مسائل العدل 8

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • العلوية ام موسى الاعرجي
    • Dec 2014
    • 1699

    مسائل العدل 8

    مسألة: في الألم
    الألم: ما أدرك بمحل الحياة فيه، وهو: جنس، وغير جنس: فالمدرك بمحل الحياة فيه - كالحادث عند الحي، وفي رأس المصدع - جنس. والمدرك بمحل الحياة في غيره - كالحرارة، والبرودة، والطعم - ليس بجنس غير هذه المدركات. وقلنا ذلك. لأن الحي يجد من طريق الإدراك عند قطع بعض أعضائه ما لم يكن يجده، ويفصل بين تألمه من ناحية ذلك العضو وبين غيره. والادراك يتعلق بأخص صفات المدرك، ولا يجوز تعلقه بتفريق البنية، لأن الأكوان غير مدركة بمحل الحياة ولا غيره، والميل والنفور غير مدركين، ولأن حال كل منهما يحصل للحي، وهو غير آلم ولا ملتذ، فثبت وجود منى تعلق الإدراك به. وليست هذه حاله عند إدراك الحرارة والطعم وغيرهما، لأن الإدارك تعلق بجنس معلوم، فلا حاجة بنا إلى إثبات غيره، لما فيه من الجهالة. وسمي هذا المعنى ألما إذا أدركه الحي وهو نافر، ويسمى لذة إذا أدركه وهو مشته. والشهوة والنفار معنيان مغايران للألم واللذة، مختصان بالقديم تعالى. والألم مقدور للمحدث، ولا يصح منه إلا متولدا عن الوهي، وتقع منه تعالى متولدا ومبتدأ، كحصوله للمصدع والمنفرس. وإذا ثبت أن الألم جنس الفعل بطل قول من زعم أنه قبيح لكونه ألما، من حيث كان الشئ لم يقبح لجنسه، لأن ذلك يقتضي اختصاص القبح بجنس معين، أو يماثل سائر الأجناس، لصحة الاشتراك في صفة القبح، ويتعذر الجنس في شيء من أعيان الجنس، وإنما يقبح لوقوعه على وجه، ولهذا يقبح بعض الأكوان يحسن بعض. والوجه الذي عليه بقبح الألم هو كونه ظلما بتعريه من نفع يوفى عليه، ودفع ضرر هو أعظم منه، واستحقاق، وكونه مدافعة، وكونه عبثا بتعريه من عوض مثله، أو أنفع ( لا ) يحسن إيصاله إلى المؤلم من دونه، أو لدفع ضرر يندفع بغيره، أو كونه استفسادا بأن يكون داعيا إلى قبيح، أو صارفا عن حسن. والوجه الذي عليه يحسن هو أن يكون فيه نفع، أو دفع ضرر أعظم، أو عن استحقاق، أو مدافعة. وقلنا بقبحه لتلك الوجوه، وحسنه لهذه. لحصول العلم الضروري لكل عاقل بذلك من غير نظر ولا تأمل، ويقوم الظن في جميع ذلك مقام العلم، لعلمنا باتباع الحسن والقبح له. والوجه الذي يصح منه تعالى الايلام أن يكون مستحقا أو لطفا، وهذان الوجهان ثابتان فيما يفعله في الدنيا، فأما ما يفعله تعالى في الآخرة فمختص بالاستحقاق، لأن اللطف فيها غير متقدر. وقلنا باختصاص إيلامه في الدنيا بالوجهين. لأن الوجوه التي يقبح عليها الألم لا تصح منه تعالى، لما بيناه من حكمته تعالى. ولدفع الضرر قبيح منه وإن حسن منا على وجه، لأن الإيلام لدفع الضرر لا يحسن إلا بحيث لا يندفع الأعظم إلا به. يوضح ذلك: أن كسر يد الغريق لتخليصه لا يحسن مع غلبة الظن بخلاصه بمجرد الجذب، ويحسن إذا غلب الظن أنه لا يتخلص إلا به، والقديم تعالى قادر على دفع كل ضرر من غير إضرار، فلا وجه له منه تعالى. ولمجرد النفع لا يحسن، لكونه عبثا، لأن من استأجر غيره لنقل الرمل من جهة إلى أخرى لنفعه بالأجرة حسب يستحق الذم لكونه عبثا. وإذا فعل سبحانه الألم لاعتبار المفعول في المؤلم أو غيره، فلا بد من عوض ينغمر في جنبه، ليخرج به عن كونه ظلا، ولهذا حسن ما يقع منه سبحانه من إيلام، ولم يحسن ما يقع منا عريا من النفع ودفع الضرر والاستحقاق والمدافعة، وهو الظلم، وإن كان في مقابلته عوض لا بد من إيصاله إلى المظلوم. ولا فرق في حسن الألم للطف بين أن يكون اللطف مختصا به، أو مع مساواة النفع له في ذلك، لأنه بالعوض المستحق عليه قد لحق بالنفع وزاد عليه، فحاله تعالى في التخيير بينهما بخلاف حالنا، لأنا لا نقدر ولا نعلم من الأعواض ما يحسن له الألم، ولذلك لم يحسن منا الاستصلاح به بحيث يقوم النفع مقامه. والوجه في حسن إيلام الأطفال كونه لطفا للعقلاء، وفي البهائم كونه كذلك، وللانتفاع به في الدنيا، فيخرج بذلك عن حد العبث، وعليه عوض يخرجه عن كونه ظلما. وقلنا ذلك. لأن إضافته إلى الطبائع، أو الكواكب، أو الظلمة، أو الشيطان، أو القديم تعالى على وجه يقبح لا يصح على ما دللنا على فساده. وكونه لذة معلوم ضرورة خلافه، وكونه للاستحقاق يقتضي مصاحبة الذم له، ومعلوم قبحه وتقدم تكليف قبل زمانه، وذلك يقتضي حصول الذكر له. ولأن القائلين بذلك يبنونه على قبح الايلام لغير الاستحقاق، وقد بينا حصول العلم الضروري بحسنه، للنفع ودفع الضرر والمدافعة. ولأنه يوجب عليهم تقدم تكليف على تكليف إلى ما لا نهاية له، أو الانتهاء إلى تكليف غير مستحق، فيسقط معه مذهبهم، ويقتضي كون التكليف عقابا، وذلك محال. وبهذا يسقط مذهب القائلين بالتناسخ، ويسقطه أيضا قيام الدلالة على أن الحي هو الجملة دون بعضها أو غيرها، واستحالة كون زيد قردا، وإنما كان يصح ذلك لو كان الحي غير الجملة، وقد أفسدناه، وإن كانوا لا يهتدون إلى هذا الذي لا يتقدر تناسخ من دونه، ولأنه يقتضي تكميل عقل المنسوخ ليعلم كونه معدولا فيه معدنا، والمعلوم ضرورة خلاف ذلك، ولأنه كان يجب ذم كل مؤلم لكونه عقابا وإن كان نبيا أو صديقا. واعتذارهم في عدم الذكر بالموت لا يغني سببا، لأن فقد العلم في مدته لا يمنع عند الإحياء وإكمال العقل من الذكر، بل يجب كالنوم وحال العقلاء في البعث، ولأن الموت غير متقدر على مذاهبهم، وإنما هو انتقال الروح أو الحي، فإن فهموا مذهب القائلين به من جملة إلى جملة فعلى هذا ما حاله في التنقل في الهياكل إلا كالتنقل في الأماكن، فكما يجب العلم بحمل أحوال المنتقل عن بلد إلى أخر فكذلك يجب ما قلناه.

