مسائل العدل 6

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • العلوية ام موسى الاعرجي
    • Dec 2014
    • 1699

    مسائل العدل 6

    بيان الأفعال التي تعلق بها التكليف وصفاتها
    وأما بيان الأفعال التي تعلق بها التكليف وصفاتها، فمن حق ما تعلق التكليف بفعله أو تركه عقلا وسمعا صحة إيجاده، لأن تكليف ما لا يصح إيجاده قبيح، كالجواهر والحياة، ولا يحسن تعلقه بما لا يستحق بفعله أو بأن لا يفعل الثواب، لأن الغرض الذي له حسن كونه تعريضا للثواب، فلا يحسن تكليف ما لا يوصل بفعله أو تركه إليه. وهو ينقسم إلى ما يستحق بفعله الثواب، وإلى ما يستحق بأن لا يفعل العقاب وهو الواجب، وإلى ما لا حكم لتركه وهو الندب والاحسان، وإلى ما يستحق بأن لا يفعل الثواب وهو القبيح، ولا مدخل للمباح في التكليف، حيث كان لاحظ لفعله ولا تركه في استحقاق الثواب، وما لا يوصل إلى الثواب لا يحسن تكليفه. ولا بد لما كلف إليه تعالى فعله أو تركه من وجه اقتض ذلك فيه، لأنه لولا وجه اقتضاه لم يكن ما وجب أولى بذلك من الندب أو القبيح من الوجوب والندب. والتكليف على ضربين: ضروري، ومكتسب. والضروري على ضربين: واجب، وندب. والواجبات على ضربين: أفعال، وتروك. والأفعال: العدل، والصدق، وشكر النعمة، وأمثال ذلك. والتروك: الظلم، والكذب، والخطر، وتكليف ما لا يطاق، وأمثال ذلك. وجهة وجوب الأفعال وقبح التروك كونها عدلا وصدقا وظلما وكذبا، لأن كل من علمها كذلك علم وجوب ذلك وقبح هذه. والمندوبات على ضربين: أفعال، وتروك. والأفعال: الإحسان، والحلم، والجود، وقبول الاعتذار والعفو وأشباه ذلك. والتروك: خلاف ذلك. وجهة كون هذه مندوبا إليها كونها كذلك، لأن كل من علمها علمها مندوبا إليها. والمكتسب على ضربين: عقلي وسمعي. والعقلي: العلم بحدوث العالم وإثبات محدثه، وما يجب كونه تعالى عليه من الصفات وإحكام أفعاله وما يتعلق بها، والحكم لجميعها بالحسن، ولا تعلق لشئ منه بأفعال الجوارح ولا ترك فيه، وجهة وجوب هذا التكليف كونه شرطا في العلم بالثواب والعقاب الذي هو اللطف في التكليف الضروري، ولكونه شرطا في شكر النعمة، وقد سلف برهان ذلك. والسمعي على ضربين: أفعال، وتروك. والأفعال: مفروض، ومسنون. وجهة وجوب الفرائض: كونها لطفا في فعل الواجب العقلي وترك القبيح، وقبح تركها لأنه ترك لواجب. وجهة الترغيب في المسنون: كونه لطفا في المندوب العقلي، ولم يقبح تركه كما لم يقبح ترك ما هو لطف فيه. والتروك: الزنا، والربا، وشرب الخمر، وسائر القبائح الشرعية، وجهة قبحها: كون فعلها مفسدة في القبح العقلي، ووجب تركها لأنه ترك لقبح. والواجب في هذا التكليف العلم دون الظن، وطريقه الكتاب والإجماع والسنة المأثورة عن الصادقين عليهم السلام، والعمل به لوجوهه المخصوصة، وقد دللنا على صحة هذه الفتيا وفصلنا ما أجملناه هاهنا في مقدمتي كتابي العمدة والتلخيص في الفروع. ومن شرط الحسن في تكليف هذه الأفعال والتروك تقوية دواعي مكلفها إلى ما يختار عنده أفعالها، وصوارفه عن تروكها، أو يكون إلى ذلك أقرب، دون ما يقتضي الإلجاء المنافي للتكليف، لأن ذلك جار مجرى التمكين. فمتى علم سبحانه في شئ كونه لطفا في التكليف على أحد الوجهين وكان مختصا بمقدوره سبحانه فلا بد أن يفعله، وإن كان من مقدورات المكلف فلا بد من بيانه له وإيجابه عليه، وإن كان اللطف لا يتم إلا بفعله تعالى وفعل المكلف وجب عليه سبحانه فعل ما يختص به وبيان ما يختص المكلف وإيجابه، وإن كان من فعل غير المكلف فعلم سبحانه أن ذلك الغير يفعل هذا اللطف حسن تكليف هذا، وإن علم أنه لا يختاره وفي أفعاله تعالى أو أفعال المكلف بدل منه فعل ما يختصه وبين ما يختص المكلف، وإن لا يكن له بدل أسقط تكليف ما ذلك اللطف لطف فيه، لأن تكليفه والحال هذه قبيح على ما بينته، وتكليف غيره ما لا مصلحة له فيه قبيح أيضا، وإن كان لطفه يتعلق بفعل قبيح أو بما لا يصح إيجاده فلا بد من إسقاط تكليفه، لتعلقه بما لا يصح إيجاده أو يقبح فعله. وقلنا بوجوب ما ذكرناه. لأنه لا فرق في قبح المنع بينه وبين قبح المنع من التمكين. يوضح ذلك: أن من صنع طعاما لقوم يريد حضورهم نفعا لهم وعادته جارية في استدعائهم برسول، فلم يفعل الارسال مع كونه مريدا لحضورهم يستحق الذم، كما لو أغلق الباب دونهم، ولا شبهة في وجوب ما يستحق الذم بتركه. وإذا صح هذا وكان القديم سبحانه مريدا لتكليفه، فلا بد أن يفعل له ما يعلم أنه يختار التكليف عنده أو يكون أقرب إليه، أو يبتنه له إن كان من فعله، وسقط تكليفه إن كان معلقا بما لا يصح إيجاده أو يقبح أو مختصا بفعل غيره مع العلم بأنه لا يفعله ولا بدل له، لكونه تعالى عادلا لا يخل بواجب في حكمته سبحانه. وما هو من فعله تعالى لا بد أن يكون معلوما للملطوف له به أو مظنونا أو معتقدا لكونه داعيا، وما لا يعلم ولا يظن ولا يعتقد لا يكون داعيا، وسواء كان ما هو من فعله تعالى لطفا في واجب أو مندوب إليه أو ترك قبيح، فإنه يجب في حكمته سبحانه فعله، لكونه مريدا للجميع، وبيان ما هو لطف من فعل المكلف في التكاليف الثلاثة.

