بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد
الطيبين الطاهرين
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
العلاقة بين الأفراد يفترض أن تكون طيبة سواء داخل الأسرة أوخارجها وهي مطلب من شأنه اتاحة الفرصة للجميع أن يكونوا في دائرة الإنسانية التي أشار اليها القرآن الكريم في سورة الحجرات في قوله تعالى انما المؤمنون اخوة)
والأخوَّة منها اخوة طبيعية لا أثر لها في الشرائع والقوانين وهي اشتراك إنسانين في أب أو أُم أو فيهما، ومنها اخوة اعتبارية لها آثار اعتبارية وهي في الإِسلام اخوة نسبية لها آثار في النكاح والإِرث، واخوة رضاعية لها آثار في النكاح دون الإِرث، واخوة دينية لها آثار اجتماعية ولا أثر لها في النكاح والإِرث، وقد روي عن الإمام الصادق عليه السلام: المؤمنَ أخو المؤمن، عينه ودليله، لا يخونه، ولا يظلمه ولا يغشه، ولا يعده عدة فيخلفه.
أهميّة الأخوة الإسلامية
إنّ جملة: (إنّما المؤمنون أخوة) الواردة في الآيات المتقدّمة واحدة من الشعارات الأساسية و«المتجذّرة» في الإسلام، فهي شعار عميق، بليغ، مؤثر وذو معنى غزير...
إنّ الآخرين حين يريدون إظهار مزيد من العلاقة بمن يشاركهم في المنهج والعمل، يعبّرون عنهم بالرفاق، «أو الرفيق للمفرد» إلاّ أنّ الإسلام رفع مستوى الإرتباط والحب بين المسلمين إلى درجة جعلها بمستوى أقرب العلائق بين شخصين وهي علاقة الأخوين التي تقوم العلاقة بينهما على أساس المساواة والتكافؤ.
فعلى هذا الأصل الإسلامي المهم فإنّ المسلمين على اختلاف قبائلهم وقوميّاتهم ولغاتهم وأعمارهم يشعرون فيما بينهم بالأخوّة وإن عاش بعضهم في الشرق والآخر في الغرب...
ففي مناسك الحج مثلاً حيث يجتمع المسلمون من نقاط العالم كافة في مركز التوحيد تبدو هذه العلاقة والإرتباط والإنسجام والوشائج محسوسة وميداناً للتحقّق العيني لهذا القانون الإسلامي المهم...
وبتعبير آخر إنّ الإسلام يرى المسلمين جميعاً بحكم الأسرة الواحدة ويخاطبهم جميعاً بالإخوان والأخوات ليس ذلك في اللفظ والشعار، بل في العمل والتعهّدات المتماثلةأيضاً، جميعهم (أخوة وأخوات).
وفي الروايات الإسلامية تأكيد على هذه المسألة أيضاً ولا سيما في ما يخص الجوانب العملية على سبيل المثال
1 ـ ورد عن النّبي الأكرم (صلى الله عليه وآله وسلم) أنّه قال: (المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يخذله ولا يسلمه)
2 ـ وورد عنه (صلى الله عليه وآله وسلم) أنّه قال: «مثل الأخوين مثل اليدين تغسل إحداهما الأُخرى».
3 ـ ويقول الإمام الصادق (عليه السلام): «المؤمن أخو المؤمن كالجسد الواحد إذا اشتكى شيئاً منه وجد ألم ذلك في سائر جسده وأرواحهما من روح واحدة».
4 ـ كما نقرأ حديثاً آخر عنه (عليه السلام) يقول فيه: «المؤمن أخو المؤمن عينه ودليله لا يخونه ولا يظلمه ولا يغشّه ولا يعده عدةً فيخلفه»
وهناك روايات كثيرة في مصادر الحديث الإسلامية المعروفة في ما يتعلّق بحق المؤمن على أخيه المسلم وأنواع حقوق المؤمنين بعضهم على بعض وثواب زيارة الإخوان المؤمنين «والمصافحة والمعانقة» وذكرهم وإدخال السرور على قلوبهم وخاصةً قضاء حاجاتهم والسعي في إنجازها وإذهاب الهم والغم عن القلوب وإطعام الطعام وإكسائهم الثياب وإكرامهم وإحترامهم، ويمكن مطالعتها في أصول الكافي في أبواب مختلفة تحت العناوين الآنفة.
