حكم تنفيذ الأحكام وإرشاد الضال وحقوق الأموال في حال الغيبة
وأما تنفيذه صلى الله عليه وآله الأحكام وردع الجناة باليد العالية وإقامة الحدود وجهاد الأعداء، فساط ( عنه ) عليه السلام، لتقيه وقصور يده بإخافة الظالمين له وأعوانهم، ولا تبعة عليه في شئ من ذلك، لوقوف فرضه على التمكن منه باتفاق، بل التبعة فيه على مخيفه ومسبب ضعفه عن القيام بما جعل إليه تنفيذه مع التمكن منه، كسقوط ذلك عن كل نبي ووصي ومؤمن في حال الخوف والضعف عن القيام به، ولزوم التبعة للمانع من ذلك بإخافته، إذ كان ذلك أجمع من قبيل الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر المتعلق فرضها بالتمكن منها وعدم المفسدة، دون الحجة عليه السلام الممنوع من ذلك بالخوف والاضطرار. وأما إرشاد الضال عن الحق إليه، فالأدلة على التكليف العقلي ثابتة، والتخويف من ترك النظر فيها حاصل، والبراهين على الحق من التكليف الشرعي قائمة، والتخويف من الاعراض ثابت ظاهر، وإن كان الحجة غائبا. فمن ضل عن تكليف عقلي أو شرعي والحال هذه أتى من قبل نفسه ولم يجب على الإمام إرشاده، لكونه قادرا على النظر في أدلة المعارف ومستطيعا لتأمل فتيا الشيعة وما يستند إليه من وجود الحجة المعصوم من ورائهم، وفرض النظر في ذلك مضيق عليه بالتخويف الشديد من تركه، فلو فعل كل مكلف ما يجب عليه منه لعلم ما يلزم من تكليفه عقلا وسمعا، ولما لم يفعل، فالحجة لازمة له، ولا عذر له في تقصيره عما يجب عليه علمه وعمله، وإن كان الإمام عليه السلام غائبا. وأما حقوق الأموال الواجب حملها إليه، ففرض قبضها وتصرفها في وجوهها موقوف على تمكنه صلوات الله عليه وآله من ذلك، و ( مع ) عدم التمكين له التبعة على مسبب هذا المنع، ولا تبعة عليه، كما لا تبعة على من قبله من آبائه عليهم الصلاة والسلام ومن قبلهم من أنبياء الله وحججه صلوات الله عليهم، وفرض مكلف ذلك إخراج ما تعين عليه فرضه من الزكوات والفطرة وشطر الخمس إلى من يستحقه، وهم معروفون منصوص على أعيانهم وصفاتهم في الكتاب والسنة المعلومة بنقل آبائه عليهم السلام، فإن جهل حالهم سأل علماء العصابة عنهم أو حمل ما يجب عليه من الحقوق إليهم فيضعوه في مستحقيه، وعزل ما يستحقه الإمام صلوات الله عليه من الخمس والأنفال من جملة المال، وأحرزه وانتظر به التمكن من إيصاله إليه أو إلى من يأذن له قبضه، والوصية به إن خاف الفوت قبل ذلك، كسائر الحقوق المتعذر معرفة مستحقها بعينه، فإن ضعف عن ذلك، حمله إلى المأمون من فقهاء الطائفة ليحكم فيه بما شرع له، وأي الأمرين فعل برأت ذمته مما وجب من حقوق الأموال.
رد من قال: لا حاجة إلى الحجة
وليس لأحد أن يقول: فإذا كان التكليف العقلي والسمعي ثابتا، والطريق إليهما واضحا في زمان الغيبة، فلا حاجة بالمكلفين فيها إلى الحجة، لصحة التكليف من دونه، وهذا ينقض قولكم بوجوب الحاجة إليه في كل حال. لأنا قد بينا قبح التكليف العقلي من دون الرئاسة، لكونها لطفا في فعل الواجب وترك القبيح، وقولنا الآن بإمكان العلم بالتكليف العقلي في حال الغيبة منفصل من حصول اللطف برئاسة الغائب بغير شبهة على متأمل، ولزوم التكليف به لعدوه ووليه في زمان الغيبة لا يقتضي القدح في وجوب وجوده، لأن تقدير عدمه يقتضي سقوط تكليفها أو ثبوته من دون اللطف، وكذلك قد بينا أن العلم بوصول المكلف إلى جملة التكليف الشرعي لا يمكن مع عدم الحجة المنصوص لحفظه وإن علم أحكاما كثيرة، لتجويزه بقاء أكثر ما كلفه من الشرعيات لم يصل إليه، فكيف يعترض علينا لقولنا بلزوم التكليفين في زمان الغيبة وإمكان العلم بهما، فيقال ذلك مقتض للاستغناء عن الإمام مع وقوف التكليفين على وجوده وإن كان غائبا عليه السلام لولا غفلة الخصم.
