بسم الله الرحمن الرحيم
وصلى الله على محمد وآله الطاهرين

في الجزء الأول من هذه المقالة تحدثت فيها عن دور الإمام الصادق عليه السلام في نشر علوم آل البيت وثقيف الناس بما فيه انقاذهم من الجهل وقد كان له ذلك حيث تخرج من مدرسته الكثير من العلماء انتشروا في أرض الله ينشرون على مجتمعاتهم ما تعلموه من علم نافع في شتى مناحي الحياة
وفي هذا الجزء سأتطرق إلى دور الإمام الصادق عليه السلام في حجم المخططات السياسية البغيضة للإسلام من قِبل خلفاء بني العباس وأول أدواره في هذ المجال هو إعراضه الشديد واعتراضه على الممارسات الغير حكيمة من قبل أولئك الخلفاء بدءاً بالسفاح الذي حاول أن يستميل الإمام إلى جانبه في مواجهة حكام بني أمية بعد أن اتخذ شعارات أخذ الثأر لمولانا الحسين عليه السلام ، إلا أنه فشل في ذلك وبعد هلاكه تولى المنصور زمام الحكم العباسي ، ليبدأ محاولاته الغير مجدية في استمالة الإمام إليه إلا أنه وكصاحبه فشل في ذلك لمعرفة الإمام وإلمامه بما تُخفي نفسه الأمارة بالسوء من حقد دفين على رسالة خير المرسلين فكان عليه السلام يُطلق كلمة جبار بني العباس على شخص المنصور ، فلما يئس المنصور من استمالة الإمام إليه بدأ يحيك له المكائد بمضايقة أصحابه وتشتيتهم ومنعهم من دروس العلم عند الإمام وأخذ يكثر من استدعائه للإمام ومعاتبته على مواقفه المخالفة لنظام حكمه وتمنى لو يتمكن من قتله لفعل ، وقد حاول ذلك مراراً لكن العناية الإلهية تتدخل لتُفسد عليه نواياه الخبيثة
فقد روى التاريخ أن المنصور عزم على قتل الإمام عليه السلام
فأمر بإحضاره إليه ليلاً، وكان يقول: قتلني الله إن لم أقتله ولمّا أدخل إلى مجلسه سلّم عليه فلم يردّ السلام، ورفع رأسه وهو يتميّز من الغيظ وقال: يا جعفر، أنت الذي تؤلّب عليّ الناس وتحرّضهم على الثورة؟ لكنّ الإمام، وبهدوءٍ شديدٍ، أنكر عليه ادّعاءه، وأثبت له أنّ ما وصله عنه من أقاويل مصدره خصوم آل البيت، وبعد أخذٍ وردٍ سكن المنصور وقال: أظنّك صادقاً ثمّ أمر بإعادته إلى بيته معزّزاً مكرّماً، ويقال إنّ المنصور استدعاه على هذا الشكل نحواً من ثماني مرّاتٍ، وهو حاقد عليه يريد قتله، ثمّ يتراجع بعد رؤيته، ويجد نفسه مضطرّاً لإكرامه وتعظيمه. ولم يكن مبعث هذا التراجع إحساساً مفاجئاً بالرحمة، فالرحمة لا سبيل لها إلى قلب المنصور، ألم يمزّق بسيفه وبيديه جسد وزيره أبي مسلم قطعةً قطعةً، وفي هذا المجلس بالذّات؟ ألم يسفك دم المئات من المؤمنين الطاهرين؟ لا، بل إنّه الخوف ، أجل كان المنصور الرّهيب يحسّ بالخوف حين يرى الإمام عليه السلام، ولا يملك نفسه أمام هدوء الإمام ووقاره، من الإحساس بالاحترام لهذا الرجل الكبير فيبرّر تراجعه بأنّ الوشاة أخطأوا بحقّ الإمام هذه المرّة أيضاً، ويقول: أظنّك صادقاً
