
تربية الامام الهادي لشيعته
قال البختري : كنت بمنبج بحضرة المتوكل ، إذ دخل عليه رجل من أولاد محمد بن الحنيفة حلو العينين ، حسن الثياب ، قد قرف عنده بشيء فوقف بين يديه والمتوكل مقبل على الفتح يحدثه .
فلما طال وقوف الفتى بين يديه وهو لا ينظر إليه قال له :
“ يا أمير المؤمنين إن كنت أحضرتني لتأديبي فقد أسأت الأدب ، وإن كنت أحضرتني ليعرف من بحضرتك من اوباش الناس استهانتك بأهلي فقد عرفوا “ .
فقال له المتوكل : واللـه يا حنفي لولا ما يثنيني عليك من أوصال الرحم ويعطفني عليك من مواقع الحلم لانتزعت لسانك ، ولفرقت بين رأسك وجسدك ، ولو كان بمكانك محمد أبوك ، قال : ثم التفت إلى الفتح فقال : أما ترى ما نلقاه من آل أبي طالب ؟ إما حسني يجذب إلى نفسه تاج عز نقله اللـه إلينا قبله ، أو حسيني يسعى في نقض ما أنزل اللـه إلينا قبله ، أو حنفي يدل بجهله أسيافنا على سفك دمه .
فقال له الفتى : “ وأي حلم تركته لك الخمور وإدمانها ؟ أم العيدان وفتيانها ومتى عطفك الرحم على أهلي وقد ابتززتهم فدكاً إرثهم من رسول اللـه (صلى اللـه عليه وآله وسلم ) فورثها أبو حرملة ! وأمّا ذكرك محمداً أبي فقد طفقت تضع عن عز رفعه اللـه ورسوله ، وتطاول شرفاً تقصر عنه ولا تطوله ، فأنت كما قال الشاعر :
فغــض الطرف إنـك من نميــر * فـلا كـعــبـاً بــلـغت ولا كــلابــا
ثم ها أنت تشكـو لي علجـك هذا ما تلقاه من الحسني والحسيني والحنفي فلبئس المولى ولبئس العشيـر .
ثم مد رجليه ثم قال : هاتان رجلاي لقيدك ، وهذه عنقي لسيفك ، فبؤ بإثمي وتحمَّل ظلمي فليس هذا أول مكروه أوقعته أنت وسلفك بهم ، يقول اللـه تعالى { ذَلِكَ الَّذِي يُبَشِّرُ اللـه عِبَادَهُ الَّذِينَ ءَامَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ قُل لآ أَسْاَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلاَّ الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَــى وَمَن يَقْتَرِفْ حَسَنَةً نَّزِدْ لَهُ فِيهَا حُسْناً إِنَّ اللـه غَفُورٌ شَكُورٌ } (الشّورى/23) فواللـه ما أجبت رسول اللـه (ص) عن مسألته ولقد عطفت بالمودة على غير قرابته فعما قليل ترد الحوض ، فيذودك أبي ويمنعك جدي صلوات اللـه عليهما .
قال : فبكى المتوكل ثم قام فدخل إلى قصر جواريه ، فلما كان من الغد أحضره وأحسن جائزته وخلى سبيله .
وكانت قبضة المتوكل الحديدية وإرهابه الشديد سبباً لسخط الناس عليه ، والذي تنامى حتى بلغ الجيش الذي ثار عليه بقيادة بغا الصغير وباغر ، وقتل المتوكل ووزيره الفتح بن خاقان وخلفه ابنه المنتصر في شوال عام 247 الذي أخذ يخالف أباه في كل شيء ، وبالذات فيما يتعلق بالبيت العلوي وحتى أنشد يزيد المعلبي يقول :
ولقد بـرزت الطـالبــــــيـــــة بعدمــا * ذمــــوا زمــامــاً بعــــــــدها وزمانا
ورددت ألــــــــفــة هـاشـم فـرأيتهـم * بعــد العــداوة بينهـم إخــوانا
قال البختري : كنت بمنبج بحضرة المتوكل ، إذ دخل عليه رجل من أولاد محمد بن الحنيفة حلو العينين ، حسن الثياب ، قد قرف عنده بشيء فوقف بين يديه والمتوكل مقبل على الفتح يحدثه .