وهناك رواية هي من أكثر الروايات «جمعاً» في شأن حقوق المؤمن على أخيه المؤمن التي تبلغ ثلاثين حقّاً!...
قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): «للمسلم على أخيه ثلاثون حقّاً، لا براءة له منها إلاّ بالأداء أو العفو
يغفر زلّته، ويرحم عبرته، ويستر عورته، ويُقيل عثرته، ويقبل معذرته، ويرد غيبته، ويديم نصيحته، ويحفظ خلّته، ويرعى ذمّته، ويعود مرضه، ويشهد ميّته، ويجيب دعوته، ويقبل هديته، ويكافئ صلته، ويشكر نعمته، ويحسن نصرته، ويحفظ حليلته، ويقضي حاجته، ويشفع مسألته، ويسمّت عطسته، ويرشد ضالّته، ويردّ سلامه، ويطيب كلامه، ويُبرّ أنعامه، ويصدق أقسامه، ويوالي وليّه، ولا يعاديه، وينصره ظالماً ومظلوماً، فأمّا نصرته ظالماً فيردّه عن ظلمه، وأمّا نصرته مظلوماً فيعينه على أخذ حقّه، ولا يُسلمه، ولا يخذله، ويحب له من الخير ما يُحبّ لنفسه، ويكره له من الشر ما يكره لنفسه»
جاء في حديث عن الامام الباقر عليه السلام : سأله جابر الجعفي و قال : تقبضت بين يدي أبي جعفر فقلت جعلت فداك : ربما حزنت من غير مصيبة تصيبني أو أمر ينزل بي حتى يعرف ذلك أهلي في وجهي و صديقيفقال : نعم يا جابر إن الله عز وجل خلق المؤمنين من طينة الجنان و أجرى فيهم من ريح روحه فلذلك المؤمن أخو المؤمن لأبيه و أمه ، فاذا أصاب روح من تلك الارواح في بلد من البلدان حزن حزنت هذه لأنها منه
لماذا نسب هذه الحالة الى الايمان ؟
أولا : حينما اختار المبدأ الغربي كلمة ( المواطن ) لبيان العلاقة بين أبنائه إنطلق من فكرة تقديس الأرض و ربط الناس بها و بالمصالح المشتركة التي تشد مجموعة من البشر ببعضهم ، و حينما انتخب المبدأ الشرقي كلمة ( الرفيق ) فقد اعتمد على دور المسيرة النضالية في علاقاته الاجتماعية . أما الاسلام فقد اجتبى لنا كلمة الاخ لنعلم ان صلتنا ببعضنا ليست مادية قائمة على أساس تقدير الأرض و المصالح ، كما أنها لا تخص حالة النضال و رفاقة المسيرة ، و إنما هي مبدئية ناشئة من صلة كل واحد منا بدينه ، حتى ليصبح الدين كالأب الذي هو أصل وجود الابن ، وكلما قويت و اشتدت صلتنا بالأصل كلما قويت و تنامت صلتنا ببعضنا .
ومن هنا جاء في الحديث المأثور عن الامام الصادق عليه السلام : " المؤمن أخو المؤمـن كالجســد الواحــد ، إذا إشتكى شيئا منه وجد ألم ذلك في سائر جسده ، و أرواحهما من روح واحــدة ، و إن روح المؤمن لاشد اتصالا بروح الله من اتصال شعاع الشمس بها " .
و إنما نسب الوحي الاخوة الى الايمان ( وليس الاسلام ) لأن الاسلام مجرد التسليم للدين بينما الايمان وقر في القلب يفيض على كل جوانب حياة الانسان ، و الذي يرفع الناس الى مستوى الاخوة ليس مجرد التصديق المبدئي بالدين وإنما تطبيق تلك التعاليم القيمة التي تسقط الحواجز المادية و المصلحية التي تفصلهم عن بعضهم .
