرٍ أوضح :

    «وَإِنَّكَ مَسؤولٌ عَمَّا وَلِّيتَهُ بِهِ مِنْ حَسَنِ الأَدبِ وَالدَّلالَةِ عَلَى رَبِّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَالمَعُونَةَ لَهُ عَلَى طَاعَتِهِ» (10).

    ٩ ـ وقال الإمام علي عليه‌ السلام ، بأنّ أخلاق الأبوين ، هي عبارةٌ عن ميراث الأبناء منهما ،
    فيقول عليه‌السلام : «خَيرُ ما وَرَّثَ الآباءُ الأَبناءَ الأَدَبَ» (1).

    ١٠ ـ ونختم هذا البحث بحديثٍ آخر عن الإمام على عليه‌ السلام ، حيث بيّن الإمام عليه ‌السلام ، شخصيته للجهّال الذين يقيسونه بغيره ، فقال :

    «وَقَدْ عَلِمْتُم مَوضِعي مِنْ رَسُولِ اللهِ بِالقَرابَةِ القَريبَةِ وَالمَنزِلَةِ الخَصِيَّةِ ، وَضَعَنِي فِي حِجْرِهِ وَأَنا وَلِيدٌ يَضُمُّنِي إِلَى صَدرِهِ ... يَرفَعُ لِي كُلَّ يَومٍ عَلَماً مِنْ أَخلاقِهِ وَيَأَمُرُنِي بِالإِقتِداءِ ..».

    واللطيف في الأمر ، أنّ الإمام عليه‌السلام وفي أثناء حديثه ، بيّن قسماً من أخلاق الرّسول صلى‌الله‌عليه‌ وآله ، فقال :

    «وَلَقَدْ قَرَنَ اللهُ بِهِ صلى‌الله‌عليه‌وآله مِن لَدُنْ أَن كانَ فَطِيماً أَعْظَمَ مَلَكٍ مَنْ مَلائِكَتِهِ يَسلُكُ بِهِ طَرِيقَ المَكارِمِ وَمَحَاسِنَ أَخلاقِ العالَمِ لَيلَهُ ونَهارَهُ» (12).

    وصحيح أنّ الصفات النفسية والأخلاقيّة ، سواء كانت سيئة أم حسنة ، فهي تنبع من باطن الإنسان وإرادته ، ولكن لا يمكن إنكار معطيات البيئة وأجواء المحيط ، في تكوين وترشيد الأخلاق الحسنة والسّيئة ، وكذلك عنصر الوراثة من الوالدين والاسرة بصورة أعم ، وتوجد شواهد عينيّة كثيرة ، وأدلة قطعيّة على ذلك ، ترفع الشّك والترديد في المسألة.

    وبناءً على ذلك ، ولأجل بناء مجتمعٍ صالحٍ وأفرادٍ سالمين ، علينا الإهتمام بتربية الطّفل تربيةً سليمةً ، والإنتباه لعوامل الوراثة وأخذها بنظر الإعتبار ، في واقع الحياة الفرديّة والإجتماعيّة.

    * الأخلاق في القرآن: ج1 الشيخ ناصر مكارم الشيرازي
    1 ـ غُرر الحِكم.
    2 ـ المصدر السابق.
    3 ـ نهج البلاغة.
    4 ـ لئالي الأخبار.
    5 ـ وسائل الشيعة ، ج ١٤ ، ص ٥٣ و ٥٤.
    6 ـ تفسير مجمع البيان ، ذيل الآية ٣٠ من سورة الروم.
    7 ـ كنز العمّال ، ٤٥١٩٢.
    8 ـ وسائل الشيعة ، ج ١٥ ، ص ١٢٢ و ١٣٢.
    9 ـ كنز العمّال ، ح ٤٥٤١١.
    10 ـ بحار الأنوار ، ج ٧١ ، ص ٦ (جوامع الحقوق).
    11ـ غُرر الحِكم.
    12 ـ نهج البلاغة ، الخطبة ١٩٢ ، (الخطبة القاصعة).
    sigpic
  • محـب الحسين

    • Nov 2008
    • 46909

    #2
    أحسنت اخي العزيز

    تعليق

    • سيد فاضل

      • Aug 2019
      • 29847

      #3
      سلمكم الله
      sigpic

      تعليق

      • صدى المهدي

        مراقـــبة عـــــامة


        • Jun 2017
        • 12159

        #4
        اللهم صل على محمد وال محمد
        احسنتم ويبارك الله بكم
        شكرا لكم كثيرا
        مأجورين

        تعليق

        • سيد فاضل

          • Aug 2019
          • 29847

          #5
          سلمكم الله
          sigpic

          تعليق

          • خادمة فضه

            • Nov 2008
            • 5539

            #6
            احسنت النشر اخي الفاضل

            تعليق

            • سيد فاضل

              • Aug 2019
              • 29847

              #7
              سلمكم الله
              sigpic

              تعليق

              يعمل...
              X