رد من قال: لا حاجة إلى ظهور الحجة
وليس لأحد أن يقول: فإذا كنتم معشر القائلين بإمامة الحجة بن الحسن عليهما السلام حال الغيبة عندكم كحال الظهور في إزاحة العلة في التكليفين عقلا وسمعا، بل قد رجحتم الغيبة في بعض المواضع على الظهور، فلا حاجة بكم خاصة إلى ظهوره، ولا وجه لتمنيكم ذلك ورغبتكم إلى الله تعالى فيه. لأنا وإن كانت علتا مزاحة في تكليفنا على ما وضح برهانه، فني ظهور الحجة على الوجه الذي نص عليه رسول الله صلى الله عليه وآله فوائد كثيرة، وتكاليف تتعين بظهوره ومنافع حاصلة بذلك ليس شئ منها حاصلا في حال الغيبة. لأنه عليه السلام يظهر لزوال دول الظالمين المخيفين لشيعته وذراري آبائه عليهم السلام، ورفع جورهم بعدله وإبطال أحكام أهل الضلال بحكم الله والسيرة بالملة الإسلامية التي لم يحكم بجملتها منذ قبض الله نبيه صلى الله عليه وآله. ومنها: الأمر بكل معروف، والنهي عن كل منكر، وجهاد الكفار، مع سقوط ذلك أجمع عنا في حال الغيبة، وهذه أحكام تثبت، وحقوق تظهر، وقبائح ترتفع، وتكاليف تتعين بظهوره ليست حاصلة في حال غيبته. ومنها: زوال الخوف عن شيعته وذرية آبائه عليه السلام بظهور سلطانه، وارتفاع التقية بدولته، وسهولة التكليف الشرعي ببيانه، وسقوط كلفة النظر الشاق في الأدلة الموصلة إليه في حال غيبته. ومنها: براءة الذمم من الحقوق الواجبة له في الأموال المتعذر إيصالها إليه في زمان الغيبة. ومنها: ظهور الدعوة إلى جملة الحق في المعارف والشرائع بظهوره، والفتيا بذلك والعمل بها في جميع الأرض مع ارتفاع ذلك في حال الغيبة. وهذه فوائد عظيمة لها ورغبنا إلى الله تعالى في ظهوره لنفوز بها، ونكون من أنصاره عليها، فنحظى بثواب نصرته، ونسر بنفوذ حكم الله وظهور عدله عليه السلام.
وأما تنفيذه صلى الله عليه وآله الأحكام وردع الجناة باليد العالية وإقامة الحدود وجهاد الأعداء، فساط ( عنه ) عليه السلام، لتقيه وقصور يده بإخافة الظالمين له وأعوانهم، ولا تبعة عليه في شئ من ذلك، لوقوف فرضه على التمكن منه باتفاق، بل التبعة فيه على مخيفه ومسبب ضعفه عن القيام بما جعل إليه تنفيذه مع التمكن منه، كسقوط ذلك عن كل نبي ووصي ومؤمن في حال الخوف والضعف عن القيام به، ولزوم التبعة للمانع من ذلك بإخافته، إذ كان ذلك أجمع من قبيل الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر المتعلق فرضها بالتمكن منها وعدم المفسدة، دون الحجة عليه السلام الممنوع من ذلك بالخوف والاضطرار. وأما إرشاد الضال عن الحق إليه، فالأدلة على التكليف العقلي ثابتة، والتخويف من ترك النظر فيها حاصل، والبراهين على الحق من التكليف الشرعي قائمة، والتخويف من الاعراض ثابت ظاهر، وإن كان الحجة غائبا. فمن ضل عن تكليف عقلي أو شرعي والحال هذه أتى من قبل نفسه ولم يجب على الإمام إرشاده، لكونه قادرا على النظر في أدلة المعارف ومستطيعا لتأمل فتيا الشيعة وما يستند إليه من وجود الحجة المعصوم من ورائهم، وفرض النظر في ذلك مضيق عليه بالتخويف الشديد من تركه، فلو فعل كل مكلف ما يجب عليه منه لعلم ما يلزم من تكليفه عقلا وسمعا، ولما لم يفعل، فالحجة لازمة له، ولا عذر له في تقصيره عما يجب عليه علمه وعمله، وإن كان الإمام عليه السلام غائبا. وأما حقوق الأموال الواجب حملها إليه، ففرض قبضها وتصرفها في وجوهها موقوف على تمكنه صلوات الله عليه وآله من ذلك، و ( مع ) عدم التمكين له التبعة على مسبب هذا المنع، ولا تبعة عليه، كما لا تبعة على من قبله من آبائه عليهم الصلاة والسلام ومن قبلهم من أنبياء الله وحججه صلوات الله عليهم، وفرض مكلف ذلك إخراج ما تعين عليه فرضه من الزكوات والفطرة وشطر الخمس إلى من يستحقه، وهم معروفون منصوص على أعيانهم وصفاتهم في الكتاب والسنة المعلومة بنقل آبائه عليهم السلام، فإن جهل حالهم سأل علماء العصابة عنهم أو حمل ما يجب عليه من الحقوق إليهم فيضعوه في مستحقيه، وعزل ما يستحقه الإمام صلوات الله عليه من الخمس والأنفال من جملة المال، وأحرزه وانتظر به التمكن من إيصاله إليه أو إلى من يأذن له قبضه، والوصية به إن خاف الفوت قبل ذلك، كسائر الحقوق المتعذر معرفة مستحقها بعينه، فإن ضعف عن ذلك، حمله إلى المأمون من فقهاء الطائفة ليحكم فيه بما شرع له، وأي الأمرين فعل برأت ذمته مما وجب من حقوق الأموال.
