مناظرة الإمام الكاظم ( عليه السلام ) مع هارون الرشيد

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • محب الرسول

    • Dec 2008
    • 28579

    مناظرة الإمام الكاظم ( عليه السلام ) مع هارون الرشيد

    مناظرة الإمام الكاظم ( عليه السلام ) مع هارون الرشيد

    دخل هارون الرشيد على الإمام الكاظم ( عليه السلام ) ، وقد عمد على القبض عليه ، لأشياء كذبت عليه عنده ، فأعطاه طوماراً طويلاً فيه مذاهب شنعة نسبها إلى شيعته ، فقرأه ( عليه السلام ) ، ثمّ قال له : ( يا أمير المؤمنين نحن أهل بيت منينا بالتقوّل علينا ، وربّنا غفور ستور ، أبى أن يكشف أسرار عباده إلاّ في وقت محاسبته : ( يَوْمَ لاَ يَنْفَعُ مَالٌ وَلاَ بَنُونَ * إِلاَ مَنْ أَتَى اللهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ ) .


    ثمّ قال : ( حدّثني أبي ، عن أبيه ، عن علي ، عن النبي ( عليهم السلام ) : الرحم إذا مسّت اضطربت ثمّ سكنت ، فإن رأى أمير المؤمنين أن تمس رحمي رحمه ويصافحني فعل ) ، فتحوّل عند ذلك عن سريره ومد يمينه إلى الإمام الكاظم ( عليه السلام ) ، فأخذ بيمينه ثمّ ضمّه إلى صدره ، فاعتنقه وأقعده عن يمينه .


    وقال : أشهد أنّك صادق وجدّك صادق ، ورسول الله ( صلّى الله عليه وآله ) صادق ، ولقد دخلت وأنا أشد الناس حنقاً وغيظاً لما رقي إليّ فيك ، فلمّا تكلّمت بما تكلّمت ، وصافحتني سري عنّي ، وتحوّل غضبي عليك رضى .


    وسكت ساعة ، ثمّ قال له : أريد أن أسألك عن العباس وعلي ، بما صار علي أولى بميراث رسول الله ( صلّى الله عليه وآله ) من العباس ، والعباس عم رسول الله ( صلّى الله عليه وآله ) وصنو أبيه ؟



    فقال له الإمام ( عليه السلام ) : ( أعفني ) ، قال : والله لا أعفيتك ، فأجبني .


    قال ( عليه السلام ) : ( فإن لم تعفني فآمنّي ) ، قال : آمنتك ، قال ( عليه السلام ) : ( إنّ النبي ( صلّى الله عليه وآله ) لم يورّث من قدر على الهجرة فلم يهاجر ، إنّ أباك العباس آمن ولم يهاجر ، وإنّ علياً آمن وهاجر ، وقال الله تعالى : ( وَالَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يُهَاجِرُوا مَا لَكُمْ مِنْ وَلاَيَتِهِمْ مِنْ شَيْءٍ حَتَّى يُهَاجِرُوا ) ) ، فتغيّر لون هارون .


    ثمّ تابع الرشيد فقال : ما لكم لا تنسبون إلى علي وهو أبوكم ، وتنسبون إلى رسول الله وهو جدّكم ؟ فقال الإمام الكاظم ( عليه السلام ) : ( إنّ الله نسب المسيح عيسى بن مريم ( عليه السلام ) إلى خليله إبراهيم ( عليه السلام ) بأمّه مريم البكر البتول ، التي لم يمسّها بشر ، في قوله تعالى : ( وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِ دَاوُدَ وَسُلَيْمَانَ وَأَيُّوبَ وَيُوسُفَ وَمُوسَى وَهَارُونَ وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ ) ، ( وَزَكَرِيَّا وَيَحْيَى وَعِيسَى وَإِلْيَاسَ كُلٌّ مِنَ الصَّالِحِينَ ) ، فنسبه لأمّه وحدها إلى خليله إبراهيم ( عليه السلام ) .


    كما نسب داود وسليمان وأيوب وموسى وهارون ( عليه السلام ) بآبائهم وأمّهاتهم ، فضيلة لعيسى ( عليه السلام ) ، ومنزلة رفيعة بأمّه وحدها ، وذلك قوله في قصّة مريم ( عليها السلام ) : ( إِنَّ اللهَ اصْطَفَاكِ وَطَهَّرَكِ وَاصْطَفَاكِ عَلَى نِسَاءِ الْعَالَمِينَ ) ، بالمسيح من غير بشر .



    وكذلك اصطفى ربّنا فاطمة ( عليها السلام ) وطهّرها وفضّلها على نساء العالمين بالحسن والحسين سيّدي شباب أهل الجنّة ) .


    فقال له هارون ـ وقد اضطرب وساءه ما سمع ـ : من أين قلتم الإنسان يدخل الفساد من قبل النساء ومن قبل الآباء ، لحال الخمس الذي لم يدفع إلى أهله ، فقال الإمام الكاظم ( عليه السلام ) : ( هذه مسألة ما سئل عنها أحد من السلاطين غيرك ، ولا تيم ولا عدي ولا بنو أميّة ، ولا سئل عنها أحد من آبائي فلا تكشفني عنها ) .


