8 شوال.. ذكرى هدم قبور أئمة البقيع عليهم السلام عام 1344 للهجرة

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • سيد فاضل

    • Aug 2019
    • 29847

    8 شوال.. ذكرى هدم قبور أئمة البقيع عليهم السلام عام 1344 للهجرة



    8 شوال.. ذكرى هدم قبور أئمة البقيع عام 1344 للهجرة على يد آل سعود

    بعدما استولى آل سعود على مكّة المكرّمة والمدينة المنوّرة وضواحيهما عام ۱۳۴۴ﻫ، بدؤوا يفكّرون بوسيلة ودليل لهدم المراقد المقدّسة في البقيع، ومحو آثار أهل البيت(عليهم السلام) والصحابة.

    وفقا لما أفادته وكالة أهل البيت (ع) للأنباء ـ ابنا ـ البقيع بقعة شريفة طاهرة في المدينة المنوّرة قرب المسجد النبوي الشريف ومرقد الرسول الأعظم(صلى الله عليه وآله)، فيها مراقد الأئمة الأربعة المعصومين من أهل بيت النبوّة والرسالة(عليهم السلام)، وهم: الإمام الحسن المجتبى، والإمام علي زين العابدين، والإمام محمّد الباقر، والإمام جعفر الصادق(عليهم السلام).

    جريمة آل سعود

    بعدما استولى آل سعود على مكّة المكرّمة والمدينة المنوّرة وضواحيهما عام ۱۳۴۴ﻫ، بدؤوا يفكّرون بوسيلة ودليل لهدم المراقد المقدّسة في البقيع، ومحو آثار أهل البيت(عليهم السلام) والصحابة.

    وخوفاً من غضب المسلمين في الحجاز وفي عامة البلاد الإسلامية، وتبريراً لعملهم الإجرامي المُضمر في بواطنهم الفاسدة، استفتوا علماء المدينة المنورة حول حرمة البناء على القبور.

    فكتبوا استفتاءً ذهب به قاضي قضاة الوهابيين سليمان بن بليهد مستفتياً علماء المدينة، فاجتمع مع العلماء أولاً وتباحث معهم، وتحت التهديد والترهيب وقع العلماء على جواب نُوّه عنه في الاستفتاء بحُرمة البناء على القبور؛ تأييداً لرأي الجماعة التي كتبت الاستفتاء.

    واستناداً لهذا الجواب اعتبرت الحكومة السعودية ذلك مبرّراً مشروعاً لهدم قبور الصحابة والتابعين، وهي في الحقيقة إهانة لهم ولآل الرسول(صلى الله عليه وآله)، فتسارعت قوى الشرك والوهابية إلى هدم قبور آل الرسول(صلى الله عليه وآله) في الثامن من شوال من نفس السنة ـ أي عام ۱۳۴۴ﻫ ـ فهدموا قبور الأئمّة الأطهار والصحابة في البقيع، وسووها بالأرض وشوهوا محاسنها، وتركوها عرضةً لوطئ الأقدام ودوس الهوام.

    ونهبت كل ما كان في ذلك الحرم المقدس، من فرش وهدايا وآثار قيّمة وغيرها، وحَوّلت ذلك المزار المقدّس إلى أرضٍ موحشة مقفرة.

    وبعدما انتشر خبر تهديم القبور، استنكره المسلمون في جميع بقاع العالم على أنّه عمل إجرامي يسيء إلى أولياء الله ويحط من قدرهم، كما يحط من قدر آل الرسول (صلى الله عليه وعليهم) وأصحابه.

    نشرت جريدة أُم القرى بعددها ۶۹ في ۱۷ شوّال ۱۳۴۴ﻫ نصّ الاستفتاء وجوابه، وكأن الجواب قد أُعد تأكيداً على تهديم القبور، وحددت تاريخ صدور الفتوى من علماء المدينة بتاريخ ۲۵ رمضان ۱۳۴۴ﻫ، امتصاصاً لنقمة المسلمين، إلا أن الرأي العام لم يهدأ، لا في داخل الحجاز ولا في العالم الإسلامي، وتوالت صدور التفنيدات للفتوى ومخالفتها للشريعة الإسلامية.

    وليت شعري أين كان علماء المدينة المنورة عن منع البناء على القبور ووجوب هدمه قبل هذا التاريخ؟! ولماذا كانوا ساكتين عن البناء طيلة هذه القرون من صدر الإسلام وما قبل الإسلام وإلى يومنا هذا؟!

    ألم تكن قبور الشهداء والصحابة مبني عليها؟ ألم تكن هذه الأماكن مزارات تاريخية موثقة لأصحابها؟ مثل مكان: مولد النبي(صلى الله عليه وآله)، ومولد فاطمة(عليها السلام)، وقبر حواء أُم البشر والقبة التي عليه، أين قبر حواء اليوم؟ ألم يكن وجوده تحفة نادرة يدل على موضع موت أول امرأة في البشرية؟ أين مسجد حمزة في المدينة ومزاره الذي كان؟ أين وأين…

    القرآن وبناء القبور

    لو تتبعنا القرآن الكريم ـ كمسلمين ـ لرأينا أنّ القرآن الكريم يعظّم المؤمنين ويكرّمهم بالبناء على قبورهم ـ حيث كان هذا الأمر شائعاً بين الأُمم التي سبقت ظهور الإسلام ـ فيحدّثنا القرآن الكريم عن أهل الكهف حينما اكتُشف أمرهم ـ بعد ثلاثمّائة وتسع سنين ـ بعد انتشار التوحيد وتغلّبه على الكفر.

    ومع ذلك نرى انقسام الناس إلى قسمين: قسم يقول: (ابْنُوا عَلَيْهِم بُنْيَاناً)(1) تخليداً لذكراهم ـ وهؤلاء هم الكافرون ـ بينما نرى المؤمنين ـ التي انتصرت إرادتهم فيما بعد ـ يدعون إلى بناء مسجد على الكهف، بجوار قبور أُولئك الذين رفضوا عبادة غير الله؛ كي يكون مركزاً لعبادة الله تعالى.

    فلو كان بناء المسجد على قبور الصالحين أو بجوارها علامة على الشرك، فلماذا صدر هذا الاقتراح من المؤمنين؟! ولماذا ذكر القرآن اقتراحهم دون نقد أو ردّ؟! أليس ذلك دليلاً على الجواز، (قَالَ الّذِينَ غَلَبُوا عَلَى أَمْرِهِمْ لَنَتّخِذَنّ عَلَيْهِم مّسْجِداً)(2).

    فهذا تقرير من القرآن الكريم على صحّة هذا الاقتراح ـ بناء المسجد ـ ومن الثابت أنّ تقرير القرآن حجّة شرعية.

    إنّ هذا يدلّ على أنّ سيرة المؤمنين الموحّدين في العالم كلّه كانت جارية على البناء على القبور، وكان يُعتبر عندهم نوعاً من التقدير لصاحب القبر، وتبرّكاً به لما له من منزلة عظيمة عند الله، ولذلك بني المسجد وأصبحت قبور أصحاب الكهف مركزاً للتعظيم والاحترام.

    ولا زالت هذه الحالة موجودة حتّى في وقتنا الحاضر لقبور العظماء والملوك والخالدين، فهل توجد أخلد وأطهر من ذرّية رسول الله(صلى الله عليه وآله) الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهرّهم تطهيراً؟

    البقيع في الشعر

    لقد نظم كثير من الشعراء هذه الجريمة النكراء، منهم العلّامة السيّد صدر الدين الصدر(قدس سره):

    لعـمري إنّ فاجعة البقيـع ** يُشيبُ لهولها فؤاد الرضيع

    وسوف تكون فاتحة الرزايا ** إذا لم يُصحَ من هذا الهجوع

    أما من مسلمٍ لله يرعى ** حقوق نبيّه الهادي الشفيع(3)

    وقال شاعر آخر:

    تبّاً لأحفاد اليهود بما جَنـوا ** لم يكسـبوا من ذاك إلّا العارا

    هتكوا حريـم محمّد فـي آله ** يا ويلهم قد خالفـوا الجبّارا

    هَدَموا قبور الصالحين بحقدهم ** بُعداً لهم قد أغضبوا المختارا(4)

    وقال شاعر آخر:

    لِمن القبور الدارسات بطيبة ** عفت لها أهل الشقا آثارا

    قُل للّذي أفتى بهدم قبورهم ** أن سوف تصلى في القيامة نارا

    أعَلِمتَ أيّ مراقد هدمتها ** هي للملائك لا تزال مزارا(5).