إلا المنصور لم يكن ليبقى هانئاً بلذيذ الحكم إلا حينما يقضي على الإمام فدز إليه السم من خلال واليه على المدينة خفاءاً حتى لا يُتهم هو بقتله له ولما أن جاءه خبر استشهاده أخذ يبكي بدموع التماسيح ليموه على العامة بأنه غير راض على موته ، بعدها كشر عن أنيابه وأرسل إلى واليه على المدينة كتاباً يأمره فيه بضرب عنق من وصى عليه الإمام بالخلافة من بعده إلا أن الإمام عليه السلام ولمعرفته بدهاء المنصور ومكره ، قد رتب الأمر سراً أمام عدد من أصحابه المخلصين وأوصى بالإمامة لابنه موسى ، ثم موه الأمر على المنصور بكتابة وصية جاء فيها أنه أوصى إلى خمسة من بينهم المنصور نفسه حيرت فيما بعد والي المنصور مما أدى به إلى الكتابة إليه يعلمه بفحوى الوصية فلما وصلته الرسالة قال ليس إلى قتل هؤلاء من سبيل ففوت الإمام الصادق عليه السلام الفرصة على المنصور بما يملك من علم لدني من بعاقبة الأمر إن هو بين من الوصي بعده
نعم لقد استشهد الإمام الصادق بعد حياة حافلة بالخير والصلاح وملأى بما فيه خدمة الدين الحنيف من خلال المدرسة العظيمة التي أنشأها وخرج منها آلاف العلماء كل منهم يقول حدثني أبا عبد الله الصادق عليه السلام
استهد في مثل هذا اليوم سنة 148ه ودفن بالبقيع بجانب أبيه الباقر وجده زين العابدين عليهم السلام
ليلقى ربه راضياً مرضياً ويشعل جمرة الحزن في قلوب المؤمنين ليبكوا عليه معولين ويفتحوا لأجله مجالس التأبين
>
منقول
صــ آل محمد ــداح
وصلى الله على محمد وآله الطاهرين

في الجزء الأول من هذه المقالة تحدثت فيها عن دور الإمام الصادق عليه السلام في نشر علوم آل البيت وثقيف الناس بما فيه انقاذهم من الجهل وقد كان له ذلك حيث تخرج من مدرسته الكثير من العلماء انتشروا في أرض الله ينشرون على مجتمعاتهم ما تعلموه من علم نافع في شتى مناحي الحياة
وفي هذا الجزء سأتطرق إلى دور الإمام الصادق عليه السلام في حجم المخططات السياسية البغيضة للإسلام من قِبل خلفاء بني العباس وأول أدواره في هذ المجال هو إعراضه الشديد واعتراضه على الممارسات الغير حكيمة من قبل أولئك الخلفاء بدءاً بالسفاح الذي حاول أن يستميل الإمام إلى جانبه في مواجهة حكام بني أمية بعد أن اتخذ شعارات أخذ الثأر لمولانا الحسين عليه السلام ، إلا أنه فشل في ذلك وبعد هلاكه تولى المنصور زمام الحكم العباسي ، ليبدأ محاولاته الغير مجدية في استمالة الإمام إليه إلا أنه وكصاحبه فشل في ذلك لمعرفة الإمام وإلمامه بما تُخفي نفسه الأمارة بالسوء من حقد دفين على رسالة خير المرسلين فكان عليه السلام يُطلق كلمة جبار بني العباس على شخص المنصور ، فلما يئس المنصور من استمالة الإمام إليه بدأ يحيك له المكائد بمضايقة أصحابه وتشتيتهم ومنعهم من دروس العلم عند الإمام وأخذ يكثر من استدعائه للإمام ومعاتبته على مواقفه المخالفة لنظام حكمه وتمنى لو يتمكن من قتله لفعل ، وقد حاول ذلك مراراً لكن العناية الإلهية تتدخل لتُفسد عليه نواياه الخبيثة
