
اللهم صلّ على محمد وآل محمد وعجل فرجهم الشريف
الرضوان الإلهي في محضر أئمة الهدى عليهم السلام

نحن عندنا في سنتنا محطات كثيرة بعدد مواليد المعصومين عليهم السلام ، فلو أخذنا من كل معصوم صفة من الصفات المتميزة ، لخرجنا بحصيلة يعتد بها ، نجدد بها القوى والهمم الإمام علي بن موسى عليه السلام هو ثامن أئمّة الهدى عليهم السلام ، وخليفة الله على خلقه وحجته عليهم في زمانه ، المشهور بالرضا ، والصابر، والرضي، والوفي.. ولقد تولى الإمامة بعد استشهاد والده الإمام الكاظم عليه السلام ، وقد عرف عن الإمام عليه السلام الزهد وكثرة التهجد والعبادة ، والتواضع والعطف على الفقراء والمساكين أضف إلى أنه كان مأوى للعلماء ، وحصناً يرد عن الدين الشبهات الضالة وقد استشهد عليه السلام في طوس ، وقبرهالآن مزار مهيب يتقاطر المسلمون على زيارته والتبرك به وإن الحديث عن عظيم أهل البيت عليهم السلام لطويل ولكننا نكتفي هنا بإبراز لمحات سريعة من حياته الشريفة
السلام على شمس الشموس، وأنيس النفوس

إننا نعتقد بأن هذا الإحساس المفرط بالأنس الشديد لزوار الرضا عليه السلام هدية إلهية ، مقابل الكبت والأحزان التي عاشها عليه السلام في حياته ، إبان قبوله لولاية العهد بالإجبار والتهديد في عهد المأمون ، وفي هذه الراوية دليل على ذلك ، كان الرضا عليه السلام إذا رجع يوم الجمعة من الجامع ، وقد أصابه العرق والغبار رفع يديه ، وقال اللهم إن كان فرجي مما أنا فيه بالموت ، فعجل لي الساعة ، ولم يزل مغموماً مكروباً إلى أن قُبض صلوات الله عليه
قال الإمام الرضا عليه السلام إنّ في أرض خراسان بقعة من الأرض ، يأتي عليها زمان تكون مهبطاً للملائكة ، ففي كل وقت ينزل إليها فوجٌ إلى يوم نفخ الصور .. فقيل له عليه السلام وأي بقعة هذه ؟ فقال هي أرض طوس ، وهي والله روضةٌ من رياض الجنة
من المعلوم أن الله عزوجل يتجلى للعبد ، الذي أكرم هذه البركات المقدسة ، والتي حلت في هذه الأرض فما هي فلسفة الزيارة ؟
لتوضيح ذلك نذكر هذا المثال إن من المتعارف هذه الأيام في العلاقات بين الدول ، أن ترى الرئيس عند زيارته لدولة ما ، يحرص على الذهاب لزيارة رموز وقادة تلك الدولة ، ليثبت لهم حسن نيته وصفاء سريرته ووده إن هذه حركة عاطفية أممية ، فلماذا عندما يصل الأمر إلى النبي وآله صلى الله عليه وآله وسلم ، نقف هذا الموقف الجاف الخشن ؟
تلك كانت وسيلتهم للتقرب ، وكذا نحن نتخذ أئمتنا وسيلة للتقرب من الله عزوجل ، فهم الرموز والقادة العظام الذين شيدوا هذا الدين ودافعوا عنه ، ولهم المنزلة العالية عند الله عزوجل ومن الضروري أن يعيش الإنسان -علاوة على السياحة البدنية- جواً مميزاً من السياحة الروحية ذكراً ، وعبادة ، وانقطاعاً لله عزوجل.
إننا نعتقد أن الموالين الذين اتبعوا منهج أهل البيت عليهم السلام يتميزون بصفتين
الأولى