    وقال الشيخ عبد الكريم الممتن مؤرّخاً هدم قبور أئمّة البقيع:

    لعمرك ما شاقني ربرب ** طفقت لتذكاره أنحب

    ولا سحّ من مقلتي العقيق ** على جيرة فيه قد طنبوا

    ولكن شجاني وفتّ الحشا ** أعاجيب دهر بنا يلعب

    وحسبك من ذاك هدم القباب ** فذلك عن جوره يعرب

    قباب برغم العلى هُدمت ** وهيهات ثاراتها تذهب

    إلى م معاشر أهل الإبا ** يصول على الأسد الثعلب

    لئن صعب الأمر في دركها ** فترك الطلّاب بها أصعب

    أليس كما قال تاريخه ** بتهديمها انهدم المذهب(6)

    ـــــــــــــــــــــــــ

    ۱و۲٫ الكهف: ۲۱٫

    ۳٫ بحوث في الملل والنحل ۱ /۳۳۹٫

    ۴٫ المذاهب الإسلامية ـ الوهابية.

    ۵٫ ليالي بيشاور ـ المجلس الثالث.

    ۶٫ مستدركات أعيان الشيعة ۲ /۱۶۱٫

    بقلم: محمد أمين نجف
    sigpic
  • سيد فاضل

    • Aug 2019
    • 29847

    #2
    الثامن من شوال ..ذكرى هدم قبور ائمة البقيع عليهم السلام

    يوافق اليوم 8 شوال ذكرى هدم نظام آل سعود قبور ائمة البقيع بعد استيلائهم على المدينة المنورة في عام 1344 هـ بمساعدة بريطانيا وبهذه المناسبة الاليمة نوجّه أحر التعازي الى المسلمين كافة سنة وشيعة ونعرض مقتطفات حول هذه الجريمة النكراء.

    وفقا لما أفادته وكالة أهل البيت (ع) للأنباء ــ ابنا ــ تقع مقبرة بقيع الغرقد في المدينة المنوّرة قرب المسجد النبوي الشريف ومرقد الرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله)، وتضم مراقد الأئمّة الأربعة المعصومين من أهل بيت النبوّة والرسالة (عليهم السلام)، وهم: الإمام الحسن المجتبى، والإمام علي زين العابدين، والإمام محمّد الباقر، والإمام جعفر الصادق(عليهم السلام) وكانوا تحت قبة واحدة وضمت أيضا مدفن العباس عمّ النبي(صلى الله عليه وآله وسلم).

    وثمة قبةٌ قريبة منها عرفت ببيت الأحزان، حيث كانت الزهراء (سلام الله عليها) تخرج إلى ذلك المكان وتبكي على أبيها المصطفى (ص).

    قباب مقبرة البقيع

    واشتملت مقبرة البقيع على قباب كثيرة، مثل أزواج النبي وأولاده ومرضعته (صلى الله عليه وآله وسلم) «حليمة السعدية» وكانت هناك قبة «فاطمة بنت أسد» (سلام الله عليها) والدة الإمام أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام) وقبة زوجته أم البنين (سلام الله عليها) وتقع قرب قبة عمات النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، وقبة الصحابي «جابر بن عبد الله الأنصاري» وغيرهم مما هو مذكور في التاريخ.

    وكما دفن في البقيع فاطمة بنت أسد أم أميرالمؤمنين علي بن أبي طالب (عليهم السلام) جوار الأئمة الأربعة سلام الله عليهم.

    قال السمهودي: وفي الكبير والأوسط بسند فيه روح بن صلاح وثّقة ابن حباب،‌ والحاكم.

    وعن أنس بن مالك قال: لما ماتت فاطمة بنت أسد (ع)، دخل عليها رسول الله (صلي الله عليه وآله) فجلس عند رأسها فقال: رحمك الله يا أمي بعد أمي. وذكر ثناءه عليها وتكفينها ببرده، إلى ان قال:‌« فلما بلغوا اللحد حفره رسول الله (صلى الله عليه وآله) بيده وأخرج ترابه بيده، فلما فرغ دخل رسول الله (صلى الله عليه وآله) فاضطجع فيه ثم قال:‌ الله الذي يحيي ويميت وهو حي لا يموت، إغفر لأمي فاطمة‌ بنت أسد (ع) ووسع عليها مدخلها بحق نبيك والأنبياء الذين من قبلي؛ فإنك أرحم الراحمين.

    وقال السمهودي أيضاً: توفيت صفية بنت عبدالمطلب فدفنت في آخر الزقاق الذي يخرج إلى البقيع.

    قال المجلسي في البحار: وفيها ـ أي في سنة حجة الوداع ـ توفي ابراهيم ابن رسول الله (صلى الله عليه وآله). ولد في ذي الحجة من سنة ثمان وتوفي في ربيع الأول من هذه السنة، ودفن بالبقيع.

    قال السمهودي في وفاء الوفاء ص 893 ج2: وعن قدامة، قال: دفن رسول الله (صلي الله عليه وآله) ابراهيم ابنه إلى جنب «عثمان بن مظعون» وقبره حذاء زاوية دار عقيل بن أبي طالب (عليهما السلام) من ناحية دار «محمد بن زيد».

    ووصف البقيع «عون بن هاشم» حين هجم الوهابيون على الطائف بقوله: (رأيت الدم فيها يجري كالنهر بين النخيل، وبقيت سنتين عندما أرى الماء الجارية أظنها والله حمراء. ( نجد وملحقاته، أمين الريحاني، ص256. ).

    ووصف البقيع الرحالة السويسري (لويس بورخات) بقوله: (هي عبارة عن مربع كبير تبلغ سعته مئات من الخطوات، محاط بجدار يتصل من الجهة الجنوبية بضاحية البلدة، وبساتين النخيل الأخرى. وتبدوا المقبرة حقيرة جداً لا تليق بقدسية الشخصيات المدفونة فيها. وقد تكون أقذر وأتعس من أية مقبرة موجودة في المدن الشرقية الأخرى التي تضاهي المدينة المنورة في حجمها، فهي تخلوا من أي قبر مشيد تشييداً مناسباً، وتنشر القبور فيها وهي أكوام غير منتظمة من التراب يحد كل منها عدد من الأحجار الموضوعة فوقها (..) وقد خّرب الوهابيون قبورهم وعبثوا بها). ( حمزة الحسن، الشيعة في المملكة السعودية، ص211..).

    جريمة آل سعود

    بعدما استولى آل سعود على مكّة المكرّمة والمدينة المنوّرة وضواحيهما عام 1344ﻫ، بدأوا يبحثون عن ذريعة وودليل لهدم المراقد المقدّسة في البقيع، ومحو آثار أهل البيت(عليهم السلام) والصحابة.

    وخوفاً من غضب المسلمين في الحجاز والبلاد الإسلامية، وتبريراً لعملهم الإجرامي ارغموا علماء المدينة المنوّرة على إصدار فتوى بحُرمة البناء على القبور.

    فكتبوا استفتاءً ذهب به قاضي قضاة الوهابي سليمان بن بليهد الى علماء المدينة، فاجتمع بهم ، وتحت التهديد والترهيب وقّع العلماء على جواب نُوّه عنه في الاستفتاء بحُرمة البناء على القبور؛ تأييداً لرأي الجماعة التي كتبت الاستفتاء.

    واستناداً لهذا الجواب اعتبرت الحكومة السعودية ذلك مبرّراً مشروعاً لهدم قبور الصحابة والتابعين، وهي في الحقيقة إهانة لهم ولآل الرسول(صلى الله عليه وآله)، فتسارعت قوى الوهابية الضالة إلى هدم قبور آل الرسول(صلى الله عليه وآله) في الثامن من شوّال من نفس السنة ـ أي عام 1344ﻫ ـ فهدّموا قبور الأئمّة الأطهار والصحابة في البقيع، وسوّوها بالأرض وشوّهوا محاسنها، وتركوها عرضةً لوطئ الأقدام ودوس الهوام.

    ونهبت كلّ ما كان في ذلك الحرم المقدّس، من فرش وهدايا وآثار قيّمة وغيرها، وحَوّلت ذلك المزار المقدّس إلى أرضٍ موحشة مقفرة.

    وبعدما انتشر خبر هدم القبور، استنكره المسلمون في جميع بقاع العالم على أنّه عمل إجرامي يسيء إلى أولياء الله ويحطّ من قدرهم، كما يحطّ من قدر آل الرسول (صلى الله عليه وعليهم) وأصحابه.

