استشهاد أمير المؤمنين (ع)
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صلي على محمد و آل محمد
اللهم صلي على محمد و آل محمد
عظم الله أجورنا و اجوركم بذكرى استشهاد الإمام علي عليه السلام

الإمام علي (ع) في سطور
• اسمه: علي
• أبوه: أبو طالب (عبد مناف)
• أمه: فاطمة بنت أسد بن هاشم
• جده: عبد المطلب بن هاشم
• إخوته: طالب، عقيل، جعفر
• أخواته: أم هاني، جمانة.
• ولادته: ولد (عليه السلام) يوم الجمعة في الثالث من شهر رجب في الكعبة المكرمة بعد مولد الرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله) بثلاثين سنة.
• صفته:
كان( عليه السلام) ربع القامة، أزج الحاجبين، أدعج العينين أنجل، حسن الوجه كأن وجهه القمر ليلة البدر حسناً، ويميل إلى السمرة، أصلع له حفاف من خلفه كأنه إكليل، اغيد كأن، عنقه إبريق فضة، وهو ارقب، ضخم البطن، أقرى الظهر، عريض الصدر، محض المتن، شثن الكفين، ضخم الكسور، لا يبين عضده من ساعده قد أدمجت إدماجا، عبل الذراعين، عريض المنكبين، عظيم المشاشين كمشاش السبع الضاري، له لحية قد زانت صدره، غليظ العضلات، خمش الساقين.
• إسلامه: هو أول من أسلم.
• أشهر زوجاته: فاطمة الزهراء (عليها السلام)، حولة بنت جعفر بن قيس الخثعمية، أم حبيب بنت ربيعة، أم البنين بنت حزام بن خالد بن دارم، ليلى بنت مسعود الدارمية، أسماء بنت عميس الخثعمية، أم سعيد بنت عروة بن مسعود الثقفي.
• أولاده: الحسن (عليه السلام)، الحسين (عليه السلام)، محمد (المكنى بأبي القاسم)، رملة، نفيسة، زينب الصغرى، رقية الصغرى، أم هاني، أم الكرام جمانة (المكناة أم جعفر) امامة، أم سلمة، ميمونة، خديجة، فاطمة .
• كُناه: أبو الحسن، أبو الحسين، أبو السبطين، أبو الريحانتين، أبو تراب (كناه بها رسول الله (صلى الله عليه وآله).
• ألقابه: أمير المؤمنين، المرتضى، الوصي، حيدرة، يعسوب المؤمنين، يعسوب الدين.
• خصائصه:
أ - ولد في الكعبة ولم يولد بها أحد قبله ولا بعده.
ب ـ آخى رسول الله (صلى الله عليه وآله) بينه وبين علي لما آخى رسول الله (صلى الله عليه وآله) بينه وبين علي لما آخى بين المسلمين.
ج - حامل لواء الرسول (صلى الله عليه وآله).
د - أمره الرسول (صلى الله عليه وآله).
في بعض سراياه ولم يجعل علياً أميراً.
هـ - بلغ عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) سورة براءة.
• بيعته: بويع له بالخلافة في الثامن عشر من ذي الحجة في السنة العاشرة من الهجرة في غدير خم بأمر الرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله)، واستلم الحكم في ذي الحجة في السنة الخامسة والثالثين من الهجرة.
• عاصمته: الكوفة
• شاعره: النجاشي، الأعور الشني
• نقش خاتمه: الله الملك وعلي عبده
• حروبه: الجمل، صفين، النهروان
• رايته: راية رسول لله (صلى الله عليه وآله)
• آثاره: نهج البلاغة
• بوابه: سلمان الفارسي
• كاتبه: عبد الله بن أبي رافع
• شهادته: ضربه عبد الرحمن بن ملجم المرادي الخارجي في ليلة تسع عشرة من شهر رمضان سنة أربعين من الهجرة أثناء اشتغاله بصلاة الفجر في مسجد الكوفة، وتوفي في ليلة إحدى وعشرين من الشهر المذكور.
• قبره: دفنه الحسن (عليه السلام) في الغري، واخفى قبره مخافة الخوارج ومعاوية، وهو اليوم ينافس السماء سمواً ورفعةً، وعلى أعتابه يتكدس الذهب، ويتنافس المسلمون في زيارته من جميع العالم الإسلامي.
• أبوه: أبو طالب (عبد مناف)
• أمه: فاطمة بنت أسد بن هاشم
• جده: عبد المطلب بن هاشم
• إخوته: طالب، عقيل، جعفر
• أخواته: أم هاني، جمانة.
