فوائد رسالية اجتماعية من الزيارة

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • العلوية ام موسى الاعرجي
    • Dec 2014
    • 1699

    فوائد رسالية اجتماعية من الزيارة

    يمكننا أن نذكر بعض فوائد الزيارة وهي:
    1- تجديد الصلة بالإسلام من خلال الإقرار بعهود يلزم الإنسان بها نفسه أمام روح المزور الذي يعتقد قدسيته، ورد في مقطع من زيارة أئمة أهل البيت (ع): ((وأُشهد الله تبارك وتعالى - وكفى بالله شهيداً- أني بكم مؤمن، ولكم تابع في ذات نفسي، وشرائع ديني، وخواتيم عملي، ومنقلبي ومثواي)) .
    ونحن نرى في هذا إقرار وتعهد بالالتزام أمام الله تعالى، والإيمان والإتباع والسير على نهج الأئمة الطاهرين، فالزيارة تعهد، والتزام، بل إلزام الزائر لنفسه بأمور يفرضها عليها، ويلقنها بها، ويوحي لها بوجوب الالتزام بأوامر الله والانتهاء عن نواهيه.
    2- الزيارة تأكيد للميثاق الإلهي، والتعهد في التمسك والحفاظ على دينه والسير على نهجه، ورد في مقطع من الزيارة: ((اللهم اجعلني في مقامي هذا ممن تناله منك صلوات ورحمة ومغفرة، اللهم اجعل محياي محيا محمد وآل محمد ومماتي ممات محمد وآل محمد))... ((اللهم إني أُشهدك بالولاية لمن واليتَ، ووالته رسلك وأشهد بالبراءة ممن برئتَ منه، وبرئتْ منه رسلك))
    وهنا دلالة أخرى على أن الزيارة عقد وميثاق مع الله تبارك وتعالى بالولاية لأوليائه، والبراءة من أعدائه، والولاية لأولياء الله تعالى، والبراءة من أعداء الله عصب الحياة الرسالية، وقطب رحى التوحيد ((والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض))(1).
    3- تحولت الزيارة وفق توجيهات الأئمة الطاهرين (ع) وتأكيداتهم على شيعتهم بالتحلي بأخلاقهم، والحضور عند أضرحتهم، وتلاوة نصوص الزيارات التي أنشؤوها هم إلى محطات هداية روحية، وسياسية، واجتماعية تبث الوعي الفكري، والبناء الروحي، وهذه المحطات مفتوحة الأبواب على طيلة أيام السنة تغذي الزائرين بالعزم، والإرادة، والبصيرة النيرة.
    4- إن الزيارة تسلط الأضواء على الجهود التي بذلها المزور على مختلف الأصعدة، وبيان لعظمة الرسالة التي ضحى من أجلها، ودعوة صريحة للالتزام بما التزم به، ودعوة إلى ما دعى إليه سواء كان في العبادات، أو المعاملات، أو الأخلاق ولهذا تكرر المقطع التالي في مختلف الزيارات: ((أشهد أنك أقمت الصلاة، وآتيت الزكاة، وأمرت بالمعروف، ونهيت عن المنكر ، وجاهدت في الله حق جهاده)) .
    وفي زيارة الإمام موسى بن جعفر (ع): ((وأشهد أنك قد بلغت عن الله ما حملك، وحفظت ما استودعك، وحلّلت حلال الله، وحرّمت حرام الله، وأقمت أحكام الله، وتلوت كتاب الله، وصبرت على الأذى في جنب الله، وجاهدت في الله حق جهاده حتى أتاك اليقين، وأشهد أنك مضيت على ما مضى عليه آباؤك الطاهرون، وأجدادك الطيبون الأوصياء الهادون المهديون لم تؤثر عمى على هدى ولم تمل من حق إلى باطل، واشهد أنك نصحت لله ولرسوله ولأمير المؤمنين، وانك أديت الأمانة، واجتنبت الخيانة، وأقمت الصلاة، وآتيت الزكاة وأمرت بالمعروف، ونهيت عن المنكر، وعبدت الله مخلصاً مجتهداً محتسباً حتى أتاك اليقين فجزاك الله عن الإسلام وأهله أفضل الجزاء، وأشرف الجزاء)).
