إن حياة المعصومين الأربعة عشر كانت زاهرة بالحب والمعرفة والصبر والبصائر، إلا أن ما بلغنا من ضياء بعضهم كان أكثر من البعض الآخر، والإمام علي بن موسى الرضا (عليه السلام) من أولئك الذين تسنّت لنا فرصة الاهتداء إلى المزيد من فضائلهم، ولأنهم عند الله نور واحد، فليس علينا إلا الاستضاءة بسيرته (عليه السلام) لمعرفة سيرة سائر المعصومين من آبائه (عليهم جميعاً سلام الله)
وأظن أن حياة الإمام الرضا (عليه السلام) كانت فاتحة مرحلة جديدة من حياة الشيعة حيث خرجت بصائرهم وأفكارهم من مرحلة الكتمان إلى الظهور والإعلان، ولم يعد الشيعة من بعد ذلك العهد طائفة معارضة في مناطق خاصة، بل أصبحوا ظاهرين في كل بلاد، ولقب (الرضا) أطلق على الإمام علي بن موسى (عليه السلام) منذ نعومة أظفاره، وكان الإمام موسى بن جعفر (عليه السلام) قد منحه إياه كما أعطاه كنية أبو الحسن فكان كثير الحب له
الإمام الرضا (عليه السلام) كان بمثابة قرآن ناطق، فخُلقه من القرآن، وعلمه ومكرماته من القرآن، وكان (عليه السلام) يمثل هذا النور بكل وجوده، وكان قلبه يستضيء بنور الله، وهكذا أطاع الله بكل جوانب حياته، فأحبه الله ونوّر قلبه بضياء المعرفة وألهمه من العلوم ما ألهمه، وجعله حجة بالغة على خلقه وهكذا أناب الإمام الرضا (عليه السلام) إلى ربه فوهب الله له ما شاء من الكرامة والعلم، لقد زهد في الدنيا واستصغر شأنها، ورفض مغرياتها، فرفع الله الحجاب بينه وبين الحقائق لأن حب الدنيا رأس كل خطيئة، وهو حجاب سميك بين الإنسان وبين حقائق الخلق
وأعظم الزهد زهده في الخلافة، بالطريقة التي عرضها عليه المأمون العباسي، فإن من الناس من يزهد في الدنيا طلباً لما هو أعظم من متاعها، حتى شهد له أعداؤه في شأن الخلافة. ما رأيت الملك ذليلاً مثل ذلك اليوم من خلال موقف الإمام المشرف
وكان (عليه السلام) في قمة التواضع وحسن المعاشرة مع الناس، وقد فاضت من هذه النفس الكريمة تلك الأخلاق الحسنة، وكان عظيم الحلم والعفو، وسيرته تشهد بذلك وكتب التاريخ غنيةً بذلك.
استشهاده
• قال هرثمة بن أعين: (طلبني سيّدي أبو الحسن الرضا (عليه السلام) في يوم من الأيّام فقال لي: يا هرثمة إنّي مطلعك على أمر يكون سرّاً عندك لا تظهره لأحد مدّة حياتي. فإن اظهرته حال حياتي كنت خصيماً لك عند الله فحلفت له انّي لا اتفوه بما يقوله لي مدّة حياته، فقال لي: اعلم يا هرثمة انه قد دنا رحيلي ولحوقي بجدّي وآبائي وقد بلغ الكتاب أجله، وإنّي أطعم عنباً ورماناً مفتونا فأموت ويقصد الخليفة أن يجعل قبري خلف قبر أبيه الرشيد، وان الله لا يقدره على ذلك، وإنّ الأرض تشتد عليهم فلا تعمل فيها المعاول، ولا يستطيعون حفر شيءٍ منها فتكون تعلم يا هرثمة إنّما مدفني في الجهة الفلانية من الحد الفلاني بموضع عيّنه له، فإذا أنا متّ وجهزت فاعلمه بجميع ما قلته لك ليكونوا على بصيرة من أمري وقل له إذا وضعت في نعشي، وأرادوا الصلاة عليّ فلا يصلى عليّ فإنّه يأتيكم رجل عربي ملثّم على ناقة له مسرع من جهة الصحراء عليه وعثاء السّفر، فينيخ راحلته وينزل عنها فيصليّ عليّ وصلوا معه عليّ فإذا فرغتم من الصلاة عليّ وحملتموني إلى مدفني الذي عينته لك فاحفر شيئاً يسيراً من وجه الأرض تجد قبراً مطبقاً معموراً في قعره ماء أبيض إذا كشفت عنه الطبقات نضب الماء فهذا مدفني فادفنوني فيه، والله الله يا هرثمة ان تخبر بهذا أو بشيء منه قبل موتي، قال هرثمة: فوالله ما طالت الإناة حتى أكل الرّضا عند الخليفة عنباً ورماناً مفتوناً فمات
• روى الطبرسي عنه عن الرضا (عليه السلام) في حديث طويل (أنه قال: يا هرثمة هذا أسوان رجوعي إلى الله عزّ وجل ولحوقي بجدّي وآبائي، وقد بلغ الكتاب أجله، فقد عزم هذا الطاغي على سمي في عنب وفي رمان مفروك، فأمّا العنب فإنه يغمس المسلك في السم ويجذبه بالخيط في العنب، وأما الرمان فإنه يطرح السم في كف بعض غلمانه ويفرك الرمان بيده لتلطخ حبه في ذلك السم. وانه سيدعوني في اليوم المقبل ويقرّب إليّ الرمان والعنب ويسألني اكلها ثم ينفذ الحكم ويحضر القضاء
لقب الإمام الرضا ( عليه السلام ) بكوكبة من الألقاب الكريمة ، وكل لقب منها يرمز إلى صفة من صفاته الكريمة ، وهذه بعضها :
الأول : ( الرضا )
اختلف المؤرخون والرواة في الشخص الذي أضفى على الإمام ( عليه السلام ) هذا اللقب الرفيع ، حتى غلب عليه ، وصار اسماً يُعرف به
وقد عَلَّلَ أحمد البزنطي السبب الذي من أجله لُقِّب بـ ( الرضا ) فقال : إنما سُمِّي ( عليه السلام ) الرضا ، لأنه كانَ رِضَى لله تَعَالى في سَمَائِه ، وَرِضَى لِرسُوله والأئمة ( عليهم السلام ) بعده في أرضه
الثاني : ( الصابر )