فلما طال وقوف الفتى بين يديه وهو لا ينظر إليه قال له :
“ يا أمير المؤمنين إن كنت أحضرتني لتأديبي فقد أسأت الأدب ، وإن كنت أحضرتني ليعرف من بحضرتك من اوباش الناس استهانتك بأهلي فقد عرفوا “ .
فقال له المتوكل : واللـه يا حنفي لولا ما يثنيني عليك من أوصال الرحم ويعطفني عليك من مواقع الحلم لانتزعت لسانك ، ولفرقت بين رأسك وجسدك ، ولو كان بمكانك محمد أبوك ، قال : ثم التفت إلى الفتح فقال : أما ترى ما نلقاه من آل أبي طالب ؟ إما حسني يجذب إلى نفسه تاج عز نقله اللـه إلينا قبله ، أو حسيني يسعى في نقض ما أنزل اللـه إلينا قبله ، أو حنفي يدل بجهله أسيافنا على سفك دمه .
فقال له الفتى : “ وأي حلم تركته لك الخمور وإدمانها ؟ أم العيدان وفتيانها ومتى عطفك الرحم على أهلي وقد ابتززتهم فدكاً إرثهم من رسول اللـه (صلى اللـه عليه وآله وسلم ) فورثها أبو حرملة ! وأمّا ذكرك محمداً أبي فقد طفقت تضع عن عز رفعه اللـه ورسوله ، وتطاول شرفاً تقصر عنه ولا تطوله ، فأنت كما قال الشاعر :
فغــض الطرف إنـك من نميــر * فـلا كـعــبـاً بــلـغت ولا كــلابــا
ثم ها أنت تشكـو لي علجـك هذا ما تلقاه من الحسني والحسيني والحنفي فلبئس المولى ولبئس العشيـر .
ثم مد رجليه ثم قال : هاتان رجلاي لقيدك ، وهذه عنقي لسيفك ، فبؤ بإثمي وتحمَّل ظلمي فليس هذا أول مكروه أوقعته أنت وسلفك بهم ، يقول اللـه تعالى { ذَلِكَ الَّذِي يُبَشِّرُ اللـه عِبَادَهُ الَّذِينَ ءَامَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ قُل لآ أَسْاَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلاَّ الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَــى وَمَن يَقْتَرِفْ حَسَنَةً نَّزِدْ لَهُ فِيهَا حُسْناً إِنَّ اللـه غَفُورٌ شَكُورٌ } (الشّورى/23) فواللـه ما أجبت رسول اللـه (ص) عن مسألته ولقد عطفت بالمودة على غير قرابته فعما قليل ترد الحوض ، فيذودك أبي ويمنعك جدي صلوات اللـه عليهما .
قال : فبكى المتوكل ثم قام فدخل إلى قصر جواريه ، فلما كان من الغد أحضره وأحسن جائزته وخلى سبيله .
وكانت قبضة المتوكل الحديدية وإرهابه الشديد سبباً لسخط الناس عليه ، والذي تنامى حتى بلغ الجيش الذي ثار عليه بقيادة بغا الصغير وباغر ، وقتل المتوكل ووزيره الفتح بن خاقان وخلفه ابنه المنتصر في شوال عام 247 الذي أخذ يخالف أباه في كل شيء ، وبالذات فيما يتعلق بالبيت العلوي وحتى أنشد يزيد المعلبي يقول :
ولقد بـرزت الطـالبــــــيـــــة بعدمــا * ذمــــوا زمــامــاً بعــــــــدها وزمانا
ورددت ألــــــــفــة هـاشـم فـرأيتهـم * بعــد العــداوة بينهـم إخــوانا
تعليق