    وفي هذا النص شهادات ثلاث سلط فيها الضوء في كل واحدة منها على جهود الإمام التي بذلها، لتبليغ أحكام الله، وحفظ رسالته تعالى من خلال التأكيد على عقائد الإسلام، وأحكامه وأخلاقه في موقف تنتاب الإنسان فيه الرقة والخشوع، والضراعة، والتوسل بالله تعالى، وفي مثل هذه المواقف لا بد أن تترسخ تلك المفاهيم في النفس، وتتحول إلى قوة تحد بوجه أعداء الله تعالى.
    كما نلاحظ أن النص لم يسلط الضوء على شخص الإمام ذاته، إنما سلطه على شخصية الإمام الرسالية من خلال بيان جهود الإمام في تبليغ رسالة الله وحفظها من يد المحرفين، وإقامة أحكام الله، وتلاوة كتابه، والصبر على الأذى في سبيله، والجهاد في الله حق جهاده، والاستمرار على نهج الهدى الذي سلكه آباؤه الطاهرون، والتضحية لله، وأداء الأمانة، واجتناب الخيانة، وإقامة الصلاة، وإيتاء الزكاة، والأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، والإخلاص في عبادة الله... وهكذا تكون الزيارة إبرازاً وإظهاراً لما دعا إليه الإسلام من عقائد وأحكام، وأخلاق.
    5- ثم إن الزيارة تربط الإنسان بالمزور،ومن خلاله تُوصله بخط الأنبياء،والمرسلين، وتشعره بأنه حلقة في سلسلة رتل الأنبياء والمرسلين، فهي عملية تواصل شعوري ووجداني بمسيرة الأنبياء والمرسلين والأئمة الأطهار (ع). ((وبذلك يقرر الحقيقة... حقيقة الأصل الواحد، والنشأة الضاربة في أصول الزمان. ويضيف إليها لمحة لطيفة الوقع في حس المؤمن. وهو ينظر إلى سلفه في الطريق الممتدة من بعيد فإذا هم على التتابع هؤلاء الكرام: نوح، إبراهيم موسى عيسى، محمد - صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين- ويستشعر أنه امتداد لهؤلاء الكرام، وأنه على دربهم يسير. إنه سيستروح السير في الطريق، مهما يجد فيه من شوك ونصب، وحرمان من أعراض كثيرة.وهو برفقة هذا الموكب الكريم على الله. الكريم على الكون كله منذ فجر التاريخ))(2).
    وهذه الحقيقة نجدها ناصعة في الزيارة المعروفة بزيارة وارث للإمام الحسين (ع): ((السلام عليك يا وارث علم الأنبياء ورحمة الله وبركاته، السلام عليك يا وارث آدم صفوة الله، السلام عليك يا وارث نوح نبي الله، السلام عليك يا وارث إبراهيم خليل الله، السلام عليك يا وارث إسماعيل ذبيح الله، السلام عليك يا وارث موسى كليم الله، السلام عليك يا وارث عيسى روح الله، السلام عليك يا وارث محمد حبيب الله ...الخ)) .
