
عن احد ادعية النبي

ان اول ما يلفت نظرك هنا هو: ان المقطع المذكور من الدعاء يستخدم عبارة "يا مؤنس المستوحشين" ثم عبارة "يا أنيس المنفردين"... والسؤال الذي قد ينبثق على لسانك هو: ما هو الفارق اولاً بين "المؤنس" وبين "الأنيس"، ثم ما هو الفارق ثانياً بين "المستوحشين" و"المنفردين"؟ ومع اننا اجبنا عابراً على السؤال المتقدم الا ان الاجابة تفرض علينا تفصيلاً للسؤال فنقول:
اما بالنسبة الى الفارق بين المؤنس وبين الانيس فان "المؤنس" بمعنى "المبصر" مثل قوله تعالى (آنس من جانب الطور الايمن) بمعنى ابصر ... كما ورد في الادعية قوله

واما بالنسبة الى "الأنيس" فمعناه الذي نسكن اليه ونألفه.. وبذلك يتضح لك الفارق بين "المؤنس" وبين "الأنيس"، حيث انك في الحالة الاولى تتحسس بان الوحشة قد تبددت لان الله تعالى هو المؤنس، وفي الحالة الثانية، تتحسس بانك لست منفرداً بل هناك من تأنس به، أي تألفه وتسكن اليه..
اذن: للمرة الجديدة نكرر ما سبق ان قلناه من أن المؤنس بمعنى المبصر وان الانيس بمعنى من نألفه، ومن ثم فان الفارق بين "المستوحشين" وبين "المنفرد" يبدأ فيتضح بشكل اكثر جلاءاً...
حيث قلنا سابقاً بان المستوحش هو الذي يغلفه الخوف من المكان الذي يحيا فيه، بينما المنفرد هو الذي يحيا منفرداً لا أليف له... واذا اتضح هذا نتقدم الى فقرة جديدة من دعاء النبي

ماذا نستخلص منها؟
لو دققنا النظر في العبارة المذكورة لامكننا ان ندرك دلالتها بوضوح عندما نأخذ بنظر الاعتبار اننا حيال استعارة طريفة وعميقة هي ان النبي

اذن: اتضح تماماً معنى قوله

كتبه - الدكتور محمود البستاني
من مؤسسة السبطين العالمية
تعليق