بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد الطيبين الطاهرين
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

تنزع المجتمعات اليوم نحو الفردية، حيث لا يبالي الفرد فيها لما يحصل خارج باب منزله من مشاكل وهموم تطال أناساً قد يمتّون إليه بصلة قرابة، أو صداقة، أو زمالة، أو غير ذلك من العلاقات الإنسانية التي تنشأ في محيطه القريب أو البعيد، متناسياً أنه لن يكون بمأمن من تقلبات الدهر وصروف الأيام، وأنّه سيحتاج يوماً إلى مساندة الآخرين له.
وإذا كانت المجتمعات الغربية قد حسمت أمر هويتها بالتأكيد على الفرديّة، مع ما استتبع ذلك من مظاهر اجتماعية وأمراض نفسية لا تحمد عقباها، فإنّ المجتمعات العربية، ما زال فيها شيء من الحس الاجتماعي على مستوى العلاقات العائلية، وعلى مستوى علاقة الناس بعضهم ببعض الآخر، ولا سيّما أنّ الدين الإسلاميّ يحثّ دائماً على ضرورة الاهتمام بالعلاقات العائلية كاحترام الوالدين وبرّهما، وصلة الرحم، وتوقير الكبار، ومساعدة الفقراء والمساكين والأيتام وما إلى ذلك.
وعندما تكون العلاقات متداخلة، فإنها تكون عرضة للاهتزاز بسبب بعض الإشكالات التي تشوبها ولا سيما عند تقاطع المصالح، من هنا نرى تأكيد الإسلام على الإبقاء على تلك العلاقات بين الناس وعدم قطعها، ودعوته إلى الإصلاح بين المتخاصين في دائرة علاقات الفرد، وكما يقال: "المشاكل جزء من حياتك، وإذا لم تشرك الآخرين فيها، فإنك لا تمنح من يحبّك الفرصة لمزيد من المحبة".
ومن خلال حياتنا اليومية، نجد أنّ كثيراً من العلاقات التي قطعتها الخلافات، عادت إلى ما كانت عليه من الإلفة والتوافق بعدما أصلح أهل الخير بين المتنازعين، إن على صعيد العلاقات الزوجية، أو العلاقات العائلية، أو بين الأقارب والجيران أو الأصدقاء أو الموظفين في دائرة واحدة...
والإصلاح في الدائرة الإنسانية الصغرى (عائلة، أقارب، جيران) يقود إلى إصلاح الدائرة الكبرى في المجتمع شيئاً فشيئاً، على أن ذلك لا يتم بسهولة ويسر، وليس أمراً مثالياً يحصل بلمح البصر، فربما صعب الإصلاح بين المتخاصمين فتكون المحاكم الشرعية والمدنية هي المحل الأخير لفضّ النزاعات.
عن أمير المؤمنين عليه السلام
-ثابروا على صلاح المؤمنين والمتقين.
-من كمال السعادة السعي في صلاح الجمهور.
-من استصلح الأضداد بلغ المراد.
-لَأن أصلح بين اثنين أحبّ إليّ من أن أتصدّق بدينارين.
-في صفة المتقين قال عليه السلام: يعمل الأعمال الصالحة على وجل ويجتهد في إصلاح ذات البين، يمسي وهمه الشكر، ويصبح وشغله الفكر، الخير منه مأمول، والشرّ منه مأمون، ويعفو عمن ظلمه ويعطي من حرمه، ويصل من قطعه.
-من أصلح ما بينه وبين الله أصلح الله ما بينه وبين الناس، ومن أصلح أمر آخرته، أصلح الله له أمر دنياه.
موقع سماحة اية الله الفقية السيد حسين الصدر
تعليق