    نشرت جريدة أُمّ القرى بعددها 69 في 17 شوّال 1344ﻫ نصّ الاستفتاء وجوابه، وكأنّ الجواب قد أُعدّ تأكيداً على تهديم القبور، وحدّدت تاريخ صدور الفتوى من علماء المدينة بتاريخ 25 رمضان 1344ﻫ، امتصاصاً لنقمة المسلمين، إلّا أنّ الرأي العام لم يهدأ، لا في داخل الحجاز ولا في العالم الإسلامي، وتوالت صدور التفنيدات للفتوى ومخالفتها للشريعة الإسلامية.

    وليت شعري أين كان علماء المدينة المنوّرة عن منع البناء على القبور ووجوب هدمه قبل هذا التاريخ؟! ولماذا كانوا ساكتين عن البناء طيلة هذه القرون من صدر الإسلام وما قبل الإسلام وإلى يومنا هذا؟!

    ألم تكن قبور الشهداء والصحابة مبنيّ عليها؟ ألم تكن هذه الأماكن مزارات تاريخية موثّقة لأصحابها؟ مثل مكان: مولد النبي(صلى الله عليه وآله)، ومولد فاطمة(عليها السلام)، وقبر حوّاء أُمّ البشر والقبّة التي عليه، أين قبر حوّاء اليوم؟ ألم يكن وجوده تحفة نادرة يدلّ على موضع موت أوّل امرأة في البشرية؟ أين مسجد حمزة في المدينة ومزاره الذي كان؟ أين وأين... .

    القرآن الكريم وبناء القبور

    لو تتبعنا القرآن الكريم ـ كمسلمين ـ لرأينا أنّ القرآن الكريم يعظّم المؤمنين ويكرّمهم بالبناء على قبورهم ـ حيث كان هذا الأمر شائعاً بين الأُمم التي سبقت ظهور الإسلام ـ فيحدّثنا القرآن الكريم عن أهل الكهف حينما اكتُشف أمرهم ـ بعد ثلاثمّائة وتسع سنين ـ بعد انتشار التوحيد وتغلّبه على الكفر.

    ومع ذلك نرى انقسام الناس إلى قسمين: قسم يقول:ï´؟ ... ابْنُوا عَلَيْهِمْ بُنْيَانًا ... ï´¾ 1تخليداً لذكراهم ـ وهؤلاء هم الكافرون ـ بينما نرى المؤمنين ـ التي انتصرت إرادتهم فيما بعد ـ يدعون إلى بناء مسجد على الكهف، بجوار قبور أُولئك الذين رفضوا عبادة غير الله؛ كي يكون مركزاً لعبادة الله تعالى.

    فلو كان بناء المسجد على قبور الصالحين أو بجوارها علامة على الشرك، فلماذا صدر هذا الاقتراح من المؤمنين؟! ولماذا ذكر القرآن اقتراحهم دون نقد أو ردّ؟! أليس ذلك دليلاً على الجواز، ï´؟ ... قَالَ الَّذِينَ غَلَبُوا عَلَىظ° أَمْرِهِمْ لَنَتَّخِذَنَّ عَلَيْهِمْ مَسْجِدًا ï´¾ 1.

    فهذا تقرير من القرآن الكريم على صحّة هذا الاقتراح ـ بناء المسجد ـ ومن الثابت أنّ تقرير القرآن حجّة شرعية.

    إنّ هذا يدلّ على أنّ سيرة المؤمنين الموحّدين في العالم كلّه كانت جارية على البناء على القبور، وكان يُعتبر عندهم نوعاً من التقدير لصاحب القبر، وتبرّكاً به لما له من منزلة عظيمة عند الله، ولذلك بني المسجد وأصبحت قبور أصحاب الكهف مركزاً للتعظيم والاحترام.

    ولا زالت هذه الحالة موجودة حتّى في وقتنا الحاضر لقبور العظماء والملوك والخالدين، فهل توجد أخلد وأطهر من ذرّية رسول الله(صلى الله عليه وآله) الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهرّهم تطهيراً؟

    هدم المشاهد والقبور والآثار الإسلامية في مكة والمدينة وغيرهما

    لم تقتصر جريمة آل سعود على هدم قبور أئمة أهل البيت والصحابة في البقيع فقد امتدت أياديهم الخبيثة لتطال الكثير من الآثار الاسلامية مايكشف حقدهم الدفين على الاسلام والمسلمين ففي مكة دُمرت مقبرة المعلى، والبيت الذي ولد فيه الرسول (صلى الله عليه وآله) . (أمين الريحاني، نقلاً عن حمزة الحسن، الشيعة في المملكة السعودية، ج2، ص271 .)

    كما قاموا بفعلة شنيعة في سنة 1216هـ (1801م) بالاعتداء على مباني مدينة كربلاء، فهدّموا المساجد والأسواق، والكثير من البيوت التراثية المحيطة بالمرقدين وعبثوا بالمراقد المقدسة وهدموا سور المدينة.. (دراسات حول كربلاء ودورها الحضاري، وقائع ندوة علمية عقدت في لندن، دار الصفوة.ط1، ص607.)

    كما عزموا على هدم قبة الرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله وسلم) لكن المسلمين في الهند ومصر وغيرهما أيضاً خرجوا في تظاهرات احتجاجية ما أوقفهم عن ذلك في قصة معروفة، ومازالوا يخططون لارتكاب جرائم أخرى، حتى أن عالمهم (بن باز) لا يزور مسجد الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) قائلاً: ما دام هذا الصنم (أي قبة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم) هناك لا أزوره، لكن الزمان مرّ عليه ولا يأبه بكلامه أحد. (الشيخ عبد العزيز بن باز(1330- 1420هـ) مفتي السعودية) .

    البقيع والشعراء

    أدان العديد من الشعراء هذه الجريمة النكراء، منهم العلّامة السيّد صدر الدين الصدر(قدس سره):

    لعـمري إنّ فاجعة البقيـع ** يُشيبُ لهولها فؤاد الرضيع

    وسوف تكون فاتحة الرزايا ** إذا لم يُصحَ من هذا الهجوع

    أما من مسلمٍ لله يرعى ** حقوق نبيّه الهادي الشفيع 2 .

    وقال شاعر آخر

    تبّاً لأحفاد اليهود بما جَنـوا ** لم يكسـبوا من ذاك إلّا العارا

    هتكوا حريـم محمّد فـي آله ** يا ويلهم قد خالفـوا الجبّارا

    هَدَموا قبور الصالحين بحقدهم ** بُعداً لهم قد أغضبوا المختارا 3 .

    وقال شاعر آخر

    لِمن القبور الدارسات بطيبة ** عفت لها أهل الشقا آثارا

    قُل للّذي أفتى بهدم قبورهم ** أن سوف تصلى في القيامة نارا

    أعَلِمتَ أيّ مراقد هدمتها ** هي للملائك لا تزال مزارا 4 .

    وقال الشيخ عبد الكريم الممتن مؤرّخاً هدم قبور أئمّة البقيع:

    لعمرك ما شاقني ربرب ** طفقت لتذكاره أنحب

    ولا سحّ من مقلتي العقيق ** على جيرة فيه قد طنبوا

    ولكن شجاني وفتّ الحشا ** أعاجيب دهر بنا يلعب

    وحسبك من ذاك هدم القباب ** فذلك عن جوره يعرب

    قباب برغم العلى هُدمت ** وهيهات ثاراتها تذهب

    إلى م معاشر أهل الإبا ** يصول على الأسد الثعلب

    لئن صعب الأمر في دركها ** فترك الطلّاب بها أصعب

    أليس كما قال تاريخه ** بتهديمها انهدم المذهب
    sigpic

    تعليق

    • سيد فاضل

      • Aug 2019
      • 29847

      #3
      شفقنا العراق-أحيت الأمانة العامة للعتبة الحسينية المقدسة، يوم الخميس (20 أيار 2021) ذكرى هدم قبور أئمة البقيع التي تصادف يوم 8 شوال من كل عام .

      وأفاد موقع العتبة الحسينية إن الرادود باسم الكربلائي أحيا هذه المناسبة وسط حضور جماهيري من كل المحافظات غطى الصحن الحسيني الشريف .

      وهدم قبور أئمة البقيع، عملية قام بها الوهابيّون عندما سيطروا على المدينة المنورة، فاستباحوا مقدساتها، وعثوا في آثارها تخريباً وهدماً، وقد تكررت هذه العملية مرتين، الأولى: سنة 1220 هـ والثانية: سنة 1344 هـ.

      وقد أثار هدم قبور البقيع موجة غضب واحتجاجات في مختلف البلدان الإسلامية، وحتى يومنا هذا فإن الشيعة تقيم مجالس العزاء والبكاء بهذه المناسبة، ويقدمون التعازي، ويقرؤون المراثي في ذكرى سنوية لهذا اليوم.

