الإمام الباقر (عليه السلام) والتزكية
2 ـ منهج التزكية عند الإمام الباقر (عليه السلام)
رسم الإمام (عليه السلام) للجماعة الصالحة منهجاً واقعياً متكاملاً وشاملاً لتزكية النفس وتربيتها بحيث يكون كفيلاً بتحقيقها عند مراعاته بشكل دقيق.
وتتحدد معالم هذا المنهج بالنقاط التالية:
ــــــــــــــ
(1) تحف العقول: 212، 213.
(2) جامع الأخبار: 313 .
_________________
أ ـ الارتباط الدائم بالله تعالى
الارتباط بالله تعالى والاستسلام له والعزم على طاعته من شأنه أن يمحّص القلوب، ويطهّر النفوس، لأنه ينقل الإنسان من مرحلة التفكّر والتدبّر في عظمة الله تعالى وهيمنته ورقابته إلى مرحلة العمل الصالح في ظلّ هذا التدبر، فالعزم يتبعه العون منه تعالى، ويتبعه التثبيت على المضي في طريق تزكية النفس.
والارتباط بالله تعالى يبدأ بمعرفته التي تحول بين الإنسان وبين مخالفة ربّه وخالقه، قال (عليه السلام): (ما عرف الله من عصاه)(1).
فإنّ المعرفة تنتج الحبّ والحبّ الصادق يحول بين الإنسان وبين مخالفة محبوبه.
والارتباط بالله تعالى يتجسد في مراتب عديدة منها: حسن الظن بالله ورجاء رحمته، فقد روى عن جدّه رسول الله (صلَّى الله عليه وآله) أنه قال: (والذي لا اله إلاّ هو ما أعطي مؤمن قط خير الدنيا والآخرة إلاّ بحسن ظنّه بالله ورجائه له وحسن خلقه والكف عن اغتياب الناس)(2).
ويتحقق الارتباط بالله تعالى أيضاً عن طريق المداومة على العبادات وقد حثّ الإمام (عليه السلام) الجماعة الصالحة على كثرة العبادة، حتى جعلها إحدى خصائصهم ـ كما تقدم ـ.
وحثّ (عليه السلام) على قراءة القرآن الكريم والسير على منهاجه.
كما حثّ (عليه السلام) على جعل الروابط والعلاقات الاجتماعية قائمة على أساس القرب والبعد من الله تعالى، فقد أورد أحاديث لرسول الله (صلَّى الله عليه وآله) تؤكد
ــــــــــــــ
(1) تحف العقول: 215.
(2) الكافي: 2 / 72 .
________________________________________
على ذلك ومنها قوله (صلَّى الله عليه وآله): (ودّ المؤمن للمؤمن في الله من أعظم شعب الإيمان، ومن أحبّ في الله، وأبغض في الله، وأعطى في الله، ومنع في الله ; فهو من أصفياء الله)(1).
ب ـ الإقرار بالذنب والتوبة
إن منهج أهل البيت (عليهم السلام) يهدف إلى علاج النفوس البشرية، واستجاشة عناصر الخير فيها، وإلى مطاردة عوامل الشر والضعف والغفلة. والطبيعة البشرية قد تستقيم مرة وتنحرف مرة أُخرى، ولهذا فإنّ العودة إلى الاستقامة تقتضي محاسبة النفس باستمرار، والإقرار بالأخطاء، ثم التوبة، والعزم على عدم العود، ولذا أكّد الإمام (عليه السلام) على هذه المقومات، وبدأ بالإقرار بالذنب كمقدمة للنجاة منه، فقال (عليه السلام): (والله ما ينجو من الذنب إلاّ من أقرّ به)(2). وقال (عليه السلام): (كفى بالندم توبة)(3).
والإقرار يتبعه الغفران بعد طلبه من الله تعالى، قال (عليه السلام): (لقد غفر الله لرجل من أهل البادية بكلمتين دعا بهما قال: اللهم إن تعذبني فأهل ذلك أنا، وإن تغفر لي فأهل ذلك أنت، فغفر له)(4).
والتوبة تمحي الذنب فيعود الإنسان من خلالها إلى الاستقامة ثانية، قال (عليه السلام): (التائب من الذنب كمن لا ذنب له، والمقيم على الذنب وهو مستغفر منه كالمستهزئ)(5).
ــــــــــــــ
(1) المحاسن: 263.
(2) الكافي: 2 / 311.
(3) وسائل الشيعة: 16 / 59.
