اللهم صل على محمد وآل محمد,,
السؤال :
هل سجد الرسول صلى الله عليه و وسلم على التربة الحسينية التي يسجد عليها الشيعة؟!
إن قالوا:نعم..
قلنا: هذا كذب ورب الكعبة.
وإن قالوا: لم يسجد.
قلنا: إذا كان كذلك، فهل أنتم أهدى من الرسول صلى الله عليه وسلم سبيلا؟!
مع العلم أن مروياتهم تذكر أن جبريل أتى إلى النبي «صلى الله عليه وآله» بحفنة من تراب كربلاء.
الجواب:
بسم الله الرحمن الرحيم
وله الحمد، والصلاة والسلام على محمد وآله الطاهرين..
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
وبعد..
فإننا نجيب بما يلي:
أولاً: إن السجود على التربة الحسينية ليس واجباً عند الشيعة، بل الواجب هو السجود على الأرض أو ما أنبتت، ما عدا المأكول والملبوس، وتربة الحسين «عليه السلام» هي من جملة التراب الذي يصح السجود عليه، فلماذا يسأل عن دليل جواز السجود عليه، فإن جميع المسلمين يجيزون السجود على التراب..
ثانياً: رويتم: أن مسروق بن الأجدع المتوفى سنة 62 هجرية (وكان من أصحاب ابن مسعود) كان إذا خرج خرج بلبنة يسجد عليها في السفينة([1]).
ثالثاً: عن ابن عيينة قال: سمعت رزين مولى ابن عباس يقول : كتب إلي علي بن عبد الله بن عباس «رضي الله عنه»: أن ابعث إلي بلوح من أحجار المروة أسجد عليه([2]).
ولم يكن ذلك من علي بن عبد الله بن عباس إلا لأنه يرى لزوم السجود على الحجر والتراب، ولأنه يريد أن يتبرك في سجوده في صلاته على حجر من أحجار المروة.
ولا يمكن وصف مسروق بن الأجدع بأنه مبتدع، وكذلك الحال بالنسبة لعلي بن عبد الله بن عباس.
حديث الأئمة عليهم السلام حديث الرسول ’:
إن كلاً من الإمام الصادق والباقر «عليهما السلام» يصرحان: بأن كل ما يروونه، إنما يروونه عن الإمام السجاد بعد الباقر، والسجاد عن أبيه الحسين، والإمام الحسين يرويه عن علي «عليهم السلام» عن رسول الله «صلى الله عليه وآله»، عن جبرئيل عن الله تعالى([3]).
كما أنهم «عليهم السلام» قد صرحوا بأنهم لا يقولون شيئاً من عند أنفسهم، بل كل ما يقولونه إنما هو في كتاب الله وسنة رسول الله «صلى الله عليه وآله»([4]).
وفي نص آخر عن أبي جعفر «عليه السلام»: يا جابر، والله لو كنا نحدث الناس أو حدثناهم برأينا لكنا من الهالكين.. ولكنا نحدثهم بآثار عندنا من رسول الله «صلى الله عليه وآله» يتوارثها كابر عن كابر، نكنزها كما يكنز هؤلاء ذهبهم وفضتهم([5]).
وعن الإمام الصادق «عليه السلام»: والله ما نقول بأهوائنا، ولا نقول برأينا، ولا نقول إلا ما قال ربنا([6]).
وعنه «عليه السلام» لرجل: مهما أجبتك فيه بشيء، فهو عن رسول الله «صلى الله عليه وآله» لسنا نقول برأينا من شيء([7]).
وبمعناه غيره([8]).
فإذا كان الإمام الباقر والصادق وسائر أئمة أهل البيت «عليهم السلام» لا يقولون ولا يعملون برأيهم، بل بما عندهم من آثار رسول الله «صلى الله عليه وآله» يكنزونها كما يكنز أحدنا ذهبه وفضته.. فلنرجع إلى ما روي عنهم «عليهم السلام» حول السجود على تربة الحسين «عليه السلام»..
