اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم ياكريم
لم تأخذ بضعة النبي المختار حقها في تراث الامة كما هو الحال مع بقية آل البيت (عليهما السلام) فلو تتبعنا كتب الحديث من صحاح ومسانيد وسنن وغيرها لوجدناها تروي عن النواصب والخوارج وعن الطلقاء والواضعين عشرات او ربما مئات الاحاديث التي تروى على اساس انها عن النبي الخاتم صلى الله عليه وآله. اضافة الى سطحية ما روي من سيرتهم ومكانتهم (عليهم السلام) التي ارادوها ان تكون بمستوى مكانة الطلقاء وغيرهم من الصحابة والتابعين لأسباب كثيرة اهمها ايهام الامة ان آل البيت (عليهم السلام) حالهم كحال غيرهم ولا فضل لهم على سائر المسلمين الا بقرابة الرحم من النبي الاعظم(صلى الله عليه وأله وسلم) وهذا ما يخالف الكتاب والسنة .فأهل البيت (عليهم السلام ( ارادهم المولى عزّ و جلّ ان يكونوا نموذجا لجميع البشرية بما حفهم به من خصائص طهرهم بها تطهيرا . والزهراء (عليها السلام) رغم انها ظلمت كثيرا في حياتها الشريفة وبعد التحاقها بالرفيق الاعلى عزّ و جلّ ألا ان مركزها القدسي ثابت عند من عرف الحق من المسلمين واتبعه كما انها (عليها السلام) عاصرت محطات عدة و شهدت احداثها فتركت بصماتها واضحة فيها ولايمكن المرور عليها مرورا دون التدقيق والتحقيق بعدّ ان السيدة الزهراء (عليها السلام) هي المرأة الوحيدة التي احاطها المولى عزّ و جلّ بالعصمة وطهرها تطهيرا دون نساء امة سيد المرسلين اضافة الى رمزيتها كسيدة لنساء الاولين والآخرين ليس هذا وحسب فالسيدة فاطمة عليها السلام تعد اداة تشريعية من خلال سلوكها وتعاملها ضمن محيطها الاسلامي في مدينة ابيها صلى الله عليه ولآله وسلم وهي القدوة والأسوة الحسنة حتى قيام الساعة .فلم تكن السيدة الزهراء عليها السلام بكل ساعات حياتها القصيرة الا مدرسة متكاملة من العطاء الدنيوي والاخروي فولادتها كانت تجسيداً لارادة المولى جلّ وعلا حين اخذ كفار قريش يلقبونه بالأبتر حتى نزلت سورة مباركة كاملة بهذا الخصوص ومن ثم اقتران سيدة نساء العالمين بسيد الاوصياء لم يكن هذا محض صدفة بل كان بامر المولى عزّ و جلّ إذ امر رسوله ان يزوج النور من النور فكانت سلام الله عليها مدّخرة لكفء لم تكن الارض تحمل اشرف منه وأعظم منه بعد ابيها النبي الاكرم صلى الله عليه وآله وهذه المحطات لا شكّ انها محطات للعبرة كي تشق الامة طريقها على آثارها ان ارادت الدنيا والآخرة معا ويظهر الامر جليا للمخالفين من خلال قراءة خطبها العظيمة لاسيما الخطبة الفدكية التي تميزت كرسالة عبر قرون للاجيال وعلى جميع المستويات وكقاعدة لردع الظالمين والمطالبة بالحقوق صغيرة كانت ام كبيرة ولو راجعنا مفرداتها لوجدناها ترفل بكل اناقة فن الخطابة عند العرب وللقينا اجمل العبارات الادبية التي لم يستطع صياغتها اكثر الادباء معرفة في فنون الادب في عالمنا العربي ما جعلها تبهر العقول وتطرب اسماع المشتغلين في صياغة الرسائل والخطب على مر القرون ، هذه الخطبة التي مازالت الى اليوم تعد مدرسة بحد ذاتها بما حوته من مجامع الكلم وبلاغة المضمون الى جانب الاخريات من تراثها العلمي (عليها السلام).
تعليق