وإنما لُقِّب ( عليه السلام ) بذلك لأنه صَبَر على المِحَن والخُطُوب التي تَلَقَّاهَا مِن خُصُومِهِ وأعدَائِه
الثالث : ( الزكِي )
لأن الإمام ( عليه السلام ) قد كان من أزكياء البشر ، ومن نبلائهم وأشرافهم
الرابع : ( الوفي )
أما الوفاء فهو عنصر من عناصر الإمام ( عليه السلام ) ، وذاتي من ذاتياته ، فقد كان ( عليه السلام ) وَفِياً لأُمَّتِه ووطَنِه
الخامس : ( سراج الله )
فَقد كَان الإمام ( عليه السلام ) سِرَاجاً لله ، يَهدِي الضالَّ وَيرشدُ الحَائِر
السادس : ( قُرَّة عينِ المُؤمنين )
ومن ألقابه الكريمة أنه ( عليه السلام ) كان قُرَّة عينِ المؤمنين ، فَقد كَان زَيناً وفخراً لهم
السابع : ( مكيدة المُلحدين )
وإنما لُقِّب ( عليه السلام ) بذلك لأنه أبطلَ شُبَه المُلحِدين وَفَنَّد أوهامَهُم ، وذلك في مناظراته التي أُقيمت في البلد العباسي ، والتي أَثبتَ فيها أصالة القيم والمبادئ الإسلامية
الثامن : ( الصدِّيق )
فقد كان ( عليه السلام ) كـ ( يوسُفُ الصدِّيق ) الذي ملك مصر ، فقد تَزعَّم جميع أنحاء العالم الإسلامي ، وكانت لَهُ الولاية المُطلَقة عليه
التاسع : ( الفاضل )
فهو أفضل إنسانٍ وأكملُهُم في عصره ، ولهذه الظاهرة لُقِّبَ ( عليه السلام ) بـ ( الفاضل )
فهذه بعض الألقاب الكريمة التي لقب بها ، وهي تنم عن سُمُوِّ شخصيته وعظيم شأنه ( عليه السلام )
إنَّ التودُّدَ والاحترام الذي بَذَله المأمون للإمام الرضا ( عليه السلام ) ، وإرغامَهُ على الدخول في ولاية العهد ، لم يكن زهداً منه بالسلطة ، وإنَّما كان لإغراض سياسية ، ولو كان زاهِداً فيها لما قَتَل أخاه الأمين من أجلها
ونتيجة للصراع الدائر بين أهل البيت ( عليهم السلام ) وأنصارهم وبين بني العباس - بالإضافة إلى بروز شخصية الإمام الرضا ( عليه السلام ) وتفوُّقها على شخصية المأمون - دَفَعَ المأمون إلى التفكير بشكلٍ جِدِّي بِتَصفِية الإمام ( عليه السلام ) واغتياله ، وتمَّ له ذلك عن طريق دَسِّ السُمِ للإمام ( عليه السلام )
فمضى الإمام الرضا ( عليه السلام ) شهيداً مسموماً ، في اليوم الأخير من صفر 203 هـ ، وعلى رواية في السابع عشر من صفر
وتم دفنه ( عليه السلام ) في مدينة طوس بخراسان ، والتي كبُرت واتَّسعت بعد دفن الإمام الرضا ( عليه السلام ) فيها ، وصار اسمها ( مَشْهَد المقدَّسة ) ، وهي من أوسع المُدن في بلاد إيران
وبِبَرَكة احتضان هذه المدينة للجسد الشريف لهذا الإمام ( عليه السلام ) ، أصبَحَتْ مدينةً غنيةً بالثروات ، عامرةً بالحوزات العلميَّة ، والمدارس الدينية ، والمراكز والمؤسَّسات التحقيقيَّة والثقافية .
كلمات في الإمام الرضا ( عليه السلام )
أدلى فريق من الشخصيات بكلمات عن الإمام الرضا ( عليه السلام ) ، وهي تعرب عن إكبارهم وتعظيمهم له ، وفيما يلي بعضها :
1 – المأمون
وأعرب المأمون في كثير من المناسبات عن إعجابه بشخصية الإمام الرضا ( عليه السلام ) ، وهذه بعض كلماته
أ - قال المأمون لأسرته حينما لامته على عقده ولاية العهد للإمام الرضا ( عليه السلام ) : أمّا ما ذكرتم من استبصار المأمون في البيعة لأبي الحسن فما بايع له إلاّ مستبصراً في أمره ، عالماً بأنّه لم يبق على ظهرها - أي ظهر الأرض - أبين فضلاً ، ولا أطهر عفّة ، ولا أورع ورعاً ، ولا أزهد زهداً في الدنيا ، ولا أطلق نفساً ، ولا أرضي في الخاصّة والعامّة ، ولا أشدّ في ذات الله منه ... .
ب - قال المأمون : الإمام الرضا خير أهل الأرض ، وأعلمهم ، وأعبدهم .
2 - إبراهيم بن العباس
كان إبراهيم بن العباس ممّن رافق الإمام ( عليه السلام ) ، وقد تحدث عن معالي أخلاقه ، وكان مما قاله فيه : وكان كثير المعروف والصدقة في السرِّ ، وأكثر ذلك يكون منه في الليالي المظلمة ، فمن زعم أنّه رأى مثله فلا تصدّقه
3 - عارف تامر
قال عارف تامر : يعتبر الإمام الرضا من الأئمّة الذين لعبوا دوراً كبيراً على مسرح الأحداث الإسلامية في عصره
وكثير من أمثال هذه الكلمات التي عبّرت عمّا تميّز به الإمام من الصفات الرفيعة التي لم يتّصف بها أحد سوى آبائه ، الذين رفعوا علم الهداية في الأرض
انّ بني إسرائيل شدّدوا فشدّد الله عليهم، قال لهم موسى (عليه السّلام) إذبحوا بقرة
قالوا: ما لونها؟
فلم يزالوا شدّدوا حتّى ذبحوا بقرة بملء جلدها ذهباً
الوفاء بالوعد
أتدري لم سمّي إسماعيل صادق الوعد؟
قال: قلت: ﻻ أدري
قال: وعد رجلاً فجلس له حولاً ينتظره
من خلق الأنبياء
أوحى الله عزّ وجلّ إلى نبيّ من أنبيائه: إذا أصبحت فأوّل شيء يستقبلك فكله، والثاني فاكتمه، والثالث فاقبله، والرابع فلا تؤيسه، والخامس فاهرب منه
قال: فلمّا أصبح مضى فاستقبله جبل أسود عظيم فوقف وقال: أمرني ربّي عزّ وجلّ أن آكل هذا، وبقي متحيّراً ثمّ رجع إلى نفسه فقال: إنّ ربّي جلّ جلاله ﻻ يأمرني إلاّ بما اطيق، فمشى إليه لياكله، فكلّما دنا منه صغر حتّى إنتهى إليه فوجده لقمة فأكلها فوجدها أطيب شيء أكله
