مسير الأرواح في عالم البرزخ ،،، أرجو التثبيت

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • رحاب
    • Jan 2009
    • 158

    #16
    نكمل الجزء السادس

    بعد ذلك باشر بإحصاء أعمالي الصالحة والطالحة تلك الأعمال التي ارتكبتها طيلة حياتي وسجّلها الكرام الكاتبين .
    عجبا ً لها من صحيفة تضم حتى أصغر أعمالي صالحها وقبيحها , وفي تلك اللحظات شاهدت أعمالي أمام عيني .
    كنت أفكر بثقل أعمالي وخفتها فبادر ((رومان)) إلى تعليق صحيفة أعمالي في رقبتي بحيث شعرت وكأن جبال الدنيا كلها علِّقت في عنقي.
    ولما أردت أن سأله عن السبب في ذلك , قال : كلُّ إنسان يطوّق بأعماله.
    قلت : وإلى متى يجب أن أتحمل ثقل هذا الطوق؟
    قال: لا تقلق , بعد ذهابي سيأتي منكر ونكير للمساءلة ثم تزول هذه المشكلة عنك.
    قال رومان ذلك وانصرف.


    :: مساءلة القبر ::


    لم يمض الكثير من الوقت على انصراف رومان تناهت إلى أسماعي أصوات غريبة عجيبة . وأخذت الأصوات تقترب أكثر فأكثر ويزداد فيَّ الرعب والرهبة , حتى وقف أمام عيني شبحان ضخمان مذهلان وبلغ اضطرابي ذروته لمّا شاهدت في يد كلٍّ منهما عموداً ضخماً من حديد يعجز من في الدنيا عن تحريكه, ثم فهمت أنهما نكير ومنكر.
    فتقدم أحدهما مني فصاح صيحة لو سمعها أهل الدنيا لماتوا .
    وتصورت أن أمري قد انتهى .
    وبعد لحظات تكلّما وباشرا بالسؤال :
    مَنْ ربك؟ مَنْ نبيك؟مَن إمامك ؟ فتلكأ لساني لشدة الخوف والرعب , وتوقف عقلي , بالرغم من أن فهمي وعقلي ازداد عمّا هو في الدنيا مئات المرات لكنه قصر هنا ... كنت أعلم بنزول أعمدتهم على رأسي إنْ لم أجبهم , ما عساني فاعلٌ؟ أطرقت برأسي وأخذت بالبكاء وتهيأت لنزول الضربة .
    في تلك اللحظات حيث كنت أتصور أن كل شيء قد انتهى , تعلق فؤادي برحمة الله سبحانه و شفاعة المعصومين - عليهم السلام – ,
    فأخذت أردد : يا أفضل خلق الله وعباده , لقد كنت طيلة عمري أطلب منكم أن تدركوني عندما أحلُّ في قبري , وليس من كرمكم التخلي عني في هذا الحال !هنا ارتفعت أصوات أولئك بالسؤال . ولم يمض إلاّ قليلاً من الوقت حتى استنار قبري , وأصبح نكير ومنكر أكثر شفقة فسُرَّ قلبي واطمئن روحي وانفتح لساني , فأجبتهم بشجاعة وصوت عالِ الله ربي ومحمد نبيي , وعلي وأولاده أئمتي , والقرآن كتابي , والكعبة قبلتي ... الخ , ولقد وددت لو أعادوا السؤال كي أجيبهم بكل قوة .
    وفي الوقت الذي بدا نكير ومنكر رضيا فتحا من تحت قدميَّ بابا ً إلى جهنم وقالا : لولا أنك قد أحسنت الجواب لكان مستقرك هناك. ثم أغلقوا تلك الباب وفتحوا من أعلى رأسي بابا أطلَّت على الجنة فبشروني بالسعادة . ومع هبوب نسيم الجنة امتلأ قبري بالنور واتسع لحدي واسترحت قليلاً .
    وهنا انتابتني حالة من السرور العارم والسعادة لخلاصي من ضيق القبر وظلمته .