    ما يختص المكلف
    فأما ما يختص المكلف، فالواجب عليه فعل ما هو لطف في واجب وترك قبيح، وترك ما هو مفسدة فيهما، وهو في لطف المندوب بالخيار ولا فرق في إعلامه ما هو لطف له في تكليفه وإزاحة علته بين أن ينص له على كونه كذلك وبين أن يوجب عليه فعلا بدليل عقلي أو سمعي، فيعلم بذلك كونه لطفا في واجب، أو يوجب عليه تركه فيعلم بذلك كون فعله مفسدة، أو يرغبه في فعل أو ترك فيعلم كونه لطفا في مندوب، بحسن تكليفه ما هذا اللطف لطف فيه وإن جهله كذلك إذا كان متمكنا من العلم به، لكون علته مزاحمة بالتمكين وإن فرط فيما يجب عليه. ومن شرط اللطف أن يتأخر عن التكليف ولو بزمان واحد لكونه داعيا، ولا يتقدر الدواعي إلى غير ثابت، فإن علم سبحانه في فعل من الأفعال أنه إن صاحب التكليف دعا إلى اختياره فليس ذلك بلطف، لكونه وجها وسببا لحصول التكليف. فوصف هذا الجنس من الأفعال بأنه لطف اشتقاقا من التلطف للغير في إيصال المنافع إليه، ويسمى صلاحا لتأثيره وقوع الصلاح أو تقريب المكلف إليه، ويسمى استصلاحا على هذا الوجه، ويسمى منه توفيقا ما وافق وقوع الملطوف به فيه عنده. ويسمى منه عصمة ما اختار عنده المكلف ترك القبيح على كل حال تشبيها بالمنع من الفعل، وإن كان الفعل القبيح إنما ارتفع مع اللطف باختيار المكلف ومع المنع لأجله، فساوى الحال في ارتفاع القبيح على كل وجه وإن اختلف جهتا الارتفاع، فلذلك سمي الملطوف له بهذا الضرب من اللطف معصوما، ويجوز أن يكون الوجه في التسمية بمعصوم من حيث كان مفعولا له ما امتنع معه من القبيح تشبيها بالممنوع على الوجه الذي بيناه. ولا يلزم على هذا عصمة سائر المكلفين، لأن ما له هذه الصفة من الألطاف موقوف على ما يعلمه سبحانه من كونه مؤثرا في اختيار المكلف ما كلف فعله أو تركه، وما هذه حاله يجوز أن يختص ببعض المكلفين، ولا يكون في المعلوم شيء يعلم من حال الباقين كونهم مختارين لما كلفوه عنده، فيختص فعله إذ ذاك بمن علم من حاله كونه غير مختار عنده لشئ من القبائح، دون من علم أنه لا يترك القبح عند شئ من الأفعال، كما خبر عنهم سبحانه بقوله: ( ولو أننا نزلنا إليهم الملائكة وكلمهم الموتى وحشرنا عليهم كل شئ قبلا ما كانوا ليؤمنوا إلا أن يشاء الله )، يريد: أن يشاء إلجائهم، وكقوله سبحانه: ( ولئن أتيت الذين أوتوا الكتاب بكل آية ما تبعوا قبلتك )، وأمثال ذلك من الآيات الدالة على وجود مكلفين لا يختارون شيئا من الطاعات، ولا يتركون شيئا من القبائح، وإن فعل لمم كل آية. يحسن تكليف من يعلم أنه لا لطف له وأنه يطيع أو يعصي على كل حال، لأنه متمكن بجميع ضروب التمكين مما كلف ولم يمنع واجبا، وليست هذه حال من لطفه في القبيح أو فيما لا نهاية له، لأن هذا اللطف لم يفعل له، فقبح تكليفه. وأما الصلاح الدنيوي العري من وجوه القبح فغير واجب، لأنه لا تعلق له بالتكليف ولا له في نفسه صفة وجوب كالصدق والإنصاف، لأن وجوب ما هذه حاله معلوم ضرورة