ثمّ مضى فوجد طستاً من ذهب فقال: أمرني ربّي أن أكتم هذا، فحفر له حفرة وجعله فيه، وألقى عليه التراب، ثمّ مضى فالتفت فإذا الطست قد ظهر فقال: قد فعلت ما أمرني ربّي عزّ وجلّ فمضى
فإذا هو بطير وخلفه بازي فطاف الطير حوله فقال: أمرني ربّي عزّ وجلّ أن أقبل هذا، ففتح كمّه فدخل الطير فيه
فقال له البازي: أخذت صيدي وأنا خلفه منذ أيّام
فقال: انّ ربي عزّ وجلّ أمرني أن ﻻ اؤيس هذا، فقطع من فخذه قطعة فألقاها إليه ثمّ مضى، فلمّا مضى إذا هو بلحم ميتة منتن مدوّد فقال: أمرني ربّي عزّ وجلّ أن أهرب من هذا، فهرب منه ورجع
فرأى في المنام كأنّه قد قيل له: انّك قد فعلت ما امرت به، فهل تدري ماذا كان؟
قال: ﻻ
قيل له: أمّا الجبل فهو الغضب، انّ العبد إذا غضب لم ير نفسه، وجهل قدره من عظم الغضب، فإذا حفظ نفسه وعرف قدره وسكّن غضبه كانت عاقبته كاللقمة الطيّبة الّتي أكلتها
وأمّا الطست فهو العمل الصالح إذا كتمه العبدو أخفاه أبى الله عزّ وجلّ إلاّ أن يظهره ليزيّنه به مع ما يدّخر له من ثواب الآخرة
وأما الطير: فهو الرجل الذي يأتيك فاقبله وأقبل نصيحته
وأمّا البازي: فهو الرجل الّذي يأتيك في حاجة فلا تؤيسه
وأمّا اللحم المنتن فهي الغيبة فاهرب منها
المؤمن والسنن الثلاث
ﻻ يكون المؤمن مؤمناً حتّى يكون فيه ثلاث خصال: سنّة من ربّه وسنّة من نبيّه وسنّة من وليّه
فأمّا السنّة من ربّه فكتمان سرّه
قال الله جلّ جلاله: (عالم الغيب فلا يظهر على غيبه أحداً، إلاّ من ارتضى من رسول)
وأمّا السنّة من نبيّه فمداراة الناس، فإنّ الله عزّ وجلّ أمر نبيّه بمداراة الناس، فقال
(خذ العفو وأمر بالعرف وأعرض عن الجاهلين)
وأمّا السنّة من وليّه فالصبر في البأساء والضرّاء، يقول عزّ وجلّ
والصابرين في البأساء والضرّاء وحين البأس اولئك الّذين صدقوا واولئك هم المتّقون
إتّهم نفسك
إنّ رجلاً في بني اسرائيل عبد الله أربعين سنة، ثمّ قرّب قرباناً فلم يقبل منه، فقال في نفسه: وما اوتيت إلاّ منك، وما الذنب إلاّ لك
قال: فأوحى الله تبارك وتعالى إليه
ذمّك لنفسك أفضل من عبادتك أربعين سنة
بل هو المغنم
فرّق أبو الحسن الرضا (عليه السّلام) بخراسان ماله كلّه في يوم عرفة، فقال له الفضل بن سهل: إنّ هذا لمغرم، فقال
بل هو المغنم، ﻻ تعدّنّ مغرماً ما ابتغيت به أجراً وكرما
لماذا التكبّر؟
عن رجل من أهل بلخ قال: كنت مع الرضا (عليه السّلام) في سفره إلى خراسان فدعا يوماً بمائدة له فجمع عليها مواليه من السودان وغيرهم. فقلت: جعلت فداك لو عزلت لهؤلاء مائدة
فقال
مه! إنّ الربّ تبارك وتعالى واحد والامّ واحدة والأب واحد والجزاء بالأعمال
لماذا التستّر؟
عن اليسع بن حمزة قال: كنت في مجلس أبي الحسن الرضا (عليه السّلام) احدّثه وقد اجتمع إليه خلق كثير يسألونه عن الحلال والحرام، إذ دخل عليه رجل طوال آدم فقال: السلام عليك يابن رسول الله، رجل من محبّيك ومحبّي آبائك وأجدادك (عليهم السلام)، مصدري من الحجّ وقد افتقدت نفقتي وما معي ما أبلغ مرحلة، فإن رأيت أن تنهضني إلى بلدي والله عليّ نعمة فإذا بلغت بلدي تصدّقت بالذي تولّيني عنك، فلست موضع صدقة. فقال له
اجلس رحمك الله، وأقبل على الناس يحدّثهم حتى تفرّقوا، وبقى هو وسليمان الجعفري وخيثمة وأنا
فقال: أتأذنون لي في الدخول؟
فقال له سليمان: قدّم الله أمرك، فقام فدخل الحجرة وبقى ساعة ثمّ خرج وردّ الباب وأخرج يده من أعلى الباب وقال: أين الخراساني؟
فقال: ها أنا ذا
فقال: خذ هذه المأتي دينار واستعن بها في مؤنتك ونفقتك وتبرّك بها ولا تصدّق بها عنّي، واخرج فلا أراك ولا تراني
ثمّ خرج فقال له سليمان: جعلت فداك لقد أجزلت ورحمت فلماذا سترت وجهك عنه؟
فقال: مخافة أن أرى ذلّ السؤال في وجهه لقضائي حاجته، أما سمعت حديث رسول الله (صلى الله عليه وآله): (المستتر بالحسنة، يعدل سبعين حجّة، والمذيع بالسيئة مخذول والمستتر بها مغفور له)
أما سمعت قول الأول
مـــــتى آتــه يوماً لأطلب حاجة رجعت إلى أهلي ووجهي بمائه
مع الضيوف
عن عبيد بن أبي عبد الله البغدادي عمّن أخبره قال: نزل بأبي الحسن الرضا (عليه السّلام) ضيف وكان جالساً عنده يحدثه في بعض الليل فتغيّر السراج، فمدّ الرجل يده ليصلحه، فبادره أبو الحسن (عليه السّلام) بنفسه فأصلحه ثمّ قال له
إنّا قوم ﻻ نستخدم أضيافنا
مع نعم الله
عن ياسر الخادم قال: أكل الغلمان يوماً فاكهة ولم يستقصوا أكلها ورموا بها، فقال لهم أبو الحسن (عليه السّلام)
سبحان الله إن كنتم استغنيتم فإنّ اناساً لم يستغنوا، أطعموه من يحتاج إليه