    مسألة: في العوض
    العوض: هو النفع المستحق العري من تعظيم وتبجيل. وليس بدائم، لأنه لو كان من حقه الدوام لكان شرطا في حسنه، وقد علمنا حسن الألم لنفع منقطع، وجهة استحقاقه على المحدث كون ما يستحق به ظلما من فعله أو واقعا عند فعله، كالآلام الواقعة من الكحل. وهو على ضربين: أحدهما يصح نقله كالأموال، وما لا يصح ذلك فيه كالآلام والغموم على السب وفوت المنافع. فعوض الأول يصح التخلص بإيصاله إلى مستحقه أو استحلاله لصحة قبضه واستيفائه، والثاني يقف على الانتصاف منه تعالى في الآخرة لتعذر القبض فيه والاستيفاء. وجهات استحقاق العوض عليه تعالى من وجوه أربعة: أحدها: لألم يفعله للطف به كالآلام المبتدأة في الأطفال والبالغين، وما يفعله عند التعريض منا للحر والبرد، لعلمنا بحسن ذلك، ولو كان العوض على من طرح غيره في الثلج لكان قبيحا مع كونه فعلا له سبحانه، وإنما يقبح التعريض. وثانيها: ما يفعل بأمره، كالضحايا وحدود الامتحان. وثالثها: ما يفعل بإباحته، كذبح الحيوان وركوب البهائم والحمل عليها واستخدام الرقيق. ورابعها: ما يفعل بإلجائه. وجهة استحقاق العوض من الوجه الأول قد بيناه، ومن الوجوه الثلاثة: علمنا بحسن ما يقع من الألم بأمره وإباحته وإلجائه، فلولا أنه سبحانه تكفل بالعوض عنه لقبح، كسائر ما نفعله من الألم بغيرنا. ويجوز تعجيل ما يمكن ذلك فيه في الدنيا، لأنه لا صفة له تمنع من تعجيله، وما لا تعجيل منه لا بد من فعله في الآخرة لمستحقه من العقلاء وغيرهم. ولا يجوز في حكمته سبحانه تمكين غيره من الظلم إلا مع إمكان الانتصاف منه في حال الاستحقاق، لأن تبقيته أو تكفل العوض عنه تفضل عليه يجوز منعه، والانتصاف واجب، ولا يجوز تعلقه به. والصحيح حسن تمكين من علم أنه يستحق من الأعراض بمقدار ما يستحق عليه في المستقبل، أو يتكفل القديم سبحانه عنه العوض، لأن الانتصاف للمظلوم وإيصاله إلى ما يستحقه من الأعواض ممكن مع كل واحد من الأمرين، كإمكانه مع ثبوت العوض في حال الظلم، ولا مانع من قبح ولا غيره.
  • ندى الحزينة
    • Aug 2014
    • 1411

    #2
    بارك الله بكِ اختي العزيزة على الفائدة

    تعليق

    • عاشقة ام الحسنين
      كبار الشخصيات

      • Oct 2010
      • 16012

      #3
      اللهم صل على محمد وال محمد وعجل فرجهم ياكريم

      أحسنت على
      الموضوع القيم





      تسلم يمناك

      تعليق

      يعمل...
      X