من روايات السجود على التربة الحسينية:
وبما أن العلامة الأحمدي قد جمع شطراً من أحاديث السجود على التربة، فنحن نورد هنا بعض ما ذكره «رحمه الله»، كما يلي:
1 ـ قال الصادق «عليه السلام»: السجود على طين قبر الحسين «عليه السلام» ينور إلى الأرضين السبعة، ومن كانت معه سبحة من طين قبر الحسين «عليه السلام» كتب مسبحاً وإن لم يسبح بها([9]).
2 ـ عن أبي الحسن «عليه السلام»: لا يستغني شيعتنا عن أربع: خمرة يصلي عليها، وخاتم يتختم به، وسواك يستاك به، وسبحة من طين قبر الحسين «عليه السلام»([10]).
3 ـ كان لأبي عبد الله جعفر بن محمد «عليه السلام» خريطة من ديباج صفراء فيها من تربة أبي عبد الله «عليه السلام»، فكان إذا حضرته الصلاة صبه على سجادته وسجد عليه. قال «عليه السلام»: إن السجود على تربة أبي عبد الله «عليه السلام» تخرق الحجب السبع([11]).
4 ـ كان الصادق «عليه السلام» لا يسجد إلا على تربة الحسين «عليه السلام» تذللاً لله، واستكانة له([12]).
5 ـ سئل أبو عبد الله «عليه السلام» عن استعمال التربتين من طين قبر حمزة وقبر الحسين «عليه السلام» والتفاضل بينهما، فقال «عليه السلام»: السبحة التي من طين قبر الحسين «عليه السلام» تسبح بيد الرجل من غير أن يسبح([13]).
6 ـ قال الحميري: كتبت إلى الفقيه أسأله: هل يجوز أن يسبح الرجل بطين القبر، وهل فيه من فضل.. فأجاب وقرأت التوقيع، ومنه نسخت: تسبح به فما في شيء من السبح أفضل منه([14]).
والظاهر: أن المراد من القبر قبر الحسين «عليه السلام»، والألف واللام للعهد، لكون ذلك معهوداً مشهوراً عند أهل البيت «عليهم السلام» وشيعتهم.
7 ـ محمد بن عبد الله بن جعفر الحميري عن صاحب الزمان «عليه السلام»: أنه كتب إليه يسأله عن السجدة على لوح من طين القبر، هل فيه فضل؟!
فأجاب «عليه السلام»: يجوز ذلك، وفيه الفضل([15])..»([16]).
تربة الحسين عليه السلام عند رسول الله صلى الله عليه وآله:
إن حديث إتيان جبرئيل لرسول الله «صلى الله عليه وآله» بتربة من كربلاء قد رواه السنة والشيعة..
قال العلامة الأحمدي «رحمه الله»:
«قد استفاض فيها أن جبرائيل «عليه السلام» لما نزل على رسول الله «صلى الله عليه وآله» بخبر قتل الحسين «عليه السلام» أتى بقبضة من تربة مصرعه صلوات الله عليه، وكذا غير جبرائيل «عليه السلام» من الملائكة أيضاً لما جاء إلى الرسول «صلى الله عليه وآله» بهذا الخبر المؤلم أتى إليه بقبضة من تربة كربلاء([17]).
فيرى الشيعي الإمامي: أن تربة أهداها الجليل إلى رسوله الأقدس «صلى الله عليه وآله» هدية غالية عالية ثمينة لجديرة بأن يحترمها ويكرمها اتباعاً لسنة الله تعالى.
ويرى الشيعي: أن الرسول «صلى الله عليه وآله» لما تسلمها من جبرائيل «عليه السلام» قبلها فيقبلها.
قالت أم سلمة أم المؤمنين «رضي الله عنها»: «ثم اضطجع ـ رسول الله «صلى الله عليه وآله» ـ فاستيقظ وفي يده تربة حمراء يقبلها، فقلت: ما هذه التربة يا رسول الله؟!