أخيرا نقرأ في وصية النبي صلى الله عليه وسلم لأمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام): "( سر ميلاً عد مريضاً سر ميلين شيّع جنازة سر ثلاثة أميال أجب دعوة سر أربعة أميال زر أخاً في الله سر خمسة أميال أجب دعوة الملهوف سر ستة اميال أنصر المظلوم وعليك بالا ستغفار)
************************************************** ***********
المصدر
تفسير الأمثل
تفسير الميزان
تفسير من هدى القرآن
اللهم صل على محمد وآل محمد
الطيبين الطاهرين
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
العلاقة بين الأفراد يفترض أن تكون طيبة سواء داخل الأسرة أوخارجها وهي مطلب من شأنه اتاحة الفرصة للجميع أن يكونوا في دائرة الإنسانية التي أشار اليها القرآن الكريم في سورة الحجرات في قوله تعالى انما المؤمنون اخوة)
والأخوَّة منها اخوة طبيعية لا أثر لها في الشرائع والقوانين وهي اشتراك إنسانين في أب أو أُم أو فيهما، ومنها اخوة اعتبارية لها آثار اعتبارية وهي في الإِسلام اخوة نسبية لها آثار في النكاح والإِرث، واخوة رضاعية لها آثار في النكاح دون الإِرث، واخوة دينية لها آثار اجتماعية ولا أثر لها في النكاح والإِرث، وقد روي عن الإمام الصادق عليه السلام: المؤمنَ أخو المؤمن، عينه ودليله، لا يخونه، ولا يظلمه ولا يغشه، ولا يعده عدة فيخلفه.
أهميّة الأخوة الإسلامية
إنّ جملة: (إنّما المؤمنون أخوة) الواردة في الآيات المتقدّمة واحدة من الشعارات الأساسية و«المتجذّرة» في الإسلام، فهي شعار عميق، بليغ، مؤثر وذو معنى غزير...
إنّ الآخرين حين يريدون إظهار مزيد من العلاقة بمن يشاركهم في المنهج والعمل، يعبّرون عنهم بالرفاق، «أو الرفيق للمفرد» إلاّ أنّ الإسلام رفع مستوى الإرتباط والحب بين المسلمين إلى درجة جعلها بمستوى أقرب العلائق بين شخصين وهي علاقة الأخوين التي تقوم العلاقة بينهما على أساس المساواة والتكافؤ.
فعلى هذا الأصل الإسلامي المهم فإنّ المسلمين على اختلاف قبائلهم وقوميّاتهم ولغاتهم وأعمارهم يشعرون فيما بينهم بالأخوّة وإن عاش بعضهم في الشرق والآخر في الغرب...
ففي مناسك الحج مثلاً حيث يجتمع المسلمون من نقاط العالم كافة في مركز التوحيد تبدو هذه العلاقة والإرتباط والإنسجام والوشائج محسوسة وميداناً للتحقّق العيني لهذا القانون الإسلامي المهم...
وبتعبير آخر إنّ الإسلام يرى المسلمين جميعاً بحكم الأسرة الواحدة ويخاطبهم جميعاً بالإخوان والأخوات ليس ذلك في اللفظ والشعار، بل في العمل والتعهّدات المتماثلةأيضاً، جميعهم (أخوة وأخوات).
وفي الروايات الإسلامية تأكيد على هذه المسألة أيضاً ولا سيما في ما يخص الجوانب العملية على سبيل المثال
1 ـ ورد عن النّبي الأكرم (صلى الله عليه وآله وسلم) أنّه قال: (المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يخذله ولا يسلمه)
2 ـ وورد عنه (صلى الله عليه وآله وسلم) أنّه قال: «مثل الأخوين مثل اليدين تغسل إحداهما الأُخرى».
3 ـ ويقول الإمام الصادق (عليه السلام): «المؤمن أخو المؤمن كالجسد الواحد إذا اشتكى شيئاً منه وجد ألم ذلك في سائر جسده وأرواحهما من روح واحدة».
4 ـ كما نقرأ حديثاً آخر عنه (عليه السلام) يقول فيه: «المؤمن أخو المؤمن عينه ودليله لا يخونه ولا يظلمه ولا يغشّه ولا يعده عدةً فيخلفه»
وهناك روايات كثيرة في مصادر الحديث الإسلامية المعروفة في ما يتعلّق بحق المؤمن على أخيه المسلم وأنواع حقوق المؤمنين بعضهم على بعض وثواب زيارة الإخوان المؤمنين «والمصافحة والمعانقة» وذكرهم وإدخال السرور على قلوبهم وخاصةً قضاء حاجاتهم والسعي في إنجازها وإذهاب الهم والغم عن القلوب وإطعام الطعام وإكسائهم الثياب وإكرامهم وإحترامهم، ويمكن مطالعتها في أصول الكافي في أبواب مختلفة تحت العناوين الآنفة.