• ولادته: ولد (عليه السلام) يوم الجمعة في الثالث من شهر رجب في الكعبة المكرمة بعد مولد الرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله) بثلاثين سنة.
• صفته:
كان( عليه السلام) ربع القامة، أزج الحاجبين، أدعج العينين أنجل، حسن الوجه كأن وجهه القمر ليلة البدر حسناً، ويميل إلى السمرة، أصلع له حفاف من خلفه كأنه إكليل، اغيد كأن، عنقه إبريق فضة، وهو ارقب، ضخم البطن، أقرى الظهر، عريض الصدر، محض المتن، شثن الكفين، ضخم الكسور، لا يبين عضده من ساعده قد أدمجت إدماجا، عبل الذراعين، عريض المنكبين، عظيم المشاشين كمشاش السبع الضاري، له لحية قد زانت صدره، غليظ العضلات، خمش الساقين.
• إسلامه: هو أول من أسلم.
• أشهر زوجاته: فاطمة الزهراء (عليها السلام)، حولة بنت جعفر بن قيس الخثعمية، أم حبيب بنت ربيعة، أم البنين بنت حزام بن خالد بن دارم، ليلى بنت مسعود الدارمية، أسماء بنت عميس الخثعمية، أم سعيد بنت عروة بن مسعود الثقفي.
• أولاده: الحسن (عليه السلام)، الحسين (عليه السلام)، محمد (المكنى بأبي القاسم)، رملة، نفيسة، زينب الصغرى، رقية الصغرى، أم هاني، أم الكرام جمانة (المكناة أم جعفر) امامة، أم سلمة، ميمونة، خديجة، فاطمة .
• كُناه: أبو الحسن، أبو الحسين، أبو السبطين، أبو الريحانتين، أبو تراب (كناه بها رسول الله (صلى الله عليه وآله).
• ألقابه: أمير المؤمنين، المرتضى، الوصي، حيدرة، يعسوب المؤمنين، يعسوب الدين.
• خصائصه:
أ - ولد في الكعبة ولم يولد بها أحد قبله ولا بعده.
ب ـ آخى رسول الله (صلى الله عليه وآله) بينه وبين علي لما آخى رسول الله (صلى الله عليه وآله) بينه وبين علي لما آخى بين المسلمين.
ج - حامل لواء الرسول (صلى الله عليه وآله).
د - أمره الرسول (صلى الله عليه وآله).
في بعض سراياه ولم يجعل علياً أميراً.
هـ - بلغ عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) سورة براءة.
• بيعته: بويع له بالخلافة في الثامن عشر من ذي الحجة في السنة العاشرة من الهجرة في غدير خم بأمر الرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله)، واستلم الحكم في ذي الحجة في السنة الخامسة والثالثين من الهجرة.
• عاصمته: الكوفة
• شاعره: النجاشي، الأعور الشني
• نقش خاتمه: الله الملك وعلي عبده
• حروبه: الجمل، صفين، النهروان
• رايته: راية رسول لله (صلى الله عليه وآله)
• آثاره: نهج البلاغة
• بوابه: سلمان الفارسي
• كاتبه: عبد الله بن أبي رافع
• شهادته: ضربه عبد الرحمن بن ملجم المرادي الخارجي في ليلة تسع عشرة من شهر رمضان سنة أربعين من الهجرة أثناء اشتغاله بصلاة الفجر في مسجد الكوفة، وتوفي في ليلة إحدى وعشرين من الشهر المذكور.
• قبره: دفنه الحسن (عليه السلام) في الغري، واخفى قبره مخافة الخوارج ومعاوية، وهو اليوم ينافس السماء سمواً ورفعةً، وعلى أعتابه يتكدس الذهب، ويتنافس المسلمون في زيارته من جميع العالم الإسلامي.
مكارم أخلاقه
أخلاقه هي الفضائل النفسية التي امتاز بها وإنما وصفنا الفضائل بالنفسية لأن هناك فضائل لا ترتبط بالنفس كالنسب الشريف والجمال والقوة فإنها أمور لا اختيارية، والفضائل النفسية تظهر إلى الوجود بالطوع والاختيار كالجود والعفو والزهد والعبادة وما شاكل ذلك فإنها منبعثة من نفس طاهرة شريفة فاضلة وإلى هذا أشار القرآن الكريم بقوله تعالى: (قل كلٌّ يعمل على شاكلته) أي قل يا محمد كل واحد من المؤمن والكافر يعمل على طبيعته وخليقته التي تخلق بها أو على طريقته وسنته التي اعتادها، وقال الشاعر:
فلما ملكتم سال بالدم أبطح
فكل إناء بالذي فيه ينضح
ملكنا فكان العفو منا سجية
فحسبكم هذا التفاوت بيننا
فلما ملكتم سال بالدم أبطح
فكل إناء بالذي فيه ينضح
ملكنا فكان العفو منا سجية
فحسبكم هذا التفاوت بيننا
وقد مر عليكم الشيء الكثير مما يتعلق بهذا الإمام العظيم من عوامل التشريف والتأثير في نفسيته الطاهرة (عليه السلام) من حيث الميلاد والمواهب والمزايا والخصائص والتربية، فأنتجت تلك العوامل الإلهية والنبوية أحسن إنتاج، وجعلت نفس علي مركزاً لانطلاق كل فضيلة وخير فلا عجب إذا كان الإمام (عليه السلام) صوتاً للعدالة الإسلامية ورمزاً للفتوة والمروءة ومثالاً للعطف والحنان الأبوي.
