بسم الله الرحمن الرحيم
اللَهٌمَ صَل ِعَلى مُحَمْدٍ وَآل ِ مُحَمْدٍ الْطَيّبْينَ الْطَاهِرّيْنَ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

هل الامام المهدي (عج)يتبنى(العنصريه)في دولته
المستوى الثاني: إن دعوة المهدي (ع) ودولته عالمية، كما هو ضروري الوضوح لكل معترف به من المسلمين، وسيأتي التعرض للنصوص الدالة على ذلك بصراحة.
والدعوة العالمية على طول الخط منافية مع العنصرية. ولذا نرى سائر المبادىء في التاريخ, ممن طمعت بالإستيلاء العقائدي على العالم، تقف من العنصرية موقفاً، سلبياً، وتعتبرها نظرة ضيقة لا ترقى إلى اسلوبها الواسع وأفقها الرحب.
وحيث كانت دعوة المهدي(ع) عالمية، إذن، فهي تنافي العنصرية كأي دعوة عالمية أخرى. بمعنى أنه بمجرد أن يتخذ بعض شعارات العنصرية فإن دائرة دعوته ستكون ضيقة، وسيتعذر عليه بأي حال، أن تبقى دعوته عالمية، وهذا خلاف الضرورة والتواتر عن دعوة المهدي(ع). وسيخل بتأسيس الدولة العالمية، وهو خلاف ما استهدفه هذا القائد العظيم في ظهوره والغرض الأساسي الذي وجد التخطيط الإلهي من أجله.
وقد يخطر في الذهن: أن ما دل عليه الدليل القطعي. بالضرورة والتواتر هو استيلاء المهدي (ع) على العالم بأجمعه واتساع رقعته، وهذا لا ينافي الإعتراف من قبله ببعض أشكال العنصرية.
والجواب على ذلك: أن استيلاء الإمام المهدي(ع) على العالم، إن كان
غزواً عسكرياً مجرداً، فهذا الذي قاله السائل صحيح. فإن الغزو العسكري المجرد لأجل الحصول على السلطة، يناسب مع الإعتقاد بالعنصرية ومع رفضها فلا يكون مجرد الإستيلاء على العالم دليلاً على شجب العنصرية.
إلا أن استيلاء الإمام المهدي(ع) على العالم ليس مجرد غزو عسكري بل هو دعوة عقائدية وأطروحة عادلة يريد نشرها وتطبيقها على البشرية أجمعين وتربية البشر على أساسها تربية صالحة. لتتحقق العبادة المحضة لله عزّ وجلّ على وجه الأرض، كما هو الغرض الأساسي من الخلق ومن اليوم الموعود.
والدعوة إذا كانت عالمية بهذا الشكل، فإنها تكون منافية للعنصرية بالمرة وذلك بعد الإلتفات إلى مجموع أمرين:
الأمرالأول: إن التطبيق الحقيقي للعدل والتربية العادلة، لا يمكن إتمامه إلا بجو من الإنسجام والتقبل النفسي للفرد والجماعة، لكي تترسخ القواعد الأساسية والسلوك الصالح في عالم الحياة. وأما مع جوّ الإنزجار والتأفف والتباعد، فلا يمكن أن تنال البشرية مثل تلك النتائج الصالحة، ومن ثم لا يمكن تطبيق العبادة الكاملة على تلك الجماعة فيكون مخلاً بالغرض الأساسي لخلق البشرية.
الأمر الثاني: إن الإعتراف بالعنصريةبأي شكل من أشكالها، يعني أن العنصر الآخر، الذي لم يعترف به من البشر، وقام النظام على الإلتزم بتسافله وخسته أمام العنصر المفضل، إن هذا العنصر سوف يشعر بالغربة في ذلك النظام وبالتعقيد النفسي والإنزجار والتأفف تجاهه. بطبيعة الحال.
ونحن إذا لاحظنا العالم ككل لم نجد أي عنصر من العناصر التي يتبناها العنصريون يشكل أكثرية في العالم، وإنما يشكل الأقلية على طول الخط. وهذا يعني بكل وضوح، أن الدولة العالمية لو تبنت أي عنصر من العناصر، وفضلته على غيره، فإنها تتبنى مصالح الأقلية من شعبها وتعتبر أكثريتهم من الجنس الأخس الأدنى إذن فستحس الأكثرية بالتعقد والإنزجار تجاه تلك الدولة بحكم كونهم محكومين بالخساسة والتسافل في نظامها. وبالتالي ستتعذر تربيتهم الصالحة المطلوبة، ويكون الغرض من أصل الخليقة متخلفاً وفاشلاً.