من شهر نفسه بالعبادة فاتهموه على دينه فإن الله عزّ وجلّ يكره شهرة العبادة وشهرة اللباس
ثم قال ان الله تعالى انما فرض على الناس في اليوم والليلة سبع عشرة ركعة من أتى بها لم يسأله الله عزّ وجلّ عما سواها، وانما أضاف رسول الله (صلى الله عليه وآله) اليها مثيلها
ليتم بالنوافل ما يقع فيها من النقصان، وان الله عزّ وجلّ ﻻ يعذب على كثرة الصلاة والصوم ولكنه يعذب على خلاف السنة
صفات الزهد
سئل الرضا (عليه السّلام) عن صفة الزاهد فقال
متبلّغ بدون قوته مستعدّ ليوم موته، متبرّم بحياته
احسن ظنك
احسن الظن بالله فإن الله عزّ وجلّ يقول: انا عند ظن عبدي المؤمن بي، ان خيرا فخيراً وان شرّاً فشرّاً
اشكر المنعم
من لم يشكر المنعم من المخلوقين لم يشكر الله عزّ وجلّ
هكذا تشكر النعمة
اتقوا الله وعليكم بالتواضع والشكر والحمد، انه كان في بني اسرائيل رجل فاتاه في منامه من قال له: انّ لك نصف عمرك سعة، ايّ النصفين شئت
فقال: انّ لي شريكاً فلما اصبح الرجل قال لزوجته: قد اتاني في هذه الليلة رجل فأخبرني انّ نصف عمري لغي سعة فاختر أيّ النصفين شئت؟
فقالت له زوجته: اختر النصف الأول
فقال: لك ذاك
فأقبلت عليه الدنيا فكان كلما كانت نعمة قالت زوجته: جارك فلان محتاج فصله، وتقول
قرابتك فلان فتعطيه، وكانوا كذلك كلما جاءتهم نعمة اعطوا وتصدقّوا وشكروا، فلما كان ليلة من الليالي اتاه الرجل فقال: يا هذا انّ النصف قد انقضى فما رأيك؟
قال: لي شريك فلما أصبح الصبح قال لزوجته اتاني الرجل فأعلمني انّ النصف قد انقضى
فقالت له زوجته: قد انعم الله علينا فشكرنا، والله اولى بالوفاء
قال: فإن لك تمام عمرك
حدّ التوكّل
عن الحسن بن الجهم قال: سألت الرضا (عليه السّلام) فقلت له: جعلت فداك ما حدّ التوكل؟ فقال لي
ان ﻻ تخاف مع الله احداً
قال: قلت: فما حد التواضع؟
قال: ان تعطي الناس من نفسك ما تحب أن يعطوك مثله
كن سخيّاً
السخيّ قريب من الله، قريب من الجنة، قريب من الناس بعيد من النار، والبخيل [بعيد من الله] بعيد من الجنة، بعيد من الناس قريب من النار
قال: وسمعته يقول
السخاء شجرة في الجنة أغصانها في الدنيا من تعلق بغصن من أغصانها دخل الجنة
الذنوب وآثارها الطبيعية
كلما أحدث العباد من الذنوب ما لم يكونوا يعلمون، أحدث الله لهم من البلاء مالم يكونوا يعرفون
الواجب تجاه الخالق
الصغائر من الذنوب طرق إلى الكبائر، ومن لم يخف الله في القليل لم يخفه في الكثير، ولو لم يخوّف الله الناس بجنة ونار لكان الواجب ان يطيعوه ولا يعصوه، لتفضله عليهم، واحسانه اليهم وما بدأهم به من انعامه الذي ما استحقوه
اعملوا لغير الرياء
ويحك يابن عرفة اعملوا لغير رياء ولا سمعة، فانه من عمل لغير الله وكله الله إلى ما عمل، ويحك ما عمل احد عملاً إلاّ ردّاه الله به ان خيراً فخير، وان شرّاً فشرّ
ثلاثة مقرونة بثلاثة
ان الله عزّ وجلّ امر بثلاثة مقرون بها ثلاثة اخرى: أمر بالصلاة والزكاة، فمن صلّى ولم يزك لم يقبل منه صلاته، وامر بالشكر له وللو الدين فمن لم يشكر والديه لم يشكر الله، وامر باتقاء الله صلة الرحم، فمن لم يصل رحمه لم يتق الله عزّ وجلّ
للإمام الرضا ( عليه السلام ) أنواع من الأدعية والابتهالات تدلّ على مدى اتّصاله بالله ، ومدى تعلّقه به ، وانقطاعه إليه ، وإليك بعض نماذجها
1ـ دعاؤه ( عليه السلام ) في قنوت الوتر
قال رجاء بن أبي الضحّاك : بعثني المأمون في أشخاص علي بن موسى الرضا ( عليهما السلام ) من المدينة ... ، فو الله ما رأيت رجلاً كان اتقى لله تعالى منه ، ولا أكثر ذكراً لله في جميع أوقاته منه ، ولا أشدّ خوفاً لله عزّ وجلّ منه ... ، وكان يقنت في وتره ، ويقول
اللّهم صلّ على محمّد وآل محمّد ، اللّهم اهدنا فيمن هديت ، وعافنا فيمن عافيت ، وتولّنا فيمن تولّيت ، وبارك لنا فيما أعطيت ، وقنا شرّ ما قضيت ، فإنّك تقضي ولا يقضى عليك ، إنّه ﻻ يذلّ من واليت ، ولا يعزّ من عاديت ، تباركت ربّنا وتعاليت
2ـ دعاؤه ( عليه السلام ) في السجود
كان ( عليه السلام ) يقول في سجوده
لك الحمد إن أطعتك ، ولا حجّة لي إن عصيتك ، ولا صنع لي ولا لغيري في إحسانك ، ولا عذر لي إن أسأت ، ما أصابني من حسنة فمنك ، يا كريم اغفر لمن في مشارق الأرض ومغاربها ، من المؤمنين والمؤمنات
3ـ دعاؤه ( عليه السلام ) في يوم عرفة
قال ( عليه السلام ) يوم عرفة : ( اللّهم كما سترت عليّ ما لم أعلم فاغفر لي ما تعلم ، وكما وسعني علمك فليسعني عفوك ، وكما بدأتني بالإحسان فأتمّ نعمتك بالغفران ، وكما أكرمتني بمعرفتك فأشفعها بمغفرتك ، وكما عرفّتني وحدانيتك فأكرمني بطاعتك ، وكما عصمتني ممّا لم اكن اعتصم منه إلاّ بعصمتك ، فاغفر لي ما لو شئت عصمتني منه ، يا جواد يا كريم ، يا ذا الجلال والإكرام ) .