وأصحاب النفوس الشريفة تختلف هواياتهم عن غيرهم، فهم دائماً وأبداً يلبون نداء ضميرهم الإنساني، ويستلذون بإسعاف الفقير والمسكين.
ويبتهجون بإشباع البطون الجائعة وإكساء الأجساد العارية وإنقاذ البؤساء من براثن الفاقة، وحيث إنهم أشربوا معرفة الله تعالى وخالط حب الله لحومهم ودماءهم فإن أسعد أوقاتهم وألذها عندهم هي الساعات التي يشتغلون فيها بمناجاة ربهم والخضوع والخشوع أمام عظمة الله تعالى، فلا يملّون من العبادة كما لا يملّ الحبيب من مكالمة حبيبه.
وجملة أخرى لا بأس بالإشارة إليها وهي أن الإنسان حينما يحس بالنقص في نفسه من حيث العلم أو الفن أو الفضيلة أو القوة أو الجمال أو ما شابه ذلك فإنه يحاول إخفاء ذلك النقص وجبران ذلك العيب عن طريق التزيين والتجميل في الملبس والمسكن وسائر لوازم الحياة ومظاهر الترف، كل ذلك إرضاء لوجدانه وضميره الذي يؤنبه بالنقص، أما أولياء الله فإنهم يحسون بالكمال في أنفسهم، فهم في غنى عن ستر النقص عن طريق التجميل والتفنن في الملبس والمأكل والمسكن وما جرى مجرى ذلك لأنه لا نقص فيهم.
وعلى هذا الأساس كانوا يختارون لأنفسهم البساطة في المعيشة، ويتجلى الزهد في جميع مظاهر حياتهم بدون أي تكلف وتعسف، فلا يشتاقون إلى اختلاف الأطعمة ولا تميل نفوسهم إلى زخارف الحياة وزبرجها، فإن الإحساس بالكمال يحول بينهم وبين الشعور بالحاجة إلى ما تتهافت عليه نفوس الآخرين من حطام الدنيا.
فإذا قرأنا أو سمعنا عن نبي أو إمام شيئاً من الزهد وعدم الإقبال على مباهج الحياة فلعله معلول هذه العلة التي تقدمت.
وسنذكر ما تيسر من الأخبار والأحاديث التي اشتهرت بين أعلام الحديث وحفاظه حول الفضائل النفسية التي أنعم الله بها على أمير المؤمنين (عليه الصلاة والسلام).
قال ابن أبي الحديد في مقدمته على شرح نهج البلاغة:
وما أقول في رجل أقرّ له أعداؤه وخصومه بالفضل؟ ولم يمكنهم جحد مناقبه ولا كتمان فضائله؟ فقد علمت أنه استولى بني أمية على سلطان الإسلام في شرق الأرض وغربها، واجتهدوا بكل حيلة في إطفاء نوره، والتحريف عليه، ووضع المعايب والمثالب له، ولعنوه على جميع المنابر وتوعدوا مادحيه، بل حبسوهم وقتلوهم ومنعوا من راوية حديث يتضمن له فضيلة أو يرفع له ذكراً، حتى حضروا أن يسمى أحد باسمه، فما زاده ذلك إلا رفعة وسمواً، وكان كالمسك كلما ستر انتشر عرفه وكلما كتم تضوع نشره، وكالشمس لا تستر بالراح، وكضوء النهار إن حجبت عنه عين واحدة أدركته عيون كثيرة.
وما أقول في رجل تُعزى إليه كل فضيلة؟ وتنتمي إليه كل فرقة، وتتجاذبه كل طائفة، فهو رئيس الفضائل وينبوعها وأبو عذرها وسابق مضمارها، ومجلي حلبتها.
وكل من بزغ فيها بعده فمنه أخذ، وله اقتفى، وعلى مثاله احتذى...
