اللهم صلي على محمد وال محمد وعجل فرجهم
اساس الإيمان والبحث عن القيم الروحية
عن رسول الله (ص):" أربع لم يجد رجل طعم الإيمان حتى يؤمن بهن: أن لاإله إلا الله , وأني رسول الله بعثني بالحق..." , لأن هاتين الكلمتين تمثلان أساس الإسلام في مضمون التوحيد , وحركية الرسالة في امتداداتها في الإسلام , والتي يتفرع عنها الالتزام بالشرعية والمفاهيم الإيمانية العامة.
"وأنه ميت , ثم مبعوث من بعد الموت" , لأن الإيمان بمحدودية اجل ألإنسان الذي ينتهي به الى الموت , ثم البعث من بعد الموت الى الدار الآخرة , هو جزء من العقيدة , وذلك قوله تعالى: (كل نفس ذائقة الموت ثم إلينا ترجعون).
"ويؤمن بالقدر كله" , لأن الله قد جعل لكل شيء قدراً , وهو المهيمن على الأمر كله , فلايحدث أي شيء إلا بإرادته وأمره وتقديره حسب سنته في الوجود.
وفي حديث عنه (ص): "لايجد العبد صريح الإيمان حتى يحب ويبغض لله" , لأن ذلك هو علامة استغراقه في الإخلاص لله , بحيث تتحرك مشاعره السلبية والإيجابية في خط علاقته الإيمانية بالله , لأنها هي التي تحدد له التزاماته الروحية والعاطفية , "فإذا احب لله وأبغض لله , فقد استحق الولاية من الله" . وهذه هي الدرجة العليا التي تجعله من أولياء الله , ومن الخاضعين لولايته , حيث ينال من فيض المحبة الإلهية والرضوان الربوبي , لأن ولاية الله هي فوق كل ولاية.
أما الذي لايتذوق حلاوة الإيمان , لأنه لايعيش روحيته ولاتطلعاته , ولا يتحرك في مسؤولياته , فهو الإنسان الذي يعيش الخواء الروحي , والفراغ الإيماني , والصياغ النفسي . فقد جاء عن رسول الله (ص) أنه قال: "من كان أكثر همه نيل الشهوات , *** من قلبه حلاوة الإيمان" , لأنه أخلد الى الأرض , واتبع هواه , وآثر الحياة الدنيا من جهة , وعلى الأخرة من جهة اخرى , لأن الاستغراق في الشهوات , يجعله متعبداً للجانب السلبي من غرائزه , بالدرجة التي لايبصر معها أي قيمة إنسانية تسمو به , فيبقيه ذلك في الدرجات السفلى.
وفي حديث آخر عن رسول الله (ص): "لايجد الرجل حلاوة الإيمان في قلبه , حتى لايبالي من أكل الدنيا" , لأن الدنيا ليست هي الغاية في قيمتها المادية. ولذلك,فإنه لايعطي الأهمية في نظرته الى الآخرين من حوله فيما يملكون من الثروة والجاه والشهوة , لن ذلك لايمثل القيمة الروحية لديه مما يستهدفه منها , فهو يعتبرها مجرد حاجة حياتية تسد رمقه , وتحقق له شروط حياته , وليست هدفاً يستهدفه ويسعى اليه في ميزان الطموح الروحي , على هدى قوله تعالى:
(وابتغ فيما آتاك الله الدار الآخرة ولاتنس نصيبك من الدنيا) ليكون حصوله عليها من أجل القيام بمسؤوليته في الحصول على رضا الله من خلال الإحسان الى الناس , في مقابل إحسان الله إليه (وأحسن كما أحسن الله إليك).
وبذلك يذوق حلاوة الإيمان , لأنه يعيش اللذة الإيمانية في إحساسه الروحي , وفي وجدانه الإنساني.وهذا هو الذي نستوحيه من حديث الإمام جعفر الصادق (ع): "حرام على قلوبكم أن تعرف حلاوة الإيمان حتى تزهد في الدنيا" , لأن الزهد في الدنيا يوحي للإنسان بأن الدنيا لاتمثل لديه معنى القيمة , وهدف الطموح , بل تبقى مجرد حاجة ذاتية لاستمرار عيشه , فيملك الحرية الإنسانية في القبول والرفض لأي شيء بشكل طبيعي , بلحاظ انسجام ذلك كله مع مبادئه الإيمانية , فيلتد بهذا الإحساس الروحي ,وينفتح على حلاوته الروحية.
وفي الحديث عن رسول الله (ص): "لايجد حلاوة الإيمان حتى يؤمن بالقدر خيره وشره". لأنه يعيش في هذا الإيمان السكينة النفسية , والطمأنينة الروحية , والاتزان العقلي , من خلال وعيه بأن الحياة خاضعة في حركتها الوجودية للتقدير الإلهي , في القوانين التي تحكم مسارها الطبيعي الذي يمتد بالحكمة والاستقرار , فلا يخضع للقلق النفسي فيما يقبل عليه من الأحداث والأوضاع , لأن الله الرحمن الرحيم الحكيم القادر العليم بمصالح عباده في وجودهم الحركي , هو الذي يقدر لهم حركتهم في الواقع , ومصيرهم في نهاية المطاف , فيما يعيشونه أو فيما يختارونه.
وبذلك يجدون حلاوة الإيمان في نطاق العقل الذي يفكر , والإحساس الذي يتفاعل , والشعور الذي ينفتح على معاني الروح.
تعليق