إن السياحة هذه الأيام مكلفة، سواء في أدوات النقل، أو في مكان النزول، أو في ما يلتهي به الناس في أسفارهم.. ولكن هنالك محطة مجانية، يمكن أن يتخذها الإنسان مجالا ًللسياحة، لأجل أن يروّح عن نفسه، وبلا كلفة مالية -بل حتى بدنية- فبإمكانه أن يسيح في عالم جميل جدا.. وهذه السياحة موطنها عقيب الصلوات الواجبة والمستحبة، وفي حال السجود وفي جوف الليل.
إن هنالك ثلاث محطات عبادية للمؤمن، ليسيح فيها بروحه،ويا لها من سياحة!.. وهذه السياحة تدرك، ولا توصف.. فالإنسان في هذه السياحات الثلاث تنخلع روحه من بدنه، كما وصفها بعضهم، وإن كان البعض يدعي أن بعض الأولياءيصل على درجة من الدرجات، ليعيش حالة الموت الاختياري، أو شبيه عالم المنام، ولكن باختياره.. ولكن إجمالا، فإن الإنسان المؤمن له سياحته الخاصة، فمن عاش هذا الجو يعلم ماهية هذه السياحة، فلعل كلمة من كلمات الإمام علي عليه السلام -وهو أميرالسائحين- في هذا المجال حيث يقول: (عبادٌ ناجاهم في فكرهم، وكلّمهم في ذات عقولهم).. فيُفهم من ذلك أن المؤمن يعيش هذه الحالة من التحليق الروحي، والذي يوفق في أن يتقن هذه السياحة، سيستفيد من ثمرتها في صلواته اليومية.
إن البعض يتحيرفيما يفكر في صلاته، وأين يتجه؟.. فيستحضر منظر الكعبة مثلاً.. أو المسجدالحرام...الخ.. وفي الواقع إن هذه الصورة المادية لا تجلب له الخشوع، ولطالما رأينابعض الحجاج والمعتمرين، وهم في جوف الكعبة أو بجوارها، ويعيشون حالة السرحان المعهودة المعروفة في أوطانهم.
إن من هذه السياحات السجود، حتى أن الإمام علي بن الحسين زين العابدين (ع)، عندما دخل عليه قوم يدعون أنهم من شيعته، أنكرعليهم ذلك لأنه لا يرى عليهم آثار السجود.. حيث أن السجود من أرقى مستويات الارتباط بالله عزوجل، كهيئة بدنية.. فالإنسان وهو واقف ومطرق برأسه، يعتبر إنسان متذلل.. والإنسان الراكع أيضا متذلل، ولكن السجود أكثر تذللا.. ولهذا إذا روئي هذه الأيام إنسان يسجدلملك من الملوك، مهما عظم سلطانه، ومهما عرف هذا الإنسان بالتملق وما شابه ذلك، فإن ا لأمر لا يصل إلى مستوى السجود، لأن طبيعة بني آدم ولو كان سيئاً جداً، تستنكف من السجود أمام البشر.
وعليه، فإن الإنسان في هذه السجدة يتقلص حجمه إلى أقل حجم ممكن، فالإنسان الساجد تتداخل أعضاء بدنه.. وبالتالي يأخذ حيزاً صغيراً جداً، وخاصةإذا كان نحيفاً أو قصير القامة مثلاً، فإن هيئته ستكون هيئة صغيرة جداً بالنسبة إلى الحجم، وهو على مستوى أكثر انخفاضا قياساً بالركوع والقيام.. وعندما يكون الإنسان ساجداً، يكون تقريباً على مستوى متقارب لسطح الأرض، ثم يضع جبهتـه -وهي المـوازية لمخـه ولرأسه، وهي أشرف بقعة- على أرخص شيء في هذا الوجود، ألا وهوالتراب.
فإذن، إن الإنسان الساجد، يعيش بدنيا هذه الحالة التذللية في أقصى درجاتها.. وعليه، فإن الجو مهيأ مادياً للانطلاقة الكبرى في هذه الحياة.. والإنسان الساجد يصل إلى درجة، وكأن جبهته تريد أن تسجد، فكأن هنالك نقص في بدنه وفي وجوده.. وفي روحه حالة من الغليان الباطني، هذا الغليان لا يفتر ولا يهدأ إلا بالسجود بين يدي الله سبحانه وتعالى.. ولو أدمن الإنسان هذه الحالة، فبإمكانه أن يستوعب شيئاً قليلاً مما ينقل عن أئمة الهدى صلوات الله وسلامه عليهم.. فعند زيارة الإمام موسى بن جعفر صلوات الله عليه، نَصفُه بأنه صاحب السجدة الطويلة.. فأئمتنا عليهم السلام معروفون بهذه الصفة، ولا نستغرب إذا روي بأن أحدهم كان يسجد مثلاً من طلوع الشمس إلى الزوال.. فإن المعاني التي يعيشونها في حال السجود، تجعلهم يطيلون في هذه الحركة التذللية.