6ـ دعاؤه ( عليه السلام ) عند الإفطار
قال ( عليه السلام ) : ( من قال عند إفطاره : اللّهم لك صمنا بتوفيقك ، وعلى رزقك افطرنا بأمرك ، فتقبّله منّا ، واغفر لنا إنّك أنت الغفور الرحيم ، غفر الله ما ادخل على صومه من النقصان بذنوبه )
7ـ دعاؤه ( عليه السلام ) الهي بدت قدرتك
قال ( عليه السلام ) الهي بدت قدرتك ، ولم تبد هيئة لك ، فجهلوك وقدّروك ، والتقدير على غير ما به شبّهوك ، فأنا بريء يا الهي من الذين بالتشبيه طلبوك ، ليس كمثلك شيء ولن يدركوك ، ظاهر ما بهم من نعمتك ، دلّهم عليك لو عرفوك ، وفي خلقك يا الهي مندوحة إن يتناولوك ، بل شبّهوك بخلقك ، فمن ثمّ لم يعرفوك ، واتخذوا بعض آياتك ربّاً فبذلك وصفوك ، فتعاليت يا الهي وتقدّست عمّا به المشبهون نعتوك
يا سامع كل صوت ، ويا سابق كل فوت ، يا محيي العظام وهي رميم ، ومنشئها بعد الموت ، صل على محمّد وآل محمّد ، واجعل لي من كل هم فرجاً ومخرجاً ، وجميع المؤمنين إنّك على كل شيءٍ قدير
8ـ دعاؤه ( عليه السلام ) يا جبّار السماوات والأرضين
قال ( عليه السلام ) : ( استسلمت مولاي لك ، وأسلمت نفسي إليك ، وتوكّلت في كل أموري عليك ، وأنا عبدك وابن عبديك ، أخبأني اللّهم في سترك عن شرار خلقك ، واعصمني من كل أذىً وسوء بمنّك ، واكفني شر كل ذي شرٍ بقدرتك
اللّهم من كادني وأرادني فإنّي أدرا بك في نحره ، واستعين بك منه ، واستعيذ منه بحولك وقوّتك ، وشدّ عنّي أيدي الظالمين إذ كنت ناصري ، ﻻ إله إلاّ أنت يا أرحم الراحمين ، وإله العالمين
أسألك كفاية الأذى والعافية والشفاء ، والنصر على الأعداء ، والتوفيق لما تحب ربّنا وترضى ، يا اله العالمين ، يا جبّار السماوات والأرضين ، يا رب محمّد وآله الطيبين الطاهرين ، صلواتك عليهم أجمعين
اللّهم أنت ثقتي في كل كرب ، وأنت رجائي في كل شدّة ، وأنت لي في كل أمر نزل بي ثقة وعدّة ، كم من كرب يضعف عنه الفؤاد ، وتقل فيه الحيلة ، وتعيى فيه الأمور ، ويخذل فيه القريب والبعيد والصديق ، ويشمت فيه العدو ، أنزلته بك وشكوته إليك ، راغباً إليك فيه عمّن سواك ، ففرّجته وكشفته وكفيتنيه ، فأنت وليّ كل نعمة ، وصاحب كل حاجة ، ومنتهى كل رغبة
فلك الحمد كثيراً ، ولك المنّ فاضلاً ، بنعمتك تتم الصالحات ، يا معروفاً بالمعروف معروف ، ويا من هو بالمعروف موصوف ، أنلني من معروفك ، معروفاً تغنيني به عن معروف من سواك ، برحمتك يا أرحم الراحمين
دعاؤه ( عليه السلام ) لصاحب الأمر
قال ( عليه السلام ) : ( اللّهم صل على محمّد وآل محمّد ، وادفع عن وليك وخليفتك وحجّتك على خلقك ، ولسانك المعبّر عنك بإذنك ، الناطق بحكمتك ، وعينك الناظرة في بريّتك ، وشاهداً على عبادك ، الجحجاح المجاهد المجتهد ، عبدك العائذ بك
اللّهم وأعذه من شرّ ما خلقت وذرأت ، وبرأت وأنشأت وصوّرت ، واحفظه من بين يديه ومن خلفه ، وعن يمينه وعن شماله ، ومن فوقه ومن تحته ، بحفظك الذي ﻻ يضيع من حفظته به ، واحفظ فيه رسولك ووصي رسولك وآباءه أئمّتك ، ودعائم دينك ، صلواتك عليهم أجمعين
واجعله في وديعتك التي ﻻ تضيع ، وفي جوارك الذي ﻻ يخفر ، وفي منعك وعزّك الذي لا يقهر
اللّهم وآمنه بأمانك الوثيق ، الذي ﻻ يخذل من آمنته به ، واجعله في كنفك الذي ﻻ يضام من كان فيه ، وانصره بنصرك العزيز ، وأيّده بجندك الغالب ، وقوّه بقوّتك ، وأردفه بملائكتك
اللّهم وال من والاه ، وعاد من عاداه ، والبسه درعك الحصينة ، وحفّه بملائكتك حفّاً
اللّهم وبلّغه افضل ما بلغت القائمين بقسطك من اتباع النبيين ، اللّهم أشعب به الصدع ، وارتق به الفتق ، وأمت به الجور ، واظهر به العدل ، وزيّن بطول بقائه الأرض ، وأيّده بالنصر ، وانصره بالرعب ، وافتح له فتحاً يسيراً ، واجعل له من لدنك على عدوّك وعدوّه سلطاناً نصيراً
اللّهم اجعله القائم المنتظر ، والإمام الذي به تنتصر ، وأيدّه بنصر عزيز وفتح قريب ، وورّثه مشارق الأرض ومغاربها اللاتي باركت فيها ، واحي به سنّة نبيك صلواتك عليه وآله ، حتّى ﻻ يستخفي بشيء من الحق مخافة أحدٍ من الخلق ، وقوّ ناصره ، واخذل خاذله ، ودمدم على من نصب له ، ودمّر على من غشّه
اللّهم واقتل به جبابرة الكفر ، وعمده ودعائمه ، والقوام به ، واقصم به رؤوس الضلالة ، وشارعة البدعة ، ومميتة السنّة ، ومقوّية الباطل ، واذلل به الجبّارين ، وأبر به الكافرين والمنافقين وجميع الملحدين ، حيث كانوا وأين كانوا من مشارق الأرض ومغاربها ، وبرّها وبحرها ، وسهلها وجبلها حتّى ﻻ تدع منهم ديّاراً ، ولا تبقي لهم آثاراً
اللّهم وطهّر منهم بلادك ، واشف منهم عبادك ، واعزّ به المؤمنين ، وأحي به سنن المرسلين ، ودارس حكم النبيين ، وجدّد به ما محي من دينك ، وبدّل من حكمك ، حتّى تعيد دينك به ، وعلى يديه غصّاً جديداً صحيحاً محضاً ﻻ عوج فيه ولا بدعة معه ، حتّى تنير بعدله ظلم الجور ، وتطفئ به نيران الكفر ، وتظهر به معاقد الحق ، ومجهول العدل ، وتوضّح به مشكلات الحكم