رد من قال: لا حاجة إلى الحجة
وليس لأحد أن يقول: فإذا كان التكليف العقلي والسمعي ثابتا، والطريق إليهما واضحا في زمان الغيبة، فلا حاجة بالمكلفين فيها إلى الحجة، لصحة التكليف من دونه، وهذا ينقض قولكم بوجوب الحاجة إليه في كل حال. لأنا قد بينا قبح التكليف العقلي من دون الرئاسة، لكونها لطفا في فعل الواجب وترك القبيح، وقولنا الآن بإمكان العلم بالتكليف العقلي في حال الغيبة منفصل من حصول اللطف برئاسة الغائب بغير شبهة على متأمل، ولزوم التكليف به لعدوه ووليه في زمان الغيبة لا يقتضي القدح في وجوب وجوده، لأن تقدير عدمه يقتضي سقوط تكليفها أو ثبوته من دون اللطف، وكذلك قد بينا أن العلم بوصول المكلف إلى جملة التكليف الشرعي لا يمكن مع عدم الحجة المنصوص لحفظه وإن علم أحكاما كثيرة، لتجويزه بقاء أكثر ما كلفه من الشرعيات لم يصل إليه، فكيف يعترض علينا لقولنا بلزوم التكليفين في زمان الغيبة وإمكان العلم بهما، فيقال ذلك مقتض للاستغناء عن الإمام مع وقوف التكليفين على وجوده وإن كان غائبا عليه السلام لولا غفلة الخصم.
رد من قال: لا حاجة إلى ظهور الحجة
وليس لأحد أن يقول: فإذا كنتم معشر القائلين بإمامة الحجة بن الحسن عليهما السلام حال الغيبة عندكم كحال الظهور في إزاحة العلة في التكليفين عقلا وسمعا، بل قد رجحتم الغيبة في بعض المواضع على الظهور، فلا حاجة بكم خاصة إلى ظهوره، ولا وجه لتمنيكم ذلك ورغبتكم إلى الله تعالى فيه. لأنا وإن كانت علتا مزاحة في تكليفنا على ما وضح برهانه، فني ظهور الحجة على الوجه الذي نص عليه رسول الله صلى الله عليه وآله فوائد كثيرة، وتكاليف تتعين بظهوره ومنافع حاصلة بذلك ليس شئ منها حاصلا في حال الغيبة. لأنه عليه السلام يظهر لزوال دول الظالمين المخيفين لشيعته وذراري آبائه عليهم السلام، ورفع جورهم بعدله وإبطال أحكام أهل الضلال بحكم الله والسيرة بالملة الإسلامية التي لم يحكم بجملتها منذ قبض الله نبيه صلى الله عليه وآله. ومنها: الأمر بكل معروف، والنهي عن كل منكر، وجهاد الكفار، مع سقوط ذلك أجمع عنا في حال الغيبة، وهذه أحكام تثبت، وحقوق تظهر، وقبائح ترتفع، وتكاليف تتعين بظهوره ليست حاصلة في حال غيبته. ومنها: زوال الخوف عن شيعته وذرية آبائه عليه السلام بظهور سلطانه، وارتفاع التقية بدولته، وسهولة التكليف الشرعي ببيانه، وسقوط كلفة النظر الشاق في الأدلة الموصلة إليه في حال غيبته. ومنها: براءة الذمم من الحقوق الواجبة له في الأموال المتعذر إيصالها إليه في زمان الغيبة. ومنها: ظهور الدعوة إلى جملة الحق في المعارف والشرائع بظهوره، والفتيا بذلك والعمل بها في جميع الأرض مع ارتفاع ذلك في حال الغيبة. وهذه فوائد عظيمة لها ورغبنا إلى الله تعالى في ظهوره لنفوز بها، ونكون من أنصاره عليها، فنحظى بثواب نصرته، ونسر بنفوذ حكم الله وظهور عدله عليه السلام.
تعليق