      ومن ابرز هذه القبور التي هدمت هي قبور أهل البيت (عليهم السلام) والصحابة والتابعين، وهي كالتالي:

      قبر الإمام الحسن بن علي بن أبي طالب سيد شباب أهل الجنة عليه السلام.

      قبر الإمام علي بن الحسين زين العابدين وسيد الساجدين عليه السلام.

      قبر الإمام محمد بن علي الباقر عليه السلام.

      قبر الإمام جعفر بن محمد الصادق عليه السلام.

      قبر فاطمة بنت أسد زوجة أبي طالب وأم أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام.

      قبر العباس بن عبد المطلب عم الرسول صلغŒ الله عليه وآله وسلم.

      قبر إبراهيم بن رسول الله صلغŒ الله عليه وآله وسلم.

      قبور اُمهات المؤمنين زوجات رسول الله صلغŒ الله عليه وآله وسلم.

      قبور بنات رسول الله صلغŒ الله عليه وآله وسلم زينب وأم كلثوم ورقية.

      قبر إسماعيل بن الإمام الصادق عليه السلام.

      قبر عثمان بن مظعون رضوان الله تعالى عليه.

      قبر حليمة السعدية رضوان الله تعالى عليها مرضعة رسول الله صلغŒ الله عليه وآله وسلم.

      قبر أم البنين فاطمة الكلابية زوجة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب وأم أبي الفضل العباس عليه السلام.
      sigpic

      تعليق

      • سيد فاضل

        • Aug 2019
        • 29847

        #4
        في الذكرى اï»·ليمة.. لماذا هدمت قبور أئمة البقيع عليهم السلام؟

        شفقنا العراق-يوافق اليوم 8 شوال ذكرى هدم نظام آل سعود قبور ائمة البقيع بعد استيلائهم على المدينة المنورة في عام 1344 هـ بمساعدة بريطانيا وبهذه المناسبة الاليمة نوجّه أحر التعازي الى المسلمين كافة سنة وشيعة ونعرض مقتطفات حول هذه الجريمة النكراء.

        تقع مقبرة بقيع الغرقد في المدينة المنوّرة قرب المسجد النبوي الشريف ومرقد الرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله)، وتضم مراقد الأئمّة الأربعة المعصومين من أهل بيت النبوّة والرسالة (عليهم السلام)، وهم: الإمام الحسن المجتبى، والإمام علي زين العابدين، والإمام محمّد الباقر، والإمام جعفر الصادق(عليهم السلام) وكانوا تحت قبة واحدة وضمت أيضا مدفن العباس عمّ النبي(صلى الله عليه وآله وسلم).

        وثمة قبةٌ قريبة منها عرفت ببيت الأحزان، حيث كانت الزهراء (سلام الله عليها) تخرج إلى ذلك المكان وتبكي على أبيها المصطفى (ص).

        قباب مقبرة البقيع

        واشتملت مقبرة البقيع على قباب كثيرة، مثل أزواج النبي وأولاده ومرضعته (صلى الله عليه وآله وسلم) «حليمة السعدية» وكانت هناك قبة «فاطمة بنت أسد» (سلام الله عليها) والدة الإمام أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام) وقبة زوجته أم البنين (سلام الله عليها) وتقع قرب قبة عمات النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، وقبة الصحابي «جابر بن عبد الله الأنصاري» وغيرهم مما هو مذكور في التاريخ.

        وكما دفن في البقيع فاطمة بنت أسد أم أميرالمؤمنين علي بن أبي طالب (عليهم السلام) جوار الأئمة الأربعة سلام الله عليهم.

        قال السمهودي: وفي الكبير والأوسط بسند فيه روح بن صلاح وثّقة ابن حباب،‌ والحاكم.

        وعن أنس بن مالك قال: لما ماتت فاطمة بنت أسد (ع)، دخل عليها رسول الله (صلي الله عليه وآله) فجلس عند رأسها فقال: رحمك الله يا أمي بعد أمي. وذكر ثناءه عليها وتكفينها ببرده، إلى ان قال:‌« فلما بلغوا اللحد حفره رسول الله (صلى الله عليه وآله) بيده وأخرج ترابه بيده، فلما فرغ دخل رسول الله (صلى الله عليه وآله) فاضطجع فيه ثم قال:‌ الله الذي يحيي ويميت وهو حي لا يموت، إغفر لأمي فاطمة‌ بنت أسد (ع) ووسع عليها مدخلها بحق نبيك والأنبياء الذين من قبلي؛ فإنك أرحم الراحمين.

        وقال السمهودي أيضاً: توفيت صفية بنت عبدالمطلب فدفنت في آخر الزقاق الذي يخرج إلى البقيع.

        قال المجلسي في البحار: وفيها ـ أي في سنة حجة الوداع ـ توفي ابراهيم ابن رسول الله (صلى الله عليه وآله). ولد في ذي الحجة من سنة ثمان وتوفي في ربيع الأول من هذه السنة، ودفن بالبقيع.

        قال السمهودي في وفاء الوفاء ص 893 ج2: وعن قدامة، قال: دفن رسول الله (صلي الله عليه وآله) ابراهيم ابنه إلى جنب «عثمان بن مظعون» وقبره حذاء زاوية دار عقيل بن أبي طالب (عليهما السلام) من ناحية دار «محمد بن زيد».

        ووصف البقيع «عون بن هاشم» حين هجم الوهابيون على الطائف بقوله: (رأيت الدم فيها يجري كالنهر بين النخيل، وبقيت سنتين عندما أرى الماء الجارية أظنها والله حمراء. ( نجد وملحقاته، أمين الريحاني، ص256. ).

        ووصف البقيع الرحالة السويسري (لويس بورخات) بقوله: (هي عبارة عن مربع كبير تبلغ سعته مئات من الخطوات، محاط بجدار يتصل من الجهة الجنوبية بضاحية البلدة، وبساتين النخيل الأخرى. وتبدوا المقبرة حقيرة جداً لا تليق بقدسية الشخصيات المدفونة فيها. وقد تكون أقذر وأتعس من أية مقبرة موجودة في المدن الشرقية الأخرى التي تضاهي المدينة المنورة في حجمها، فهي تخلوا من أي قبر مشيد تشييداً مناسباً، وتنشر القبور فيها وهي أكوام غير منتظمة من التراب يحد كل منها عدد من الأحجار الموضوعة فوقها (..) وقد خّرب الوهابيون قبورهم وعبثوا بها). ( حمزة الحسن، الشيعة في المملكة السعودية، ص211..).

        جريمة آل سعود

        بعدما استولى آل سعود على مكّة المكرّمة والمدينة المنوّرة وضواحيهما عام 1344ﻫ، بدأوا يبحثون عن ذريعة وودليل لهدم المراقد المقدّسة في البقيع، ومحو آثار أهل البيت(عليهم السلام) والصحابة.

        وخوفاً من غضب المسلمين في الحجاز والبلاد الإسلامية، وتبريراً لعملهم الإجرامي ارغموا علماء المدينة المنوّرة على إصدار فتوى بحُرمة البناء على القبور.

        فكتبوا استفتاءً ذهب به قاضي قضاة الوهابي سليمان بن بليهد الى علماء المدينة، فاجتمع بهم ، وتحت التهديد والترهيب وقّع العلماء على جواب نُوّه عنه في الاستفتاء بحُرمة البناء على القبور؛ تأييداً لرأي الجماعة التي كتبت الاستفتاء.

        واستناداً لهذا الجواب اعتبرت الحكومة السعودية ذلك مبرّراً مشروعاً لهدم قبور الصحابة والتابعين، وهي في الحقيقة إهانة لهم ولآل الرسول(صلى الله عليه وآله)، فتسارعت قوى الوهابية الضالة إلى هدم قبور آل الرسول(صلى الله عليه وآله) في الثامن من شوّال من نفس السنة ـ أي عام 1344ﻫ ـ فهدّموا قبور الأئمّة الأطهار والصحابة في البقيع، وسوّوها بالأرض وشوّهوا محاسنها، وتركوها عرضةً لوطئ الأقدام ودوس الهوام.

        ونهبت كلّ ما كان في ذلك الحرم المقدّس، من فرش وهدايا وآثار قيّمة وغيرها، وحَوّلت ذلك المزار المقدّس إلى أرضٍ موحشة مقفرة.