    :: الحضور عند الغربة ::


    لم يستمر سروري لظفري في أول اختبار وسرعان مازال , وبزواله أدخل فيَّ حالة من الشعور بالضيق والغربة فأخذت أفكر مع نفسي : لقد كان لي في الدنيا الكثير من الأصدقاء والمعارف والأقارب , وكانت لي بهم علاقات طيبة وحميمة , بين أن يدي أصبحت صفرا ًمنهم .
    يا الهي ! كيف أتحمل الغربة في هذه اللحظات العصيبة القاسية ؟! وهل سيستمر همُّ الغربة مسيطرا ً عليَّ في هذا العالم ؟
    أطرقت برأسي وأخذت أبكي دون اختيار مني , وما هي إلا لحظات حتى ...


    :: يتبع

    تعليق

    • رحاب
      • Jan 2009
      • 158

      #17
      ونتابع ... الجزء السابع


      أطرقت برأسي وأخذت أبكي دون اختيار مني , وما هي إلا لحظات حتى تناهى إلى مشامّيِ عطرٌ طيب للغاية , وأخذ يزداد ويزداد .
      وفي الوقت الذي كان كتابي يثقل كاهلي رفعت رأسي بصعوبة فشاهدت رجلا يقف أمامي فأدهشني وجوده , لقد كان شابا ًحسن الوجه طيب الأخلاق , فمسحَ الدموع من عينيَّ بيده وابتسم لي .
      فبادرت بالسلام تعبيرا ًعن تأدبي أمامه وجلست على ركبتيَّ أنظر مدهوشا ًإلى عينيه وأردد : تبارك الله أحسن الخالقين. ثم سألته بصوت واضح : مَنْ أنت حتى جئت تسلّيني وتصحبني في هذه اللحظات المليئة بالغربة والاضطراب ؟
      فأجاب مبتسما ً : لست غريبا ً , وهذه الديار تعرفني حيث أكون ورفيقا ً ومؤنسا ً في هذه الطريق الخطير .
      قلت : انه الفلاح , ولكن منْ أنت؟ لا شك أنك غريب على أهل ذلك العالم , فلم أرَ مثلك جمالا ً مدى حياتي .
      فقال ولم تزل تلك الابتسامة مطبوعة على شفتيه : الحق معك أن لا تعرفني ! فلقد كنت في ذلك العالم قليلا ًما تهتم بي . فأنا ثمرة أعمالك الصالحة وها أنت تراني بهذه الهيئة .
      اسمي (( حَسَنٌ )) وأنا الذي آخذ بيدك في هذا الطريق الخطر .



      ::حضور الذنب ::


