
والمراد بالذين من قبلكم الأمم الماضية ممن سبق ظهور الإسلام من أمم الأنبياء كأمة موسى وعيسى وغيرهما وهذا لا يدلل على أن جميع أمم الأنبياء كان مكتوباً عليهم الصوم من غير استثناء ولا على أن الصوم المكتوب عليهم هو الصوم الذي كتب علينا من حيث الوقت والوصف والخصوصية.
ولذلك لا تجد في التوراة والإنجيل الموجودين عند اليهود والنصارى ما يدل على وجوب الصوم وفرضه عليهم.بل تجد فيهما مدح وتعظيم للصوم.ولذلك تجدهم يصومون أياماً معدودة في السنة بأشكال مختلفة كالصوم عن الأكل والشرب. والصوم عن اللحم. وصوم عن اللبن.والصوم عن الجبن.والصوم عن الدهن،وكل ما يخرج من الحيوان.
بل الصوم عبادة كان يلتزم بها الوثنيون يصومون لتسكين غضب آلهتهم إذا عملوا ما يغضبها أو لإرضائها واستمالتها إلى مساعدتهم في بعض الشؤون والأغراض.
رجلٌ سأل عبد الله بن عباس عن صوم الأنبياء والمرسلين فقال أما صوم داؤد فإنه كان من أعبد الناس وقال رسول الله (ص):"أفضل الصيام صيام أخي داؤد كان يصوم يوماً ويفطر يوماً . وإن أردت صيام سليمان بن داؤد فإنه كان يصوم في الشهر ثلاثة في أوله وثلاثة في أوسطه وثلاثة في آخره. وإذا أردت صوم عيسى فإنه كان يصوم الدهر كله لا يفطر منه شيئاً وإن أردت صوم مريم ابنة عمران فإنها كانت تصوم يومين وتفطر يوماً وإن أردت صيام سيد المرسلين (ص) فإنه كان يصوم ثلاثة أيام من كل شهر ويقول هي صيام الدهر".(1)
نلاحظ في الرواية أن الصوم يختلف من نبي إلى آخر نرى داؤد يصوم يوماً ويفطر يوماً وعيسى كان يصوم الدهر كله. لم يكن هناك صوماً معيناً بوقت معين وإنما كان كل نبي يصوم لحسب ما يؤمر به من قبل الله سبحانه وتعالى ولذلك نلاحظ الاختلاف في أيام الصيام وفي أوقاته وفي مدته.
تعليق