        وبعدما انتشر خبر هدم القبور، استنكره المسلمون في جميع بقاع العالم على أنّه عمل إجرامي يسيء إلى أولياء الله ويحطّ من قدرهم، كما يحطّ من قدر آل الرسول (صلى الله عليه وعليهم) وأصحابه.

        نشرت جريدة أُمّ القرى بعددها 69 في 17 شوّال 1344ﻫ نصّ الاستفتاء وجوابه، وكأنّ الجواب قد أُعدّ تأكيداً على تهديم القبور، وحدّدت تاريخ صدور الفتوى من علماء المدينة بتاريخ 25 رمضان 1344ﻫ، امتصاصاً لنقمة المسلمين، إلّا أنّ الرأي العام لم يهدأ، لا في داخل الحجاز ولا في العالم الإسلامي، وتوالت صدور التفنيدات للفتوى ومخالفتها للشريعة الإسلامية.

        وليت شعري أين كان علماء المدينة المنوّرة عن منع البناء على القبور ووجوب هدمه قبل هذا التاريخ؟! ولماذا كانوا ساكتين عن البناء طيلة هذه القرون من صدر الإسلام وما قبل الإسلام وإلى يومنا هذا؟!

        ألم تكن قبور الشهداء والصحابة مبنيّ عليها؟ ألم تكن هذه الأماكن مزارات تاريخية موثّقة لأصحابها؟ مثل مكان: مولد النبي(صلى الله عليه وآله)، ومولد فاطمة(عليها السلام)، وقبر حوّاء أُمّ البشر والقبّة التي عليه، أين قبر حوّاء اليوم؟ ألم يكن وجوده تحفة نادرة يدلّ على موضع موت أوّل امرأة في البشرية؟ أين مسجد حمزة في المدينة ومزاره الذي كان؟ أين وأين… .

        القرآن الكريم وبناء القبور

        لو تتبعنا القرآن الكريم ـ كمسلمين ـ لرأينا أنّ القرآن الكريم يعظّم المؤمنين ويكرّمهم بالبناء على قبورهم ـ حيث كان هذا الأمر شائعاً بين الأُمم التي سبقت ظهور الإسلام ـ فيحدّثنا القرآن الكريم عن أهل الكهف حينما اكتُشف أمرهم ـ بعد ثلاثمّائة وتسع سنين ـ بعد انتشار التوحيد وتغلّبه على الكفر.

        ومع ذلك نرى انقسام الناس إلى قسمين: قسم يقول:ï´؟ … ابْنُوا عَلَيْهِمْ بُنْيَانًا … ï´¾ 1تخليداً لذكراهم ـ وهؤلاء هم الكافرون ـ بينما نرى المؤمنين ـ التي انتصرت إرادتهم فيما بعد ـ يدعون إلى بناء مسجد على الكهف، بجوار قبور أُولئك الذين رفضوا عبادة غير الله؛ كي يكون مركزاً لعبادة الله تعالى.

        فلو كان بناء المسجد على قبور الصالحين أو بجوارها علامة على الشرك، فلماذا صدر هذا الاقتراح من المؤمنين؟! ولماذا ذكر القرآن اقتراحهم دون نقد أو ردّ؟! أليس ذلك دليلاً على الجواز، ï´؟ … قَالَ الَّذِينَ غَلَبُوا عَلَىظ° أَمْرِهِمْ لَنَتَّخِذَنَّ عَلَيْهِمْ مَسْجِدًا ï´¾ 1.

        فهذا تقرير من القرآن الكريم على صحّة هذا الاقتراح ـ بناء المسجد ـ ومن الثابت أنّ تقرير القرآن حجّة شرعية.

        إنّ هذا يدلّ على أنّ سيرة المؤمنين الموحّدين في العالم كلّه كانت جارية على البناء على القبور، وكان يُعتبر عندهم نوعاً من التقدير لصاحب القبر، وتبرّكاً به لما له من منزلة عظيمة عند الله، ولذلك بني المسجد وأصبحت قبور أصحاب الكهف مركزاً للتعظيم والاحترام.

        ولا زالت هذه الحالة موجودة حتّى في وقتنا الحاضر لقبور العظماء والملوك والخالدين، فهل توجد أخلد وأطهر من ذرّية رسول الله(صلى الله عليه وآله) الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهرّهم تطهيراً؟

        هدم المشاهد والقبور والآثار الإسلامية في مكة والمدينة وغيرهما

        لم تقتصر جريمة آل سعود على هدم قبور أئمة أهل البيت والصحابة في البقيع فقد امتدت أياديهم الخبيثة لتطال الكثير من الآثار الاسلامية مايكشف حقدهم الدفين على الاسلام والمسلمين ففي مكة دُمرت مقبرة المعلى، والبيت الذي ولد فيه الرسول (صلى الله عليه وآله) . (أمين الريحاني، نقلاً عن حمزة الحسن، الشيعة في المملكة السعودية، ج2، ص271 .)

        كما قاموا بفعلة شنيعة في سنة 1216هـ (1801م) بالاعتداء على مباني مدينة كربلاء، فهدّموا المساجد والأسواق، والكثير من البيوت التراثية المحيطة بالمرقدين وعبثوا بالمراقد المقدسة وهدموا سور المدينة.. (دراسات حول كربلاء ودورها الحضاري، وقائع ندوة علمية عقدت في لندن، دار الصفوة.ط1، ص607.)

        كما عزموا على هدم قبة الرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله وسلم) لكن المسلمين في الهند ومصر وغيرهما أيضاً خرجوا في تظاهرات احتجاجية ما أوقفهم عن ذلك في قصة معروفة، ومازالوا يخططون لارتكاب جرائم أخرى، حتى أن عالمهم (بن باز) لا يزور مسجد الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) قائلاً: ما دام هذا الصنم (أي قبة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم) هناك لا أزوره، لكن الزمان مرّ عليه ولا يأبه بكلامه أحد. (الشيخ عبد العزيز بن باز(1330- 1420هـ) مفتي السعودية) .

        البقيع والشعراء

        أدان العديد من الشعراء هذه الجريمة النكراء، منهم العلّامة السيّد صدر الدين الصدر(قدس سره):

        لعـمري إنّ فاجعة البقيـع ** يُشيبُ لهولها فؤاد الرضيع

        وسوف تكون فاتحة الرزايا ** إذا لم يُصحَ من هذا الهجوع

        أما من مسلمٍ لله يرعى ** حقوق نبيّه الهادي الشفيع 2 .

        وقال شاعر آخر

        تبّاً لأحفاد اليهود بما جَنـوا ** لم يكسـبوا من ذاك إلّا العارا

        هتكوا حريـم محمّد فـي آله ** يا ويلهم قد خالفـوا الجبّارا

        هَدَموا قبور الصالحين بحقدهم ** بُعداً لهم قد أغضبوا المختارا 3 .

        وقال شاعر آخر

        لِمن القبور الدارسات بطيبة ** عفت لها أهل الشقا آثارا

        قُل للّذي أفتى بهدم قبورهم ** أن سوف تصلى في القيامة نارا

        أعَلِمتَ أيّ مراقد هدمتها ** هي للملائك لا تزال مزارا 4 .

        وقال الشيخ عبد الكريم الممتن مؤرّخاً هدم قبور أئمّة البقيع:

        لعمرك ما شاقني ربرب ** طفقت لتذكاره أنحب

        ولا سحّ من مقلتي العقيق ** على جيرة فيه قد طنبوا

        ولكن شجاني وفتّ الحشا ** أعاجيب دهر بنا يلعب

        وحسبك من ذاك هدم القباب ** فذلك عن جوره يعرب

        قباب برغم العلى هُدمت ** وهيهات ثاراتها تذهب

        إلى م معاشر أهل الإبا ** يصول على الأسد الثعلب

        لئن صعب الأمر في دركها ** فترك الطلّاب بها أصعب

        أليس كما قال تاريخه ** بتهديمها انهدم المذهب
        sigpic

        تعليق

        • سيد فاضل

          • Aug 2019
          • 29847

          #5
          هدم قبور أئمة البقيع (ع) وجريمة آل سعود والوهابية
          وغŒران جنت البقغŒع
          وكالة الحوزة - يوافق 8 شوال هدم قبور أئمة البقيع، فبهذه المناسبة الأليمة نسلط الضوء على كيفية هذه الفعلة الشنيعة التي قام بها آل سعود والوهابية.

          وكالة أنباء الحوزة - البقيع.. بقعة شريفة طاهرة في المدينة المنوّرة، قرب المسجد النبوي الشريف، ومرقد الرسول الأعظم (صلّى الله عليه وآله)، فيها مراقد الأئمّة الأربعة المعصومين من أهل بيت النبوّة والرسالة (عليهم السلام)، وهم: الإمام الحسن المجتبى، والإمام علي زين العابدين، والإمام محمّد الباقر، والإمام جعفر الصادق (عليهم السلام).