    وهكذا تكون الزيارة عملية تواصل شعوري ووجداني برسالة الله على طول خط التاريخ في مسيرة رسل الله تعالى، ونصبهم شعورياً رموزاً، ونماذج للاقتداء، والاحتذاء،والتأسي بهم في المجالات كافة، وهذا معنى أكد عليه القرآن الكريم في عملية توجيه الرسول (ع) وإعداده، ومن هنا وردت الكثير من الآيات لحثه (ص) على الصبر كما صبر أولو العزم من الرسل، وعلى ذكرهم وتمثلهم الذهني من أجل الاقتداء بهم عملياً من قبيل قوله تعالى:
    ((اصبر على ما يقولون واذكر عبدنا داود ذا الأيد إنه أواب))(3)
    ((واذكر عبدنا أيوب إذ نادى ربه أني مسني الشيطان بنصب وعذاب))(4)
    ((واذكر عبدنا إبراهيم وإسحاق ويعقوب أولي الأيدي والأبصار * إنا أخلصناهم بخالصة ذكرى الدار * وإنهم عندنا لمن المصطفين الأخيار * واذكر اسماعيل واليسع وذا الكفل وكل من الأخيار * هذا ذكر وإن للمتقين لحسن مآب))(5)
    6- إن الزيارة -لا سيما زيارة الحسين (ع)- تشتمل على إدانة صريحة لكل الطغاة والمنحرفين عن خط الإسلام في كل زمان ومكان، وهذا المعنى واضح صريح في نصوص الزيارات الواردة عنهم (ع) ، والتي يبرز فيها عنصر التولي لأولياء الله والتبري من أعداء الله بشكل جلي صريح ففي زيارة رسول الله (ص) من قرب يقول الزائر بعد السلام على النبي (ص): ((يا رسول الله إني أتقرب إلى الله بما يرضيك وأبرأ إلى الله مما يسخطك، أنا موال لأوليائك، ومعاد لأعدائك))(6)
    وفي زيارة الزهراء سيدة نساء العالمين صلوات الله عليها، وعلى أبيها، وبعلها، وبنيها، يقول الزائر: ((السلام عَلَيْكِ يا بنت نبي الله... أُشهد الله ورسله وملائكته أَنّي راض عمّن رضيت عنه، وساخط عمّن سخطت عليه، متبرّئ ممن تبرأت منه، موال لمن واليت، معاد لمن عاديت، مبغض لمن أبغضت، محب لمن أحببت، وكفى بالله شهيداً، وحسيباً، وجازياً، ومثيباً...))(7).
    وفي زيارة أئمة البقيع (ع) ينبغي للزائر أن يقول: ((وأنا أُشهد الله خالقي وأشهد ملائكته وأنبياءه ورسله، وأشهدكم أني مؤمن بكم، مقر بفضلكم معتقد لإمامتكم، مؤمن بعصمتكم، خاضع لولايتكم، متقرب إلى الله سبحانه بحبكم وبالبراءة من أعدائكم))(8).
    وفي زيارة أمير المؤمنين (ع) يقول الزائر: ((يا مولاي... أتيتك زائراً معترفاً بحقك، موالياً لمن واليت، عدواً لمن عاديت، سلماً لمن سالمك، حرباً لمن حاربك متقرِّباً بمحبِّتك، وولايتك إلى الله، والسلام عليك، وعلى ضجيعيك آدم ونوح ورحمة الله وبركاته))(9).
    وفي زيارة الحسين (ع) ليلة القدر: ((أشهد أن الذين خالفوك وحاربوك والذين خذلوك، والذين قتلوك، ملعونون على لسان النبي الأمي، وقد خابمن افترى، لعن الله الظالمين لكم من الأولين والآخرين، وضاعف عليهم العذاب الأليم، أتيتك يا مولاي يا بن رسول الله زائراً عارفاً بحقك، موالياً لأوليائك معادياً لأعدائك، مستبصراً بالهدى الذي أنت عليه، عارفاً بضلالة من خالفك ...))(10).
