الدّين وتعزيز الرّابطة الإنسانيّة
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وال محمد
الدّين وتعزيز الرّابطة الإنسانيّة
لعلّ قيمة الدين في الاجتماع الإنساني، أنّه يوفّر للإنسان القاعدة الفكريّة الّتي تفسّر الظواهر الكونيّة والإنسانيّة بالاستناد إلى القوّة الإلهيّة الخالقة القادرة والحكيمة، الّتي ركّزت الوجود في كلّ تفاصيله على أسس ثابتة في قوانينها، متوازنة في حركتها، مما يسمّى السنن الإلهيّة.. فالله هو ربّ الوجود كلّه، الّذي يتطلّع إليه الإنسان في كلّ أوضاعه، ليمنحه القوّة في مواطن الضعف، وليرعاه في كلّ أموره، فلا يحسّ بالضّياع، ولا يشعر بالقلق أمام الكون في علاقته بحركته ووجوده، لأنّه يرتبط به في وحدة النّظام العام، وفي صفة المخلوقيّة للخالق والعبوديّة للربّ، والخضوع لكلّ تدابيره...
وانطلاقاً من هذه القاعدة، يمتدّ الإحساس بهذه الوحدة إلى داخل المجتمع الإنسانيّ الّذي يعيش كلّ أفراده في نطاق الرابطة الإنسانيّة الّتي تجمع كلّ تنوّعات النّاس في وحدة يلتقون عليها، وفي دورٍ يتكاملون فيه.. ولذلك لا يمثّل التنوّع تبايناً، بل يمثّل تكاملاً في الخصوصيّات، بحيث ينضم بعضها إلى البعض الآخر من أجل الإعمار والتّكامل الإنسانيّ، وهذا هو الّذي عبّر عنه القرآن الكريم في تأكيده وحدة عنصر الخلق وتنوّع خصائص الإنسان: {يا أيّها النّاس إنّا خلقناكم من ذكرٍ وأنثى وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا}[الحجرات: 13].. فالتنوّع هو الوسيلة الفضلى للتّعارف، لأنّه يفضي إلى انجذاب الإنسان إلى الإنسان الآخر، لبناء علاقاتٍ تسدّ الحاجات الخاصّة، وتتبادل الإفادة من الطّاقات المتنوّعة...
وإذا كان الإسلام يركّز على العلاقة الإنسانيّة في دائرة التعارف الحيويّ، فإنّه يثير الجانب الحركيّ في هذه العلاقة، ليدعو المؤمنين والمؤمنات إلى التّعاون على البرّ والتّقوى، بحيث يتكامل الجميع في تحقيق هذين العنوانين الكبيرين في الواقع، اللّذين يمثّلان الخير كلّه في علاقة الإنسان بالإنسان، لجهة تعزيز العدل والتكافل الاجتماعي، وفي علاقة الإنسان المنفتحة على الله، في دائرة السلوك الفرديّ والاجتماعيّ، على أساس الضّوابط الروحيّة والعمليّة، وليبعدهم عن التعاون على الإثم والعدوان، اللّذين يمثّلان الشرّ في نطاقه الفكريّ والحركيّ، وقهر الإنسان الآخر في كلّ أبعاده وأوضاعه...
ويمتدّ الفكر الإسلاميّ، ليرى في العدل قيمةً إنسانيّةً ترتكز عليها النبوّات في كلّ خطوطها وامتداداتها وتشريعاتها وتطبيقاتها، فيقرّر أنّ قضيّة الدين هي قضية عدل، فلا دين بلا عدل، في جميع تطلّعات الإنسان وقضاياه، حتى إنّ العدل لا يقف عند المسلم، بل يلتقي بالمسلم والكافر معاً، فلا يجوز للمسلم أن يظلم الكافر، مهما كانت درجة كفره، وعلى الحاكم المسلم أن يحمي الكافر من ظلم المسلم...
وهكذا نجد الإسلام يؤكّد رفض الرّكون إلى الظّالم، والسكوت على فعل المنكر وترك المعروف، ما يجعل للرّقابة الاجتماعيّة دوراً إلى جانب الرقابة الرسميّة...
ولا نريد أن نثير كلّ العناوين الإسلاميّة في التّفكير والتّشريع الإسلاميّين، الّتي تهدف إلى سلامة المجتمع الإسلاميّ، في عمليّة توجيهٍ وتنفيذٍ وانفتاحٍ وانضباطٍ وتوازن، ولكنّنا نريد الإشارة ـ من خلال بعض المفردات ـ إلى أنّ الدّين في طبيعته الرّوحيّة والعقائديّة، يملك العناصر الّتي تترك تأثيرها الإيجابيّ في عمليّة تكامل الاجتماع الإنسانيّ...