قال: أخبرني جبرائيل أن ابني هذا يقتل بأرض العراق ـ يعني الحسين «عليه السلام» ـ فقلت لجبرائيل: أرني تربة الأرض التي يقتل بها. فهذه تربتها([18]).
فالشيعة يقبلونها عملاً بسنة رسول الله «صلى الله عليه وآله» في التربة الشريفة في تقبيلها وتكريمها. كما أنهم يدَّخرونها ويحتفظون بها تأسيا برسول الله «صلى الله عليه وآله» حيث يرون أنه «صلى الله عليه وآله» يجعلها في قارورة، ويعطيها أم سلمة ويأمرها بحفظها قائلاً: «هذه التربة التي يقتل عليها ـ يعني الحسين «عليه السلام» ـ ضعيها عندك، فإذا صارت دماً فقد قتل حبيبي ـ الحسين «عليه السلام» ـ»([19]).
ويرى الشيعة: أن الرسول «صلى الله عليه وآله» يشم التربة كما يشم الرياحين العطرة، والمسك الطيب([20])، فيعتقد أن شمها قبل أن يراق فيها دم الحبيب ابن الحبيب إنما هو لعطور معنوية وعلاقات ربانية وعناية إلهية بالنسبة إليها إما في نفسها، أو لما مضى عليها، أو لما يأتي في مستقبلها فعمل الرسول «صلى الله عليه وآله» يوجد لكل مسلم حالة خاصة بالنسبة إليها، فلتسمها أنت بما شئت من العناوين.
ولعله «صلى الله عليه وآله» يشم منها ما يأتي عليها من الحوادث المؤلمة على أهل البيت «عليهم السلام»، من اهراق دمائهم، وسلب أموالهم، وضرب متونهم وأسرهم، ولعله يشم منها ما يأتي عليها من اختلاف أولياء الله إليها، وسكونهم، وعبادتهم، ومناجاتهم، وبكائهم فيها، ولعل.. ولعل..
ولما شمها رسول الله «صلى الله عليه وآله» لم يملك عينيه أن فاضتا.
قال أمير المؤمنين علي بن أبي طالب «عليه السلام»: دخلت على النبي «صلى الله عليه وآله» ذات يوم وعيناه تفيضان، قلت: يا نبي الله أغضبك أحد؟! ما شأن عينيك تفيضان؟!
قال: بل قام عندي جبرائيل قبل، فحدثني أن الحسين يقتل بشط الفرات.
قال: فقال: هل أشمك من تربته؟!
قال: قلت: نعم.. فمد يده فقبض قبضة من تراب، فأعطانيها، فلم أملك عيني أن فاضتا([21]).
فالشيعة يقبلونها كما قبلها النبي الكريم «صلى الله عليه وآله»، ويشمونها كما شمها كأغلى العطور وأثمنها، ويدخرونها كما ادخرها، ويسكبون عليها الدموع كما سكب عليها دمعه، اقتفاء لأثره «صلى الله عليه وآله» واتباعا لسنة الله وسنة رسوله، ولكل مسلم في رسول الله «صلى الله عليه وآله» أسوة حسنة.
واهاً لها من تربة سكب عليها رسول الله «صلى الله عليه وآله» دمعه قبل أن يهراق فيها دم مهجته وحبيبه([22]).
وله الحمد، والصلاة والسلام على محمد وآله الطاهرين..
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
وبعد..
فإننا نجيب بما يلي:
أولاً: إن السجود على التربة الحسينية ليس واجباً عند الشيعة، بل الواجب هو السجود على الأرض أو ما أنبتت، ما عدا المأكول والملبوس، وتربة الحسين «عليه السلام» هي من جملة التراب الذي يصح السجود عليه، فلماذا يسأل عن دليل جواز السجود عليه، فإن جميع المسلمين يجيزون السجود على التراب..