    والأكثر صراحة من ذلك ما ورد في زيارة عاشوراء والتي تمثل إدانة صريحة لكل قوى الطاغوت على طول خط التاريخ إلى يوم القيامة: ((يا أبا عبد الله إني أتقرب إلى الله وإلى رسوله، وإلى أمير المؤمنين، وإلى فاطمة، وإلى الحسن وإليك بموالاتك، وبالبراءة ممن قاتلك، ونصب لك الحرب وبالبراءة ممن أسس أساس الظلم والجور عليكم، وأبرأ إلى الله، وإلى رسوله ممن أسس أساس ذلك وبنى عليه بنيانه، وجرى في ظلمه وجوره عليكم، وعلى أشياعكم، برئت إلى الله وإليكم منهم، وأتقرب إلى الله، ثم إليكم بموالاتكم وموالاة وليكم، وبالبراءة من أعدائكم والناصبين لكم الحرب، وبالبراءة من أشياعهم وأتباعهم. إني سلم لمن سالمكم وحرب لمن حاربكم، وولي لمن والاكم، وعدو لمن عاداكم))(11). ومن خلال هذه النصوص الواضحة الصريحة يتضح لنا أن الزيارة تحريك ثوري ضد قوى الطاغوت، وتحشيد لكل قوى الإيمان؛ لتقف سداً منيعاً في وجه امتداد قوى الكفر والشرك والنفاق وهكذا ((كانت الزيارات يوماً في عهد الأئمة (ع) مواصلة للثورة التي قام بها الإمام الحسين (ع) أو القضية التي حملها آباؤه وأبناؤه الطاهرون... وإصراراً على الاستمرار على النهج، وعلى الولاء للحق كانت (الزيارات) بيعاً وشراءً للأنفس والأموال في سبيل الله تعالى، وكانت تظاهرة وتعظيماً لشعائر الله في الأرض، واستهداء بمصابيح الهدى الزاهرة في ليل الانحراف الداجي، والأيام الصعبة السوداء، فليس على هذا من عجب أن رأينا زيارة سيد الشهداء (ع) تفضل في النصوص على الكثير من الأعمال والمستحبات الخطيرة))(12).
    بناء على هذا الفهم تكون زيارة أهل البيت (ع) عملية إعداد روحي، وبناء فكري، وترابط اجتماعي، وتصعيد ثوري...؛ لتحد قوى الطاغوت، وبهذا نستطيع أن نفسر الحث المتواصل من قبل أئمة أهل البيت (ع) لزيارة قبورهم وبالخصوص زيارة قبر الحسين (ع) واستنكارهم على شيعتهم إذا أحسوا منهم التقصير، أو التماهل عن زيارة الحسين (ع) ، فعن سدير قال: ((قال لي أبو عبد الله: يا سدير تزور قبر الحسين (ع) في كل يوم ؟ قلت: لا قال: ما أجفاكم، قال: تزوره في كل جمعة؟ قلت: لا، قال: تزوره في كل شهر؟ قلت: لا، قال: فتزوره في كل سنة؟ قلت: قد يكون ذلك. قال: يا سدير ما أجفاكم بالحسين (ع) أما علمت أن لله ألف ملك شعثا غبراً يبكون ويرثون لا يفترون زواراً لقبر الحسين (ع) ، وثوابهم لمن زاره))(13).
    وعن أبان بن تغلب قال: ((قال لي جعفر بن محمد (ع): متى عهدك بقبر الحسين (ع) ؟ قلت: لا والله يا بن رسول الله ما لي به عهد منذ حين، قال: سبحان ربي العظيم وبحمده، وأنت من رؤساء الشيعة تترك الحسين لا تزوره!! من زار الحسين كتب الله له بكل خطوة حسنة، ومحى عنه بكل خطوة سيئة، وغفر له ما تقدم من ذنبه، وما تأخر، يا أبان لقد قتل الحسين صلوات الله عليه، فهبط على قبره سبعون ألف ملك شعث غُبر يبكون عليه، وينوحون عليه إلى يوم القيامة))(14) .
    وعن محمد بن مسلم في حديث طويل فقال: ((قال لي أبو جعفر محمد بن علي (ع): هل تأتي قبر الحسين (ع) ؟ قلت: نعم على خوف ووجل، فقال له: ما كان من هذا أشد فالثواب فيه على قدر الخوف، ومن خاف في إتيانه آمن الله روعته يوم يقوم الناس لرب العالمين، وانصرف بالمغفرة، وسلمت عليه الملائكة، وزاره النبي (ص) ، ودعا له، وانقلب بنعمة من الله، وفضل لم يمسه سوء، واتبع رضوان الله))(15) .