    قال الرشيد : فإن بلغني عنك كشف هذا رجعت عمّا آمنتك ، فقال ( عليه السلام ) : ( لك ذلك ) ، ثمّ قال ( عليه السلام ) : ( فإنّ الزندقة قد كثرت في الإسلام ، وهؤلاء الزنادقة الذين يرفعون إلينا في الأخبار ، هم المنسوبون إليكم ) ، فقال هارون : فما الزنديق عندكم أهل البيت ؟


    فقال ( عليه السلام ) : ( الزنديق هو الراد على الله وعلى رسوله ، وهم الذين يحادّون الله ورسوله ، قال تعالى : ( لاَ تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآَخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ ) ، وهم الملحدون ، عدلوا عن التوحيد إلى الإلحاد ) .


    فقال هارون : أخبرني عن أوّل من ألحد وتزندق ؟ فقال ( عليه السلام ) : ( أوّل من ألحد وتزندق في السماء إبليس اللعين ، فاستكبر وافتخر على صفي الله ونجيبه آدم ( عليه السلام ) ، فقال اللعين : ( أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ ) ، فعتا عن أمر ربّه وألحد ، فتوارث الإلحاد ذرّيته إلى أن تقوم الساعة ) ، فقال هارون : ولإبليس ذرّية ؟


    فقال ( عليه السلام ) : ( نعم ، ألم تسمع إلى قول الله عزّ وجل : ( إِلاَ إِبْلِيسَ كَانَ مِنَ الْجِنِّ فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ أَفَتَتَّخِذُونَهُ وَذُرِّيَّتَهُ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِي وَهُمْ لَكُمْ عَدُوٌّ بِئْسَ لِلظَّالِمِينَ بَدَلاً * مَا أَشْهَدْتُهُمْ خَلْقَ السَّمَوَاتِ وَالأرْضِ وَلاَ خَلْقَ أَنْفُسِهِمْ وَمَا كُنْتُ مُتَّخِذَ الْمُضِلِّينَ عَضُداً ) ) ، فهل عرف الرشيد من أي فريق هو ؟!


    ثمّ قال له الرشيد : بحق آبائك لما اختصرت كلمات جامعة لما تجاريناه ، فقال ( عليه السلام ) : ( نعم ) ، وأوتي بدواة وقرطاس ، فكتب : ( بسم الله الرحمن الرحيم ، جميع أمور الأديان أربعة :


    1ـ أمر لا اختلاف فيه ، وهو إجماع الأمّة على الضرورة التي يضطرّون إليها ، الأخبار المجمع عليها ، وهي الغاية المعروض عليها كل شبهة ، والمستنبط منها كل حادثة ، وهو إجماع الأمّة .


    2ـ وأمر يحتمل الشك والإنكار ، فسبيله استيضاح أهله لمنتحليه بحجّة من كتاب الله مجمع على تأويلها ، وسنّة مجمع عليها لا اختلاف فيها ، أو قياس تعرف العقول عدله ولا يسع خاصّة الأمّة وعامّتها الشك فيه والإنكار له .


    وهذان الأمران من أمر التوحيد فما دونه ، وأرش الخدش فما فوقه ، فهذا المعروض الذي يعرض عليه أمر الدين ، فما ثبت لك برهانه اصطفيته ، وما غمض عليك صوابه نفيته ، فمن أورد واحدة من هذه الثلاث فهي الحجّة البالغة التي بيّنها الله في قوله لنبيه ( صلّى الله عليه وآله ) : ( قُلْ فَلِلَّهِ الْحُجَّةُ الْبَالِغَةُ فَلَوْ شَاءَ لَهَدَاكُمْ أَجْمَعِينَ ) .


    يبلغ الحجّة البالغة الجاهل فيعلمها بجهله ، كما يعلمها العالم بعلمه ، لأنّ الله عدل لا يجور ، يحتج على خلقه بما يعملون ، ويدعوهم إلى ما يعرفون لا إلى ما يجهلون وينكرون ) .


    فأجازه الرشيد وأحسن لقاءه ، وانصرف الإمام ( عليه السلام ) وقد دلّ خصمه ـ المسمى بأمير المؤمنين وخليفة المسلمين ـ على أمور الدين ، كما أوضح له منزلة أهل البيت ( عليهم السلام ) ، وصحّة أقوالهم ، ودعم ما ذهب إليه بأوثق الأدلّة والبراهين ، ولا غرو فهذا الغصن الطيّب هو من تلك الشجرة الطيّبة التي غرسها الرسول ( صلّى الله عليه وآله ) ، وتعهّد سقايتها ورعايتها .
  • محب الصدر
    • Mar 2009
    • 3783

    #2
    احسنت اخي الكريم
    بارك الله بك

    تعليق

    • اريج الجنه
      • Aug 2009
      • 11211

      #3
      سلام الله على كاظم الغيظ
      سلمت يمناااك اخي الكريم
      على هذا الطرح المتميز
      سلمت يمناك وبخواتيم اعمالك

      تعليق

      • ترآنيــم الوفـآء
        • Mar 2011
        • 3944

        #4
        بسم الله الرحمن الرحيم
        اللهم صل على محمد و آل محمد و عجل فرجهم
        السلام على كآظم الغيظ المسموم
        ،’
        جــــل الشكر لك
        ..{ محب الرسول }..
        على المنــآآآظرة المفيدة
        و الطرح الــــرآآئع ،’
        اسأل الله لك كل خير و عــآآفيهـ
        ،’
        بانتظآر ما اعتدنــآآ عليه
        من عطــــآآء بــآآهر

        موفق
        نسألك الدعآء } ترآنيم الوفآء
        :65::65::65:

        تعليق

        يعمل...
        X