هي الجانب العلمي المتميز من الوعي والثقافة الدينية.. وهذا أمر طبيعي لا ينكر ، إذ أن مجالس أهل البيت عليهم السلام جامعة إسلامية متنقلة
الثانية

هي الجانب العاطفي والتفاعل الشعوري ، الناشئ من البكاء على مصائب أهل البيت عليهم السلام ، أو شد الرحال إلى زيارتهم
من الدروس المهمة في حياة إمامنا الرضا عليه السلام

هي اتصاله بمبدأ الغيب في كل الأحوال والتقلبات ، فقد كان إمامنا في كل الأحوال يعيش حالة واحدة مع رب العالمين ، وهي حالة الاستقرار والاتصال بذلك المبدأ.. كما هو معلوم في التاريخ إمامنا عليه السلام كان آمنا في المدينة بجوار جده المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم ، وإذا به يساق قهراً إلى أرض طوس ، ليقطع البراري والقفار من بلد إلى بلد ، ويتجشم عناء السفر نعم، كل أئمتنا عليهم السلام هكذا ، كانوا يفزعون إلى الصلاة بين يدي الله عزوجل كلما ضاقت بهم الأحوال ، واجتمعت عليهم الأحزان ، ليرتبطوا بمصدر الأنس والجمال ، فهل نحن كذلك؟
سبب تسمية الإمام عليه السلام بالرضا

قلت للجواد عليه السلام إنّ قوما من مخالفيكم يزعمون أنّ أباك إنما سماه المأمون الرضا لما رضيه لولاية عهده ؟ فقال عليه السلام كذبوا والله وفجروا ، بل الله تبارك وتعالى سماه بالرضا عليه السلام لأنه كان رضا لله عزّ وجلّ في سمائه ، ورضا لرسوله والأئمة بعده صلوات الله عليهم في أرضه ، فقلت له ألم يكن كل واحد من آبائك الماضين عليهم السلام رضىً لله عزّ وجلّ ولرسوله والأئمة بعده عليهم السلام ؟ فقال بلى ، فقلت فلِمَ سمي أبوك عليه السلام من بينهم الرضا ؟ قال لأنه رضي به المخالفون من أعدائه ، كما رضي به الموافقون من أوليائه ، ولم يكن ذلك لأحد من آبائه عليهم السلام ، فلذلك سمي من بينهم الرضا عليه السلام
من مصاديق لطف الإمام عليه السلام بمحبيه

ما نقل لنا في هذه الراوية يقول هذا الراوي بعث الرضا عليه السلام إليّ بحمار ، فركبته وأتيته وأقمت عنده بالليل إلى أن مضى منه ما شاء الله ، فلما أراد أن ينهض ، قال لا أراك أن تقدر على الرجوع إلى المدينة ، قلت أجل جعلت فداك قال فبت عندنا الليلة واغد على بركة الله عزّ وجلّ ، قلت أفعل جعلت فداك فقال يا جارية افرشي له فراشي ، واطرحي عليه ملحفتي التي أنام فيها ، وضعي تحت رأسه مخادّي ، قلت في نفسي من أصاب ما أصبت في ليلتي هذه ؟ لقد جعل الله لي من المنزلة عنده وأعطاني من الفخر ما لم يعطه أحداً من أصحابنا بعث إليّ بحماره فركبته ، وفرش لي فراشه ، وبتّ في ملحفته ، ووُضِعت لي مخادّه ما أصاب مثل هذا أحد من أصحابنا قال وهو قاعد معي وأنا أحدّث في نفسي ، فقال عليه السلام يا أحمد إنّ أمير المؤمنين أتى زيد بن صوحان في مرضه يعوده ، فافتخر على الناس بذلك ، فلا تذهبن نفسك إلى الفخر ، وتذلّل لله عزّ وجلّ ، واعتمد على يده فقام
لـ الشيخ المربي حبيب الكاظمي
نسألكم الدعاء

تعليق