    فلو لم يكن لزيارة الحسين (ع) تأثير بالغ في النفوس، وتغير للواقع النفسي والاجتماعي لما كان كل هذا التأكيد على زيارته.كما أننا من خلال ذلك نستطيع أن نفسر الموقف المتشدد من قبل حكومات الطاغوت على امتداد الزمن على زوار الحسين (ع) من قتل وسجن، وتشريد،وقطع الأيدي، وفرض الضرائب على من يزور الحسين (ع)، ولما لم ينفع كل ذلك هدموا قبر الحسين (ع) وأجروا عليه الماء بل حرثوا أرضه وزرعوها كما عمل هارون العباسي ((فقد أمر بهدم القبر المطهر وكرب موضعه، وقص شجرة السدر التي كانت بجوار القبر من جذورها، ومنع من إقامة المآتم والمناجاة سواء على القبر، أو في بيوت الشيعة.
    وفي سنة 236هـ أمر المتوكل بهدم قبر الحسين بن علي (ع)، وهدم ما حوله من المنازل والدور، وأن يبذر ويسقى موضع قبره، وان يمنع الناس من إتيانه فنادى [عامل صاحب الشرطة] بالناس في تلك الناحية من وجدناه عند قبره بعد ثلاثة حبسناه في المطبق ...))(16).
    وفي العصر الحديث تعرض قبر الحسين (ع) إلى هجمات الوهابيين، وحاولوا هدمه ففي سنة 1216هـ ((تعرضت كربلاء والحرم الحسيني لهجمة بربرية قامت بها الجماعة الوهابية بقيادة سعود بن عبد العزيز، الذي أستغل ذهاب معظم أهالي كربلاء إلى النجف الأشراف لزيارة ضريح أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (ع) في يوم الغدير... فقد شقوا طريقهم إلى الأضرحة المقدسة وأخذوا يخربونها، فاقتلعت القُضب المعدنية والسياج ثم المرايا، ونهبت النفائس والحاجات الثمينة... والسجاد الفاخر والمعلقات الثمينة والأبواب المرصعة، وجميع ما وجد من هذا الضرب فسحبت إلى الخارج))(17).
    فعلوا كل هذه الفظائع بعد أن هدموا قبور الأئمة الأربعة في البقيع، وإلى اليوم فهو هدف لهجوم الظالمين كان آخرها رميه بالمدافع الثقيلة من قبل الأوباش البعثيين سنة 1991 م.
    كل هذا؛ لأن الزائر للحسين (ع) عن إيمان، ووعي مجرد أن يدخل ضريحه المطهر فإنه يستلهم منه التحرر الثوري، والحماس الرسالي، وتتعبأ نفسه بالرفض لكل الطواغيت، لأن الحسين (ع) ثورة في قبره يبعث في النفوس العزة، والإباء والثورة، والرفض لكل أشكال الطاغوت؛ ولهذا ((نلاحظ من خلال بعض هذه النصوص أن من أهداف الأئمة (ع) أن يخلقوا تياراً اجتماعياً لزيارة الإمام الحسين (ع) وكان هذا مرتبطاً بأهداف الثورة ونجاحها)) .
    7- تأكيد الشعور بالإئتمام والاقتداء: يقول الشهيد الشيخ حسين معن (قدس سره): ((ونلاحظ أيضاً أن زيارة المشاهد ليست فقط محاولة لخلق جو إيماني... وإنما هي أيضاً استشعار لوجود القدوة... وتمثل معانيها الخيرة في الفكر، والروح والسلوك في العطاء والجهاد، تأكيداً للشعور بالإئتمام والاقتداء))(18) .
