اللهم صلِ على محمد وآلِ محمد


بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد المصطفى و علي المرتضى و البضعة الزهراء ... و الحسنين
الإمامين و الإئمة الأطهار
أما بعد السلام عليكم
علي عليه السلام هو الخليفة الوحيد ، الذي لم يميز نفسه وقبيلته عن عامة
المسلمين بدرهم واحد ، وكان بعضهم في حاجة ماسة ! فمن كلام له عليه
السلام :
{ والله لأن أبيت على حسك السعدان مسهداً ، وأجرًّ في الأغلال مصفداً ،
أحبُّ إلي من أن ألقى الله ورسوله يوم القيامة ظالماً لبعض العباد ،
أوغاصباً لشئ من الحطام... وكيف أظلم أحداً لنفس يسرع إلى البلى قفولها ،
ويطول في الثرى حلولها !
والله لقد رأيت عقيلاً وقد أملق ، حتى استماحني من بركم صاعاً ، ورأيت
صبيانه شعث الشعور غُبر الألوان من فقرهم ، كأنما سُوِّدت وجوههم
بالعِظْلم ، وعاودني مؤكداً وكرر علي القول مردداً ، فأصغيت إليه سمعي
فظن أني أبيعه ديني وأتبع قياده مفارقاً طريقتي ، فأحميت له حديدة ثم
أدنيتها من جسمه ليعتبر بها ، فضج ضجيج ذي دنف من ألمها وكاد أن يحترق من
ميسمها !
فقلت له: ثكلتك الثواكل يا عقيل أتئن من حديدة أحماها إنسانها للعبه ،
وتجرني إلى نار سجرها جبارها لغضبه ! أتئن من الأذى ولا أئن من لظى }
(نهج البلاغة:2/216) .
وفي تاريخ اليعقوبي:2/183: وأعطى الناس بالسوية لم يفضل أحداً على أحد ،
وأعطى الموالي كما أعطى الصلبية ، وقيل له في ذلك فقال:
قرأت ما بين الدفتين فلم أجد لولد إسماعيل على ولد إسحاق فضل هذا ، وأخذ
عوداً من الأرض ، فوضعه بين إصبعيه... انتهى .
وروى في دعائم الإسلام:1/384: أن علياً عليه السلام أمر عمار بن ياسر ،
وعبيد الله بن أبي رافع ، وأبا الهيثم بن التيهان ، أن يقسموا فيئاً بين
المسلمين ، وقال لهم:
إعدلوا فيه ولا تفضلوا أحد على أحداً .
فحسبوا فوجدوا الذي يصيب كل رجل من المسلمين ثلاثة دنانير ، فأعطوا
الناس .
فأقبل إليهم طلحة والزبير ومع كل واحد منهما ابنه ، فدفعوا إلى كل واحد
منهم ثلاثة دنانير ، فقال طلحة والزبير:
ليس هكذا كان يعطينا عمر ، فهذا منكم أو عن أمر صاحبكم ؟
قالوا: بل هكذا أمرنا أمير المؤمنين عليه السلام ، فمضيا إليه فوجداه في
بعض أمواله قائماً في الشمس على أجير له يعمل بين يديه ، فقالا:
ترى أن ترتفع معنا إلى الظل؟
قال: نعم ، فقالا له: إنا أتينا إلى عمالك على قسمة هذا الفئ ، فأعطوا كل
واحد منا مثل ما أعطوا سائر الناس ، قال: وما تريدان ؟
قالا: ليس كذلك كان يعطينا عمر .
قال: فما كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يعطيكما؟
فسكتا ، فقال: أليس كان صلى الله عليه وآله وسلم يقسم بالسوية بين
المسلمين من غير زيادة ؟
قالا: نعم .
قال: أفسنة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أولى بالإتباع عندكما أم
سنة عمر؟
قالا: سنة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، ولكن يا أمير المؤمنين
لنا سابقة وغَنَاء وقرابة ، فإن رأيت أن لا تسوينا بالناس فافعل ، قال:
سابقتكما أسبق أم سابقتي؟
قالا: سابقتك ، قال: فقرابتكما أقرب أم قرابتي؟
قالا: قرابتك ، قال: فغَنَاؤكما أعظم أم غَنَائي؟
قالا: بل أنت أعظم غَنَاء ، قال:
فوالله ما أنا وأجيري هذا في هذا المال إلا بمنزلة واحدة ، وأومى بيده
إلى الأجير الذي بين يديه !
قالا: جئنا لهذا وغيره ، قال: وما غيره؟
قالا: أردنا العمرة فأذن لنا ، قال: إنطلقا فما العمرة تريدان ! ولقد
أُنبئت بأمركما وأُريت مضاجعكما ! فمضيا ، وهو يتلو وهما يسمعان:
فَمَنْ نَكَثَ فَإِنَّمَا يَنْكُثُ عَلَى نَفْسِهِ وَمَنْ أَوْفَى بِمَا
عَاهَدَ عَلَيْهُ اللهَ فَسَيُؤْتِيهِ أَجْراً عظيماً !
وفي نهج البلاغة:2/185، في كلام له عليه السلام مع طلحة والزبير:
وأما ما ذكرتما من أمر الأسوة ، فإن ذلك أمرٌ لم أحكم أنا فيه برأيي ،
ولا وليته هوى مني ، بل وجدت أنا وأنتما ما جاء به رسول الله صلى الله
عليه وآله وسلم قد فُرغ منه ، فلم أحتج إليكما فيما فرغ الله من قسمه
وأمضى فيه حكمه ، فليس لكما والله عندي ولا لغير كما في هذا عتبى . أخذ
الله بقلوبنا وقلوبكم إلى الحق ، وألهمنا وإياكم الصبر... انتهى .
تعليق