ثانياً: رويتم: أن مسروق بن الأجدع المتوفى سنة 62 هجرية (وكان من أصحاب ابن مسعود) كان إذا خرج خرج بلبنة يسجد عليها في السفينة([1]).
ثالثاً: عن ابن عيينة قال: سمعت رزين مولى ابن عباس يقول : كتب إلي علي بن عبد الله بن عباس «رضي الله عنه»: أن ابعث إلي بلوح من أحجار المروة أسجد عليه([2]).
ولم يكن ذلك من علي بن عبد الله بن عباس إلا لأنه يرى لزوم السجود على الحجر والتراب، ولأنه يريد أن يتبرك في سجوده في صلاته على حجر من أحجار المروة.
ولا يمكن وصف مسروق بن الأجدع بأنه مبتدع، وكذلك الحال بالنسبة لعلي بن عبد الله بن عباس.
حديث الأئمة عليهم السلام حديث الرسول ’:
إن كلاً من الإمام الصادق والباقر «عليهما السلام» يصرحان: بأن كل ما يروونه، إنما يروونه عن الإمام السجاد بعد الباقر، والسجاد عن أبيه الحسين، والإمام الحسين يرويه عن علي «عليهم السلام» عن رسول الله «صلى الله عليه وآله»، عن جبرئيل عن الله تعالى([3]).
كما أنهم «عليهم السلام» قد صرحوا بأنهم لا يقولون شيئاً من عند أنفسهم، بل كل ما يقولونه إنما هو في كتاب الله وسنة رسول الله «صلى الله عليه وآله»([4]).
وفي نص آخر عن أبي جعفر «عليه السلام»: يا جابر، والله لو كنا نحدث الناس أو حدثناهم برأينا لكنا من الهالكين.. ولكنا نحدثهم بآثار عندنا من رسول الله «صلى الله عليه وآله» يتوارثها كابر عن كابر، نكنزها كما يكنز هؤلاء ذهبهم وفضتهم([5]).
وعن الإمام الصادق «عليه السلام»: والله ما نقول بأهوائنا، ولا نقول برأينا، ولا نقول إلا ما قال ربنا([6]).
وعنه «عليه السلام» لرجل: مهما أجبتك فيه بشيء، فهو عن رسول الله «صلى الله عليه وآله» لسنا نقول برأينا من شيء([7]).
وبمعناه غيره([8]).
فإذا كان الإمام الباقر والصادق وسائر أئمة أهل البيت «عليهم السلام» لا يقولون ولا يعملون برأيهم، بل بما عندهم من آثار رسول الله «صلى الله عليه وآله» يكنزونها كما يكنز أحدنا ذهبه وفضته.. فلنرجع إلى ما روي عنهم «عليهم السلام» حول السجود على تربة الحسين «عليه السلام»..
من روايات السجود على التربة الحسينية:
وبما أن العلامة الأحمدي قد جمع شطراً من أحاديث السجود على التربة، فنحن نورد هنا بعض ما ذكره «رحمه الله»، كما يلي:
1 ـ قال الصادق «عليه السلام»: السجود على طين قبر الحسين «عليه السلام» ينور إلى الأرضين السبعة، ومن كانت معه سبحة من طين قبر الحسين «عليه السلام» كتب مسبحاً وإن لم يسبح بها([9]).
2 ـ عن أبي الحسن «عليه السلام»: لا يستغني شيعتنا عن أربع: خمرة يصلي عليها، وخاتم يتختم به، وسواك يستاك به، وسبحة من طين قبر الحسين «عليه السلام»([10]).
3 ـ كان لأبي عبد الله جعفر بن محمد «عليه السلام» خريطة من ديباج صفراء فيها من تربة أبي عبد الله «عليه السلام»، فكان إذا حضرته الصلاة صبه على سجادته وسجد عليه. قال «عليه السلام»: إن السجود على تربة أبي عبد الله «عليه السلام» تخرق الحجب السبع([11]).