وإن رجعت إلى الخصائص الخلقية والفضائل النفسية والدينية وجدته ابن جلاها، وطلاّع ثناياها.
إن أولى الناس برسول الله (صلى الله عليه وآله) من يحكم نفسه ويسمو بها فوق الأحقاد إيثاراً لمكارم الأخلاق، وكذلك كان أمير المؤمنين (كرّم الله وجهه)، فما يعرف التاريخ أنه خضع لنزوة أو استسلم لشهوة، شأن أحرار النفوس الذين نشأهم بيت النبوة في ظلال وارفة من كرم المروءة وأدب الإسلام.
وآية ذلك الذي نقول ما يرويه الثقات من البصراء بأحداث التاريخ أن حجر بن عدي الكندي، خرج في أصحاب له يظهرون البراءة من أهل الشام وفي طليعتهم معاوية، فأرسل الإمام (كرم الله وجهه) إليهم يقول لهم: كفوا عما بلغني عنكم. فجاء إليه القوم مع زعيمهم حجر.
فقالوا: يا أمير المؤمنين، ألسنا على الحق؟
قال: بلى.
فقالوا: أليسوا هم مبطلين؟
قال الإمام: بلى هم مبطلون.
فسأله القوم: لم منعتنا من شتمهم إذن؟
قال: كرهت لكم أن تكونوا لعانين شتامين. وخير لكم أن تصفوا مساوئ أعمالهم فتذكروا من سيرتهم ما يقوم مقام شتمهم، فذلك أصوب في القول وأبلغ في العذر. وحبذا لو استبدلتم بذلك كله دعاء صالحاً لهم: (اللهم أحقن دماءهم ودماءنا، وأصلح ذات بينهم وبيننا، اللهم وأهدهم من ضلالتهم حتى يعرف الحق منهم من جهله، ويرعوي عن الغي من لهج به).
ولم يسع القوم إلا أن يجيبوا الإمام بقولهم: نقبل عظتك ونتأدب بأدبك.
وإذا كان لكل موقف عبرة، فإن عبرة هذا الموقف أن الذين نهى الإمام عن سبهم أطلقوا ألسنتهم في سبه حتى كانوا يسبونه على منابر الجمعة.
ومن العجيب في هذا أنه (عليه السلام) أباح لأوليائه أن يسبوه على قدر ما حذرهم أن يتبرأوا منه. فذلك قوله (كرم الله وجهه): (أما أنه سيظهر عليكم بعدي رجل سيأمركم بسبي والبراءة مني. أما السب فسبوني فإنه لي زكاة ولكم نجاة، وأما البراءة فلا تتبرأوا مني فإني ولدت على الفطرة، وسبقت إلى الإيمان والهجرة).
وأصحاب النفوس الشريفة تختلف هواياتهم عن غيرهم، فهم دائماً وأبداً يلبون نداء ضميرهم الإنساني، ويستلذون بإسعاف الفقير والمسكين.
ويبتهجون بإشباع البطون الجائعة وإكساء الأجساد العارية وإنقاذ البؤساء من براثن الفاقة، وحيث إنهم أشربوا معرفة الله تعالى وخالط حب الله لحومهم ودماءهم فإن أسعد أوقاتهم وألذها عندهم هي الساعات التي يشتغلون فيها بمناجاة ربهم والخضوع والخشوع أمام عظمة الله تعالى، فلا يملّون من العبادة كما لا يملّ الحبيب من مكالمة حبيبه.
وجملة أخرى لا بأس بالإشارة إليها وهي أن الإنسان حينما يحس بالنقص في نفسه من حيث العلم أو الفن أو الفضيلة أو القوة أو الجمال أو ما شابه ذلك فإنه يحاول إخفاء ذلك النقص وجبران ذلك العيب عن طريق التزيين والتجميل في الملبس والمسكن وسائر لوازم الحياة ومظاهر الترف، كل ذلك إرضاء لوجدانه وضميره الذي يؤنبه بالنقص، أما أولياء الله فإنهم يحسون بالكمال في أنفسهم، فهم في غنى عن ستر النقص عن طريق التجميل والتفنن في الملبس والمأكل والمسكن وما جرى مجرى ذلك لأنه لا نقص فيهم.
وعلى هذا الأساس كانوا يختارون لأنفسهم البساطة في المعيشة، ويتجلى الزهد في جميع مظاهر حياتهم بدون أي تكلف وتعسف، فلا يشتاقون إلى اختلاف الأطعمة ولا تميل نفوسهم إلى زخارف الحياة وزبرجها، فإن الإحساس بالكمال يحول بينهم وبين الشعور بالحاجة إلى ما تتهافت عليه نفوس الآخرين من حطام الدنيا.