(4) المصدر السابق: 16 / 60.
(5) الكافي: 2 / 316 .
ج ـ الحذر من التورّط بالذنوب
الحذر والحيطة من الذنوب ضرورة ملحة في تزكية النفس، وهي تتطلب الدقة في تناول كل خالجة وكل حركة وكل موقف، وتتطلب التحليل الشامل للأسباب والظواهر، والعوامل المسبّبة للموقف، والتعالي بالنفس في ميادينها الباطنية، ولهذا دعا الإمام (عليه السلام) إلى الحذر والحيطة من جميع الممارسات فقال: (إن الله خبأ ثلاثة أشياء في ثلاثة أشياء: خبأ رضاه في طاعته، فلا تحقرن من الطاعة شيئاً فلعلّ رضاه فيه، وخبأ سخطه في معصيته فلا تحقرن من المعصية شيئاً فلعلّ سخطه فيه، وخبأ أولياءه في خلقه، فلا تحقرنّ أحداً فلعلّه ذلك الولي)(1).
ودعا (عليه السلام) إلى الاحتياط في القول في الحكم على الأشخاص والأعمال والممارسات فقال: (لا يسلم أحد من الذنوب حتى يخزن لسانه)(2).
وقال (عليه السلام) لأحد أصحابه: (يا فضيل بلّغ من لقيت من موالينا عنّا السلام، وقل لهم: إني أقول: أني لا أغني عنكم من الله شيئاً إلاّ بورع، فاحفظوا ألسنتكم، وكفّوا أيديكم، وعليكم بالصبر والصلاة ; إن الله مع الصابرين)(3).
د ـ تعميق الحياء الداخلي
إن موجبات التزكية كامنة في النفس ذاتها، قبل التأثر بالعوامل الخارجية، والتزكية ليست مجرد كلمات ورؤى نظرية بل هي ممارسة وسلوك عملي، يجب ان تنطلق من داخل النفس الإنسانية، ولا بد أن يتسلّح الإنسان
ــــــــــــــ
(1) كشف الغمة: 2 / 148.
(2) تحف العقول: 218.
(3) تفسير العياشي: 1 / 68 .
________________________________________
بالواعز الذاتي الذي يصدّه عن فعل القبيح، ولذا أكّد الإمام (عليه السلام) على الحياء لأنه حصن حصين يردع الأهواء والشهوات من الانطلاق اللامحدود، قال (عليه السلام): (الحياء والإيمان مقرونان في قرن، فإذا ذهب أحدهما تبعه صاحبه)(1).
هـ ـ كسر الأُلفة بين الإنسان وسلوكه الجاهلي
حينما يعتاد الإنسان على السلوك الجاهلي فإنه سيأنس به، ويألفه حتى يصبح وكأنه جزء من كيانه، ترضاه نفسه، ويقبله قلبه، ولهذا فهو بحاجة إلى كسر هذه الألفة وهذا الأُنس إن أراد أن يزكّي نفسه ويسمو بها إلى مشارف الكمال، ولذا أكّد الإمام (عليه السلام) على بعض الخطوات التي تكسر هذه الألفة، فقال: (إن الله يبغض الفاحش المتفحّش)(2).
وزرع في النفس كراهية الطمع والرغبات المذلة، فقال: (بئس العبد عبد يكون له طمع يقوده، وبئس العبد عبد له رغبة تذله)(3).
ومن أجل زرع الكراهية للشر روى عن رسول الله (صلَّى الله عليه وآله) قوله: (ألا إن شرار أمتي الذين يكرمون مخافة شرّهم، ألا وإنّ من أكرمه النّاس اتقاء شرّه فليس منّي)(4).
وقال (عليه السلام): (... إنّ أسرع الشر عقوبة البغي، وكفى بالمرء عيباً أن يبصر من الناس ما يَعمى عليه من نفسه، وأن يأمر للناس بما لا يستطيع التحوّل عنه، وأن يؤذي جليسه بما لا يعنيه)(5).
فإذا كسرت الألفة بين الإنسان وسلوكه الجاهلي فإنّه سيقلع عنه، ويكون مهيّئاً لتقبل السلوك الإسلامي.
ــــــــــــــ
(1) تحف العقول: 217.
(2) الكافي: 2 / 245.
(3) وسائل الشيعة: 16 / 24.
(4) الخصال: 1 / 15.
(5) مختصر تاريخ دمشق: 23 / 86 .