          جريمة آل سعود
          بعدما استولى آل سعود على مكّة المكرّمة، والمدينة المنوّرة وضواحيهما، عام 1344هـ، بدؤوا يفكّرون بوسيلة ودليل لهدم المراقد المقدّسة في البقيع، ومحو آثار أهل البيت (عليهم السلام).
          وخوفاً من غضب المسلمين في الحجاز، وفي عامّة البلاد الإسلامية، وتبريراً لعملهم الإجرامي المُضمر في بواطنهم الفاسدة، استفتوا علماء المدينة المنوّرة حول حرمة البناء على القبور.
          فكتبوا استفتاءً ذهب به قاضي قضاة الوهّابيين سليمان بن بليهد مستفتياً علماء المدينة، فاجتمع مع العلماء أوّلاً وتباحث معهم، وتحت التهديد والترهيب وقّع العلماء على جواب نُوّه عنه في الاستفتاء بحرمة البناء على القبور، تأييداً لرأي الجماعة التي كتبت الاستفتاء.
          واستناداً لهذا الجواب اعتبرت الحكومة السعودية ذلك مبرّراً مشروعاً لهدم قبور أهل البيت والتابعين، ـ وهي في الحقيقة إهانة لهم ولآل الرسول (صلّى الله عليه وآله) ـ فتسارعت قوى الشرك والوهّابية إلى هدم قبور آل الرسول (صلى الله عليه وآله) في الثامن من شوّال من نفس السنة ـ أي عام 1344هـ ـ، فهدّموا قبور الأئمّة الأطهار والصحابة المنتجبين في البقيع، وسوّوها بالأرض، وشوّهوا محاسنها، وتركوها معرضاً لوطئ الأقدام، ودوس الكلاب والدواب.
          ونهبت كلّ ما كان في ذلك الحرم المقدّس من فرش وهدايا، وآثار قيّمة وغيرها، وحوّلت ذلك المزار المقدّس إلى أرض موحشة مقفرة.
          وبعدما انتشر خبر تهديم القبور، استنكره المسلمون في جميع بقاع العالم، على أنّه عمل إجرامي يسيء إلى أولياء الله، ويحطّ من قدرهم، كما يحطّ من قدر آل الرسول (صلّى الله عليه وعليهم) وأصحابه الأخيار المقربين.

          نشرت جريدة أُمّ القرى بعددها 69 في 17/ شوّال 1344 هـ نص الاستفتاء وجوابه ـ وكأن الجواب قد أُعدّ تأكيداً على تهديم القبور ـ، وحدّدت تاريخ صدور الفتوى من علماء المدينة بتاريخ 25/ رمضان 1344 هـ، امتصاصاً لنقمة المسلمين، إلاّ أنّ الرأي العام لم يهدأ، لا في داخل الحجاز ولا في العالم الإسلامي، وتوالت صدور التفنيدات للفتوى ومخالفتها للشريعة الإسلامية.
          وليت شعري أين كان علماء المدينة المنوّرة عن منع البناء على القبور؟!، ووجوب هدمه قبل هذا التاريخ؟!، ولماذا كانوا ساكتين عن البناء طيلة هذه القرون؟! من صدر الإسلام، وما قبل الإسلام، وإلى يومنا هذا!.
          ألم تكن قبور الشهداء والصحابة مبني عليها؟!، ألم تكن هذه الأماكن مزارات تاريخية موثّقة لأصحابها، مثل مكان: مولد النبي (صلّى الله عليه وآله)، ومولد فاطمة (عليها السلام)، وقبر حوّاء أُمّ البشر والقبّة التي عليه، أين قبر حوّاء اليوم؟!، ألم يكن وجوده تحفة نادرة؟!، يدلّ على موضع موت أوّل امرأة في البشرية، أين مسجد حمزة في المدينة؟!، ومزاره الذي كان؟ أين...؟ وأين...

          القرآن وبناء القبور
          لو تتبعنا القرآن الكريم ـ كمسلمين ـ لرأينا أنّ القرآن الكريم يعظّم المؤمنين ويكرّمهم بالبناء على قبورهم، حيث كان هذا الأمر شائعاً بين الأُمم التي سبقت ظهور الإسلام، فيحدّثنا القرآن الكريم عن أهل الكهف حينما اكتشف أمرهم، بعد ثلاثمئة وتسع سنين، بعد انتشار التوحيد وتغلّبه على الكفر.
          ومع ذلك نرى انقسام الناس إلى قسمين، قسم يقول: (ابْنُوا عَلَيْهِم بُنْيَانًا) [الكهف: 21]، تخليداً لذكراهم، وهؤلاء هم الكافرون، بينما نرى المؤمنين الذين انتصرت إرادتهم فيما بعد، يدعون إلى بناء المسجد على الكهف، كي يكون مركزاً لعبادة الله تعالى، بجوار قبور أُولئك الذين رفضوا عبادة غير الله.
          فلو كان بناء المسجد على قبور الصالحين أو بجوارها علامة على الشرك، فلماذا صدر هذا الاقتراح من المؤمنين؟!، ولماذا ذكر القرآن اقتراحهم دون نقد أو ردّ؟!، أليس ذلك دليلاً على الجواز، (قَالَ الَّذِينَ غَلَبُوا عَلَى أَمْرِهِمْ لَنَتَّخِذَنَّ عَلَيْهِم مَّسْجِداً)، [الكهف: 21].
          فهذا تقرير من القرآن الكريم على صحّة هذا الاقتراح ـ بناء المسجد ـ، ومن الثابت أنّ تقرير القرآن حجّة شرعية.
          إنّ هذا يدل على أنّ سيرة المؤمنين الموحّدين في العالم كلّه كانت جارية على البناء على القبور، وكان يُعتبر عندهم نوعاً من التقدير لصاحب القبر، وتبرّكاً به لما له من منزلة عظيمة عند الله، ولذلك بُني المسجد وأصبحت قبور أصحاب الكهف مركزاً للتعظيم والاحترام.
          ولا زالت هذه الحالة موجودة حتّى في وقتنا الحاضر، لقبور العظماء والملوك والخالدين، فهل توجد أخلد وأطهر من ذرّية رسول الله (صلّى الله عليه وآله)؟!، الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهرّهم تطهيراً.

          البقيع في الشعر
          من الذين نظموا الشعر حول هذه الجريمة النكراء، السيّد صدر الدين الصدر (قدس سره) حيث قال:
          لـعمري إنّ فـاجعة البقيع * يُـشيبُ لهولها فَودُ الرضيع
          وسوف تكون فاتحة الرزايا * إذا لم يُصحَ من هذا الهجوع
          أمـا مـن مسلم لله يرعى * حـقوق نبيّه الهادي الشفيع، [بحوث في الملل والنحل: 1/339].
          وقال شاعر آخر:
          تـباً لأحـفاد اليهود بما جَنوا * لـم يكسبوا من ذاك إلاّ العارا
          هـتكوا حـريم محمّد في آله * يـا ويـلهم قد خالفوا الجبّارا
          هَدَموا قبور الصالحين بحقدهم * بُعداً لهم قد أغضبوا المختارا
          وقال الشيخ عبد الكريم الممتن مؤرّخاً هدم قبور أئمّة البقيع:
          لـعمرك مـا شاقني ربرب * طـفـقت لـتذكاره أنـحب
          ولا سـح من مقلتي العقيق * عـلى جيرة فيه قد طنبوا
          ولـكن شجاني وفت الحشا * أعـاجيب دهـر بـنا يلعب
          وحسبك من ذاك هدم القباب * فـذلك عـن جـوره يعرب
          قـباب بـرغم العلى هدمت * وهـيهات ثـاراتها تذهب
          إلـى مَ مـعاشر أهل الإبا * يـصول على الأسد الثعلب
          لئن صعب الأمر في دركها * فـترك الـطلاب بها أصعب
          ألـيس كـما قـال تاريخه * بـتهديمها انـهدم المذهب [مستدركات أعيان الشيعة: 2/161].
          sigpic

          تعليق

          • سيد فاضل

            • Aug 2019
            • 29847

            #6
            وصف من شاهد عيان لمقبرة البقيع قبل هدمها وبعده / السيد عبد الحسين الحيدري

            الاجتهاد: زار قبور أئمة البقيع الأربعة قبل تهديمها العالم الفاضل والحاكم العادل السيد علي السيد عبد الله السيد علي خان الموسوي المشعشي الحيدري قبل ثلاثمائة عام. فقد ذكر في كتابه {الرحلة المكية} المخطوط، تفاصيل الزيارة.