فقد روى التاريخ أن المنصور عزم على قتل الإمام عليه السلام
فأمر بإحضاره إليه ليلاً، وكان يقول: قتلني الله إن لم أقتله ولمّا أدخل إلى مجلسه سلّم عليه فلم يردّ السلام، ورفع رأسه وهو يتميّز من الغيظ وقال: يا جعفر، أنت الذي تؤلّب عليّ الناس وتحرّضهم على الثورة؟ لكنّ الإمام، وبهدوءٍ شديدٍ، أنكر عليه ادّعاءه، وأثبت له أنّ ما وصله عنه من أقاويل مصدره خصوم آل البيت، وبعد أخذٍ وردٍ سكن المنصور وقال: أظنّك صادقاً ثمّ أمر بإعادته إلى بيته معزّزاً مكرّماً، ويقال إنّ المنصور استدعاه على هذا الشكل نحواً من ثماني مرّاتٍ، وهو حاقد عليه يريد قتله، ثمّ يتراجع بعد رؤيته، ويجد نفسه مضطرّاً لإكرامه وتعظيمه. ولم يكن مبعث هذا التراجع إحساساً مفاجئاً بالرحمة، فالرحمة لا سبيل لها إلى قلب المنصور، ألم يمزّق بسيفه وبيديه جسد وزيره أبي مسلم قطعةً قطعةً، وفي هذا المجلس بالذّات؟ ألم يسفك دم المئات من المؤمنين الطاهرين؟ لا، بل إنّه الخوف ، أجل كان المنصور الرّهيب يحسّ بالخوف حين يرى الإمام عليه السلام، ولا يملك نفسه أمام هدوء الإمام ووقاره، من الإحساس بالاحترام لهذا الرجل الكبير فيبرّر تراجعه بأنّ الوشاة أخطأوا بحقّ الإمام هذه المرّة أيضاً، ويقول: أظنّك صادقاً
إلا المنصور لم يكن ليبقى هانئاً بلذيذ الحكم إلا حينما يقضي على الإمام فدز إليه السم من خلال واليه على المدينة خفاءاً حتى لا يُتهم هو بقتله له ولما أن جاءه خبر استشهاده أخذ يبكي بدموع التماسيح ليموه على العامة بأنه غير راض على موته ، بعدها كشر عن أنيابه وأرسل إلى واليه على المدينة كتاباً يأمره فيه بضرب عنق من وصى عليه الإمام بالخلافة من بعده إلا أن الإمام عليه السلام ولمعرفته بدهاء المنصور ومكره ، قد رتب الأمر سراً أمام عدد من أصحابه المخلصين وأوصى بالإمامة لابنه موسى ، ثم موه الأمر على المنصور بكتابة وصية جاء فيها أنه أوصى إلى خمسة من بينهم المنصور نفسه حيرت فيما بعد والي المنصور مما أدى به إلى الكتابة إليه يعلمه بفحوى الوصية فلما وصلته الرسالة قال ليس إلى قتل هؤلاء من سبيل ففوت الإمام الصادق عليه السلام الفرصة على المنصور بما يملك من علم لدني من بعاقبة الأمر إن هو بين من الوصي بعده
نعم لقد استشهد الإمام الصادق بعد حياة حافلة بالخير والصلاح وملأى بما فيه خدمة الدين الحنيف من خلال المدرسة العظيمة التي أنشأها وخرج منها آلاف العلماء كل منهم يقول حدثني أبا عبد الله الصادق عليه السلام
استهد في مثل هذا اليوم سنة 148ه ودفن بالبقيع بجانب أبيه الباقر وجده زين العابدين عليهم السلام
ليلقى ربه راضياً مرضياً ويشعل جمرة الحزن في قلوب المؤمنين ليبكوا عليه معولين ويفتحوا لأجله مجالس التأبين
>

منقول
صــ آل محمد ــداح
تعليق