وهناك رواية هي من أكثر الروايات «جمعاً» في شأن حقوق المؤمن على أخيه المؤمن التي تبلغ ثلاثين حقّاً!...
قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): «للمسلم على أخيه ثلاثون حقّاً، لا براءة له منها إلاّ بالأداء أو العفو
يغفر زلّته، ويرحم عبرته، ويستر عورته، ويُقيل عثرته، ويقبل معذرته، ويرد غيبته، ويديم نصيحته، ويحفظ خلّته، ويرعى ذمّته، ويعود مرضه، ويشهد ميّته، ويجيب دعوته، ويقبل هديته، ويكافئ صلته، ويشكر نعمته، ويحسن نصرته، ويحفظ حليلته، ويقضي حاجته، ويشفع مسألته، ويسمّت عطسته، ويرشد ضالّته، ويردّ سلامه، ويطيب كلامه، ويُبرّ أنعامه، ويصدق أقسامه، ويوالي وليّه، ولا يعاديه، وينصره ظالماً ومظلوماً، فأمّا نصرته ظالماً فيردّه عن ظلمه، وأمّا نصرته مظلوماً فيعينه على أخذ حقّه، ولا يُسلمه، ولا يخذله، ويحب له من الخير ما يُحبّ لنفسه، ويكره له من الشر ما يكره لنفسه»
جاء في حديث عن الامام الباقر عليه السلام : سأله جابر الجعفي و قال : تقبضت بين يدي أبي جعفر فقلت جعلت فداك : ربما حزنت من غير مصيبة تصيبني أو أمر ينزل بي حتى يعرف ذلك أهلي في وجهي و صديقيفقال : نعم يا جابر إن الله عز وجل خلق المؤمنين من طينة الجنان و أجرى فيهم من ريح روحه فلذلك المؤمن أخو المؤمن لأبيه و أمه ، فاذا أصاب روح من تلك الارواح في بلد من البلدان حزن حزنت هذه لأنها منه
لماذا نسب هذه الحالة الى الايمان ؟
أولا : حينما اختار المبدأ الغربي كلمة ( المواطن ) لبيان العلاقة بين أبنائه إنطلق من فكرة تقديس الأرض و ربط الناس بها و بالمصالح المشتركة التي تشد مجموعة من البشر ببعضهم ، و حينما انتخب المبدأ الشرقي كلمة ( الرفيق ) فقد اعتمد على دور المسيرة النضالية في علاقاته الاجتماعية . أما الاسلام فقد اجتبى لنا كلمة الاخ لنعلم ان صلتنا ببعضنا ليست مادية قائمة على أساس تقدير الأرض و المصالح ، كما أنها لا تخص حالة النضال و رفاقة المسيرة ، و إنما هي مبدئية ناشئة من صلة كل واحد منا بدينه ، حتى ليصبح الدين كالأب الذي هو أصل وجود الابن ، وكلما قويت و اشتدت صلتنا بالأصل كلما قويت و تنامت صلتنا ببعضنا .
ومن هنا جاء في الحديث المأثور عن الامام الصادق عليه السلام : " المؤمن أخو المؤمـن كالجســد الواحــد ، إذا إشتكى شيئا منه وجد ألم ذلك في سائر جسده ، و أرواحهما من روح واحــدة ، و إن روح المؤمن لاشد اتصالا بروح الله من اتصال شعاع الشمس بها " .
و إنما نسب الوحي الاخوة الى الايمان ( وليس الاسلام ) لأن الاسلام مجرد التسليم للدين بينما الايمان وقر في القلب يفيض على كل جوانب حياة الانسان ، و الذي يرفع الناس الى مستوى الاخوة ليس مجرد التصديق المبدئي بالدين وإنما تطبيق تلك التعاليم القيمة التي تسقط الحواجز المادية و المصلحية التي تفصلهم عن بعضهم .
أخيرا نقرأ في وصية النبي صلى الله عليه وسلم لأمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام): "( سر ميلاً عد مريضاً سر ميلين شيّع جنازة سر ثلاثة أميال أجب دعوة سر أربعة أميال زر أخاً في الله سر خمسة أميال أجب دعوة الملهوف سر ستة اميال أنصر المظلوم وعليك بالا ستغفار)
************************************************** ***********
المصدر
تفسير الأمثل
تفسير الميزان
تفسير من هدى القرآن
تعليق