            يقول المؤلف: وأما البقيع فهو خارج سور المدينة ومحاذي الرّوضة المشرّفة، ما بين الجنوب والمشرق، وفيه القبور المنوّرة الأربعة للأئمة الكرام (عليهم أفضل الصلاة والسلام)، أعني: أبا محمد الحسن المجتبغŒ، وعلي بن الحسين زين العابدين، ومحمد بن علي باقر العلوم، وجعفر بن محمد الصادق القول (صلوات الله وسلامه عليهم)، وتزار فاطمة (عليها السلام) في قبّتهم ممّا يلي وجه ولدها من القبلة(1).

            في تلك القبة المنورة مدفن العباس عم النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، وخارج القبة بفاصلة قليلة من طرف سهيل(2) قبّة وهي القبّة التي يُقال أنّها مبنية على بيت الأحزان، وكانت فاطمة (صلوات الله وسلامه علغŒها) تخرج إليه وتبكي على أبيها فيه.

            تشتمل مقبرة البقيع على قباب كثيرة مثل: أزواج النبي (صلى الله عليه وآله) وبنات النبي (صلى الله عليه وآله) وأولاد النبي (صلى الله عليه وآله) ومرضعته حليمة السّعدية، وفاطمة بنت أسد أم أمير المؤمنين (عليه السلام).

            فهذه القبور والقباب والآثار التي ذكرها المؤلف في كتابه ليس لها أثر ولا عين في الوقت الحاضر.

            فأملنا بالله قوي أن تظهر تلك القبور وتلك القباب والمزخرفات التي كانت موجودة على قبور أئمتنا الأطهار إلى حيّز الوجود بأحسن ممّا كانت عليه، في القريب العاجل إن شاء الله تعالى.

            وصف لمقبرة البقيع بعد تهديمها بعدة شهور

            وهنا وصف آخر من شاهد عيان آخر كان قد زار البقيع في سنة (1925م) أي بعد تهدمها بعدّة شهور، الزائر هو «المستر رتر» (3)،

            فلنستمع إلى ما يقوله عن زيارته:
            وحينما دخلت إلى البقيع وجدت منظره كأنّه منظر بلدة قد خُربت عن آخرها، فلم يكن في أنحاء المقبرة كلّها ما يمكن أن يرى أو يشاهد، سوغŒ أحجار مبعثرة وأكوام صغيرة من التراب لا حدود لها، وقطع من الخشب والحديد مع كتل كثيرة من الحجر والآجر والسّمنت المتكسّر هنا وهناك.

            قد كان ذلك أشبه بالبقايا المبعثرة لبلدة أصابها الزّلزال فخرّبها كلّها. ووجدت بجنب السور الغربي للمقيرة أكواماً كبيرة من ألواح الخشب القديمة والكتل الحجرية وقضبان الحديد، وكان بعض ما جمع من المواد الإنشائية المبعثرة و كُوّم هناك بانتظام، وقد أُزيلت الأنقاض من بعض الممرّات الضيّقة حتى يتمكّن الزائرون أن يمرّوا منها ليصلوا إلى مختلف أنحاء المقبرة.

            في ما عدا ذلك لم يكن هناك ما يدلّ على شيء من الانتظام، فقد كان كلّ شيء عبارة وعورة تتخلّلها مواد الأبنية المهدّمة وشواهد القبور المبعثرة ولم يحدث هذا بفعل الزمن و عوارض الطبيعة بل صنعته يد الإنسان عن تقصد وعمد.

            فقد هُدمت واختفت عن الأنظار القباب البيضاء التي كانت تدلّ على قبور آل البيت النبوي في السّابق، وقبر الإمام مالك وغيرهم، وأصاب القبور الأخرى نفس المصير فسُحقت و هُشمت حتى الأقفاص المصنوعة من أعواد الجريد التي كانت تغطّي قبور الفقراء من الناس قد عُزلت جانباً وأٌحرقت.

            ويقول «مستر رتر» وحينما توغّلنا في داخل المقبرة لمشاهدة الأكوام التي تدلّ في يومنا هذا على قبور المسلمين الأوائل الذين صنعوا التاريخ الحافل سمعتُ دلغŒلغŒ عامداً يكرّر بهمس ويقول:

            أستغفر الله أستغفر الله، لا حول ولا قوة إلا بالله، وكان القلة ممّن بقي من سدنة القبور التي بقيت معالمها شاخصة للعيان، يقفون أو يجلسون بجنبها بأوجه كئيبة ومن دون أن تبدر منهم أيّة حركة، فلم يطلبوا الصّدقة ولم يتكلموا بشيء سوى بعض الكلمات الخافتة برغم عدم وجود أحد من الوهابيين على مقربة منهم غير اثنين من عبيد ابن سبهان في الباب.

            لكن بعض النّخاولة كانوا لا يزالون منشغلين في إلتقاط بعض القطع الصّالحة لإستعمالها في بيوتهم، من الخشب وغيره يلتقطونها من بين الخرائب والأنقاض.

            ليس بوسع هؤلاء النخاولة أن يدفنوا موتاهم في العادة بين قبور الأولياء في البقيع ولكنهم قاموا الآن تحت إشراف السّلطة وإرغامهم على تهديم وتدمير قبور المسلمين الموجودة في البقيع.

            لقد سرنا في ممر ضيّق وكنّا نتجوّل بين الأنقاض والأزبال المبعثرة هنا وهناك، ثمّ توجهنا إلى الجهة من المقبرة وفيما كنا نخطو بخطوات بطيئة إلتقينا بجماعات من الهنود التي كانت راجعة من زيارة هذه المقبرة وكان الذي يتقدّم هذه الجماعات من الهنود رجلاً مسناً ذا لحية طويلة وقد خطّ الشّيب سوادها.

            كان وهو يمشي منتصب الرّأس لا يحرّك عينيه يمنة ولا يسرة، بل كان ينظر إلى الأمام على الدّاوم والدّموع تنحدر من عينيه بتيّار مستمر، أما الذين كانوا يسيرون وراءه فقد نظروا إلينا نظرة خاطفة ثمّ حوّلوا أنظارهم إلى الأمام بسرعة، ثم بعد ذلك وصلنا إلى مرتفع بسيط وعندئذٍ عرفت سبب الحزن الذي كان يبدو على الهندي المسن والذي كانت الدموع تنهمر من عينه، فقد كانت هناك بين أيدينا على الأرض قطعة من الخشب يظهر أنها مقلوعة من صندوق خشبي كان موضوعاً على أحد القبور فعلمت أنّه كان يبكي على هذه القطع من الأخشاب التي كانت من بقيّة الصناديق التي تُوضع على قبور المسلمين سابقاً، ورأيتُ هندياً آخر كان جالساً بجنب خشبة وهو يبكي وينتحب على مصير قبور المسلمين المهدّمة.



            ——–

            (1) ماذكره المؤلف يؤيّد رأي من يقول: أنها “سلام الله عليها” مدفونة في البقيع.

            (2) يقصد به نجم سهيل المعروف

            (3) {موسوعة العتبات المقدسة}: جعفر الخليلي – ص: 328 .



            المصدر: كتاب قبور أئمة البقيع قبل تهديمها – وصف لها من شاهد عيان كان قد زارها قبل ثلاثمائة عام – تأليف: السيد عبد الحسين السيد حبيب الحيدري الموسوي – دار السلام -بيروت -لبنان ( 1419هـ – 1998م)
            sigpic

            تعليق

            • سيد فاضل

              • Aug 2019
              • 29847

              #7
              هدم قبور البقيع الغرقد.. جريمة الفكر الوهابي المتطرف / الشيخ محمّد الكريطي النجفي

              الاجتهاد: نعزي العالم الإسلامي وعلماء المسلمين ونخص علماء الشيعة ومحبي أهل البيت ومواليهم في كل أصقاع العالم بالذكرى الثامنة والتسعين الأليمة والفاجعة الكبيرة التي وقعت في الثامن من شهر شوال المعظم من عام 1344 للهجرة المشرّفة وهي هدم قبور أئمة المسلمين وجملة كبيرة من قبور الأولياء والصحابة بفتوى الفكر التكفيري الوهابي.