المصدر: كتاب "الاجتهاد بين أسر الماضي وآفاق المستقبل"
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وال محمد
الدّين وتعزيز الرّابطة الإنسانيّة
لعلّ قيمة الدين في الاجتماع الإنساني، أنّه يوفّر للإنسان القاعدة الفكريّة الّتي تفسّر الظواهر الكونيّة والإنسانيّة بالاستناد إلى القوّة الإلهيّة الخالقة القادرة والحكيمة، الّتي ركّزت الوجود في كلّ تفاصيله على أسس ثابتة في قوانينها، متوازنة في حركتها، مما يسمّى السنن الإلهيّة.. فالله هو ربّ الوجود كلّه، الّذي يتطلّع إليه الإنسان في كلّ أوضاعه، ليمنحه القوّة في مواطن الضعف، وليرعاه في كلّ أموره، فلا يحسّ بالضّياع، ولا يشعر بالقلق أمام الكون في علاقته بحركته ووجوده، لأنّه يرتبط به في وحدة النّظام العام، وفي صفة المخلوقيّة للخالق والعبوديّة للربّ، والخضوع لكلّ تدابيره...
وانطلاقاً من هذه القاعدة، يمتدّ الإحساس بهذه الوحدة إلى داخل المجتمع الإنسانيّ الّذي يعيش كلّ أفراده في نطاق الرابطة الإنسانيّة الّتي تجمع كلّ تنوّعات النّاس في وحدة يلتقون عليها، وفي دورٍ يتكاملون فيه.. ولذلك لا يمثّل التنوّع تبايناً، بل يمثّل تكاملاً في الخصوصيّات، بحيث ينضم بعضها إلى البعض الآخر من أجل الإعمار والتّكامل الإنسانيّ، وهذا هو الّذي عبّر عنه القرآن الكريم في تأكيده وحدة عنصر الخلق وتنوّع خصائص الإنسان: {يا أيّها النّاس إنّا خلقناكم من ذكرٍ وأنثى وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا}[الحجرات: 13].. فالتنوّع هو الوسيلة الفضلى للتّعارف، لأنّه يفضي إلى انجذاب الإنسان إلى الإنسان الآخر، لبناء علاقاتٍ تسدّ الحاجات الخاصّة، وتتبادل الإفادة من الطّاقات المتنوّعة...
وإذا كان الإسلام يركّز على العلاقة الإنسانيّة في دائرة التعارف الحيويّ، فإنّه يثير الجانب الحركيّ في هذه العلاقة، ليدعو المؤمنين والمؤمنات إلى التّعاون على البرّ والتّقوى، بحيث يتكامل الجميع في تحقيق هذين العنوانين الكبيرين في الواقع، اللّذين يمثّلان الخير كلّه في علاقة الإنسان بالإنسان، لجهة تعزيز العدل والتكافل الاجتماعي، وفي علاقة الإنسان المنفتحة على الله، في دائرة السلوك الفرديّ والاجتماعيّ، على أساس الضّوابط الروحيّة والعمليّة، وليبعدهم عن التعاون على الإثم والعدوان، اللّذين يمثّلان الشرّ في نطاقه الفكريّ والحركيّ، وقهر الإنسان الآخر في كلّ أبعاده وأوضاعه...
ويمتدّ الفكر الإسلاميّ، ليرى في العدل قيمةً إنسانيّةً ترتكز عليها النبوّات في كلّ خطوطها وامتداداتها وتشريعاتها وتطبيقاتها، فيقرّر أنّ قضيّة الدين هي قضية عدل، فلا دين بلا عدل، في جميع تطلّعات الإنسان وقضاياه، حتى إنّ العدل لا يقف عند المسلم، بل يلتقي بالمسلم والكافر معاً، فلا يجوز للمسلم أن يظلم الكافر، مهما كانت درجة كفره، وعلى الحاكم المسلم أن يحمي الكافر من ظلم المسلم...
وهكذا نجد الإسلام يؤكّد رفض الرّكون إلى الظّالم، والسكوت على فعل المنكر وترك المعروف، ما يجعل للرّقابة الاجتماعيّة دوراً إلى جانب الرقابة الرسميّة...
ولا نريد أن نثير كلّ العناوين الإسلاميّة في التّفكير والتّشريع الإسلاميّين، الّتي تهدف إلى سلامة المجتمع الإسلاميّ، في عمليّة توجيهٍ وتنفيذٍ وانفتاحٍ وانضباطٍ وتوازن، ولكنّنا نريد الإشارة ـ من خلال بعض المفردات ـ إلى أنّ الدّين في طبيعته الرّوحيّة والعقائديّة، يملك العناصر الّتي تترك تأثيرها الإيجابيّ في عمليّة تكامل الاجتماع الإنسانيّ...
المصدر: كتاب "الاجتهاد بين أسر الماضي وآفاق المستقبل"
تعليق