________________________________________
و ـ إزالة الحاجز النفسي بين الإنسان والسلوك السليم
قد يحدث حاجز نفسي بين الإنسان والسلوك السليم بسبب ضغط الأهواء والشهوات، أو بسبب الهواجس والوساوس المطبقة عليه، وسوء التصور، ورواسب الجاهلية، والضعف البشري، فلا بد من إزالة هذه الحواجز أولاً ثم التمرين على ممارسة السلوك السليم ثانياً.
فقد حبّب الإمام (عليه السلام) إلى أصحابه السلوك الصالح، بربطه بالعبادة وطلب العون من الله تعالى، فقال: (ما من عبادة أفضل من عفّة بطن وفرج، وما من شيء أحبُّ إلى الله من أن يُسأل، وما يدفع القضاء إلاّ الدعاء، وإن أسرع الخير ثواباً البرّ ...)(1).
وحبّب إلى النفوس حسن الخلق والرفق، فقال: (من أعطي الخلق والرفق، فقد أعطي الخير كلّه، والراحة، وحسن حاله في دنياه وآخرته، ومن حُرم الرفق والخلق كان ذلك له سبيلاً إلى كل شرّ وبليّة إلاّ من عصمه الله تعالى)(2).
وحبّب إلى نفوس أصحابه الأدب وحسن السيرة، فقال: (ما استوى رجلان في حسب ودين قط إلاّ كان أفضلهما عند الله آدبهما)(3).
وروى (عليه السلام) عن الإمام عليّ (عليه السلام) قوله: (إن من أعون الأخلاق على الدين الزهد في الدنيا)(4).
وحثَّ (عليه السلام) على أداء العبادات المندوبة لكي تتجذر في النفوس وفي الإرادة، لأنها تساعد على إصلاح النفس وتزكيتها، وبيّن ثواب من عمل بها،
ــــــــــــــ
(1) مختصر تاريخ دمشق: 23 / 86.
(2) حلية الأولياء: 3 / 187.
(3) مختصر تاريخ دمشق: 23 / 85.
(4) وسائل الشيعة: 16 / 12 .
من كتاب اعلام الهداية الإمام محمد بن علي الباقر (عليه السلام)
المجمع العالمي لأهل البيت (عليهم السلام)
2 ـ منهج التزكية عند الإمام الباقر (عليه السلام)
رسم الإمام (عليه السلام) للجماعة الصالحة منهجاً واقعياً متكاملاً وشاملاً لتزكية النفس وتربيتها بحيث يكون كفيلاً بتحقيقها عند مراعاته بشكل دقيق.
وتتحدد معالم هذا المنهج بالنقاط التالية:
ــــــــــــــ
(1) تحف العقول: 212، 213.
(2) جامع الأخبار: 313 .
_________________
أ ـ الارتباط الدائم بالله تعالى
الارتباط بالله تعالى والاستسلام له والعزم على طاعته من شأنه أن يمحّص القلوب، ويطهّر النفوس، لأنه ينقل الإنسان من مرحلة التفكّر والتدبّر في عظمة الله تعالى وهيمنته ورقابته إلى مرحلة العمل الصالح في ظلّ هذا التدبر، فالعزم يتبعه العون منه تعالى، ويتبعه التثبيت على المضي في طريق تزكية النفس.
والارتباط بالله تعالى يبدأ بمعرفته التي تحول بين الإنسان وبين مخالفة ربّه وخالقه، قال (عليه السلام): (ما عرف الله من عصاه)(1).
فإنّ المعرفة تنتج الحبّ والحبّ الصادق يحول بين الإنسان وبين مخالفة محبوبه.
والارتباط بالله تعالى يتجسد في مراتب عديدة منها: حسن الظن بالله ورجاء رحمته، فقد روى عن جدّه رسول الله (صلَّى الله عليه وآله) أنه قال: (والذي لا اله إلاّ هو ما أعطي مؤمن قط خير الدنيا والآخرة إلاّ بحسن ظنّه بالله ورجائه له وحسن خلقه والكف عن اغتياب الناس)(2).
ويتحقق الارتباط بالله تعالى أيضاً عن طريق المداومة على العبادات وقد حثّ الإمام (عليه السلام) الجماعة الصالحة على كثرة العبادة، حتى جعلها إحدى خصائصهم ـ كما تقدم ـ.
وحثّ (عليه السلام) على قراءة القرآن الكريم والسير على منهاجه.
