كلام عن مسّ الجنّ

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • دمعة الكرار
    • Oct 2011
    • 21333

    كلام عن مسّ الجنّ


    كلام عن مسّ الجنّ





    و أمّا الكلام عن مسّ الجنّ و أنّ الجُنون داءٌ عارض من مسّه فيعالج باللجوء إلى الرُقي و التعويذات و دمدمة الكهنة و أصحاب التسخيرات و ما إلى ذلك من خرافات بائدة . فالذي يمكننا القول فيه : أن ليس في القرآن شيء من ذلك ، حتّى و لا إشارة إليه ، إذ لا شكّ أنّ الجنون داءٌ عصبيّ و له أنحاء . بعضها صالح للعلاج بأسباب عادية ذكرها الأطبّاء في كتبهم قديماً و حديثاً ، و هناك مراكز لمعالجة هذه الأمراض أو التخفيف من وطئتها بالأساليب العلاجية الطبيعية المتعارفة و ليست بالأساليب الغريبة .
    و ليس في القرآن ما يبدو منه أنّ صاحب هذا الداء إنّما يُصاب على أثر مسّ الجنّ له . نعم سوى استعماله لهذه اللفظة ( المجنون ) في أحد عشر موضعاً [1] . و كذا التعبير بمن به جِنّة في خمسة مواضع [2] .
    أمّا الكلام عن مسّ الجنّ و أنّ الجُنون داءٌ عارض من مسّه فيعالج باللجوء إلى الرُقي و التعويذات و دمدمة الكهنة و أصحاب التسخيرات و ما إلى ذلك من خرافات بائدة . فالذي يمكننا القول فيه : أن ليس في القرآن شيء من ذلك ، حتّى و لا إشارة إليه ، إذ لا شكّ أنّ الجنون داءٌ عصبيّ و له أنحاء . بعضها صالح للعلاج بأسباب عادية ذكرها الأطبّاء في كتبهم قديماً و حديثاً

    و هذا من باب المجاراة في الاستعمال[3] ـ كما نبّهنا ـ حيث كان التفاهم بلسان القوم . و ليس عن اعتراف بمنشأ هذه التسمية اللغوية . و لا يزال الأطبّاء المعالجون ـ قديماً و حديثا ًـ يعبّرون عن المصاب بهذا الداء بالمجنون و عن نفس الداء بالجنون ، مجاراةً مع لغة العامّة ، و لا يعني ذلك اعتقادهم بمسّ الجنّ إيّاه حتميّاً . و تلك دور المجانين معدّة لمعالجة المصابين بهذا الداء أو للحراسة عنهم مرسوم عليها نفس العنوان و ليس إلاّ لأجل التفاهم مع العرف الدارج لا غير .
    و أمّا قوله تعالى : ? الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لاَ يَقُومُونَ إِلاَّ كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ ... ? [4] فالمراد من المساس هنا هو مسّ وساوسه الخبيثة المغرية ، و التي هي عبارة عن استحواذه على عقلية أهل المطامع ليتيه بهم الدرب و يجعلهم في السعي وراء مطامعهم يتخبّطون خبط عشواء و في غياهب غيّهم يعمهون . و هذا إنّما يعني استيلاء الشيطان على شرائر وجودهم فعموا و صمّوا ?... كَالَّذِي اسْتَهْوَتْهُ الشَّيَاطِينُ فِي الأَرْضِ حَيْرَانَ ... ? [5] . ? اسْتَحْوَذَ عَلَيْهِمُ الشَّيْطَانُ فَأَنسَاهُمْ ذِكْرَ اللَّهِ أُوْلَئِكَ حِزْبُ الشَّيْطَانِ أَلَا إِنَّ حِزْبَ الشَّيْطَانِ هُمُ الْخَاسِرُونَ ? [6] .
    قال تعالى ـ حكاية عن نبيّ الله أيّوب ( عليه السَّلام ) ـ : ? ... إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الشَّيْطَانُ بِنُصْبٍ وَعَذَابٍ ? [7] . أي مسّني ضرّ وساوسه دسائسه الخبيثة في سبيل إيقاع أولياء الله في النصب و مكابدة الآلام ، كما في قوله : ?... إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ ? [8] . فمسُّ الشيطان هو مسّ ضرّه على أثر دسائسه الخبيثة ، لا الإضرار مباشرةً [9] .
    سماحة العلامة الشيخ محمد هادي معرفة رحمه الله
    -------------------------------------------------------------------
    الهوامش:
    [1] سورة الحجر ( 15 ) ، الآية : 6 ؛ سورة الشعراء ( 26 ) ، الآية : 27 ؛ سورة الصافات ( 37 ) ، الآية : 36 ؛ سورة الدخان ( 44 ) ، الآية : 14 ، سورة الذاريات ( 51 ) ، الآية : 39 ؛ سورة الطور ( 52 ) ، الآية : 29 ؛ سورة القمر ( 54 ) ، الآية : 9 ؛ سورة القلم ( 68 ) ، الآية : 2 و 51 ؛ سورة التكوير ( 81 ) ، الآية : 22 .
    [2] سورة الأعراف ( 7 ) ، الآية : 184؛ سورة المؤمنون ( 23 ) ، الآية : 25؛ سورة سبإ ( 34 ) ، الآية : 8 و 46 .
    [3] أي تُسمّونه بهذا الإسم . أو تَسِمُونه بهذه السِمة في استعمالكم المتعارف عندكم .
    [4] القران الكريم : سورة البقرة ( 2 ) ، الآية : 275 ، الصفحة : 47 .
    [5] القران الكريم : سورة الأنعام ( 6 ) ، الآية : 71 ، الصفحة : 136 .
    [6] القران الكريم : سورة المجادلة ( 58 ) ، الآية : 19 ، الصفحة : 544 .
    [7] القران الكريم : سورة صاد ( 38 ) ، الآية : 41 ، الصفحة : 455 .
    [8] القران الكريم : سورة الأنبياء ( 21 ) ، الآية : 83 ، الصفحة : 329 .
    [9] راجع : التفسير الكبير : 7 / 89 ؛ و الميزان : 2 / 436 .


  • ناصرة ام البنين
    • Oct 2009
    • 3252

    #2

    تعليق

    • دمعة الكرار
      • Oct 2011
      • 21333

      #3

      تعليق

      • محـب الحسين

        • Nov 2008
        • 46763

        #4
        أحسنتِ اختي العزيزه
        جزاكِ الله خير الجزاء

        تعليق

        • أنوار الولاية
          • Dec 2010
          • 2871

          #5

          جزاك الله خير الله يعطيك العافيه

          تعليق

          • دمعة الكرار
            • Oct 2011
            • 21333

            #6

            تعليق

            • محب الرسول

              • Dec 2008
              • 28579

              #7
              بوركتم وبوركت جهودكم الرائعه

              نسأل الله التوفيق لنا ولكم لخدمة أهل البيت عليهم السلام

              من هذا الصرح .. ودمت برعاية المولى

              تعليق

              • دمعة الكرار
                • Oct 2011
                • 21333

                #8

                تعليق

                يعمل...
                X