              إن البقيع كلمة تطلق على الأرض التي تحتوي على أشجار شتى وقد كانت البقيع الغرقد كذلك وكان موقعها الى جانب المدينة، وقد عمد رسول الله صلى الله عليه وآله الى جعلها مقبرة حيث دفن فيها الصحابي أسعد بن زرارة وكان من الأنصار أي من أهل المدينة، ثم توفي عثمان بن مضعون فسأل المسلمون النبي الأكرم صلى الله عليه وآله عن موضع دفنه فأمرهم بدفنه في البقيع وشارك بذلك ووضع على قبر عثمان حجرا ليدل عليه فيما لو أرادوا المجيء لقبره لقراءة القرآن أو زيارته، ثم جرت بعد ذلك عادة المسلمين على دفن أمواتهم في البقيع وأخذوا يقطعون الأشجار لذلك الغرض حتى إتسعت رقعة البقيع.

              فالمؤسس الأول للمقبرة هو الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله، واستمرت بعده في زمن حكومة الأوائل وحكومة الأمويين والعباسيين ومن بعدهم ولم تشهد هذه البقعة أي عدوان على طول التاريخ حتى جاءت فرقة الوهابية التكفيرية الضالّة فوقع أول عدوان منهم على البقيع عام 1220 هـ من خلال مجاميع مسلحة استطاعت قطع الطريق والهجوم والاعتداء على قبور ائمة المسلمين،

              وبعد الإتفاق على إزالة الأشراف من مكة وقع الهجوم الثاني على مقبرة البقيع عام 1344هـ، ولم تكتفي هذه الفرقة بهدم قبور الأئمة الأربعة ( الإمام الحسن، وزين العابدين ، والباقر ، والصادق عليهم السلام) فحسب بل عمدت الى هدم جملة كبيرة من القبور ، فقد تسالمت طوائف المسلمين على قبر في البقيع لأم البشر السيدة حواء فهدموه بالرغم من كون البعد التأريخي له يمتد لألوف السنين، وهدموا قبر عبدالمطلب وأبي طالب، وأم النبي الأكرم صلى الله عليه وآله السيدة آمنة، ووالده عبدالله ، وهدموا قبر زوجة رسول الله صلى الله عليه وآله التي لم يستقم الإسلام إلا بأموالها مولاتنا أم المؤمنين خديجة،

              ثم دخلوا المدينة وهدموا قبري أولاد الرسول صلى الله عليه وآله إبراهيم والقاسم ، وكذلك هدموا قبور زوجات الرسول صلى الله عليه وآله، وجملة من أصحاب النبي كقبر أبي سعيد الخدري وغيره، وقبور عمات النبي وأعمامه كالعباس بن عبدالمطلب وحليمة السعيدة، وقبر فاطمة بنت أسد أم أمير المؤمنين ، وقبر عبدالله بن جعفر الطيار ، وإسماعيل بن الإمام جعفر الصادق وغيرهم .

              إنّ كبار علماء المسلمين – اليوم – وبالأخص علماء الشيعة منهم لا يتجنون على الوهابية حين يرجعونهم في المنهج الى ذات المنهج الأموي؛ ذلك لأنّ التاريخ يشهد بأنّ مروان بن الحكم الذي لعنه النبي وهو في صلب أبيه قام بالإعتداء على قبر عثمان بن مضعون وذلك برفع الحجر الذي وضعه رسول الله على قبر الصحابي عثمان، ولمّا سألوه عن دافع ذلك أجاب بازدراء شخصية عثمان قائلا وهل نجعل لهذا علامة يعلم بها قبره، فأبى أن يُرجع الحجر،

              وغير خفي أنّ هذا الصحابي كان من الصالحين الأبرار الذين لا تؤخذهم في الله لومة لائم ، فلمّا أنزله النبي الأكرم صلى الله عليه وآله في قبره قال رحمك الله يا عثمان ما لبست الدنيا وما لبستك، فلم يرض اللعين مروان أن يكون لهذا الصحابي قبرا يشار إليه، ولا سيما أنّ غيره يدفن في مقابر اليهود، ولاريب أنّه ذات الدافع الذي بعث بالوهابية الى تجسيد حقدهم تجاه أولياء الله وأئمة المسلمين في البقيع؛ إذ لا تتحمل نفوسهم رؤية قباب أهل البيت شاخصة نيّرة يلاذ بها ويلجأ المسلمون لها كبيوت ربانية عبادية،

              وفي القبال قبر سيدهم معاوية خربة مهجورة ولا قبر لولده اللعين، وعلى المسلمين اليوم أن يعوا أنّ الإرهاب التكفيري القائم في يومنا هذا في أرجاء مختلفة من العالم بإسم داعش والنصرة وغيرهم هو نسخة من الفكر الوهابي المتطرّف وعليهم أن يوحّدوا كلمتهم في تجريم الدولة الحاضنة للفكر الوهابي وتصنيفها ضمن لائحة الإرهاب.

              ولا يخفى أنّ قبور الكثير من الشخصيات الإسلامية منتشرة في أرجاء أراضي الإسلام ولم يكن يوماً يعتقد المسلمون أنّ إقامة قبورهم بدعة، بل البدعة في الدين هي هذه الجريمة النكراء التي لاتستند إلّا على الحقد الأموي والضلال الفكري، فلم يتورعوا عن العدوان وهم يعلمون أنّ حرمة المسلم العادي ميتاً كحرمته حياً، فكيف الحال بالنسبة لقبور شخصياتِ هم من أهل البيت، وقد أذن الله أن ترفع بيوتهم ويذكر فيها اسمه فحين سأل النبي صلى الله عليه وآله عن بيت الإمام علي عليه السلام أهو منها قال نعم ومن أفاضلها ، فإذا أراد الله تشريعاً أن ترفع بيوت أهل البيت فما أقبح وأجرم أن تهدم قبورهم وأضرحتهم التي اتخذت بيوتاً يعبد فيها الله ويوحّد ،

              ثم إذا كانت القبور لا فائدة منها لمَ أصرّا الأول والثاني أن يدفنا عند قبر رسول الله، وإذا كانت القبور بدعة لماذا تركوا قبرهما دون هدم ما دام المناط الفقهي لفتواهم واحد! ، ولماذا أقر القرآن ولم يعترض على تعبير النّاس عن حبهم لأصحاب الكهف حين أرادوا أن يتخذوا عليهم مسجداً ؟ وغيرها من الأسئلة.

              إنّ فعلة الوهابية هذه لم تكن مخالفة للدين وسيرة علماء المسلمين فحسب ، بل هي مخالفة لما جرت عليه سيرة البشرية جمعاء من تخليد عظماءها وإقامة التذكار لهم من خلال النصب والصور وغيرها ، ولهذا ما إصرار الوهابية الى اليوم على هذا الفعل المنكر إلّا لأنّهم يعلمون أنّ تكريم وتعظيم شخصيات أهل البيت عبر تشييد قبورهم له أثره وإسهامه في كشف حقيقة الإسلام النبوي وأتباعه وتمييزه عن الإسلام الأموي وأتباعه ، فاستعانوا بهدم القبور لتغييب أي معلَم لرجال الإسلام الحق الحقيقيين حتى لو كان قبراً محاولين بذلك منع الإرتباط الروحي والمعنوي بهم لما يمثّلوه من خط قويم يتصل برسول الإنسانية ونبع صافي يورد منه الدين المحمّدي الحقيقي ، حيث لا يفترقون عن القرآن في أقوالهم وأفعالهم حتى يردون الحوض .

              وبذكرى هذه الفاجعة نردد ما قاله الشاعر :
              قل للذي أفتى بهدم قبورهم أن سوف تصلى في القيامة نارا
              أعلمت أي مراقد هدمتها هي للملاك لا تزال مزارا

              وليعلم الوهابيون التكفيريون أنّ تهديم قبور الأئمة والصالحين لن يكون سبباً في غيابهم عن أفكارنا وحياة أمتنا بل سيبقى وجودهم صورة قيمية في حاضر أحرار الأمة الإسلامية ومستقبلهم كما هي صورتهم في ما مضى من تاريخ الإسلام، وأنّى لهم محوها من القلب المفعم بالحب لهم من قبل مواليهم، فليس فعل التكفيرين إلّا جهد العاجز، وعليهم أن يعودوا الى رشدهم إن كان به بقيه.

              والسلام على أئمة البقيع والصالحين ما بقي الليل والنّهار والحمد لله رب العالمين وصلى الله على محمد وآله الطاهرين .
              sigpic

              تعليق

              • محـب الحسين

                • Nov 2008
                • 46909

                #8
                أعظم الله لكم الأجر والثواب

                تعليق

                • سيد فاضل

                  • Aug 2019
                  • 29847

                  #9
                  أجورنا وأجوركم
                  sigpic

                  تعليق

                  يعمل...
                  X