4 ـ كان الصادق «عليه السلام» لا يسجد إلا على تربة الحسين «عليه السلام» تذللاً لله، واستكانة له([12]).
5 ـ سئل أبو عبد الله «عليه السلام» عن استعمال التربتين من طين قبر حمزة وقبر الحسين «عليه السلام» والتفاضل بينهما، فقال «عليه السلام»: السبحة التي من طين قبر الحسين «عليه السلام» تسبح بيد الرجل من غير أن يسبح([13]).
6 ـ قال الحميري: كتبت إلى الفقيه أسأله: هل يجوز أن يسبح الرجل بطين القبر، وهل فيه من فضل.. فأجاب وقرأت التوقيع، ومنه نسخت: تسبح به فما في شيء من السبح أفضل منه([14]).
والظاهر: أن المراد من القبر قبر الحسين «عليه السلام»، والألف واللام للعهد، لكون ذلك معهوداً مشهوراً عند أهل البيت «عليهم السلام» وشيعتهم.
7 ـ محمد بن عبد الله بن جعفر الحميري عن صاحب الزمان «عليه السلام»: أنه كتب إليه يسأله عن السجدة على لوح من طين القبر، هل فيه فضل؟!
فأجاب «عليه السلام»: يجوز ذلك، وفيه الفضل([15])..»([16]).
تربة الحسين عليه السلام عند رسول الله صلى الله عليه وآله:
إن حديث إتيان جبرئيل لرسول الله «صلى الله عليه وآله» بتربة من كربلاء قد رواه السنة والشيعة..
قال العلامة الأحمدي «رحمه الله»:
«قد استفاض فيها أن جبرائيل «عليه السلام» لما نزل على رسول الله «صلى الله عليه وآله» بخبر قتل الحسين «عليه السلام» أتى بقبضة من تربة مصرعه صلوات الله عليه، وكذا غير جبرائيل «عليه السلام» من الملائكة أيضاً لما جاء إلى الرسول «صلى الله عليه وآله» بهذا الخبر المؤلم أتى إليه بقبضة من تربة كربلاء([17]).
فيرى الشيعي الإمامي: أن تربة أهداها الجليل إلى رسوله الأقدس «صلى الله عليه وآله» هدية غالية عالية ثمينة لجديرة بأن يحترمها ويكرمها اتباعاً لسنة الله تعالى.
ويرى الشيعي: أن الرسول «صلى الله عليه وآله» لما تسلمها من جبرائيل «عليه السلام» قبلها فيقبلها.
قالت أم سلمة أم المؤمنين «رضي الله عنها»: «ثم اضطجع ـ رسول الله «صلى الله عليه وآله» ـ فاستيقظ وفي يده تربة حمراء يقبلها، فقلت: ما هذه التربة يا رسول الله؟!
قال: أخبرني جبرائيل أن ابني هذا يقتل بأرض العراق ـ يعني الحسين «عليه السلام» ـ فقلت لجبرائيل: أرني تربة الأرض التي يقتل بها. فهذه تربتها([18]).
فالشيعة يقبلونها عملاً بسنة رسول الله «صلى الله عليه وآله» في التربة الشريفة في تقبيلها وتكريمها. كما أنهم يدَّخرونها ويحتفظون بها تأسيا برسول الله «صلى الله عليه وآله» حيث يرون أنه «صلى الله عليه وآله» يجعلها في قارورة، ويعطيها أم سلمة ويأمرها بحفظها قائلاً: «هذه التربة التي يقتل عليها ـ يعني الحسين «عليه السلام» ـ ضعيها عندك، فإذا صارت دماً فقد قتل حبيبي ـ الحسين «عليه السلام» ـ»([19]).
ويرى الشيعة: أن الرسول «صلى الله عليه وآله» يشم التربة كما يشم الرياحين العطرة، والمسك الطيب([20])، فيعتقد أن شمها قبل أن يراق فيها دم الحبيب ابن الحبيب إنما هو لعطور معنوية وعلاقات ربانية وعناية إلهية بالنسبة إليها إما في نفسها، أو لما مضى عليها، أو لما يأتي في مستقبلها فعمل الرسول «صلى الله عليه وآله» يوجد لكل مسلم حالة خاصة بالنسبة إليها، فلتسمها أنت بما شئت من العناوين.