على جهة الجملة ومكتسبا على جهة التفصيل، ولأنه لو كان له وجه يقتضي وجوبه لكان ذلك لكونه نفعا، وذلك يوجب كل نفع لا ضرر فيه على الفاعل والمفعول له، والمعلوم ضرورة خلاف ذلك، لوجودنا سائر الأغنياء من العقلاء يمنعون غيرهم ماله هذه الصفة ولا يستحقون ( به ) الذم من أحد. وتعلق القائلين بالأصلح في إثبات وجه لوجوبه: بذم مانع الاستظلال بظل حائطه، والتقاط المتناثر من حب زرعه، وتناول الماء من نهره. ليس بصحيح، لأنه لو كان الوجه فيه كونه نفعا خالصا لوجب كل نفع خالص، لأن صفة الوجوب لا تختص بمثل دون مثل، وقد علمنا ضرورة خلاف ذلك، وإنما قبح المنع بحيث ذكروه لكونه عبثا لا غرض فيه، ولهذا متى حصل فيه أدنى غرض حسن، ولو كان الوجه في قبح منعه كونه نفعا خالصا لم يحسن، لوجود غرض فيه كالظلم، على أن مثالهم بخلاف الأصلح، لقولهم بوجوب فعل ما فيه نفع خالص، وقد علمنا أنه لا يجب بناء الحائط للاستظلال به، ولا حفر النهر لتناول الماء منه، ولا نثر الحب للالتقاط، وإذا لم يجب فلا شاهد لهم. ولا لهم أن يتعلقوا في إيجابه: بأن فاعله جواد ومانعه بخيل، وصفة الجود مدح وهو جدير بها سبحانه، وصفة البخل ذم لا يجوز عليه تعالى. لأن ذلك تعلق بعبارة يجوز غلط مطلقها وصوابه، ولا يجوز إثبات وجه الوجوب والقبح للموصوف ضرورة أو استدلالا ؟ ولا يجوز عند أحد من العلماء إثبات صفات الذوات بها، على أن المعلوم اختصاص إطلاق الجود والبخل بغير من ذكروه، لأنه لا أحد يصف من لم يمنع من الاستظلال والالتقاط الذي هو شاهد طم بأنه جواد، وإنما يصفون بذلك من أكثر الإحسان كحاتم وإن كان عليه فيه ضرر، بل لا يصفون بالجود من له إحسان ما، ولو كان الجود اسما لمن ذكروه لوجب اختصاصه به، أو إطلاقه، والمعلوم خلاف ذلك. وأما بخيل فليس بوصف لمن ليس بجواد، يعلمنا بوجود أكثر العقلاء غير موصوفين بالجود ولا البخل، ولو كان اسما لمن منع نفعا خالصا لوجب وصف كافة العقلاء به، حتى الأنبياء والأوصياء والفضلاء، لأنه لا أحد منهم إلا وهو مانع ماله هذه الصفة، وإنما هو مختص بمانع الواجب عليه لغيره، لكونه اسما للذم حسب ما نطق به القرآن، وإطلاق العرب له ( على ) مانع القرى لاعتقادهم وجوبه عليهم، ولهذا لا يصفون به من أخل بواجب يختصه، ولا مانع التفضل على كل حال، ويجوز أن يكون ذلك مجازا، والمجاز لا يقاس عليه ولا يجعله أصلا يرجع إليه. فسقط ما تعلقوا به معنى وعبارة، والمنة لله. وأيضا فإن المفعول منه في الوقت الواحد لا بد من انحصاره، لوجوب انحصار ما يخرج إلى الوجود، وما زاد عليه مما حكمه حكمه في النفع لا يخلو أن يكون مقدورا له تعالى أو غير مقدور ولا يصح كونه غير مقدور، لكونه تعالى قادرا لنفسه، ولكونه مقدورا لا يخلو أن يكون واجبا أو غير واجب، وكونه واجبا يقتضي كونه تعالى غير منفك في حال من الاخلال بالواجب، فلم يبق إلا أنه غير واجب. وليس لأحد أن يقول: فأنتم تجيزون فعل الأصلح، فيلزمكم في الجواز