ما يحول دون تشرّفنا بلقاء الإمام المهدي (عليه السلام)

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • محب الرسول

    • Dec 2008
    • 28579

    ما يحول دون تشرّفنا بلقاء الإمام المهدي (عليه السلام)



    ما يحول دون تشرّفنا بلقاء الإمام المهدي (عليه السلام)
    إنّ موضوع الإمام المهدي (عجل الله تعالى فرجه الشريف) من المواضيع العميقة والواسعة وهو متشعّب الجوانب كثير الفروع، الأمر الذي يتطلّب من كلّ منّا أن يزيد من مطالعاته في هذا الموضوع الهام، لكنّي أحببت أن أثير سؤالاً في هذا المجال، وهو: إذا كان الإمام الحجّة (عجل الله تعالى فرجه الشريف) موجوداً بين ظهرانينا ـ كما هو الحق ـ فلماذا لا نراه مع أنّه يرانا (صلوات الله وسلامه عليه)؟.

    في جواب هذا السؤال أذكر لكم قصّة رواها المرحوم والدي تعود إلى الأيّام التي كان يعيش فيها في سامرّاء العراق:
    يقول السيد الوالد(رحمه الله): كان أحد العلماء يكثر من ارتياد سرداب الغيبة في أيام الجمع وغيرها، يخلو فيه .. يقرأ دعاء الندبة والعهد وزيارة صاحب الزمان (عليه السلام) ويدعو الله بفنون الدعوات على أمل اللقاء بالإمام (عجل الله تعالى فرجه الشريف).

    يحكي والدي عن هذا العالِم أنّه قال:
    مرّ زمان وأنا على هذه الحال أرتاد السرداب مشتاقاً لرؤية صاحب الزمان (صلوات الله عليه). وفي أحد الأيام وبينما أنا جالس وحدي ـ ولم يكن في السرداب أحد غيري ـ منشغلاً بالدعاء والمناجاة، مفكّراً في حالي وأنّ المدّة قد طالت وأنا مواظب على الحضور إلى هذا المكان دون أن أوفّق للقاء الإمام (عجل الله تعالى فرجه الشريف)، متسائلاً مع نفسي عن السبب الذي يحول دون تشرّفي برؤيته، قائلاً: ما هو ذنبي ولماذا لا يمنّ عليَّ الإمام بشرف رؤية طلعته؟...
    وبينما أنا ساهم في هذه الحالة إذ أُلهمت بأنّ الإمام (عجل الله تعالى فرجه الشريف) سيدخل السرداب حالاً، ولقد وقع هذا الموضوع في قلبي على نحو اليقين لا وقوع تخيّل أو مجرّد تصوّر، بل عرفت ذلك من ضميري وأيقنت ـ بوجداني ـ أنّ الإمام سيدخل السرداب الآن، وشعرت أنّي سأوفّق للقائه.
    ولكن ما إن عرضت لي فكرة قرب التشرّف والتوفيق للقاء الإمام حتى تملّكتني هيبة عصرتني عصرة لم أشعر معها إلاّ وأنا خارج من السرداب متسلقاً درجات السلّم.. وبدأ قلبي يدقّ بشدّة. فأدركت أنّه لم يحن بعد الوقت الذي أكون لائقاً ومؤهّلاً للقاء الإمام الحجّة (عجل الله تعالى فرجه الشريف).

    قصة الرجل المحبّ للضيف

    ولكي أوضّح لكم الموضوع أكثر أنقل لكم الرواية التالية:
    يحكى أن رجلاً شكا إلى النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أنه يحبّ إقراء الضيف لكن زوجته تكره ذلك وتعكّر عليه، فقال (صلى الله عليه وآله وسلم) قل لها:
    (إن الضيف إذا جاء، جاء برزقه، وإذا ارتحل ارتحل بذنوب أهل البيت)
    أي أن الله سيضيف في رزق أهل ذلك البيت ما ينفقونه في إقرائه، ثم إذا انصرف عنهم بعد ذلك وارتحل ارتحلت ذنوبهم معه.
    يقال: إن الرجل عاد ثانية إلى النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وأخبره أن ذلك لم ينفع معها. وهنا أمره النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أن يمسح بيده على وجهها إذا حلّ الضيف.
    وفعَل الرجل ذلك، فأصبحت المرأة تتمنى إقراء الضيف بعد ذلك؛ لأنها رأت الأمور التي أخبرها بها زوجها عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) على حقيقتها، بعد أن مسح على وجهها بأمر النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، أي رأت الضيف عندما يدخل الدار ترافقه أنواع الأطعمة والفواكه، وعندما يخرج تخرج معه الأوساخ والعقارب والحيّات مثلاً.
    نستفيد من هذا الحديث أموراً عديدة؛ منها أمران لهما صلة بموضوعنا وهما:
    الأمر الأوّل: الولاية التكوينية لرسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم). فمع أنّه (صلى الله عليه وآله وسلم) لم يقم هنا بفعل، فلم يمسح بيده الشريفة على وجه المرأة ـ مثلاً ـ بل أمر الزوج أن يمسح هو بيده على وجهها، مع ذلك أثّر في تكوين المرأة، أي أنّ أمر النبي(صلى الله عليه وآله وسلم) وكلامه يكفي لتغيير الكون، ولا حاجة حتى لفعله المباشر، بل تكفي إرادته وقوله. والإمام (عليه السلام) كالنبي (صلى الله عليه وآله وسلم) في هذا.
    الأمر الثاني: هو أنّ الذنوب قاذورات وأوساخ وحيّات وعقارب تحيط بنا من الرأس إلى القدم وتكون مانعاً من تشرّفنا بلقاء صاحب الزمان (عجل الله تعالى فرجه الشريف)، أي أننا لا نكون جديرين بسببها للقائه (عليه السلام) فنحرم هذا التوفيق.