فإذا قرأنا أو سمعنا عن نبي أو إمام شيئاً من الزهد وعدم الإقبال على مباهج الحياة فلعله معلول هذه العلة التي تقدمت.
وسنذكر ما تيسر من الأخبار والأحاديث التي اشتهرت بين أعلام الحديث وحفاظه حول الفضائل النفسية التي أنعم الله بها على أمير المؤمنين (عليه الصلاة والسلام).
قال ابن أبي الحديد في مقدمته على شرح نهج البلاغة:
وما أقول في رجل أقرّ له أعداؤه وخصومه بالفضل؟ ولم يمكنهم جحد مناقبه ولا كتمان فضائله؟ فقد علمت أنه استولى بني أمية على سلطان الإسلام في شرق الأرض وغربها، واجتهدوا بكل حيلة في إطفاء نوره، والتحريف عليه، ووضع المعايب والمثالب له، ولعنوه على جميع المنابر وتوعدوا مادحيه، بل حبسوهم وقتلوهم ومنعوا من راوية حديث يتضمن له فضيلة أو يرفع له ذكراً، حتى حضروا أن يسمى أحد باسمه، فما زاده ذلك إلا رفعة وسمواً، وكان كالمسك كلما ستر انتشر عرفه وكلما كتم تضوع نشره، وكالشمس لا تستر بالراح، وكضوء النهار إن حجبت عنه عين واحدة أدركته عيون كثيرة.
وما أقول في رجل تُعزى إليه كل فضيلة؟ وتنتمي إليه كل فرقة، وتتجاذبه كل طائفة، فهو رئيس الفضائل وينبوعها وأبو عذرها وسابق مضمارها، ومجلي حلبتها.
وكل من بزغ فيها بعده فمنه أخذ، وله اقتفى، وعلى مثاله احتذى...
وإن رجعت إلى الخصائص الخلقية والفضائل النفسية والدينية وجدته ابن جلاها، وطلاّع ثناياها.
إن أولى الناس برسول الله (صلى الله عليه وآله) من يحكم نفسه ويسمو بها فوق الأحقاد إيثاراً لمكارم الأخلاق، وكذلك كان أمير المؤمنين (كرّم الله وجهه)، فما يعرف التاريخ أنه خضع لنزوة أو استسلم لشهوة، شأن أحرار النفوس الذين نشأهم بيت النبوة في ظلال وارفة من كرم المروءة وأدب الإسلام.
وآية ذلك الذي نقول ما يرويه الثقات من البصراء بأحداث التاريخ أن حجر بن عدي الكندي، خرج في أصحاب له يظهرون البراءة من أهل الشام وفي طليعتهم معاوية، فأرسل الإمام (كرم الله وجهه) إليهم يقول لهم: كفوا عما بلغني عنكم. فجاء إليه القوم مع زعيمهم حجر.
فقالوا: يا أمير المؤمنين، ألسنا على الحق؟
قال: بلى.
فقالوا: أليسوا هم مبطلين؟
قال الإمام: بلى هم مبطلون.
فسأله القوم: لم منعتنا من شتمهم إذن؟
قال: كرهت لكم أن تكونوا لعانين شتامين. وخير لكم أن تصفوا مساوئ أعمالهم فتذكروا من سيرتهم ما يقوم مقام شتمهم، فذلك أصوب في القول وأبلغ في العذر. وحبذا لو استبدلتم بذلك كله دعاء صالحاً لهم: (اللهم أحقن دماءهم ودماءنا، وأصلح ذات بينهم وبيننا، اللهم وأهدهم من ضلالتهم حتى يعرف الحق منهم من جهله، ويرعوي عن الغي من لهج به).
ولم يسع القوم إلا أن يجيبوا الإمام بقولهم: نقبل عظتك ونتأدب بأدبك.
وإذا كان لكل موقف عبرة، فإن عبرة هذا الموقف أن الذين نهى الإمام عن سبهم أطلقوا ألسنتهم في سبه حتى كانوا يسبونه على منابر الجمعة.
ومن العجيب في هذا أنه (عليه السلام) أباح لأوليائه أن يسبوه على قدر ما حذرهم أن يتبرأوا منه. فذلك قوله (كرم الله وجهه): (أما أنه سيظهر عليكم بعدي رجل سيأمركم بسبي والبراءة مني. أما السب فسبوني فإنه لي زكاة ولكم نجاة، وأما البراءة فلا تتبرأوا مني فإني ولدت على الفطرة، وسبقت إلى الإيمان والهجرة).
تعليق