الحمد لله الذي هدانا لهذاوماكنا لنهتدي لولا ان هدانا الله
إن هنالك ثلاث محطات عبادية للمؤمن، ليسيح فيها بروحه،ويا لها من سياحة!.. وهذه السياحة تدرك، ولا توصف.. فالإنسان في هذه السياحات الثلاث تنخلع روحه من بدنه، كما وصفها بعضهم، وإن كان البعض يدعي أن بعض الأولياءيصل على درجة من الدرجات، ليعيش حالة الموت الاختياري، أو شبيه عالم المنام، ولكن باختياره.. ولكن إجمالا، فإن الإنسان المؤمن له سياحته الخاصة، فمن عاش هذا الجو يعلم ماهية هذه السياحة، فلعل كلمة من كلمات الإمام علي عليه السلام -وهو أميرالسائحين- في هذا المجال حيث يقول: (عبادٌ ناجاهم في فكرهم، وكلّمهم في ذات عقولهم).. فيُفهم من ذلك أن المؤمن يعيش هذه الحالة من التحليق الروحي، والذي يوفق في أن يتقن هذه السياحة، سيستفيد من ثمرتها في صلواته اليومية.
إن البعض يتحيرفيما يفكر في صلاته، وأين يتجه؟.. فيستحضر منظر الكعبة مثلاً.. أو المسجدالحرام...الخ.. وفي الواقع إن هذه الصورة المادية لا تجلب له الخشوع، ولطالما رأينابعض الحجاج والمعتمرين، وهم في جوف الكعبة أو بجوارها، ويعيشون حالة السرحان المعهودة المعروفة في أوطانهم.
إن من هذه السياحات السجود، حتى أن الإمام علي بن الحسين زين العابدين (ع)، عندما دخل عليه قوم يدعون أنهم من شيعته، أنكرعليهم ذلك لأنه لا يرى عليهم آثار السجود.. حيث أن السجود من أرقى مستويات الارتباط بالله عزوجل، كهيئة بدنية.. فالإنسان وهو واقف ومطرق برأسه، يعتبر إنسان متذلل.. والإنسان الراكع أيضا متذلل، ولكن السجود أكثر تذللا.. ولهذا إذا روئي هذه الأيام إنسان يسجدلملك من الملوك، مهما عظم سلطانه، ومهما عرف هذا الإنسان بالتملق وما شابه ذلك، فإن ا لأمر لا يصل إلى مستوى السجود، لأن طبيعة بني آدم ولو كان سيئاً جداً، تستنكف من السجود أمام البشر.
وعليه، فإن الإنسان في هذه السجدة يتقلص حجمه إلى أقل حجم ممكن، فالإنسان الساجد تتداخل أعضاء بدنه.. وبالتالي يأخذ حيزاً صغيراً جداً، وخاصةإذا كان نحيفاً أو قصير القامة مثلاً، فإن هيئته ستكون هيئة صغيرة جداً بالنسبة إلى الحجم، وهو على مستوى أكثر انخفاضا قياساً بالركوع والقيام.. وعندما يكون الإنسان ساجداً، يكون تقريباً على مستوى متقارب لسطح الأرض، ثم يضع جبهتـه -وهي المـوازية لمخـه ولرأسه، وهي أشرف بقعة- على أرخص شيء في هذا الوجود، ألا وهوالتراب.
فإذن، إن الإنسان الساجد، يعيش بدنيا هذه الحالة التذللية في أقصى درجاتها.. وعليه، فإن الجو مهيأ مادياً للانطلاقة الكبرى في هذه الحياة.. والإنسان الساجد يصل إلى درجة، وكأن جبهته تريد أن تسجد، فكأن هنالك نقص في بدنه وفي وجوده.. وفي روحه حالة من الغليان الباطني، هذا الغليان لا يفتر ولا يهدأ إلا بالسجود بين يدي الله سبحانه وتعالى.. ولو أدمن الإنسان هذه الحالة، فبإمكانه أن يستوعب شيئاً قليلاً مما ينقل عن أئمة الهدى صلوات الله وسلامه عليهم.. فعند زيارة الإمام موسى بن جعفر صلوات الله عليه، نَصفُه بأنه صاحب السجدة الطويلة.. فأئمتنا عليهم السلام معروفون بهذه الصفة، ولا نستغرب إذا روي بأن أحدهم كان يسجد مثلاً من طلوع الشمس إلى الزوال.. فإن المعاني التي يعيشونها في حال السجود، تجعلهم يطيلون في هذه الحركة التذللية.
الحمد لله الذي هدانا لهذاوماكنا لنهتدي لولا ان هدانا الله
تعليق