اللّهم وإنّه عبدك الذي استخلصته لنفسك ، واصطفيته من خلقك ، واصطفيته على عبادك ، وائتمنته على غيبك ، وعصمته من الذنوب ، وبرّأته من العيوب ، وطهّرته من الرجس ، وصرفته عن الدنس ، وسلمته من الريب
اللّهم فإنا نشهد له يوم القيامة ويوم حلول الطامّة أنّه لم يذنب ولم يأت حوباً ، ولم يرتكب لك معصية ، ولم يضيّع لك طاعة ، ولم يهتك لك حرمة ، ولم يبدّل لك فريضة ، ولم يغيّر لك شريعة ، وإنّه الإمام التقي الهادي المهدي الطاهر التقي الوفي الرضي الزكي
اللّهم فصل عليه وعلى آبائه ، وأعطه في نفسه وولده وأهله وذرّيته وأمّته وجميع رعيته ما تقر به عينه ، وتسرّ به نفسه ، وتجمع له ملك المملكات كلّها قريبها وبعيدها ، وعزيزها وذليلها ، حتّى يجري حكمه على كل حكمٍ ، ويغلب بحقّه على كل باطل
اللّهم واسلك بنا على يديه منهاج الهدى ، والمحجّة العظمى ، والطريقة الوسطى التي يرجع إليها الغالي ، ويلحق بها التالي
اللّهم وقوّنا على طاعته ، وثبتنا على مشايعته ، وامنن علينا بمتابعته ، واجعلنا في حزبه القوّامين بأمره الصابرين معه ، الطالبين رضاك بمناصحته ، حتّى تحشرنا يوم القيامة في أنصاره وأعوانه ، ومقوّية سلطانه
اللّهم صل على محمّد وآل محمّد ، واجعل ذلك كلّه منا لك خالصاً من كل شك وشبهة ، ورياء وسمعة ، حتّى ﻻ نعتمد به غيرك ، ولا نطلب به إلاّ وجهك ، وحتّى تحلّنا محلّه ، وتجعلنا في الجنّة معه ، ولا تبتلنا في أمره بالسامة والكسل ، والفترة والفشل ، واجعلنا ممّن تنتصر به لدينك ، وتعزّ به نصر وليّك ، ولا تستبدل بنا غيرنا ، فإنّ استبدالك بنا غيرنا عليك يسير ، وهو علينا كبير ، إنّك على كل شيء قدير
اللّهم وصل على ولاة عهوده ، وبلّغهم آمالهم ، وزد في آجالهم ، وانصرهم وتمّم لهم ما أسندت إليهم من أمر دينك ، واجعلنا لهم أعواناً ، وعلى دينك أنصاراً ، وصل على آبائه الطاهرين الأئمّة الراشدين
اللّهم وشركاؤه في أمره ، ومعاونوه على طاعتك ، الذين جعلتهم حصنه وسلاحه ومفزعه ، وانسه الذين سلوا عن الأهل والأولاد ، وتجافوا الوطن ، وعطّلوا الوثير من المهاد ، قد رفضوا تجاراتهم ، واضرّوا بمعايشهم ، وفقدوا في أنديتهم بغير غيبة عن مصرهم ، وحالفوا البعيد ممّن عاضدهم على أمرهم ، وخالفوا القريب ممّن ضدّ عن وجهتهم ، وائتلفوا بعد التدابر والتقاطع في دهرهم ، وقطعوا الأسباب المتصلة بعاجل حطام من الدنيا
فاجعلهم اللّهم في حرزك ، وفي ظل كنفك ، وردّ عنهم بأس من قصد إليهم بالعداوة من خلقك ، واجزل لهم من دعوتك من كفايتك ومعونتك لهم ، وتأييدك ونصرك إيّاهم ما تعينهم به على طاعتك ، وازهق بحقّهم باطل من أراد إطفاء نورك ، وصل على محمّد وآله ، واملأ بهم كل أفق من الآفاق ، وقطر من الأقطار ، قسطاً وعدلاً ورحمة وفضلاً ، واشكر لهم على حسب كرمك وجودك ، وما مننت به على القائمين بالقسط من عبادك ، واذخر لهم من ثوابك ما ترفع لهم به الدرجات ، إنّك تفعل ما تشاء ، وتحكم ما تريد آمين رب العالمين
اربعون سنة احمل خشبتي على ضهري ولم اجد من يصلبني عليها لكثرة ما كان ينشد الاشعار لآل الرسول عليهم افضل الصلاة والسلام مدحاً ورثاءً وكان يتوقع غدر العباسيين به
بعد ان نفي الامام علي بن موسى الرضا الى مدينة طوس في الشمال الشرقي من ايران وحاول العباسيون بشتى السبل ابعاد الامام عن مسرح الحياة وعزله عن شيعته ومحبيه لكن هيهات هيهات وهذا دعبل تخطى الاف الكيلومترات
حتى وصل اليه وانشده تلك القصيده الرائعه ويقال ان الامام عندما سمعها اجهش بالبكاء وعندما وصل دعبل الى وقبر ببغداد.. وانتقل الى فأما الممضات اوقفه الامام وقال له اضف اليها وقبر بطوس فقال دعبل لايوجد عندنا قبر بطوس يا مولاي قال عليه السلام سيكون يا دعبل سيكون وكان يقصد نفسه
فأجريت دمع العين بالعبراتِ
ذكرتُ محل الرَّبع من عرفاتِ
رسوم ديارٍ اقفرت وعراتِ
وفـلُّ عُرى صبري وهاجت صبابتي
ومنزل وحى مقفر العرصــات
مدارس آياتٍ خلت من تلاوةٍ
وبالرُّكـن والتعريف والجمرات
لآل رسول الله بالخيف من منىٍ
وحمزة والسجــاد ذي الثفنات
ديارُ علي والحسين وجعفرٍ
نجيّ رسول الله في الخلواتِ
ديارٌ لعبد الله والفضل تلوه
من الله بالتسليم والرّحمات
منازل جبريل الامين يزورها
سبيل رشادٍ واضح الطّرقاتِ
منازل وحي الله معدن علمه
ولم تعف بالايام والسنواتِ
ديارُ عفاها جور كل منابذٍ
متى عهدها بالصوم والصلواتِ
قفا نسأل الدار التي خفّ اهلها
افانين في الاطراف منقبضات
واين الالى شطت بهم غربة النوى
وهم خير قاداتٍ وخيرُ حماةِ