      ثم أمرني أن أسلّمه كتابي الذي بيدي اليمنى . فناولته إياه وقلت : لك جزيل شكري وتقديري لأنك أنقذتني من غربتي وسترافقني وتواسيني في رحلتي هذه .
      قال : سوف لن أدعك وحيدا ً ما استطعت , إلا..
      تغير لو وجهي فسألته مرعوبا ً : وماذا؟
      قال : إلا أن يتغلب عليَّ ذلك القادم فتبقى أنت وهو !
      سألته : ومن هو ذاك ؟
      قال : أنَّ كل ما أعرفه هو أنك سلمتني صحيفة أعمالك اليمنى أما صحيفة أعمالك التي في الشمال فهي ما زالت معلقة في عنقك ولا تدع شيئا ً إلا أحصته . وهنا لك شخص آخر اسمه (( الذنب )) سيستلمها منك , فإذا ما تغلب عليَّ ستكون رفيقه حينذاك , و إلا فإنني سأرافقك على مدى هذا الطريق المحفوف بالمخاطر .
      قلت : سأعطيه الصحيفة مباشرة حتى يذهب , قال ((حسن)): إنه نتيجة أعمالك القبيحة وخطاياك ويحب البقاء عندك.
      كنا مسترسلين في الحديث وإذا بي أشعر برائحة كريهة للغاية تزعجني . قد ملأت تلك الرائحة الأجواء وقطعت علينا حديثنا ,وبرز في قبري شبحٌ قبيح وكريه .
      ومن شدة هلعي التجأت بـ((حسن)) وتعلق به بقوة , وهنا أمسك – الذنب – بعنقي بيديه القذرتين الوسختين و أخذ يزمجر مقهقها ً: إنني سعيدٌ يا صاحبي ... وواصل قهقهته بصوت عالٍ , فاستحوذ عليَّ الرعب والخوف وعقُد لساني عن الكلام واشتدت ضربات قلبي حتى فقدت الوعي. ولما أفقت وجدت رأسي في أحضان ((حسن)) ولكنني بمجرد رؤيتي لوجه حسن الملطخ بالدماء هيمن على فؤادي الحزن حيث تصورت أن ذلك الشبح القذر – الذنب – قد انتصر عليه وقهره , ولكن ((حسن)) كان يعلم بما يدور في قلبي , نظر إليَّ وقال بهدوء : لا تحزن , فبعد صراعٍ وجدل شديد أعطيته كتابه وأبعدته عنك حتى حين .
      ثم نهضت متكئا ً على كتف ((حسن)) والدموع تترقق في أحداقي , وقلت : إنني أود تبقى إلى جاني إلى الأبد , لقد أزعجني ذلك الشبح الكريه , والغربة بالنسبة لي أفضل بكثير من المكوث إلى جانبه , فإذا ما جاورني الذنب سأعيش الاضطراب.
      قال ((حسن)) : له الحق في أن يجاورك فهذا ما أردته أنت.
      قلت له متعجبا ً: إنني لم أدعه أبداً.
      قال: على أية حال , أعمالك الطالحة وذنوبك هي التي جعلته يكون هكذا ولا بد أن تراه مرة أخرى إلى جانبك .
      فاعتراني الخجل لما قاله((حسن)) واضطربت بشدة , ثم سألته مرتعدا ً : متى وأين؟.
      قال : ربما في الطريق الذي سنسلكه.
      قلت : أي طريق , أي مسير؟
      قال : في ضوء ما بشرك به نكير ومنكر فان مستقرك في بقعة تقع في وادي السلام . و عليك الاستعداد للرحيل إلى هناك.
      قلت : وأين يقع وادي السلام ؟
      قال : هو مكان يتمنى كل مؤمن أن يبلغه , ولابد لك من العبور من وادي برهوت كي تتطهر في الطريق من كل درنٍ وخبث , وذلك من خلال المشتقات والصعاب التي ستتجرعها وحيث تذوب خطاياك , فتبلغ مقصدك بسلام.
      قلت : وما هو برهوت ؟
      قال : ......

      ::يتبع::


      تعليق

      • رحاب
        • Jan 2009
        • 158

        #18
        ::ونتابع الجزء الثامن ::



        قلت : وما هو برهوت ؟

        قال : انه مكان يستقر فيه الكافرون والظالمون وفيه يذوقون عذاب البرزخ .



        :: وادي برهوت::



