
في كل عام، يترقب ملايين المسلمين الشيعة حول العالم حلول يوم استثنائي في الوجدان والعقيدة، إنه عيد الغدير الأغرّ، ذكرى إعلان النبي محمد ﷺ، في غدير خم، ولاية الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام. إنه ليس مجرد مناسبة عابرة في تقويمهم، بل هو يوم الولاء والوفاء، القيادة والرسالة، إتمام النعمة وإكمال الدين.
هذا اليوم يأتي بعد عيد الأضحى بثمانية أيام فقط، ويتزامن مع عودة الحجاج إلى ديارهم، وهو ما يعكس رمزية عظيمة بأن عيد الغدير هو امتداد لمسار النبوة بعد إتمام مناسك الإسلام الظاهرة في الحج.
لماذا يحتفل الشيعة بعيد الغدير؟
عيد الغدير ليس مجرد تقليد ديني أو مناسبة تاريخية، بل يحمل في طياته حدثًا مصيريًا وقع في حياة الأمة الإسلامية، ويتمثل في إعلان النبي ﷺ خلال عودته من حجة الوداع، في غدير خم:
“من كنت مولاه، فهذا علي مولاه، اللهم والِ من والاه، وعادِ من عاداه…”
هذا الإعلان يُعتبر عند الشيعة نصًا صريحًا في تعيين الإمام علي عليه السلام خليفةً وإمامًا للأمة بعد رسول الله ﷺ.
الغدير في القرآن.. آية إكمال الدين
يرى المسلمون الشيعة أن آية إكمال الدين نزلت في هذا اليوم تحديدًا، وهي:
“اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينًا” – (سورة المائدة: 3)
وهذا ما يمنح عيد الغدير مقامًا عظيمًا في العقيدة الشيعية، حيث يُعد يوم إعلان الكمال للدين، والتمام للرسالة، والوضوح في القيادة.
كيف يُحتفل بعيد الغدير ؟
عيد الغدير في الذاكرة الشيعية يُجسد الولاء والفرح والتواصل الاجتماعي. لذا تشمل مظاهر الاحتفال:إقامة الصلوات والعبادات الخاصة و تنظيم المحاضرات والخطب الدينية و إقامة الولائم وتوزيع الطعام و التبرعات والصدقات
الدروس المستفادة من عيد الغدير
- تعزيز قيم القيادة الرشيدة
- التأكيد على أن القيادة في الإسلام ليست سلطة، بل أمانة ومسؤولية.
- غرس مفاهيم العدل والرحمة والعلم كما جسدها الإمام علي عليه السلام.
- ترسيخ الولاء
- الولاء ليس فقط للإمام كشخص، بل للقيم التي يمثلها: الحق، الشجاعة، النقاء.
- إشاعة ثقافة الحب والاحترام
- يُعد عيد الغدير فرصة للتواصل مع الجميع دون تمييز.
- الدعوة إلى نبذ الطائفية والتركيز على القيم المشتركة بين المسلمين.
- إنه عيد الولاية، ويُعد ثالث أهم عيد عند الشيعة بعد الفطر والأضحى.
- يتميز بتاريخه المؤكد والروايات الكثيرة عنه من كتب السنة والشيعة على حد سواء.
- يُعد أطول خطبة ألقاها النبي ﷺ في حياته، وثقت من قبل عشرات الصحابة.
الحدث ورد في كتب كثيرة مثل:
- مسند أحمد
- صحيح الترمذي
- تاريخ الطبري
- نهج البلاغة
- بحار الأنوار
ماذا يقول علماء المسلمين عن الغدير؟
كثير من علماء السنة أقروا بصحة حديث الغدير، منهم:
- الذهبي: في “سير أعلام النبلاء”
- ابن حجر العسقلاني: في “فتح الباري”
- الطبري: في تاريخه
- السيوطي: في “الدر المنثور”
“من كنت مولاه، فهذا علي مولاه”
الغدير.. عهد يتجدد لا مناسبة تنتهي
- عيد الغدير ليس مجرد ذكرى، بل هو موقفٌ، ونهجٌ، وعهدٌ يتجدد مع كل عام.
- إنه يوم الوفاء للإمامة، والانتماء للأصل، والاستقامة على طريق محمد وآل محمد.
- إنه فرصة لإحياء القيم، ومناسبة لتعزيز التآخي، ومنصة لتجديد العهد مع الحق والعدل.
- فلنُحيي هذه الذكرى بما يليق بمكانتها، ونجعلها موسمًا للتقارب والرحمة، وليس للمواجهة أو الجفاء.
تعليق