هم اهل ميراث النبي اذا اعتزوا
لقد شرفوا بالفضل والبركــات
مطاعيم في الاعسار في كلّ مشهدٍ
وتؤمن منهم زلةُ العثرات
ائمة عدلٍ يقتدى بفعالهم
ومضطعنٌ ذو احنة وترابِ
وما الناس الا غاصبٍ ومكذّبٍ
واخرى بفخٍ نالها صلواتي
قبور بكوفان واخرى بطيبةٍ
زكىُ آوى بغــداد في الحفرات
وآخر من بعد النبي مباركٌ
وقبر ببا خمرى عدى العرمات
وقبر بارض الجوزجان محـلّه
تضمنها الرحمن في العرصات
وقبر ببغداد ٍ لنفس زكيةٍ
تردد بين الصدر والحجــبات
وقبر بطوس يالها من مصيبةٍ
مبالغها مني بكنه صفاتِ
فاما الممضات التي لست بالغا
يـفرّج فيها الهـم والكربات
الى الله حتى يبعث الله قآئماً
معرّسهم فيها بشط فرات
نفوسُ لدى النهرين من بطن كربلا
وقد مات عطشاناً بشط فرات
افاطمُ لو خلت الحسين مجدلاً
واجريتي دمع العين على الوجنات
للطمتي الخد عنده فاطمٍ
معرّسهم بالجزع من نخلات
اخاف بان ازدارهم ويشوقني
لهم عقدة مغشيّة الحجرات
تقسمهم ريب المنون فماترى
مدى الدهر انضاءً من الازمات
خلا ان منهم بالمدينة عصبة
من الضبع والعقبان والرخمات
قليلة زوارٍ خلا انّ زوروا
لهم من نواحي الارض مختلفات
لها كل حين نومة بمضاجعٍ
مغاوير نحارّون في السنواتِ
وقد كان منهم بالحجاز وارضها
قيل لي أنت أوحد الناس طرا في فنون من المقال البديه
لك من جوهر الكلام نظام يثمر الدر في يدي مجتنبيه
فلماذا تركت مدح ابن موسى والخصال التي تجمعن فيه
قلت لا أهتدي لمدح إمام كان جبريل خادما لأبيـه
السلام عليك يا شمس الشموس ، أيها المدفون في أرض طوس
السلام عليك ايها الامام الغريب السلام عليك ايها الامام الشهيد السلام عليك ايها الامام المعصوم السلام عليك ايها الامام المظلوم السلام عليك ايها الامام المغموم السلام عليك ايها الامام الهادي و الولي المرشد ابرء الى الله تعالى من اعدائك و اتقّرب الى الله تعالى بمولاتك السلام عليك وعلى أختك فاطمة المعصومة و السلام عليك و رحمة الله و بركاته
3- خَمْسُ مَنْ لَمْ تَكُنْ فيه فلا ترجوه بشئ من الدنيا والآخرة:
- من لم تعرف الوثاقة في أرومته
- والكرم في طباعه
- والرصانة في خلقه
- والنبل في نفسه
- والمخافة لربه
4- صل رحمك ولو بشربة من ماء
وفاة الإمام الرضا عليه السلام
توفى الإمام الرضا (عليه السلام) في قرية يقال لها سنا آباد مسموماً بسم دسه له المأمون في شراب الرمان وقيل في العنب قدمه إليه. ودفن في دار حميد بن قحطبة في المكان الذي فيه الرشيد إلى جانبه مما يلي القبلة كما جاء في عيون أخبار الرضا للصدوق رحمه الله
ويدعي الرواة أن المأمون لم يظهر موته في حينه وتركه يوماً وليلة ثم وجه إلى محمد بن جعفر بن محمد وجماعة من آل أبي طالب وأخبرهم بوفاته. ثم كشف لهم عنه ليعلموا أنه مات ولا أثر فيه لضربة سيف ولا طعنة رمح
في فضيلة بقعة الرضا صلوات الله عليه
إنّ من جملة الأخبار الدالّة على فضيلة تلك الأرض المقدّسة والبقعة المباركة ما رواه الشيخ الطوسيّ رحمه الله في باب الزيارات من كتابه تهذيب الأحكام أنّ الرضا عليه السّلام قال: إنّ في أرض خراسان بقعةً من الأرض يأتي عليها زمان تكون مهبطاً للملائكة، ففي كلّ وقت ينزل إليها فوج إلى يومِ نَفْخ الصور، فقيل له عليه السّلام: وأيُّ بقعة هذه ؟ فقال: هي أرض طوس، وهي ـ واللهِ ـ روضة من رياض الجنة
ورُوي أيضاً عن الصادق عليه السّلام: أربعة بقاع من الأرض ضجّت إلى الله ـ تعالى ـ في أيام طوفان نوحٍ، من استيلاء الماء عليها، فرحمها الله ـ تعالى ـ وأنجاها من الغرق، وهي: البيت المعمور، فرفعها الله إلى السماء، والغريّ، وكربلاء، وطوس
قال الفيض الكاشاني في الوافي: ولمّا ضجّت تلك البقاع كان ضجيجها إلى الله من جهة عدم وجود مَن يعبد الله على وجهها، فجعلها الله مدفنَ أوليائه، فأوّل مدفنُ بُنيت في تلك الأرض المقدّسة سناباد، بناها إسكندر ذو القَرنَين صاحب السدّ، وكانت دائرة إلى زمان بناء طوس
يا أبا الحسن يا علي بن موسى الرضا
يابن رسول الله يا حجة الله على خلقه يا سيدنا ومولانا إنا توجهنا واستشفعنا وتوسلنا بك إلى الله وقدمناك بين يدي حاجاتنا يا وجيهًا عند الله إشفع لنا عند الله
اللهم بحق هذا الإمام المظلوم فك كل أسير اللهم فرج عن كل مكروب اللهم أشف كل مريض اللهم أصلح كل فاسد من أمور المسلمين اللهم اقض حوائجنا وحوائج المؤمنين وارزقنا زيارتهم في الدنيا وشفاعتهم في الآخرة
عن الحسن بن الجهم، قال: حضرتُ مجلس المأمون يوماً وعنده عليّ بن موسى الرضا عليه السّلام وقد اجتمع الفقهاء وأهل الكلام من الفرق المختلفة فسأله بعضهم فقال له: يا ابن رسول الله! بأيّ شيء تصحّ الإمامة لمدّعيها؟
