
بِمَ يستدل المؤرخ أو المحقق على إيمان شخص بالله وبرسوله وبالإسلام أكثر قوة من هذه الأشعار ؟ وهل يستطيع أحد (جهابذة) المُقتاتين على الموائد الأموية و(عباقرة) المتزلفين للنواصب والوهابية من وعاظ السلاطين وفقهاء الطواغيت أن يثبت لنا فيها وفي غيرها من ديوان أبي طالب وجهاً للتأويل يتعارض مع المعنى الواضح كوضوح الشمس في مضمونها لا تدركه عقولنا ؟ إذن فليأتِ به لكي يستدل على صحة الحديث الذي وضعه أبو هريرة لمعاوية بأن: (أبا طالب في ضحضاح من نار)؟!! وإلا فليضرب به عرض الحائط.
وهل تحتاج هذه الأشعار إلى تأويل ؟ أم هل يراود أي شخص مهما كانت ثقافته أدنى شك في عميق إيمان قائلها بما جاء به الرسول محمد ؟ فلو كانت هذه الأبيات نصاً مترجماً لما فقدت معناها فكيف وهي بلسان عربي مبين.
حاولت أن استقرأ ديوان أبي طالب قراءة تاريخية بعيداً عن أقاويل المرتزقة والمأجورين الذين باعوا دينهم وضمائرهم لبني أمية ودسّوا الأحاديث الموضوعة للنيل من هذه الشخصية العظيمة التي كان لها دور كبير وعظيم في الدفاع عن الإسلام ونبيه الكريم, ولكنني وجدت أنه لا بد أن لي بل لكل من يتناول شخصية أو حدثا في تاريخنا الإسلامي في بحث أو دراسة أن ينقّي صفحات البحث أو الدراسة من الفيروسات الأموية والشوائب والطفيليات الوهابية التي تحاول تشويه وتزييف الحقائق التاريخية وأن يكشف بالدلائل والبراهين العقلية والنقلية والمنطقية جريمتهم في وضع تلك الأحاديث المسمومة التي شوّهت صفحات التاريخ الإسلامي.
ولنا أن نسأل ماذا لو كان أحد (سلفهم) قد قال هذه الديوان أو بعضه ؟ بالتأكيد سترى الدراسات والبحوث تُكتب وتُجرى الحوارات والنقاشات عبر الفضائيات حول هذا الموضوع ويستضاف فيها فطاحل اللغويين والباحثين للحديث عن فضائل ذلك (السلف) الذي سيرتقي إلى مصاف الملائكة والأنبياء ولكن ....
إنهم يحاولون بشتى الوسائل تهميش وطمس التاريخ العظيم لشخصيات إسلامية عظيمة كشخصية أبي طالب وتزويق الماضي الوحشي والمخزي لـ (سلفهم) وخلق التبريرات غير المنطقية واعتماد الروايات الموضوعة لتنزيههم عما ارتكبوه من جرائم بحق الإسلام والمسلمين حتى جعلوا ألد أعداء الإسلام من أمثال أبي سفيان ومعاوية ومن لف لفهم من (الصحابة الأجلاء) !!!! ولو وجدوا لهؤلاء بيتاً واحداً مثل أبيات أبي طالب في نصرته للرسول لجعلوه أول المسلمين وبطل الإسلام بلا منازع ولكنهم كما قال الشاعر:
وعينُ الرضا عن كل سوءٍ كليلةٌ *** ولكن عينَ السوءِ تُبدي المسَاويا
ورغم كل تلك المحاولات فإنهم لم ولن يستطيعوا إخفاء الشمس فنور شيخ البطحاء وسيدها هو من نور الإسلام الذي عم وانتشر رغم أنوف الكافرين (ويأبى الله إلا ان يتم نوره ولو كره الكافرون) وكما قال المتنبي:
وإذا استطالَ الشيءُ قامَ بنفسهِ *** وصفاءُ ضوءِ الشمسِ يذهبُ باطلا
أجل أن من ينكر أيمان أبي طالب كمن ينكر ضوء الشمس: ( فمن كان في هذه أعمى فهو في الآخرة أعمى وأضلّ سبيلا).
فأي قول أروع من قول أبي طالب في توحيد الله وتنزيهه عن الشرك:
مليكُ الناسِ ليـس له شريكٌ *** هو الوهّابُ والمبدي المعيدُ
ومن تحتَ السـماءِ له بحقٍ *** ومن فوقَ السمـــاءِ له عبيدُ
وهل يقول مثل هذا القول من لم يؤمن بالله ؟!!!!
محمد طاهر الصفار - بتصرف
تعليق