    فالمؤمن عندما يزور الرسول الأكرم (ص) ، أو أحد أهل بيته إنما يؤكد إيمانه بنهجه وإقتداءه بسيرته، وامتثاله لأمره، متقرباً بذلك لله تعالى، فقد ورد في مقطع من أحد زيارات الرسول الأكرم (ص): ((الحمد لله الذي وفقني للإيمان بك والتصديق بنبوتك، ومَنَّ عليَّ بطاعتك، واتباع ملتك، وجعلني من المحبين لدعوتك وهداني لمعرفتك، ومعرفة الأئمة من ذريتك))(19).
    وفي مقطع آخر من زيارة أخرى لرسول الله (ص): ((السلام عليك يا حجة الله على الأولين والآخرين... تسليم عارف بحقك، معترف بالتقصير في قيامه بواجبك غير منكر ما انتهى إليه من فضلك، موقن بالمزيدات من ربك مؤمن بالكتاب المنزل عليه، محلل حلالك، محرم حرامك... بابي أنت وأُمّي يا رسول الله زرتك عارفاً بحقك، مقراً بفضلك، مستبصراً بضلالة من خالفك وخالف أهل بيتك، عارفاً بالهدى الذي أنت عليه، بأبي أنت وأمي ونفسي وأهلي وولدي ومالي... الخ))(20).
    وبهذا تكون الزيارة تدعيم لإيمان الإنسان بالله تعالى، وتصعيد لحركته في كدحه إلى الله من خلال شعوره بالائتمام، وإقتدائه بالرسول أو الإمام، وهذا هو أهم ما تُبنى به شخصية المؤمن.
    8- يقول الشيخ محمد مهدي شمس الدين (قدس سره): ((وقد نشأ بسبب هذه النصوص الخاصة بزيارة الحسين (ع) ، أو تلك التي حث فيها الأئمة (ع) على زيارة النبي (ص) أو قبور الأئمة الآخرين، أو غيرهم من الصالحين والصالحات مناخ ثقافي اجتماعي شيعي بالنسبة إلى الزيارة بوجه عام، وزيارة الحسين  بوجه خاص،كون تياراً بشرياً جارفاً يتعاظم باستمرار من جميع الأعمار والأوطان يزور في جميع الأوقات، وفي جميع الحالات))(21).

    الهوامش:
    (1) التوبة: 71.
    (2) سيد قطب، في ظلال القرآن: 7/ 274.
    (3) ص: 17.
    (4) ص: 41.
    (5) ص: 45-49.
    (6) المحدث المجلسي، بحار الأنوار: 100/171.
    (7) المصدر نفسه:195، ومفاتيح الجنان: 318.
    (8) المصدر نفسه: 208.
    (9) الشيخ عباس القمي، مفاتيح الجنان: 319.
    (10) المصدر نفسه: 444.
    (11) المحدث المجلسي، بحار الأنوار: 101/294.
    (12) الشهيد الشيخ حسين معن، نظرات في الإعداد الروحي: 267.
    (13) المحدث المجلسي، بحار الأنوار: 101/6.
    (14) المصدر نفسه: 7.
    (15) المصدر نفسه.
    (16) ابن الأثير، الكامل في التاريخ: حوادث عام 236هـ .
    (17) تحسين آل شبيب، مرقد الإمام الحسين عبر التأريخ: 166.
    (18) الشيخ حسين معن، نظرات في الإعداد الروحي: 268.
    (19) المحدث المجلسي، بحار الأنوار: 100/171.
    (20) المصدر نفسه: 100/ 184.
    (21) محمد مهدي شمس الدين، ثورة الحسين في الوجدان الشيعي: 69.
  • عاشقة ام الحسنين
    كبار الشخصيات

    • Oct 2010
    • 16012

    #2
    اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم ياكريم

    سلمت يمنـاك على
    هذه المشاركة القيمة
    أحسنت على الطرح
    في قمة الروعه
    سلمت أناملك

    تعليق

    يعمل...
    X