كما حثّ (عليه السلام) على جعل الروابط والعلاقات الاجتماعية قائمة على أساس القرب والبعد من الله تعالى، فقد أورد أحاديث لرسول الله (صلَّى الله عليه وآله) تؤكد
ــــــــــــــ
(1) تحف العقول: 215.
(2) الكافي: 2 / 72 .
________________________________________
على ذلك ومنها قوله (صلَّى الله عليه وآله): (ودّ المؤمن للمؤمن في الله من أعظم شعب الإيمان، ومن أحبّ في الله، وأبغض في الله، وأعطى في الله، ومنع في الله ; فهو من أصفياء الله)(1).
ب ـ الإقرار بالذنب والتوبة
إن منهج أهل البيت (عليهم السلام) يهدف إلى علاج النفوس البشرية، واستجاشة عناصر الخير فيها، وإلى مطاردة عوامل الشر والضعف والغفلة. والطبيعة البشرية قد تستقيم مرة وتنحرف مرة أُخرى، ولهذا فإنّ العودة إلى الاستقامة تقتضي محاسبة النفس باستمرار، والإقرار بالأخطاء، ثم التوبة، والعزم على عدم العود، ولذا أكّد الإمام (عليه السلام) على هذه المقومات، وبدأ بالإقرار بالذنب كمقدمة للنجاة منه، فقال (عليه السلام): (والله ما ينجو من الذنب إلاّ من أقرّ به)(2). وقال (عليه السلام): (كفى بالندم توبة)(3).
والإقرار يتبعه الغفران بعد طلبه من الله تعالى، قال (عليه السلام): (لقد غفر الله لرجل من أهل البادية بكلمتين دعا بهما قال: اللهم إن تعذبني فأهل ذلك أنا، وإن تغفر لي فأهل ذلك أنت، فغفر له)(4).
والتوبة تمحي الذنب فيعود الإنسان من خلالها إلى الاستقامة ثانية، قال (عليه السلام): (التائب من الذنب كمن لا ذنب له، والمقيم على الذنب وهو مستغفر منه كالمستهزئ)(5).
ــــــــــــــ
(1) المحاسن: 263.
(2) الكافي: 2 / 311.
(3) وسائل الشيعة: 16 / 59.
(4) المصدر السابق: 16 / 60.
(5) الكافي: 2 / 316 .
ج ـ الحذر من التورّط بالذنوب
الحذر والحيطة من الذنوب ضرورة ملحة في تزكية النفس، وهي تتطلب الدقة في تناول كل خالجة وكل حركة وكل موقف، وتتطلب التحليل الشامل للأسباب والظواهر، والعوامل المسبّبة للموقف، والتعالي بالنفس في ميادينها الباطنية، ولهذا دعا الإمام (عليه السلام) إلى الحذر والحيطة من جميع الممارسات فقال: (إن الله خبأ ثلاثة أشياء في ثلاثة أشياء: خبأ رضاه في طاعته، فلا تحقرن من الطاعة شيئاً فلعلّ رضاه فيه، وخبأ سخطه في معصيته فلا تحقرن من المعصية شيئاً فلعلّ سخطه فيه، وخبأ أولياءه في خلقه، فلا تحقرنّ أحداً فلعلّه ذلك الولي)(1).
ودعا (عليه السلام) إلى الاحتياط في القول في الحكم على الأشخاص والأعمال والممارسات فقال: (لا يسلم أحد من الذنوب حتى يخزن لسانه)(2).
وقال (عليه السلام) لأحد أصحابه: (يا فضيل بلّغ من لقيت من موالينا عنّا السلام، وقل لهم: إني أقول: أني لا أغني عنكم من الله شيئاً إلاّ بورع، فاحفظوا ألسنتكم، وكفّوا أيديكم، وعليكم بالصبر والصلاة ; إن الله مع الصابرين)(3).
د ـ تعميق الحياء الداخلي
إن موجبات التزكية كامنة في النفس ذاتها، قبل التأثر بالعوامل الخارجية، والتزكية ليست مجرد كلمات ورؤى نظرية بل هي ممارسة وسلوك عملي، يجب ان تنطلق من داخل النفس الإنسانية، ولا بد أن يتسلّح الإنسان
ــــــــــــــ
(1) كشف الغمة: 2 / 148.
(2) تحف العقول: 218.
(3) تفسير العياشي: 1 / 68 .