ولعله «صلى الله عليه وآله» يشم منها ما يأتي عليها من الحوادث المؤلمة على أهل البيت «عليهم السلام»، من اهراق دمائهم، وسلب أموالهم، وضرب متونهم وأسرهم، ولعله يشم منها ما يأتي عليها من اختلاف أولياء الله إليها، وسكونهم، وعبادتهم، ومناجاتهم، وبكائهم فيها، ولعل.. ولعل..
ولما شمها رسول الله «صلى الله عليه وآله» لم يملك عينيه أن فاضتا.
قال أمير المؤمنين علي بن أبي طالب «عليه السلام»: دخلت على النبي «صلى الله عليه وآله» ذات يوم وعيناه تفيضان، قلت: يا نبي الله أغضبك أحد؟! ما شأن عينيك تفيضان؟!
قال: بل قام عندي جبرائيل قبل، فحدثني أن الحسين يقتل بشط الفرات.
قال: فقال: هل أشمك من تربته؟!
قال: قلت: نعم.. فمد يده فقبض قبضة من تراب، فأعطانيها، فلم أملك عيني أن فاضتا([21]).
فالشيعة يقبلونها كما قبلها النبي الكريم «صلى الله عليه وآله»، ويشمونها كما شمها كأغلى العطور وأثمنها، ويدخرونها كما ادخرها، ويسكبون عليها الدموع كما سكب عليها دمعه، اقتفاء لأثره «صلى الله عليه وآله» واتباعا لسنة الله وسنة رسوله، ولكل مسلم في رسول الله «صلى الله عليه وآله» أسوة حسنة.
واهاً لها من تربة سكب عليها رسول الله «صلى الله عليه وآله» دمعه قبل أن يهراق فيها دم مهجته وحبيبه([22]).
سجود النبي صلى الله عليه وآلهعلى تربة الحسين ×:
وأما بالنسبة لسجود النبي «صلى الله عليه وآله» على تربة الحسين «عليه السلام»، فنقول فيه: إنه وإن لم يُنقَل لنا أنه «صلى الله عليه وآله» قد سجد عليها، ولكننا نعلم أنه يتخير في عباداته أفضل الأحوال، ويختار لسجوده أقدس تراب وأطهره.. فإنه إذا كان مسروق بن الأجدع يرسل إلى مكة ليأتوه بحجر من أحجار المروة ليسجد عليه طلباً للثواب، فلا يمكن أن يكونالنبي «صلى الله عليه وآله» أقل اهتماماً من ابن الأجدع في تحري أفضل تراب ليسجد عليه.. غير أن المصلحة العامة قد تقضي بعدم اطلاع الناس على هذا الأمر، لأكثر من سبب..
ومن ذلك: استهجانهم فعل ذلك، أو انسياقهم إلى أوهام لم يكن من المصلحة التسبب بحصولها وهم قريبوا عهد بجاهلية.. أو لغير ذلك من أسباب.
وبعد.. فإن مسألة السجود على التربة الحسينية، أو على الأرض مسألة فقهية فرعية، لا ربط لها بالأمور الإعتقادية، وهي مسألة اجتهادية يثاب المجتهد على ما يبذله من جهد فيها، سواء أخطأ أو أصاب، ولكنه إن أخطأ يكون معذوراً عند الله..
والخطأ في المسائل الفرعية لا يعني صحة المذهب الآخر، ولا بطلان هذا المذهب من أساسه، مع أنه لا ريب في عدم حصول الخطأ في هذه المسألة كما أو ضحناه.
والحمد لله، والصلاة والسلام على محمد وآله..
سماحة آية الله المحقق السيد جعفر مرتضى العاملي
تعليق