ما ألزمتموه في الوجوب. لأن الاخلال بالواجب لا يجوز عليه تعالى، والاخلال بالجائز جائز منه، فافترقا بغير شبهة. وليس له أيضا أن يقول: القدر الزائد إن كان صلاحا فلا بد أن يفعله، وإن لم يكن كذلك فلا مسألة علينا. لأنا فرضنا مساواة القدر الزائد المعدوم لما وجد منه في الصلاح، فاقتضى سقوط وجوب الأصلح، أو كونه تعالى غير منفك من الاخلال بالواجب، فسؤالهم إذن خارج عن تقديرنا. ولنا في هذا الدليل نظر لا يحتمله كتابنا هذا. وأيضا فلو لم يكن في أفعاله تعالى ما له صفة الإحسان لا يجب شكره، لاختصاص الشكر به دون سائر الأفعال، فإذا لم يتعين شكره لم يستحق العبادة، لكونها كيفية في الشكر وذلك ضلال. وأيضا فإنا نعلم ضرورة أن من جملة الأفعال الواقعة منا ما يستحق به الشكر والمدح، ولا يستحق به الذم، كما نعلم أن من جملتها واجب ومباح، فيجب أن يكون تعالى قادرا لنفسه على ما هذه حاله، وذلك ينتقض قوله: إنه ليس في الشاهد ولا الغائب ما يخرج عن واجب في العدل أو واجب في الجود. وأما المكلف، فهو الجملة الحيث المشاهدة، بدليل حصول العلم بوقوع الأفعال الدالة على كون من تعلقت به قادرا، والمحكمة المترتبة الدالة على كون من تعلقت به عالما مريدا منها، والقادر العالم المريد هو الحي المكلف. وإذا كان المعلوم استناد ما دل على كونه كذلك إلى الجملة، وجب وصفها به دون ما لا يعلم ولا يظن تعلق التأثيرات به، إذ كان نفيها عن الجملة المعلوم ضرورة تعلقها بها وإضافتها إلى من لا يمكن إضافتها إليه إلا على هذا الوجه تجاهل، ولا نعلم حصول الإدراك بأبعاضها، والمدرك هو الحي، فيجب أن يكون كل عضو حصل به الإدراك من جملتها. ولأن الأفعال تقع بأطرافها، ويبتدئ بها التأثيرات المحكمة، ويخف باليدين ما يثقل باليد الواحدة، ولا وجه لذلك إلا كون هذه الأعضاء محلا للقدر، ومحل القدر هو القادر، والقادر هو الحي. وليس لأحد أن يقول: ما المانع من كون الحي غيرها، وتقع أفعاله فيها مخترعة. لأن الاختراع يتعذر بجنس القدر ولأنه لو صح منه أن يخترع فيها لصح في غيرها، وذلك محال، ولأنه لو صح منه الاختراع لجاز أن يخترع في الإصبع الواحدة من حمل الثقيل ما ينقل باليدين، والمعلوم خلاف ذلك، ولأنا نعلم انتفاء الحياة بانتقاض هذه البنية، ولو كان الحي غيرها لكان لا فرق بين قطع الرأس والشر، والمعلوم خلاف ذلك. وببعض ما قدمناه يبطل كون الحي بعض الجملة، لصحة الإدراك بجميع أبعاضها، وبوقوع الأفعال في حالة واحدة بكثير من أعضائها، مع تعذر الاختراع على ما بيناه.
  • ندى الحزينة
    • Aug 2014
    • 1411

    #2
    بارك الله بكِ اختي العزيزة على الفائدة

    تعليق

    • عاشقة ام الحسنين
      كبار الشخصيات

      • Oct 2010
      • 16012

      #3
      اللهم صل على محمد وال محمد وعجل فرجهم ياكريم

      أحسنت على
      الموضوع القيم





      تسلم يمناك

      تعليق

      يعمل...
      X