________________________________________
بالواعز الذاتي الذي يصدّه عن فعل القبيح، ولذا أكّد الإمام (عليه السلام) على الحياء لأنه حصن حصين يردع الأهواء والشهوات من الانطلاق اللامحدود، قال (عليه السلام): (الحياء والإيمان مقرونان في قرن، فإذا ذهب أحدهما تبعه صاحبه)(1).
هـ ـ كسر الأُلفة بين الإنسان وسلوكه الجاهلي
حينما يعتاد الإنسان على السلوك الجاهلي فإنه سيأنس به، ويألفه حتى يصبح وكأنه جزء من كيانه، ترضاه نفسه، ويقبله قلبه، ولهذا فهو بحاجة إلى كسر هذه الألفة وهذا الأُنس إن أراد أن يزكّي نفسه ويسمو بها إلى مشارف الكمال، ولذا أكّد الإمام (عليه السلام) على بعض الخطوات التي تكسر هذه الألفة، فقال: (إن الله يبغض الفاحش المتفحّش)(2).
وزرع في النفس كراهية الطمع والرغبات المذلة، فقال: (بئس العبد عبد يكون له طمع يقوده، وبئس العبد عبد له رغبة تذله)(3).
ومن أجل زرع الكراهية للشر روى عن رسول الله (صلَّى الله عليه وآله) قوله: (ألا إن شرار أمتي الذين يكرمون مخافة شرّهم، ألا وإنّ من أكرمه النّاس اتقاء شرّه فليس منّي)(4).
وقال (عليه السلام): (... إنّ أسرع الشر عقوبة البغي، وكفى بالمرء عيباً أن يبصر من الناس ما يَعمى عليه من نفسه، وأن يأمر للناس بما لا يستطيع التحوّل عنه، وأن يؤذي جليسه بما لا يعنيه)(5).
فإذا كسرت الألفة بين الإنسان وسلوكه الجاهلي فإنّه سيقلع عنه، ويكون مهيّئاً لتقبل السلوك الإسلامي.
ــــــــــــــ
(1) تحف العقول: 217.
(2) الكافي: 2 / 245.
(3) وسائل الشيعة: 16 / 24.
(4) الخصال: 1 / 15.
(5) مختصر تاريخ دمشق: 23 / 86 .
________________________________________
و ـ إزالة الحاجز النفسي بين الإنسان والسلوك السليم
قد يحدث حاجز نفسي بين الإنسان والسلوك السليم بسبب ضغط الأهواء والشهوات، أو بسبب الهواجس والوساوس المطبقة عليه، وسوء التصور، ورواسب الجاهلية، والضعف البشري، فلا بد من إزالة هذه الحواجز أولاً ثم التمرين على ممارسة السلوك السليم ثانياً.
فقد حبّب الإمام (عليه السلام) إلى أصحابه السلوك الصالح، بربطه بالعبادة وطلب العون من الله تعالى، فقال: (ما من عبادة أفضل من عفّة بطن وفرج، وما من شيء أحبُّ إلى الله من أن يُسأل، وما يدفع القضاء إلاّ الدعاء، وإن أسرع الخير ثواباً البرّ ...)(1).
وحبّب إلى النفوس حسن الخلق والرفق، فقال: (من أعطي الخلق والرفق، فقد أعطي الخير كلّه، والراحة، وحسن حاله في دنياه وآخرته، ومن حُرم الرفق والخلق كان ذلك له سبيلاً إلى كل شرّ وبليّة إلاّ من عصمه الله تعالى)(2).
وحبّب إلى نفوس أصحابه الأدب وحسن السيرة، فقال: (ما استوى رجلان في حسب ودين قط إلاّ كان أفضلهما عند الله آدبهما)(3).
وروى (عليه السلام) عن الإمام عليّ (عليه السلام) قوله: (إن من أعون الأخلاق على الدين الزهد في الدنيا)(4).
وحثَّ (عليه السلام) على أداء العبادات المندوبة لكي تتجذر في النفوس وفي الإرادة، لأنها تساعد على إصلاح النفس وتزكيتها، وبيّن ثواب من عمل بها،
ــــــــــــــ
(1) مختصر تاريخ دمشق: 23 / 86.
(2) حلية الأولياء: 3 / 187.
(3) مختصر تاريخ دمشق: 23 / 85.
(4) وسائل الشيعة: 16 / 12 .
من كتاب اعلام الهداية الإمام محمد بن علي الباقر (عليه السلام)
المجمع العالمي لأهل البيت (عليهم السلام)
تعليق