قالَ يا هارُونُ ما مَنَعَكَ إِذْ رَأَيْتَهُمْ ضَلُّوا 92
أَلاّ تَتَّبِعَنِ أَ فَعَصَيْتَ أَمْرِي 93
قالَ يَا بْنَ أُمَّ لاتَأْخُذْ بِلِحْيَتِي ولابِرَأْسِي إِنِّي خَشِيتُ أَنْ تَقُولَ فَرَّقْتَ بَيْنَ بَنِي إِسْرائِيلَ ولَمْ تَرْقُبْ قَوْلِي 94
قالَ فَما خَطْبُكَ يا سامِرِي 95
قالَ بَصُرْتُ بِما لَمْ يَبْصُرُوا بِهِ فَقَبَضْتُ قَبْضَةً مِنْ أَثَرِ الرَّسُولِ فَنَبَذْتُها وكَذالِكَ سَوَّلَتْ لِي نَفْسِي 96
فَإِنَّما يَسَّرْناهُ بِلِسانِكَ لِتُبَشِّرَ بِهِ الْمُتَّقِينَ وتُنْذِرَ بِهِ قَوْماً لُدّاً 97
اِنَّما إِلهُكُمُ اللّهُ الَّذِي لا إِلهَ إِلاّ هُوَ وَسِعَكلَّ شَيْء عِلْماً 98
الاية 92 حتی 98 من سورة طه
المفردات
يخاطب موسی أوّلا أخاه هارون قالَ يا هارُونُ ما مَنَعَكَ إِذْ رَأَيْتَهُمْ ضَلُّوا*أَلاّ تَتَّبِعَنِ اي وكان موسی يذكر اخاه قائلا: أفلم أقل لك أن اخْلُفْنِي فِي قَوْمِي وَأَصْلِحْ وَلاَ تَتَّبِعْ سَبِيلَ الْمُفْسِدِينَفلماذا لم تهب لمحاربة عبادة العجل هذه؟
بناءً على هذا، فإنّ المراد من جملة أَلاّ تَتَّبِعَنِ هو: لماذا لم تتّبع طريقة عملي في شدّة مواجهة عبادة الأصنام؟
، فلمّا رأى هارون غضب أخيه الشديد قال له ـ من أجل تهدئته وليقلّل من فورته، وكذلك ليبيّن عذره وحجّته في هذه الحادثة ضمناً... قَالَ يَا ابْنَ أُمَّ لَا تَأْخُذْ بِلِحْيَتِي وَلَا بِرَأْسِي إِنِّي خَشِيتُ أَن تَقُولَ فَرَّقْتَ بَيْنَ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَلَمْ تَرْقُبْ قَوْلِي.
كان هارون في الحقيقة يُشير إلى كلام موسى (عليه السلام) الذي وجّهه إليه عند توجّهه إلى الميقات، وكان محتواه الدعوة إلى الإصلاح اخْلُفْنِي فِي قَوْمِي وَأَصْلِحْ وَلاَ تَتَّبِعْ سَبِيلَ الْمُفْسِدِينَفهو يريد أن يقول: إنّي إذاكنت قد أقدمت على الإشتباك معهم كان ذلك خلاف أمرك، وكان من حقّك أن تؤاخذني. وبهذا أثبت هارون براءته، وخاصّةً مع ملاحظة العبارة الاُخرى التي وردت في الآية 150 من سورة الأعراف: إِنَّ الْقَوْمَ اسْتَضْعَفُونِي وَكَادُواْ يَقْتُلُونَنِي
وبعد الانتهاء من محادثة أخيه هارون وتبرئة ساحته، بدأ بمحاكمة السامري:لماذا فعلت ما فعلت، وما هدفك من ذلك؟: قَالَ فَمَا خَطْبُكَ يَا سَامِرِيُّ؟ فأجابه وقَالَ بَصُرْتُ بِمَا لَمْ يَبْصُرُوا بِهِ فَقَبَضْتُ قَبْضَةً مِّنْ أَثَرِ الرَّسُولِ فَنَبَذْتُهَا وَكَذَلِكَ سَوَّلَتْ لِي نَفْسِي
للمفسّرين اراء عدة في تفسير الاية منها ان مراد السامري هو ان يقول: إنّني آمنت ـ بداية الأمر ـ بقسم من آثار الرّسول اي نبي الله (موسى)، ثمّ شككت فيها فألقيتها بعيداً وملت إلى عبادة الأصنام، وكان هذاعندي أجمل وأحلى.
ان كلمة «الرسول» تعني «موسى» (عليه السلام). «والأثر» يعني بعض تعليمات موسى(عليه السلام)، و«نبذتها» ترك تعليمات موسى(عليه السلام). وأخيراً فإنّ بَصُرْتُ بِمَا لَمْ يَبْصُرُوا تشير ـ إلى ماكان لديه من معلومات خاصّة عن دين موسى(عليه السلام)
من الواضح أنّ جواب السامري عن سؤال موسى(عليه السلام) لم يكن مقبولاً بأىّ وجه، ولذلك فإنّ موسى(عليه السلام) أصدر قرار الحكم في هذه المحكمة، وحكم بثلاثة أحكام عليه وعلى عجله، فأوّلا: قَالَ فَاذْهَبْ فَإِنَّ لَكَ فِي الْحَيَاةِ أَن تَقُولَ لَا مِسَاسَ أي يجب عليك الإبتعاد عن الناس وعدم الإتّصال بهم إلى آخر العمر، فكلّما أراد شخص الإقتراب منك، فعليك أن تقول له: لا تتّصل بي ولا تقربني، وبهذا الحكم الحازم طرد السامري من المجتمع وجعله في عزلة تامّة. منزوياً بعيداً عنهم والعقاب
الثّاني: إنّ موسى (عليه السلام) قد أسمعه وأعلمه بجزائه في القيامة فقال: وَإِنَّ لَكَ مَوْعِداً لَّنْ تُخْلَفَهُ.
والثالث: وَانظُرْ إِلَى إِلَهِكَ الَّذِي ظَلْتَ عَلَيْهِ عَاكِفاً لَّنُحَرِّقَنَّهُ ثُمَّ لَنَنسِفَنَّهُ فِي الْيَمِّ نَسْفاً.
وشخّص موسى في آخر جملة، ومع التأكيد الشديد على مسألة التوحيد، وحاكمية نهج الله، فقال: إِنَّمَا إِلَهُكُمُ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَسِعَ كلَّ شَيْءٍ عِلْماً فليس هو كالأوثان المصنوعة التي لا تسمع كلاماً، ولا تجيب سائلا، ولا تحلّ مشكلة، ولا تدفع ضرّاً.
في الواقع، إنّ جملة وَسِعَ كلَّ شَيْءٍ عِلْماًجاءت في مقابل وصف العجل وجهله وعجزه الذي ذكر قبل عدّة آيات.
تعليق