وباستحالة تخلف هذا الغرض، نعرف لزوم كون الدولة العالمية المهدوية سلبية تجاه العناصر البشرية، وحيادية تجاه التفاضل بينها، وملغية لها كأساس للتفاضل تماماً... توصلاً إلى التربية العادلة للبشرية اجمعين.
وقد يخطر في الذهن:ان الفكر الحديث قد طور مفهوم العنصرية، فقد أصبحت لا تعني تفضيل عنصر على عنصر، وإنما كل ما تعنيه هو الإهتمام بمصالح مجموعة معينة مشتركة في اللغة أو الوطن - وغير ذلك - انطلاقاً من اشتراكها بالمصالح والتاريخ والآمال، وهذا لا يتضمن تفضيلاً لأحد.
وجواب ذلك: انه بغض النظر عن أن هذا التطوير لا يخرج بالفكرة عن التحديد والأنانية، ومن ثم عن العناصر نفسها... بغض النظر عن ذلك، فإنها أوضح بعداً عن الفكرة العالمية المهدوية من العنصرية نفسها، لأن المفروض فيها الاهتمام بمجموعة معينة لا بمجموع البشر... ومن الواضح إلى حد الضرورة أن الدولة العالمية تهتم بمصالح وتربية وآمال مجموع البشر لا بمجموعة معينة مهما كانت صفتها.
وقد يخطر في الذهن: أن هذا الإتجاه لا يصح في الدولة العالمية
ولكنها قد تعطي للشعوب أو العناصر المختلفة الإهتمام بصفاتها تلك. من دون أن يكون للحكم المركزي نفسه تركيز على جهة دون جهة.
وجواب ذلك:ان هذا غير محتمل أيضاً، لمخالفة هذا الإتجاه مع العدل الكامل من عدة جهات، أوضحها ما يحدث بين العناصر المختلفة من التشاحن والتعاقد نتيجة لحرية التفاخر والتركيز العنصري... الأمر الذي ينافي كل المنافات مع العدل الكامل.
نعم, قد تبقى اتجاهات فردية متفرقة، ناشئة من [لا شعور ما قبل الظهور] تتضمن الإحساس بأهمية العنصر أو الطبقة... ولكنها تذوب تدريجياً تحت التربية المركزة والمستمرة التي تقوم بها الدولة العالمية طبقاً للأطروحة العادلة الكاملة.
السيد الشهيد الصدر الثاني(رضوان الله تعالى عليه)
في موسوعته (كتاب اليوم الموعود)
اللَهٌمَ صَل ِعَلى مُحَمْدٍ وَآل ِ مُحَمْدٍ الْطَيّبْينَ الْطَاهِرّيْنَ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

هل الامام المهدي (عج)يتبنى(العنصريه)في دولته
المستوى الثاني: إن دعوة المهدي (ع) ودولته عالمية، كما هو ضروري الوضوح لكل معترف به من المسلمين، وسيأتي التعرض للنصوص الدالة على ذلك بصراحة.
والدعوة العالمية على طول الخط منافية مع العنصرية. ولذا نرى سائر المبادىء في التاريخ, ممن طمعت بالإستيلاء العقائدي على العالم، تقف من العنصرية موقفاً، سلبياً، وتعتبرها نظرة ضيقة لا ترقى إلى اسلوبها الواسع وأفقها الرحب.
وحيث كانت دعوة المهدي(ع) عالمية، إذن، فهي تنافي العنصرية كأي دعوة عالمية أخرى. بمعنى أنه بمجرد أن يتخذ بعض شعارات العنصرية فإن دائرة دعوته ستكون ضيقة، وسيتعذر عليه بأي حال، أن تبقى دعوته عالمية، وهذا خلاف الضرورة والتواتر عن دعوة المهدي(ع). وسيخل بتأسيس الدولة العالمية، وهو خلاف ما استهدفه هذا القائد العظيم في ظهوره والغرض الأساسي الذي وجد التخطيط الإلهي من أجله.
وقد يخطر في الذهن: أن ما دل عليه الدليل القطعي. بالضرورة والتواتر هو استيلاء المهدي (ع) على العالم بأجمعه واتساع رقعته، وهذا لا ينافي الإعتراف من قبله ببعض أشكال العنصرية.
والجواب على ذلك: أن استيلاء الإمام المهدي(ع) على العالم، إن كان
غزواً عسكرياً مجرداً، فهذا الذي قاله السائل صحيح. فإن الغزو العسكري المجرد لأجل الحصول على السلطة، يناسب مع الإعتقاد بالعنصرية ومع رفضها فلا يكون مجرد الإستيلاء على العالم دليلاً على شجب العنصرية.