    ويمكن تقريب هذا الموضوع بمثال:
    لو أنّ رجلاً دقّ عليك الباب وأنت في غرفتك. وعند فتحك الباب رأيته كريه المنظر والرائحة لكثرة ما علق به من قاذورات ونجاسة وأوساخ وديدان وعقارب وحيات.. فهل ستسمح لـه بالدخول إلى المكان النظيف الذي تجلس فيه؟ كلاّ بالطبع.
    هذا يعني أنّك لو كنت في مكان صاحب الزمان (عجل الله تعالى فرجه الشريف) لما أذنت بلقاء رجل يحمل كلّ هذه القاذورات العالقة بلسانه وعينه وأذنه وأنفه ويده ورجله وبطنه وفكره، وهي الذنوب.
    عرفنا إذن لماذا لا نرى الإمام صاحب الزمان (عجل الله تعالى فرجه الشريف)، فكلّ المشكلة تكمن هنا.. فينا نحن.
    إنّ ذلك العالِم الديني تهيّب للقاء الإمام فلم يره. أما كثير منا فلم يصل حتى إلى هذه الدرجة، فذلك الرجل العالِم كان قد قطع شوطاً للقاء الإمام (عجل الله تعالى فرجه الشريف) وفينا من لم ينتهج الطريق بعدُ.
    وكما أنّك تطلب من الشخص المنتن الذي أتى لزيارتك أن يذهب أوّلاّ ويزيل عنه الأوساخ والقاذورات ويرمي العقارب والديدان عنه ثم تقول له: تفضّل أهلاً وسهلاً فبابنا مفتوح لك، فكذلك الإمام صاحب الزمان (عجل الله تعالى فرجه الشريف) فاتح بابه لكلّ إنسان ولكنه يطلب منّا أن نتطهّر أوّلاً ثمّ نأتي للقائه.
    إن الأرواح النجسة غير لائقة للقاء الإمام (عليه السلام)، والأعين الخطّاءة لا تستحقّ أن تطلّ على حضرته، والآذان المليئة بالمعاصي غير جديرة بسماع صوته، وأنّى لهذه الشفاه التي صدرت من بينها آلاف المعاصي أن تتشرّف بتقبيل يديه!
    وإلاّ فلِمَ لا يسمح لنا الإمام (عليه السلام) بلقائه وهو أهل الكرم والجود؟ ألم يلتقِ السيد الفلاني والشيخ الفلاني والبقّال الفلاني والعطّار الفلاني بل وأشخاصاً أمّيين لا يعرفون القراءة والكتابة، فلماذا لا يسمح لي ولك نحن المتعلّمين؟ إن الذنوب هي التي تحول دون لقائنا بالإمام(عليه السلام)، فإنّ الإمام لا ينظر إلى أبداننا بل ينظر إلى قلوبنا وأرواحنا وعقولنا.
    فلنعاهد الله في هذه المناسبة أن نبدأ بسلوك الطريق؛ فلعلّنا نبلغ المقصود بعد زمان طال أو قصر، فإنّ من سلك الطريق لابدّ وأن يصل، وصاحب الزمان (عليه الصلاة والسلام) يعرف عن قلبك وقلبي إن كنّا سالكي الطريق حقّاً أم لا؛ فإن علم صدقنا فسيأخذ بأيدينا. ولو أنّ أحدنا تقدّم إليه بمقدار خمسة في المائة من الطريق فإنّه (عجل الله تعالى فرجه الشريف) سيتقدّم إليه في الباقي ويفتح له ذراعيه، ولكن علينا أن نجعل أنفسنا أهلاً لذلك.
    ذكرى المولد فرصة لمراجعة أنفسنا
    لنعاهد الله سبحانه وتعالى على أن نكون عند مرور ذكرى مولد الإمام المنتظر (عجل الله تعالى فرجه الشريف) في كلّ سنة أحسن من السنة السابقة. ولنبدأ الطريق بأن يسعى كلّ منا لتقليل نقاط ضعفه وإصلاح نفسه، فلو أصلحنا أنفسنا فإنّ صاحب الزمان (عليه السلام) هو الذي سيأتي إلينا قبل أن نذهب إليه.
    لنخطّط لأرواحنا قبل أن نخطّط لبطوننا وأيدينا وبيوتنا وأهلينا ولنسِرْ قليلاً بهذا الاتّجاه لنحظى بلقيا المولى صاحب الزمان (عجل الله تعالى فرجه الشريف).
    ختاماً: بودّي أن أذكر شيئاً عسى أن نكون بذلك قد قدّمنا خدمة ولو صغيرة لمولانا صاحب الزمان (عجل الله تعالى فرجه الشريف)؛ فلعلّ كثيراً من الشيعة لا يعلم شيئاً عنه (صلوات الله وسلامه عليه)، والذنب في ذلك يعود علينا نحن المتعلّمين.
    إننا بحاجة إلى مليارات النسخ من المطبوعات عن الإمام صاحب الزمان (عجل الله تعالى فرجه الشريف)؛ فإنّ نفوس العالَم لم تعُد بالملايين بل بلغت المليارات، فليخصّص كلّ واحد منكم منذ الآن مقداراً من المال يطبع فيه كتاباً عن صاحب الزمان (عليه السلام)، ولا مانع من طلب العون من أهله وأقربائه ومن زوجته وابنه وأخيه وأخته في هذا المجال بأن يضع سهماً من عنده وأسهماً من أقربائه وأصدقائه ثمّ يقوم بطبع الكتاب، ولا يُشترط أن يكون الكتاب ضخماً فكلٌّ حسب سعته. وإذا لم تستطع أن تعطي مبلغاً خلال يوم فقد تستطيع أن تعطيه خلال شهر، وقد تستطيع من خلال الاستعانة بأهلك وأقربائك وأصدقائك.
    فهذا شيء بسيط وأقلّ ما يمكن أن نقوم به لخدمة صاحب الزمان (عجل الله تعالى فرجه الشريف). وصلّى الله على محمّد وآله الطاهرين.


