مفردات قيّمة من القرآن الكريم ﴿يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لَا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ﴾

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • محـب الحسين

    • Nov 2008
    • 46763

    مفردات قيّمة من القرآن الكريم ﴿يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لَا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ﴾

    بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَـنِ الرَّحِيمِ
    اللهم صلِّ على مُحَمَّدٍ وآلِ مُحَمَّد

    قال الله تعالى: ﴿يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لَا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ وَلَا تَقُولُوا عَلَى اللهِ إِلَّا الْحَقَّ ۚ إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِّنْهُ ۖ فَآمِنُوا بِاللهِ وَرُسُلِهِ ۖ وَلَا تَقُولُوا ثَلَاثَةٌ ۚ انتَهُوا خَيْرًا لَّكُمْ ۚ إِنَّمَا اللهُ إِلَٰهٌ وَاحِدٌ ۖ سُبْحَانَهُ أَن يَكُونَ لَهُ وَلَدٌ ۘ لَّهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ ۗ وَكَفَى بِاللهِ وَكِيلًا﴾[1].

    سورة النساء المباركة التي بدأت الحديث عن الميلاد البشري وقطعت رحلة تحدثت خلالها عن العلاقات الاجتماعية بخاصة العلاقة بين الرجل والمرأة وما يواكبها من العلاقات النسبيّة، وعرضت لمختلف العلاقات العامة التي تخصّ الهدف العبادي الذي أنشأ الله من أجله الإنسان فتحدثت عن الإسلاميين والمنافقين واليهود، وختامها بالحديث عن المسيحيين. وإذا كانت الفئات اليهودية قد كشفتهم السورة بأقذر سلوكهم، والفئات المنافقة بمستوى أقلّ منهم، فإن الفئات المسيحية عرضت لهم بمستوى أقل من المنافقين، مكتفية من ذلك بالحديث عن مغالاتهم في المسيح وتشريكهم الثلاثي، أي أنها تحدثت عن الموقف العقائدي المنحرف لهم دون الموقف العملي المتمثل في العدوان ونحوه، لذلك طالبتهم بأن يؤمنوا بالله ورسوله وأن يكفّوا عن المغالاة والتشريك، مقدمة خلال ذلك تدليلا منطقيا.
    فهي جولة أخيرة في اروقة السورة مع النصارى بعد الجولة السابقة مع اليهود والصيغة فيهما واحدة هي ﴿يَا أَهْلَ الْكِتَابِ﴾، تنبيها لهم أن الشرعة الكتابية بعيدة في أصلها عن هذه التخلفات. وهنا يقضي على أسطورة «ثلاثة» من لاهوتهم العقائدي المختلق، حيث يضاهي أساطير الوثنيين من قبل وكأنه ترجمة أو ترجمان لها على سواء. وهذه الثلاثة هي الأقانيم المسيحية التي اختلقوها مهما اختلفوا فيها، أنها أجزاء إله واحد مثلثة الأقانيم، أم إن الله ثالث ثلاثة والآخران منبثقان من ذاته ﴿ولَّقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللهَ ثَالِثُ ثَلَاثَةٍ ۘ وَمَا مِنْ إِلَهٍ إِلَّا إِلَهٌ وَاحِدٌ ۚ وَإِن لَّمْ يَنتَهُوا عَمَّا يَقُولُونَ لَيَمَسَّنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ[2]، أم إن المسيح وأمه إلهان اثنان: ﴿وَإِذْ قَالَ اللهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَأَنتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إِلَهَيْنِ مِن دُونِ اللهِ ۖ قَالَ سُبْحَانَكَ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أَقُولَ مَا لَيْسَ لِي بِحَقٍّ ۚ إِن كُنتُ قُلْتُهُ فَقَدْ عَلِمْتَهُ ۚ تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلَا أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ ۚ إِنَّكَ أَنتَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ[3].
    خطاب الى النصارى وهم اهل الانجيل، بأن لا تغلوا في دينكم أي لا تترفعوا واسطتكم ونبيكم عما كان عليه، ولا تنسبوا اليه ما ليس له بحق، ولا تقولوا على الله الا الحق من التوحيد، ولا تجعلوا له الشريك: فإن الشركة موجبة للتركيب وهو موجب للإمكان وهو خروج عن الالوهية وذلك خلف، وقد مر براهين التوحيد.
    فإن المسيح رسول وواسطة من الله وكلمة من الله قد سبق معنى الكلمة أي المظهر عما في الغيب، وعيسى(عليه السلام)كذلك؛ والقى الى مريم(عليها السلام)بروز ملكوتها كما سبق: وهو روح؛ ومن عالم الامر وكل عالم الامر من قبل الله بدون الواسطة، فكان ايمانكم بالله وبه بأنه رسول ولا تكونوا مشركين وقائلين بالثلاث، إذ هو خلاف العقل كما سبق، ومن كان حادثا كمريم (عليه السلام) وعيسى عليه السّلام ومتغير الحالات كيف يمكن القول بواجبيته، والله منزه عن الولد، إذ لو كان الولد المنفصل من اجزاء الوالد، فكونه مستحيلا في حق الله واضح، وإن كان بمعنى أن يوجده، فالكل كذلك، وإن كان بمعنى ذهاب الانانية، فالأبنية المقتضية للإثنينية والاستقلال يخالفها، فالتفوه بهذا ليس إلا عن مجرد الغباوة.
    ثم اظهر بأن المسيح لا يستنكف عن العبودية، ولا الملائكة المقربون، فيها ايماء باعلائية الملائكة المقربين منه عليه السّلام كيف وكمالاتهم بالعبودية، فعلى فرض الاستنكاف حالهم كحال فرعون ونمرود وامثالهما يعذبهم عذابا اليما، وعلى فرض العبودية يوفيهم اجورهم ويصلون الى الخيرات، وكون جميع المذكورات على طبق العقل من الواضحات.

    [1] سورة النساء، الآية: 171.
    [2] سورة المائدة، الآية: 73.
    [3] سورة المائدة، الآية: 116.
  • صدى المهدي

    مراقـــبة عـــــامة


    • Jun 2017
    • 11941

    #2
    اللهم صل على محمد وال محمد
    احسنتم ويبارك الله بكم
    شكرا لكم كثيرا
    ​​​

    تعليق

    يعمل...
    X