قال: بالنّص والدّليل، قال له: فدلالة الإمام فيما هي؟ قال: في العلم واستجابة الدعوة، قال: فما وجه إخباركم بما يكون؟ قال: ذلك بعهد معهود إلينا من رسول الله صلى الله عليه وآله، قال: فما وجه إخباركم بما في قلوب الناس؟
قال عليه السلام له: أمَا بلغك قول الرّسول صلّى الله عليه وآله: اتّقوا فراسة المؤمن، فإنّه ينظر بنور الله؟ قال: بلى. قال: وما من مؤمنٍ إلاّ وله فراسة ينظر بنور الله على قدر ايمانه، ومبلغ استبصاره وعلمه، وقد جمع الله الأئمّة منّا ما فرّقه في جميع المؤمنين، وقال عزّوجلّ في محكم كتابه:
فأوّل المتوسّمين رسول الله صلّى الله عليه وآله، ثمّ أميرالمؤمنين عليه السّلام من بعده، ثمّ الحسن والحسين والأئمّة من ولد الحسين عليهم السّلام إلى يوم القيامة
قال: فنظر إليه المأمون فقال له: يا أباالحسن! زدنا ممّا جعل الله لكم أهل البيت، فقال الرّضا عليه السّلام: إنّ الله عزّوجلّ قد أيّدنا بروح منه مقدّسة مطهّرة، ليست بملك لم تكن مع أحدٍ ممّن مضى إلاّ مع رسول الله صلّى الله عليه وآله، وهي مع الأئمّة منّا تسدّدهم وتوفّقهم، وهو عمود من نور بيننا وبين الله عزّوجلّ
قال له المأمون: يا أباالحسن! بلغني أنّ قوماً يغلُون فيكم ويتجاوزون فيكم الحدّ ؟
فقال الرّضا عليه السّلام: حدّثني أبي موسى بن جعفر، عن أبيه جعفر بن محمّد، عن أبيه محمّد بن عليّ، عن أبيه عليّ بن الحسين، عن أبيه الحسين بن عليّ عن أبيه عليّ، بن أبي طالب عليهم السّلام قال:
قال رسول الله صلّى الله عليه وآله: " لا ترفعوني فوق حقّي، فإنّ الله تبارك وتعالى اتّخذني عبداً قبل أن يتّخذني نبيّاً "
قال عليه السلام: يهلك فيّ اثنان ولا ذنب لي: محبٌّ مفْرطٌ، ومبغضٌ مفرّط.ٌ وأنا أبرأ إلى الله تبارك وتعالى ممّن يغلو فينا ويرفعنا فوق حدّنا كبراءة عيسى بن مريم عليه السّلام من النّصارى
قال الله تعالى:
(وَإذْ قالَ اللهُ يا عِيسَى بْنَ مَرْيَمَ أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنّاسِ اِتَّخِذُونِي وَأُمِّي إلهَيْنِ مِنْ دُونِ اللهِ؟! قالَ سُبْحانَكَ ما يَكُونُ لِي أنْ أقُولَ ما لَيْسَ لِي بِحَقٍّ إنْ كُنْتُ قُلْتُهُ فَقَدْ عَلِمْتَهُ تَعْلَمُ ما فِي نَفْسِي وَلا أعْلَمُ ما فِي نَفْسِكَ إنَّكَ أنْتَ عَلاّمُ الْغُيُوبِ * ما قُلْتُ لَهُمْ إلاّ ما أَمَرْتَنِي بِهِ أنِ اعْبُدُوااللهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ وَكُنْتُ عَلَيْهِمْ شَهِيداً ما دُمْتُ فِيهِمْ فَلَمّا تَوَفَّيْتَنِي كُنْتَ أنْتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ وَأنْتَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ) (المائدة116-117)
فمن ادّعى للأنبياء ربوبيّة وادّعى الأئمّة ربوبيّة أونبوّة أولغير الأئمّة إمامة فنحن منه براء في الدّنيا والاخرة
فقال المأمون: يا أبا الحسن! فما تقول في الرّجعة ؟ فقال الرّضا عليه السّلام: إنّها لَحقّ قد كانت في الأُمم السّالفة ونطق به القرآن، وقد قال رسول الله صلّى الله عليه وآله: يكون في هذه الأمّة كلّ ما كان في الأُمم السّالفة حذو النعل بالنعل، والقذّة بالقذّة
قال عليه السّلام إذا خرج المهديّ من ولدي نزل عيسى بن مريم عليه السّلام فصلّى خلفه
وقال عليه السّلام: إنّ الإسلام بدأ غريباً وسيعود غريباً، فطوبى للغرباء! قيل: يا رسول الله! ثمّ يكون ماذا؟ قال: ثمّ يرجع الحقّ إلى أهله
فقال المأمون: يا أباالحسن! فما تقول في القائلين بالتناسخ؟
فقال الرّضا عليه السّلام: من قال بالتناسخ فهو كافر بالله العظيم. مكذِّب بالجنّة والنّار. قال المأمون: ما تقول في المسوخ؟
قال الرّضا عليه السّلام: أولئك قوم غضب الله عليهم، فمسخهم، فعاشوا ثلاثة أيّام ثمّ ماتوا ولم يتناسلوا، فما يوجد في الدّنيا من القردة والخنازير وغير ذلك ممّا وقع عليهم اسم المسوخيّة فهو مثل ما لا يحلّ أكلها والانتفاع بها
قال المأمون: لا أبقاني الله بعدك يا أباالحسن، فو الله ما يوجد العلم الصّحيح إلاّ عند أهل هذا البيت! وإليك انتهت علوم آبائك، فجزاك الله عن الاسلام وأهله خيراً
قال الحسن بن الجهم: فلمّا قام الرّضا عليه السّلام تبعته فانصرف إلى منزله، فدخلت عليه وقلت له: يا ابن رسول الله! الحمد لله الّذي وهب لك من جميل رأي أميرالمؤمنين ما حمله على ما أرى من إكرامه لك وقبوله لقولك
فقال عليه السّلام: يا ابن الجهم! لا يغرّنّك ما ألفيته عليه من إكرامي والاستماع منّي، فإنّه سيقتلني بالسّمّ وهو ظالم إليّ، إنّي أعرف ذلك بعهد معهود إليّ من آبائي عن رسول الله صلّى الله عليه وآله، فاكتم هذا ما دمتُ حيّاً
قال الحسن بن الجهم: فما حدّثت أحداً بهذا الحديث إلى أن مضى عليه السّلام بطوس مقتولاً بالسّمّ ، ودفن في دار حميد بن قحطبة الطّائيّ في القبّة الّتي فيها قبر هارون الرّشيد إلى جانبه.
تعليق