
نتقدم بأحر التعازي الى الرسول الأعظم
والى سيدتنا مولاتنا فاطمة الزهراء
والى امير المؤمنين علي بن ابي طالب
والى الأئمة المعصومين
سلام الله عليهم أجمعين
والى مولاي صاحب العصر والزمان (عجّل الله فرجه الشريف)
والى الامة الاسلامية
بذكرى استشهاد طفلة الأمام الحسين
السيدة رقية عليها السلام
السلام عليكِ يا مولاتي يا رقية يوم ولدتِ ويوم استشهدتِ
ويوم ترجعين بيوم المحشر لتكشفي للعالم عن مصابكِ الأليم
لعن من آذاكِ وقتلكِ وسلط سياط الظلم عليكِ
ومن ظلمكِ وظلم أبيكِ الطاهر (عليه السلام) وأيتمكِ وأنتِ صغيرة
حتى صرعكِ وأنتِ تحتضني رأس أبيكِ الشريف
لأنكِ لم تتحملي أن ترين بحالته فضيعة
وجهه القمري مخسوف ولحيته مخضبة بالدماء
اسمها ونسبها(عليها السلام)
السيّدة رقية بنت الإمام الحسين بن علي بن أبي طالب(عليهم السلام).
عام 57ﻫ أو 58ﻫ، المدينة المنوّرة.
حضرت السيّدة رقية(عليها السلام) واقعة كربلاء، وهي بنت ثلاثة سنين، ورأت بأُمّ عينيها الفاجعة الكبرى والمأساة العظمى، لما حلّ بأبيها الإمام الحسين(عليه السلام) وأهل بيته وأصحابه من القتل، ثمّ أُخذت أسيرة مع أُسارى أهل البيت(عليهم السلام) إلى الكوفة، ومن ثمّ إلى الشام.
وفي الشام أمر اللعين يزيد أن تُسكن الأُسارى في خربة من خربات الشام، وفي ليلة من الليالي قامت السيّدة رقية فزعة من نومها وقالت: أين أبي الحسين؟ فإنّي رأيته الساعة في المنام مضطرباً شديداً، فلمّا سمعن النساء بكين وبكى معهنّ سائر الأطفال، وارتفع العويل والبكاء.
فانتبه يزيد (لعنه الله) من نومه وقال: ما الخبر؟ فأخبروه بالواقعة، فأمر أن يذهبوا إليها برأس أبيها، فجاؤوا بالرأس الشريف إليها مغطّىً بمنديل، فوُضِع بين يديها، فلمّا كشفت الغطاء رأت الرأس الشريف نادت: «يا أبتاه مَن الذي خضّبك بدمائك؟ يا أبتاه مَن الذي قطع وريدك؟ يا أبتاه مَن الذي أيتمني على صغر سنّي؟ يا أبتاه مَن بقي بعدك نرجوه؟ يا أبتاه مَن لليتيمة حتّى تكبر»؟
ثمّ إنّها وضعت فمها على فمه الشريف، وبكت بكاءً شديداً حتّى غشي عليها، فلمّا حرّكوها وجدوها قد فارقت روحها الحياة، فعلى البكاء والنحيب، واستجدّ العزاء، فلم يُرَ ذلك اليوم إلّا باكٍ وباكية.
5 صفر 61ﻫ، مدينة دمشق، ودُفنت بقرب المسجد الأُموي، وقبرها معروف يُزار.
1ـ قال الشاعر سيف بن عميرة النخعي الكوفي ـ من أصحاب الإمام الصادق والكاظم(عليهما السلام) ـ:
وعبدكم سيف بن عميرة ** لعبد عبيد حيدر قنبر
وسكينة عنها السكينة فارقت ** لما ابتديت بفرقة وتغيّر
ورقية رقّ الحسود لضعفها ** وغدا ليعذرها الذي لم يعذر
ولأُمّ كلثوم يجد جديدها ** لئم عقيب دموعها لم يكرر
لم أنسها سكينة ورقية ** يبكينه بتحسّر وتزفّر
2ـ قال الشاعر السيّد مصطفى جمال الدين قصيدة مكتوبة بماء الذهب على ضريحها، وفيها:
في الشام في مثوى يزيد مرقد ** ينبيك كيف دم الشهادة يُخلّد
رقدت به بنت الحسين فأصبحت ** حتّى حجارة ركنه تتوقّد
هيّا استفيقي يا دمشق وأيقظي ** وغداً على وضر القمامة يرقد
وأريه كيف تربّعت في عرشه ** تلك الدماء يضوع منها المشهد
سيظلّ ذكرك يا رقية عبرة ** للظالمين مدى الزمان يخلد
3ـ قال الشاعر السيّد سلمان هادي آل طعمة:
ضريحك إكليل من الزهر مورق ** به العشق من كلّ الجوانب محدّق
ملائكة الرحمن تهبط حوله ** تسبّح في أرجائه وتحلّق
شممت به عطر الربى متضوّعاً ** كأنّ الصبا من روضة الخلد يعبق
إليه غدا الملهوف مختلج الرؤى ** وعيناه بالدمع الهتون ترقرق
كريمة سبط المصطفى ما أجلّها ** لها ينحني المجد الأثيل ويخفق
يتيمة أرض الشام ألف تحية ** إليك وقلبي بالمودّة ينطق
«السلام عليك يا أبا عبد الله يا حسينُ بن علي يابن رسول الله، السلام عليك يا حجّة الله وابن حجّته، أشهد أنّك عبد الله وأمينه، بلّغت ناصحاً وأدّيت أميناً، وقلت صادقاً وقُتلت صدّيقاً، فمضيت شهيداً على يقينٍ، لم تؤثر عمىً على هدى، ولم تمل من حقٍّ إلى باطل، ولم تجب إلّا الله وحده.
السلام عليكِ يا ابنة الحسين الشهيد الذبيح العطشان، المرمّل بالدماء، السلام عليكِ يا مهضومة، السلام عليكِ يا مظلومة، السلام عليكِ يا محزونة، تنادي يا أبتاه مَن الذي خضّبك بدمائك، يا أبتاه من الذي قطع وريدك، يا أبتاه من الذي أيتمني على صغر سنّي، يا أبتاه من لليتيمة حتّى تكبر.
لقد عظمت رزيّتكم وجلّت مصيبتكم، عظُمت وجلّت في السماء والأرض، فإنّا لله وإنا إليه راجعون، ولا حول ولا قوّة إلّا بالله العلي العظيم، جعلنا الله معكم في مستقرّ رحمته، والسلام عليكم ساداتي وموالي جميعاً ورحمة الله وبركاته».
تعليق