        خرجنا من القبر وكان ((حسن)) يتقدمني وأنا لأتبعه على بعد مسافة قليلة , ولم يدع لي الخوف والرهبة لحظة أعيش فيها بأمان , وكلما تقدمنا يزداد المكان انفتاحا ً وتصبح المناظر أكثر دهشة.
        ثم طلبت من((حسن)) أن لا يبتعد عني وأن يكون معي جانبا ً لجنب وقدما ً لقدم وأن ينقل خطواته بهدوء؟
        فتوقف ((حسن)) وقال : لقد أودعوك عندي كي أؤنسك وأعينك حتى تصل وادي السلام بسلام , لهذا فاني أسير أمامك قليلا ًلتعرف الطريق جيدا ً. وتوقف هنيئة ثم واصل كلامه قائلاً :
        بطبيعة الحال اذا ما استطاع الذنب من خديعتك أو أجبرك على مرافقته فاننا سنصل متأخرين لا محالة.
        منذ ذلك الحين ازداد اضطرابي وأخذ يتصاعد عندي احتمال ظهور الذنب من جديد .
        لقد قطعنا الطريق رغم ما اعترضنا خلاله من مشاكل حتى وصلنا جبلا ًاستطعنا بصعوبة بالغة الصعود إلى قمته , وعلى مرأىً منا يبد وادي مترامي الأطراف وأجواؤه قد مُلئت دخانا ً ونيرانا ً.
        نظر إليَّ ((حسن)) وقال : هذا هو لوادي برهوت وأنت ترى الآن مشهداً منه فقط .
        فامسكت بـ((حسن)) وقلت : إنني أخاف هذا الوادي. لنسلك طريقا ً أكثر أماناً منه .
        توقف ((حسن)) وقال :
        هذا هو طريق عبورك , ولكن سوف لن أتركك ما استطعت وسأقاوم بإعانتك عند مواضع الخطر قلَّلت كلمات ((حسن)) من اضطرابي وخوفي نوعا ًما , ولكن لا زلت أشعر بالقلق في داخلي .
        خيَّم الصمت علينا للحظات : توجهت بعدها لـ((حسن))وقلت له : ألا يوجد طريق أكثر أمانا ًمن هذا الطريق ؟
        أدار بوجهه نحوي وقال : من الأفضل أن تعلم أن الناس جميعا ًسواء المؤمن أو الكافر لا بدَّ لهم من العبور يوم القيامة على جسرٍ يسمى((الصراط)) يُشرف على النار , فمن استطاع العبور بسلام دخل الجنة و إلا فإن أدنى زلّةٍ ستؤدي إلى قعر جهنم , وفي عالم البرزخ صورة من الجنة والنار فقط ولا يمكن مقارنته بيوم القيامة العظيم , ووادي برهوت يشابه الصراط في يوم القيامة ولابد من العبورعليه حتى بلوغ وادي السلام بسلام بكل جدارة , ولكن الويل للمثقَلين ومَنْ أحاط بهم العذاب أو التيه على أقل تقدير.
        فكرت قليلا ًوقلت : لا حيلة أمامي ... علينا المسير على بركة الله. توجهنا نحو تلك الصحراء الشاسعة , وكلما أمعنا في المسير تأخذ حرارة الجو بالتزايد ولما وصلنا سطح الأرض ضاق نفسي فطلبت من ((حسن)) التوقف للاستراحة لكنه رفض وواصل الطريق وقال لي : أمامنا طريق طويل وخطير فلا تضيع الوقت , فكلما أسرعنا في مسيرنا استطعنا الخلاص أسرع .
        قلت : أنا لا أستطيع فقد أنهكتني شدة الحرارة , وفي تلك الحال حيث العرق يتصبب من رأسي ووجهي ,سقطت على الأرض فسقاني ((حسن)) جرعة من الماء الذي كان معه , وفي الوقت الذي كان لم يزل يئن من جروحه رفعني ووضعني على ظهره وواصل الطريق .
        هنا أصابني الخجل والسرور في آنٍ واحدٍ لأنه لم يتركني لوحدي رغم ما به من جروح وأخذ يواسيني كصديق حميم .


        ونحن نسير في طريقنا لفت انتباهي صوت رهيب , فنظرت نحو الجانب الأيسر من الصحراء , فذعرت لما شاهدت مما دفعني إلى أن القي بنفسي من أعلى كتف ((حسن)) ودون اختيار مني احتميت به .
        كان هناك ............


        يتبع ..


        تعليق

        • علويه حسينيه
          • Aug 2009
          • 4379

          #19





          تعليق

          يعمل...
          X