    من محاضرات:
    سماحة المرجع الديني آية الله العظمى
    السيد صادق الحسيني الشيرازي(دام ظله)

  • محـب الحسين

    • Nov 2008
    • 46777

    #2
    بحث قيم
    جزاك الله خير الجزاء

    تعليق

    • ** خـادم العبـاس **
      • Mar 2009
      • 17496

      #3
      شكرا جزيلا لك اخي العزيز
      جزاك الله خير الجزاء

      تعليق

      • الـدمـع حـبـر العـيـون
        • Apr 2011
        • 21803

        #4
        جزَآك آللَه خَيِرا على طرحك الرائع والقيم
        وًجعلهآ فيِ ميِزآن حسًنأتكْ
        وًجعلَ مُستقرَ نَبِضّكْ الفًردوسَ الأعلى ًمِن الجنـَه
        حمآك آلرحمن

        تعليق

        • نبض قلبي حسين
          • Feb 2012
          • 1593

          #5
          متى ترانا ونراك ؟؟ وقد نشرت لواء النصر
          اللهم عجل لوليك القائم المهدي عليه السلام الفرج
          بارك الله فيك اخي الطيب لهذا الطرح الايماني
          وفقك الله

          تعليق

          • نور عيني فاطمه
            • May 2010
            • 916

            #6
            اللهم عجل لوليك الفرج يالله
            اثابك المولى وجزاااك الجنه
            شكري وتقديري

            تعليق

            • ابن الشاعر
              • May 2010
              • 2421

              #7
              اللهم ارنا الطلعة الرشيدة والغرة الحميده واكحل ناظري بنظرة مني اليه
              بوركتم اخي الكريم جعلكم الله من الانصار والاعوان

              تعليق

              • محب الرسول

                • Dec 2008
                • 28579

                #8
                شكرا على المرور اللطيف

                تعليق

                • دمعة الكرار
                  • Oct 2011
                  • 21333

                  #9

                  تعليق

                  • صدى الطف
                    • Jun 2012
                    • 1464

                    #10
                    تقبل مروري وشكري وتحياتي لقلمك المبدع




                    تعليق

                    يعمل...
                    X