إلا أن استيلاء الإمام المهدي(ع) على العالم ليس مجرد غزو عسكري بل هو دعوة عقائدية وأطروحة عادلة يريد نشرها وتطبيقها على البشرية أجمعين وتربية البشر على أساسها تربية صالحة. لتتحقق العبادة المحضة لله عزّ وجلّ على وجه الأرض، كما هو الغرض الأساسي من الخلق ومن اليوم الموعود.
والدعوة إذا كانت عالمية بهذا الشكل، فإنها تكون منافية للعنصرية بالمرة وذلك بعد الإلتفات إلى مجموع أمرين:
الأمرالأول: إن التطبيق الحقيقي للعدل والتربية العادلة، لا يمكن إتمامه إلا بجو من الإنسجام والتقبل النفسي للفرد والجماعة، لكي تترسخ القواعد الأساسية والسلوك الصالح في عالم الحياة. وأما مع جوّ الإنزجار والتأفف والتباعد، فلا يمكن أن تنال البشرية مثل تلك النتائج الصالحة، ومن ثم لا يمكن تطبيق العبادة الكاملة على تلك الجماعة فيكون مخلاً بالغرض الأساسي لخلق البشرية.
الأمر الثاني: إن الإعتراف بالعنصريةبأي شكل من أشكالها، يعني أن العنصر الآخر، الذي لم يعترف به من البشر، وقام النظام على الإلتزم بتسافله وخسته أمام العنصر المفضل، إن هذا العنصر سوف يشعر بالغربة في ذلك النظام وبالتعقيد النفسي والإنزجار والتأفف تجاهه. بطبيعة الحال.
ونحن إذا لاحظنا العالم ككل لم نجد أي عنصر من العناصر التي يتبناها العنصريون يشكل أكثرية في العالم، وإنما يشكل الأقلية على طول الخط. وهذا يعني بكل وضوح، أن الدولة العالمية لو تبنت أي عنصر من العناصر، وفضلته على غيره، فإنها تتبنى مصالح الأقلية من شعبها وتعتبر أكثريتهم من الجنس الأخس الأدنى إذن فستحس الأكثرية بالتعقد والإنزجار تجاه تلك الدولة بحكم كونهم محكومين بالخساسة والتسافل في نظامها. وبالتالي ستتعذر تربيتهم الصالحة المطلوبة، ويكون الغرض من أصل الخليقة متخلفاً وفاشلاً.
وباستحالة تخلف هذا الغرض، نعرف لزوم كون الدولة العالمية المهدوية سلبية تجاه العناصر البشرية، وحيادية تجاه التفاضل بينها، وملغية لها كأساس للتفاضل تماماً... توصلاً إلى التربية العادلة للبشرية اجمعين.
وقد يخطر في الذهن:ان الفكر الحديث قد طور مفهوم العنصرية، فقد أصبحت لا تعني تفضيل عنصر على عنصر، وإنما كل ما تعنيه هو الإهتمام بمصالح مجموعة معينة مشتركة في اللغة أو الوطن - وغير ذلك - انطلاقاً من اشتراكها بالمصالح والتاريخ والآمال، وهذا لا يتضمن تفضيلاً لأحد.
وجواب ذلك: انه بغض النظر عن أن هذا التطوير لا يخرج بالفكرة عن التحديد والأنانية، ومن ثم عن العناصر نفسها... بغض النظر عن ذلك، فإنها أوضح بعداً عن الفكرة العالمية المهدوية من العنصرية نفسها، لأن المفروض فيها الاهتمام بمجموعة معينة لا بمجموع البشر... ومن الواضح إلى حد الضرورة أن الدولة العالمية تهتم بمصالح وتربية وآمال مجموع البشر لا بمجموعة معينة مهما كانت صفتها.
وقد يخطر في الذهن: أن هذا الإتجاه لا يصح في الدولة العالمية
ولكنها قد تعطي للشعوب أو العناصر المختلفة الإهتمام بصفاتها تلك. من دون أن يكون للحكم المركزي نفسه تركيز على جهة دون جهة.
وجواب ذلك:ان هذا غير محتمل أيضاً، لمخالفة هذا الإتجاه مع العدل الكامل من عدة جهات، أوضحها ما يحدث بين العناصر المختلفة من التشاحن والتعاقد نتيجة لحرية التفاخر والتركيز العنصري... الأمر الذي ينافي كل المنافات مع العدل الكامل.
نعم, قد تبقى اتجاهات فردية متفرقة، ناشئة من [لا شعور ما قبل الظهور] تتضمن الإحساس بأهمية العنصر أو الطبقة... ولكنها تذوب تدريجياً تحت التربية المركزة والمستمرة التي تقوم بها الدولة العالمية طبقاً للأطروحة العادلة الكاملة.
السيد الشهيد الصدر الثاني(رضوان الله تعالى عليه)
في موسوعته (كتاب اليوم الموعود)
تعليق